ضرورة الاجتهاد لمواجهة تحديات العصر ومنها سيداو

بسم الله الرحمن الرحيم

هيئة شئون الأنصار

أمانة المرأة

قسم الدراسات والبحوث

ورشة عمل لدراسة سيداو في الفترة ما بين 19-21 يوليو 2004م

 

ورقة عمل:

 

ضرورة الاجتهاد لمواجهة تحديات العصر ومنها سيداو

 

الإمام الصادق المهدي

 

ما تحدثت عن الإسلام في أوساط غربية أو آسيوية حديثة إلا انهمرت عليّ الأسئلة فيما بعد حول سبع قضايا يعتبرها السائلون عقبة في سبيل قبولهم للإسلام هي: الرق، الجهاد، المرأة، الحدود، التعامل مع الآخر الملي وسائر الأقليات، دولة الخلافة والعلوم الطبيعية.

هذه القضايا هي بعض أهم ما استطاع الاجتهاد التقليدي الإسلامي أن يعلّبه في أحكامٍ اعتبروها مؤسسة على النصوص المقدسة في القرآن والسنة. نصوص انطلق منها المجتهدون من السلف الصالح وبإعمال آليات القياس والإجماع مددوا أحكام تلك النصوص وأوجبوا على الخلف اتباع اجتهاداتهم على نحو ما جاء في جوهرة التوحيد:

ومالكٌ وسَائرُ الأئِمَّة               وأبو القاسمْ هُداةُ الأمَّة

فواجبٌ تَقليدُ حَبْرٍ مِنهُمُ           كَذَا قَضَى القَوْمُ بِقَولٍ يُفْهَمُ

أطروحتي التي ما برحت أكررها أن هذا الركود الفكري المؤسس على التقليد لم ينشأ من فراغ بل سببته عوامل كثيرة أهمها ثلاثة:

العامل الأول: معرفي؛ وفحواه أن حقائق الوحي فصلت في الكتاب والسنة وأن ما فعله المجتهدون من السلف هو استخدام القياس والإجماع وسائر أدوات الاجتهاد المشروعة لتمديد تلك الحقائق حتى تشمل كل الحياة الخاصة والعامة. ولذلك صارت النتيجة تبياناً للإرادة الإلهية بعلم واجتهاد السلف فما على الخلف إلا اتباعهم:

كلُّ العُلُومِ سِوى القُرْآنِ مَشْغَلَة ٌ     إلاَّ الحَديث وَإلا الفِقْه في الدِّينِ

العِلمُ ما كانَ فيهِ قالَ حَدَّثَنــا      وَما سِوى ذلكَ وَسواسُ الشَياطينِ

العامل الثاني: استبدادي؛ لأسباب تاريخية فصلتها في كتابي “الدولة في الإسلام” تحولت الخلافة إلى ملك عضود. ومنذ ذلك الحين تعاقبت على الأمة الإسلامية دول غيبت الشورى والمشاركة، وفرضت سلطة أحادية بمنطق القوة على حد تعبير يزيد بن المقفع الذي حضر مع معاوية مجلس البيعة لابنه يزيد فقام وقال: أمير المؤمنين هذا وأشار لمعاوية، فإن هلك فهذا وأشار ليزيد، ومن أبى فهذا وأشار إلى سيفه. فقال له معاوية: اجلس فإنك سيد الخطباء. هذه المقولة تشكل في جوهرها دستور كافة الدول التي تعاقبت على حكم المسلمين إلا قليلاً نادراً.

الحكم الأحادي وضع قيداً صارماً على كل اجتهاد يمس شرعية السلطة من قريب أو بعيد، فالإمام مالك جُلد لأنه قال “ليس على مكره يمين” وهذا يمس شرعية بيعة الإكراه.

العامل الثالث: دفاعي؛ لقد انفتح المسلمون على كافة حضارات وثقافات وأديان العالم المعمور فأثروا فيها وتأثروا بها، فخشي حماة العقيدة والشريعة من حلوليات الاستشراق وعقلانيات اليونان، والتمسوا دفاعات كثيرة مثل مقولة: “من تمنطق تزندق”، أما الفلسفة:

لا خير فيما الفل      أوله وآخره سفه!

التقليد، والاستبداد، والانكفاء الفكري سيطروا على الأمة الإسلامية قبل الغزو العسكري والفكري والثقافي الغربي، بل كانوا سبباً في قتل حيوية الأمة وتحضيرها للغزو الأجنبي. صنعوا حالة عدم رضا عن الذات وإعجاب بالوافد بدأ معتدلاً لدى رفاعة رافع الطهطاوي[1] المصري؛ وخير الدين التونسي[2]،  وصار مولهاً لدى ضياء غوك ألب التركي[3]،  وطه حسين[4]، وسلامة موسى[5] المصريين، ولهاً عبر عنه الأخير في كتابه اليوم والغد بقوله: “أنا كافر بالشرق مؤمن بالغرب”[6]، و قال طه حسين[7]: “التزمنا أمام أوربا بموجب المعاهدات أن نذهب مذهبها في الحكم ونسير سيرتها في الإدارة ونسلك طريقها في التشريع”[8].

هيمنة حزمة التقليد، والاستبداد، والانكفاء؛ مهدت السبيل للغزاة ورسخت عدم الرضا عن الذات والإعجاب بالوافد.

وفي يومنا هذا فإن هيمنة حزمة التقليد والاستبداد والانكفاء، جعلت عوالمنا الإسلامية العربية قصعة تتداعى نحوها الأمم. وجعلت كثيراً من مفكرينا يندفعون للهروب من جلدتهم بأية وسيلة فكرية، فينادي برهان غليون[9] بعلمنة الإسلام؛ ويحرص نصر حامد أبو زيد[10] على تاريخية النص القرآني؛ وينادي محمد عابد الجابري[11] بقطيعة ابستمولوجية (أي معرفية) مع التراث.. وما إعجاب لجنة نوبل برواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ[12]، وهي من أسوأ مؤلفاته وأكثرها تهافتاً، إلا أنها حولت تراثنا الديني إلى خرافة، وأكدت حتمية نهايتها في عصر العلم.

ليس قدرنا أن نكون أسرى للانكفاء أو نقيضه الاستلاب و فيما يلي أبسط حجتي وأعززها مستشهداً بقضية المرأة.

 

 الإنسان بين اللاهوت والناسوت:

أهم نظريتين حول مكانة الإنسان في الكون هما:

النظرة اللاهوتية التي تعتبر الإنسان متلقياً للحقيقة من الغيب عبر الوحي، فمعارفه هي ما نزل به الوحي.

النظرة المناقضة لها تماما هي النظرة الناسوتية، فالإنسان مستقل بنفسه، ومعارفه هي ما تطولها  قدراته الحسية، والتجريبية، والعقلية.

النظرة الإسلامية  وسط بين هذين الحدين اللاهوتي والناسوتي.

ففي الكون والحياة أمور لا يطولها العقل والحواس وهي في حقيقتها مجال اللاهوت.

قال تعالى: (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا)[13] . هذا المجال مجال الوحي، قال تعالى: (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ)[14].

 وهناك مجال ناسوتي متعلق بما تطوله الحواس، والتجربة، والعقل، والوجدان. وهي كلها وسائل مشروعة للمعرفة ومادتها الكتاب المشاهد أي الطبيعية وسننها. قال تعالي: (مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ)[15]  هذا مجال الناسوت وهو ناسوت قائم بإرادة الله.

روى ابن خرامة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: “يَا رسول اللهِ، أرأيتَ رُقّي نستَرقيهَا، ودواءً نتداوَى بِهِ، وتُقاةً نتقيهَأ، هل تردُّ من قَدَرِ اللهِ شيئاً؟ قالَ: هيَ من قدرِ اللهِ[16]

حصر المعرفة الإنسانية في مفردات الوحي وما يعود إليها قياساً يؤدي إلى لاهوتية تلغي عطاء الإنسان. وحصرها في مقدرات الإنسان يؤدي إلى نفي الوحي والغيب، والحقيقة هي أن النقل والعقل يتكاملان ولا ينفيان بعضهما.

 

الفكر الإسلامي بين اللاهوت والناسوت:

الصراع بين اللاهوت والناسوت قديم في الفكر الإسلامي، وكان ابن سينا[17]  قد اقترح قانوناً مفاده: البحث عن الحقيقة دون سقف غيبي هو الفلسفة، والبحث عنها تحت سقف الوحي هو علم الكلام. والرياضات الروحية الإنسانية هي استشراف، والرياضات الروحية تحت سقف الوحي هي تصوف.

وكان الفلاسفة الإسلاميون منذ الكندي[18]، والفارابي[19]، وابن سينا، وابن طفيل[20]،  يحاولون التوفيق بين مقولات الفلسفة اليونانية وحيثيات الوحي. محاولات اتخذت شكلاً منهجياً في كتاب ابن رشد: “فصل المقال فيما بين  الحكمة والشريعة من الاتصال”[21].

في عصرنا الحالي وتحت نير هيمنة الحضارة الغربية يبدو للكثيرين أن مقولات الحداثة هي من صنع عصر التنوير الغربي. إن عصر التنوير الغربي نفسه مدين للحضارة الإسلامية بالكثير كما أوضح ذلك العالم منتجمري واط في كتابه “أثر الحضارة الإسلامية العربية على أوروبا  القرون الوسطى”.[22]

ولكن حتى في مجالات فكرية محددة فإن لتيارات عصر التنوير أصولاً في الفكر الإسلامي، أذكر منها: العقلانية وابن رشد[23]، فلسفة الأخلاق والقاضي عبد الجبار المعتزلي[24]، علم الاجتماع وابن خلدون[25]،  وترجيح المنفعة أو المصلحة ونجم الدين الطوفي[26].

صحيح أن هذه الناسوتية في الفكر الإسلامي لم تواكبها العوامل المصاحبة في الحضارة الغربية التي خلقت تراكماً أثمر الحضارة الحديثة،  لا بل تحركت ضدها عوامل قوية أطاحت بها. فالإمام الغزالي[27] اتهم العقل بكتابه “المنقذ من الضلال” وحاصر الفكر الفلسفي حصاراً محكماً  بكتابه “تهافت الفلاسفة”[28]. والإمام الشافعي[29] في كتابه “الأم” انتصر للنقل والمنطق الصوري المعتمد عليه وأسس انتصاره للقيد المعرفي الذي صار فيما بعد حجة لقفل باب الاجتهاد.

ومع أن أئمة الاجتهاد أنفسهم لم يكونوا ساعين لفرض التقليد على الورى فقالوا ما قالوا للحيلولة دون ذلك، قال الإمام مالك:” إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، أُخْطِئُ وَأُصِيبُ[30]. وقال الإمام أحمد بن حنبل: “لا تقلدني ولا مالكاً ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا”.

ووردت لدى أئمة المفسرين والأصوليين أقوال نيرة إذ قال الإمام الشاطبي[31] عالم الأصول: “الأدلة الشرعية لا تنافي قضايا العقول” محتجاً بأدلة عديدة منها: “أن مورد التكليف هو العقل وذلك ثابت قطعاً بالاستقراء التام حتى إذا فقد ارتفع التكليف رأساً وعد فاقده كالبهيمة المهملة، وهذا واضح في اعتبار تصديق العقل بالأدلة في لزوم التكليف، فلو جاءت على خلاف ما يقتضيه لكان لزوم التكليف على العاقل أشد من لزومه على المعتوه والصبي والنائم”، “ولا يمكن أن يشترط الشرع وجود العقل ثم يفرض عليه ما يناقضه”[32].

وقال الإمام الرازي[33] أحد عمد المفسرين: ينبغي تأويل النص القرآني إذا تعارض مع حكم قطعي من العلم- مثلاًجاء في النص القرآني: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ)[34]  قال: ثبت بالدليل أن الأرض كرة وأن السماء محيطة به  ولا شك أن الشمس في الفلك ، وأيضا قال: (ووجد عندها قوما) ومعلوم أن جلوس قوم في قرب الشمس غير موجود، وأيضا الشمس أكبر من الأرض بمرات كثيرة فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض، إذا ثبت هذا فنقول: تأويل قوله: (تغرب في عين حمئة ).[35]

الاجتهاد لدى أنصار الله:

سوف نبين عدم شرعية التقليد وعدم جدوى المنطق الصوري الذي أدى إلى قيد معرفي على الاجتهاد. الاجتهاد ضرورة دينية مستمرة ولدى أنصار الله الاجتهاد هو سنام الدين،  فالمهدية لدى المدارس الإسلامية الأخرى مقيدة لدى الشيعة بسلسلة نسبية معنية،  ولدى أهل السنة مقيدة بمواقيت إما إمامة القرن وإما آخر الزمان.

ولكن المهدية لدى الإمام محمد المهدي[36] فهي وظيفية. إنها وظيفة إحياء الدين كما أوضحنا في رسالتنا عن الإمام عبد الرحمن[37] في ذكرى مرور قرن على مولده[38]، والمهدية وإن كانت واحدة لما لها من مكانة روحية مكنتها من الدعوة لوضع نهاية للتمذهب المؤسس على منطق صوري، ومن تخطى الصور المعروفة للمهدية فإنها حركت دعوة وظيفية متجددة مع الأيام على نحو مقولة: “لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال”.

 

الحاجة للاجتهاد وأدواته المشروعة:

فيما يلي أبين الحاجة للاجتهاد وأبين أدواته المشروعة التي تستوعب الحاجة للتجديد دون استلاب يخلص المريض من آلامه بقتله على نهج ما فعلت البصيرة أم حمد”!

أ- القرآن:

القرآن قطعي الورود ولكن نصوصه ليست قطعية الدلالة. قال تعالي: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ)[39]  وقال: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)[40]  ووصف الإمام علي آيات القرآن بأنها حمالة أوجه. وبياناً لذلك أستعرض المسائل الآتية:

·        هل يقول الإسلام بالجبر أم بالاختيار:

 الإنسان أهو مسير أم مخير ؟ القائلون بالجبر استشهدوا بآيات مثل قوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)[41] والقائلون بالاختيار استشهدوا بآيات مثل) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)[42].

·        وما هي درجة التقوى المطلوبة؟

قال تعالى: )اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)[43]  وقال: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم)[44].

·        وهل تقبل التعددية الدينية؟

قال تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)[45]، وقال: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ)[46]، وقال: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)[47].

·        وماذا عن الثنائيات الآتية؟

قال تعالي: (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ )[48] وقال (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِه)[49].

وقال: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )[50] وقال (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ)[51] 

وقال (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا)[52]  وقال (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه)[53].

ووصفت الذات الإلهية بصفات مماثلة للبشر. وقال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)[54].

ووصفت الجنة بأوصاف مشابهة للمعهود في الدنيا. وقال تعالى: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون)[55].

فهم هذه الثنائيات – وهي كثيرة- يوجب تفقهاً وتدبراً على نحو ما حث عليه القرآن نفسه. قال تعالي: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)[56]  وقال (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا)[57]

ب- السنة:

قليل من السنة قطعي الورود. وكثير منها ظني الدلالة، وفي الإحاطة بمعناها عقبات أساسية توجب اجتهاداً كثيراً:

·        النبي صلى الله عليه وسلم منع تدوين أحاديثه وإلا لكانت دونت مثلما دون القرآن ولم يبدأ التدوين إلا بعد قرن من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. إن الوهم والنسيان يدركان الرواية ما لم تدون.

·        علم الحديث اهتم بالسند أكثر من المتن.

·        تدوين الأحاديث في الصحاح مبوب حسب موضوعاتها لا حسب تواريخ النطق بها.

·        في الصحاح – مثلاً-  الإمام البخاري[58] يورد أحاديث عن أن القيامة سوف تقوم بعمر أصغر واحد من رهط حددهم. هذا ناقضه الواقع.

·        في الصحاح[59] أحاديث تتناقض مع العلم كالحديث عن الذكورة والأنوثة، مثلاً جاء: مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِذَا عَلا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ”[60]. مع أن القرآن ينسب الذكورة والأنوثة لماء الرجل: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ* مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى)[61].

·        وفي الصحاح أحاديث تتناقض مع القرآن مثلاً حديث: “إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ”[62].  وهذا يناقض قوله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰۚ)[63].

·        وأحاديث ذات دافع سياسي واضح كما ورد في صحيحي البخاري ومسلم عن الصبر على ظلم الولاة: “مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِر، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً[64]. أو حديث ابن أبي بكرة الذي استشهد به في الامتناع عن القيام مع السيدة عائشة بأنه صلى الله عليه وسلم قال: “لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ اِمْرَأَةً”[65]، وهذا الصحابي يعلم أن صحابة آخرين أكبر منه درجة قاموا معها. وهو على أية حال أحد ثلاثة حدهم للقذف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، على اتهام المغيرة بن شعبة أي لا تقبل شهادته بنص الآية المبينة لحد القذف.

·        صحيح الإمام البخاري مقدم على سواه ولكن الإمام البخاري اتخذ في تمحيصه للأحاديث فقط جانب السند، فصنف سلاسل الرواة وصحح ما صحح منها وصرف نظره عما سواها. ولا شك أن صحة  السند هي إحدى وسائل التصنيف ولكن كيف نضعها الوسيلة الوحيدة؟ إن ذلك يحجب عنا كثيراً من الحديث الحاوي لهدي النبوة فقط لأن أحد الرواة مثلا مشهور بالنسيان أو يروي بالمعنى. كما أنه يدخل الكثير من الروايات المناقضة للقرآن، وللواقع التاريخي المحقق، وللعقل، بدون أن يجري عليها أي نوع من التدقيق والمراجعة.

 

آليات الاجتهاد:

كان القياس والإجماع هما آليتا الاجتهاد، بالإضافة لآليات أخرى مختلف على حجيتها.  القياس ليس محكماً لأنه لا يكون التشابه محكماً أبداً، وكذلك الإجماع لم يتحقق اللهم إلا في الأمور غير الخلافية. لا سبيل للخروج من محدودية المنطق الصوري هذا إلا بالركون لوسائل أخرى أجدى، أهمها:

 المقاصد: فلدى التعارض بين نصوص الجبر والاختيار فان مقاصد الشريعة ترجح أن تكون آيات الاختيار هي المحكمة لأن إنكار الاختيار يهدم مسئولية الإنسان عن أعماله وهذا يهدم الأخلاق.

الحكمة: في كثير من النصوص يذكر الكتاب والحكمة. وهي ملكة متاحة للرسل ولغيرهم من البشر قال تعالي: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا )[66].

وجاءت في القرآن إشارة للقمان الحكيم وغالب الظن أن لقمان هذا هو أركمان أو أرقمان أحد ملوك مروي العظام، وهو يصور في مقبرته بعين كبيرة تعبر عن الحكمة. قال تعالى: (آتَيْنَا لُقْمَان الحِكْمَةَ)[67]. والأثر يقول الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها. 

المصلحة: يقول نجم الدين الطوفي[68] أن المصلحة مرجعية راجحة في الشريعة لأنها تنشد: “لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ[69].

العقل: على حد تعبير الإمام الشاطبي[70] فإن مطالب الشريعة لا تناقض مدركات العقول.

العدل: قال الإمام ابن القيم كلما تحقق به العدل هم من الشرع وإن لم يرد به نص.

 السياسة الشرعية: وهذه تمكن قيادة المجتمع الشرعية أن تتخذ سياسات لم يرد بها نص ولا قياس ولا إجماع مثل ما فعله عثمان بن عفان رضى الله عنه من توحيد نص المصحف وإحراق النصوص الأخرى. وما فعله عمر رضى الله عنه من عدم توزيع أرض السواد غنيمة للمجاهدين وهلم جراً.

المعرفة: الاعتراف بالمعرفة التي يدركها الإنسان عن طريق العقل، والتجربة، والحواس، في أمر الكتاب المشاهد أي الطبيعة التي فطرها الله على سنن وقال: (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)[71]، وقال (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِين* وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)[72].

استخدمت هذه الوسائل في اجتهاداتي، وكانت النتيجة طائفة من المؤلفات  أذكر منها: العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الاجتماعي الإسلامي، جدلية الأصل والعصر، الدولة في الإسلام، حقوق المرأة الإسلامية والإنسانية. إلى آخر القائمة التي عبر كتب، ورسائل ومحاضرات، زادت عن مائة مداخلة في كافة قضايا الفكر في الساحة. وسوف أتناول هنا تفصيلاً ما يتعلق بكافة أنواع التمييز ضد المرأة.

 

المفاهيم المؤسسة لدونية المرأة ونقدها

لقد ذكرت في دراستي عن المفاهيم المؤسسة لدونية المرأة، أن الديانات الكبرى والحضارات القديمة مجمعة على مبادئ وأحكام كرست دونية المرأة، وأود أن أؤكد هنا أن ما جاء به الإسلام من تعاليم وأحكام خاصة بالمرأة، إذا قورن بحالها في اليهودية، والمسيحية، والزردشتية، والهندوسية، والبوذية، وغيرها من الأديان والثقافات فإنه يمثل طفرة تحريرية تاريخية للمرأة.

ولكن الفكر الإنساني تطور تطوراً جسدته حركة حقوق الإنسان. لن أخوض في تفاصيل هذه الحركة إلا منذ الحرب الأطلسية الثانية (1939– 1945م). الخطوة الأولى في هذا المجال كانت ميثاق الأمم المتحدة الذي صدر في عام 1945م، وكان أول إجراء خاص بالمرأة في ظل هذا الميثاق هو إنشاء لجنة مركز المرأة في 1946م باعتبارها لجنة فنية تابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي.

ثم صدرت ثلاثة صكوك صارت تعتبر مرجعيات الشرعية الدولية لحقوق الإنسان وهي:

·        الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن عام 1948م.

·        العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1966م.

·        العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1966م.

وعلى أساس هذه المرجعيات لا سيما مبدأ المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، صدرت سلسلة من الاتفاقيات الخاصة بأوضاع المرأة. هذه السلسلة بلغت قمتها بعد ثلاثين عاماً في معاهدة القضاء على جميع أنواع التمييز ضد المرأة المعروفة اختصاراً بسيداو. اتفاقية أجازتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1979م.

هذه الاتفاقية هي أكثر الاتفاقيات الدولية عضوية في الأمم المتحدة إذ انضمت إليها 171 دولة ليس السودان منها.

وفي عام 1993م تبنت الأمم المتحدة الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة.

ومنذ عام 1975م حتى عام 2000م عقدت خمسة مؤتمرات عالمية بشأن المرأة.

أهم هذه المواثيق والمعاهدات قاطبة هو الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والمواطن الصادر عام 1948م. هذا الميثاق واجه تحفظات من كثير من المتحدثين باسم الإسلام، وقد تناولته في محاضرة ألقيت أمام مؤتمر نظمته لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في مدينة جنيف في نوفمبر 1998م، حول “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور إسلامي”. هذه الدراسة تجدونها مرفقة ولا حاجة هنا للتكرار.

ولكن ماذا بشأن معاهدة سيداو؟

كل الثقافات العالمية تضطهد النساء وبعضها أهون من بعض، والثقافة اليونانية (إحدى روافد الحضارة الغربية الحديثة) ربما من أسوئها في هذا المجال وتوجد بعض الثقافات الأمومية التي تعطي المرأة مكانة أرفع من غيرها، وقد شهدنا في السودان ذلك، فالمؤرخون لتاريخ السودان القديم أشاروا لأن مروي كانت فيها ملكات قويات، وأن المرويين قوم يحترمون النساء. إن  الحضارة المروية السودانية كانت من قلائل ثقافات العالم القديم منذ قبل ميلاد السيد المسيح، التي عاملت المرأة باحترام لإنسانيتها. هذه الحقيقة استقرت في الوجدان السوداني حتى أنه وفى أحلك ظروف الثقافة الإسلامية أي في القرن السادس عشر الميلادي نادى الشيخ فرح ود تكتوك[73] بتعليم المرأة:

وعلم لما ملكت يداك عقائداً      كذا أصل الطريقة لا  تـــــــــذر

بنات وأبناءاً شيباً عجائــزاً       خديماً وحرات كذا عبدك الذكر

لهذا السبب لم يكن مستغرباً أن يتبنى تعليم المرأة سودانيون ذوى ثقافة تقليدية أمثال الإمام عبد الرحمن[74] الذي اتخذ موقفاً إيجابياً من نهضة المرأة، ولا أن يتبنى محبه الشيخ بابكر بدرى[75] الحاصل مثله على ثقافة تقليدية ريادة تعليم المرأة في السودان. وعلى هذه الخلفية لم يكن مستغرباً أن يحظى مشروع حقوق المرأة في السودان بإجماع القوى السياسية.

إن المجتمعات الغربية، بما جرى فيها من طفرات علمية وثقافية، قضت على الأمية وأسست دولة القانون، إضافة للطابع الفرداني في الحضارة الغربية، مما سمح للنساء بنيل الحقوق فعلاً، وتطبيق ذلك بشكل أكبر مما في العالم الإسلامي والعربي حيث الثقافة لا زالت غالبة بتفسيراتها الحاطة من المرأة، وكذلك هو الاجتهاد الديني الغالب في العالم الإسلامي، أو في مجتمعات لا زالت القيم فيها جماعية (كما في أفريقيا) وتضربها الأمية، فالقانون فيها حتى إذا أجيز لا يطبق فعلاً. في هذه المجتمعات تتضافر العوامل الثقافية والمرجعية الدينية السائدة لتكريس دونية المرأة ومهما جاء في المواثيق الدولية فإن الثقافات، والمجتمعات الغالبة على الأفراد يمكن أن تأخذ بالشمال ما تعطيه الاتفاقيات باليمين.

منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي لاحظ الفكر العالمي أن للأديان والثقافات قبضة خاصة على الشعوب، وأن الذين يسعون لتطوير هذه الشعوب دون اهتمام بآثار الدين والثقافة سيجدون أن برامجهم معلقة في برج عاجي.

لذلك وقبل الحديث عن سيداو أود أن أذكر وأبطل كافة المفاهيم المكرسة لدونية المرأة في الرؤية الدينية وفي الثقافة السودانية.

نحن بحاجة لثورة ثقافية إسلامية في أمر المرأة، تطرد المفاهيم المكرسة لدونية المرأة طرداً مؤسساً على اجتهاد رصين كالآتي:

أولاً: يقولون بموجب النص (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ)[76] إنها نصف الرجل. الوراثة في الإسلام تقوم على أمرين القرابة وحاجة الوريث. الرجل في الظروف العادية يقوم بالكسب وعليه واجب النفقة لأن المرأة تقعدها ظروف كثيرة: النفاس، والحمل، والرضاعة. ولكن الحقيقة أننا إذا نظرنا إلى نظام التوريث الإسلامي نرى أنه متى انتفت هذه الحاجة يتغير الحكم، فعندما يكون للشخص المتوفي أم وأب وتنتفي ظروف النفقة المذكورة يتساوى نصيب الأم والأب (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ)[77] أي أن الأنوثة ليست سبباً للدونية، ولكن المسألة مربوطة بحقوق وواجبات. ماذا لو تخلى الرجال عن مسؤولية النفقة وصارت المرأة ربة بيت؟ أقول للمورث أو المورثة الثلث لاستيعاب هذه المستجدات، فالمسألة حقوق حسب الواجبات وليست مفاضلة نوعية بحيث نقول إن هذا النصيب يعني أن المرأة نصف الرجل وفي سائر الأموال الزكوات والصدقات تتساوى أنصبة الناس حسب الحاجة ـ فلا سبيل لتأسيس دونية المرأة على أساس نظام المواريث في الإسلام.

ثانياً: يقولون إنها ربع الرجل في إشارة لتعدد الزوجات. في الحقيقة هناك عدم توازن نوعي بين الرجل والمرأة فالرجل دائماً مستعد للعلاقة الجنسية، ولكن المرأة مقيدة بظروف الحيض والحمل والنفاس هذه الظروف طبيعية وهي تعطل استعدادها، والرجل والمرأة مختلفان في عمر الخصوبة، فعمر الخصوبة للرجل منذ البلوغ وحتى وفاته أما المرأة فينقطع عنها الحيض وبالتالي تنحصر الخصوبة في عمر محدد وهذا جزء من ظروف طبيعية، ولكن انقطاع الحيض لا يعني انتهاء دور المرأة الإنساني كمواطنة وكمؤمنة. فالتعدد ليس واجباً أو فريضة إسلامية بل هو رخصة مشروطة بالعدالة، وهناك اختلاف في التوازن العددي بين الرجال والنساء سببه أن ظروف الشدة كالحروب مثلاً تنقص من عدد الرجال، وفي ظروف الرخاء تزداد نسبة المواليد من الإناث، وفي ظروفنا المعاصرة نرى أن المناخ الثقافي العام والعرف جعل المرأة تستبعد فكرة أن يكون لها (ضرة) وهذا صار جزءاً من التقاليد السائدة في المجتمع والعالم، فإذا كانت المرأة تتوقع عدم التعدد فإن وقوع التعدد سوف يتسبب في حرب أهلية داخل الأسرة وهذا يقوض ركناً أساسياً من مقاصد الشريعة الإسلامية في الزواج (المودة والرحمة) (خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[78]. فانتفاء المودة والرحمة خطر كبير على نظام الأسرة.

إذن هناك ظروف تتطلب التعدد وهناك ظروف تمنعه، ونحن في الشريعة الإسلامية لا يجب أن نقف عند حد النصوص بل أن نأخذ في الحسبان عوامل أخرى أهمها مقاصد الشريعة، والحكمة، والعرف، وظروف الزمان والمكان والمصلحة، كل هذه العوامل تؤخذ في الحسبان عند صياغة الأحكام فلا نكتفي فقط بالمنطق الصوري في بناء الأحكام، ولذلك لا بد أن نضبط التعدد على الأقل بموافقة الزوجة المعنية.

والمهم أن التعدد لا يجب أن يؤسس لدونية المرأة، لأن هناك نصوصاً واضحة في المساواة بين الرجل والمرأة إنسانياً وإيمانياً (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ)[79]. (يا أيها النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)[80].

المشكلة الأهم الآن في مجال الزواج هي أزمته، هنالك إحصاء يبين أن 25% فقط من الشباب ما بين سن 18 و40 سنة متزوجون. وأن نسبة الطلاق ارتفعت بحيث بلغت 40%. هذه الأرقام تدل على أن الأسرة في أزمة فما العمل؟

هنالك اتجاهات نحو زيجات ميسرة توجب العقد ولكنها تسقط أركاناً أخرى كزواج المسيار والزواج فريند، ولدى الشيعة زواج المتعة. المسألة هي أن الزواج المعهود بأركانه المعروفة يواجه مشاكل، وينبغي أن تدرس هذه المشاكل لإيجاد صيغة شرعية ميسرة للعلاقة بين المرأة والرجل.

لا أحد ينكر أن الحرب الأهلية، والحكم الاستبدادي، وغلاء المعيشة عوامل شاركت في تشريد السودانيين داخل وطنهم وفى أركان العالم الأربعة، وأن هذا ساهم في انحطاط الأخلاق، وفى خلق ضرورات ألجأت الناس لممارسات غريبة وعلاقات سميت زواج عرفي. هذا المشهد كله بجوانبه المختلفة يتطلع لدراسة يترتب عليها علاج جذري.

ثالثاً: الشهادة:

الشهادة (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى)[81]. في هذا النص الحجة قائمة على أن النساء لم يعتدن العمل في هذا المجال: فالآية تتحدث عن معاملة لم تكن مما اعتادت عليه النساء في ذلك الوقت وهي التداين، ولكن ماذا لو كانت المرأة على دراية بالأمر المراد الشهادة بشأنه؟ قال الإمام أحمد بجواز شهادة المرأة المنفردة إذا كانت أهلاً لذلك، وعلى كل حال فالشهادة لا تدل على قيمة إنسانية أو إيمانية، فقد قال معاوية بن أبي سفيان أحد دهاة العرب المرموقين: إني لأرد شهادة من أرجو أن انتفع بدعائهم. بمعنى أن هؤلاء الصالحون تشغلهم تسبيحاتهم وعبادتهم فلا يكونوا حاضري الذهن للشهادة.

وفي ظروفنا المعاصرة لا يمكن أن نحكم بأن شهادة امرأة متعلمة ومؤهلة في مجال معين، مثلاً نصف شهادة رجل عادي لا تأهيل له في هذا المجال لأننا إن فعلنا ذلك نجعل من الشريعة أضحوكة. ومعاذ الله أن نفعل ذلك.

رابعاً: مسألة القوامة:

(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا)[82].

إنّ حق القوامة المحدد هذا لا يصلح أسـاسـاً عاماً لتفضيل الرجال على النسـاء في كل الأمور فالقوامة هنا محددة بنطاق الأسـرة والتفضيل المشار إليه متعلق بالكسـب والإنفاق.

قال الإمام ابن حزم إنها “ وليس في هذه الآية ذكر لقيامه على شيء من مالها، ولا للحكم برأيه، ولا للتصرف فيه.[83].

وقد بينت في كتابي “المرأة وحقوقها في الإسلام” أن مفكرين إسلاميين كثيرين تعرضوا لهذه القضية وبينوا أن القوامة هي قيام الرجال بحقوق النساء عند الزواج، وأن القوامة لا تعني الحجر والاستبداد والتدخل في شئونها، فلها الولاية على مالها كاملة ولها سلطانها على نفسها فلا سلطان له على دينها ولا على اختيارها العام، فلا وصاية له عليها في ذلك كله[84].

وبينت أنّه كما أنّ للرجل تفضيلاً في مجالات الكسـب والحماية فان للمرأة تفضيلاً في مجالات الأمومة والرعاية، تماشياً مع الفطرة الإنسانية.

 والمؤسف حقاً أننا في السودان نؤسس على هذه الآية دونية للمرأة ـ وأنا شخصياً ـ رأيت زعماء دينيين في عقد قران بناتهم يستخدمون صيغة (زوجتك مجبرتي) وهذا معناه أن المرأة لا حق ولا صلاحية لها في إبرام أمر يخصها، قال الإمام أبو حنيفة: كيف يعطي الله المرأة حق التصرف في مالها ولا يعطيها حق التصرف في نفسها؟ إن هذه التناقضات المضحكة لا تليق بالشريعة الإسلامية.

خامساً: الدرجة:

(وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)[85].

قال القرطبي[86] في تفسير هذه الآية: قال ابن عباس “الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة، والتوسع للنساء في المال والخلق[87]، أي أن هذه الدرجة هي زيادة في التكاليف على الرجل وتقابلها علاوة الأمومة التي تعطي المرأة ميزة وأفضلية، فعندما سأل رجل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أحق الناس بحسن الصحبة والبر قالَ: “أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ”[88].

سادساً: الضرب:

ويرى الإمام الشافعي[89] إن الضرب مباح وتركه أفضل. حيث روى منع رسول الله صلى الله عليه وسلم لضرب النساء “لَا تَضْرِبُوا إمَاءَ اللَّهِ”، فاشتكى عمر بن الخطاب رضي الله عته من تمرد النساء على أزواجهن، فلما أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالضرب، جئن إليه نساء كثيرات يشتكين أزواجهن فقال النبي صلى الله عليه وسلم عن أولئك الذين ضربوا زوجاتهم: “فَلَا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَارَكُمْ”.  قال الشَّافِعِيُّ: فَجَعَلَ لهم الضَّرْبَ وَجَعَلَ لهم الْعَفْوَ وَأَخْبَرَ أَنَّ الْخِيَارَ تَرْكُ الضَّرْبِ[90].

وعندنا خيار آخر هو التحكيم، فلماذا نلجأ للضرب إذا كان في القرآن هذا الخيار البديل: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا)[91]. والعلاقة الزوجية أساسها السكن والمودة والرحمة، أما الضرب فيؤسس العلاقة على الخوف. ينبغي أن ندرك أننا عندما نكون أمام خيارات متعددة علينا أن نختار ما يصلح لظروفنا الحالية. فالقرآن الكريم فيه المحكم والمتشابه (مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ)[92].

فمثلاً يجوز المعاملة بالمثل بموجب قوله تعالى: (فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)[93]. كما يجوز العفو: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه)[94].

هذه النصوص تفهم في إطار المحكم والمتشابه، وتعلم بالفقه والاجتهاد تأسيساً على مقاصد الشريعة، ومن مقاصد الشريعة في الزواج أن تقوم العلاقة الزوجية على السكينة والمودة والرحمة، والضرب يفسد هذه المعاني فتكون نصوص المودة والرحمة هي المحكمة ونصوص الضرب هي المتشابهة، فلا بد  أن يكون لنا وعي وتدبر للقرآن الكريم، قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا)[95].

إباحة الضرب بضوابطه الشرعية جعل كثيراً من الرجال يعتبرون أن ممارسته نوعاً من التقوى، فالإنسان القوي بدنياً في العادة يجنح إلى حسم الخلافات بالقوة، وكذلك الدول بمنطق “الكاوبوي”: بادر بالضرب ثم تحرى بعد ذلك!

ونتيجة لهذه الثقافة تنوع العنف ضد المرأة كالإسراع بقتلها في جرائم الشرف والمسارعة إلى ضربها. عقدت ندوة في جامعة عين شمس المصرية في مارس 2004م، وفيها ذكر إن البحث الذي أجراه المجلس القومي للسكان أكد أن ثلاث من أربع من كل الزوجات يتعرضن للضرب من الأزواج. ولعل الباقيات هن اللائي يضربن أزواجهن! كما تدل على ذلك النكات الخاصة برفيعة هانم والسبع أفندي، أي أن الأسرة صارت جدول ضرب!

 نعم الضرب في السودان أقل ولكن المطلوب الآن هو التخلص من هذه الثقافة، والاستعانة بالتوجيهات الإسلامية المناسبة واستصحاب الثقافات الإنسانية.

سابعاً: حديث “أكثر أهل النار من النساء”:

يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ، فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِير مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ”[96].

هل هذا الحديث صحيح؟ هناك وسيلتان للتحقق من صحة الحديث: السند والمتن، هل متن هذا الحديث يتناسب مع ما نعلم من سيرة الرسول  صلى الله عليه وسلم، وما نعلم من نصوص الكتاب كقوله تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى)[97]، وقوله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)[98]؟

هل متن هذا الحديث يتفق مع الواقع الذي يقول إن أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة (خديجة)، وأول من استشهد في الإسلام امرأة (سمية)، وأول حافظة لنص القرآن امرأة (حفصة)، وأول أمينة سر (سر الهجرة) امرأة (أسماء بنت أبي بكر)، وأهم راوية للحديث امرأة (عائشة). وفي موقف هو من أخطر المواقف التي مر بها المسلمون (صلح الحديبية)، حيث اختلف المسلمون في ما أمرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم استشار عليه الصلاة والسلام السيدة أم سلمة فأشارت عليه بأن يحلق ويذبح أمام المسلمين ففعل وكان بذلك حسم للموقف في صلح الحديبية.

فهل هؤلاء ناقصات عقل ودين؟ وكل مربيات الرسول صلى الله عليه وسلم كن نساء وكان عليه الصلاة والسلام يفاخر ويقول: ” أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ مِنْ سُلَيْمٍ”[99]. وهل يتناسب متن هذا الحديث مع قوله صلى الله عليه وسلم: “مَا أَكرمَهُنَّ إلاَّ كريم وما أَهَانَهُنَّ إلا لئيم[100].

وهل من الحكمة أن نروج لفكرة أن النساء ناقصات عقل ودين في زمن تتنافس فيها الأفكار والأيدلوجيات لتحقيق العدالة والمساواة وتعزيز حقوق النساء؟ هل يمكن لنا كمسلمين أن نستميل النساء إلى الدين بهذا المنطق؟ قال علي بن أبي طالب وهو صاحب حكمة نافذة (حكمة العلم اللدني) قال: “حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ[101].

وهل توجد في الوجود كله تضحية أنبل من الأمومة؟ وكل النساء يدفعن ضريبة الأمومة حيضاً شهرياً وأكثرهن يدفعنها حملاً، ونفاساً، ورضاعة لذلك قال النبي صلى  الله عليه وسلم:  “الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأمَّهَات”.

ثامناً: الحيض:

هناك اعتقاد بأن الحيض عقاب للنساء لأن حواء أخرجت آدم من الجنة، وهذا اعتقاد إسرائيلي، أما في الإسلام فالحيض موجب للرخصة وليس للعقاب وليس للتنجيس وأحاديث أمهات المؤمنين تدل على ذلك: قالت أم المؤمنين السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها: قَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: “نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ” قَالَتْ فَقُلْتُ: إِنِّي حَائِضٌ، فَقَالَ: “إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ”[102]. وعندما طلب الإمام المهدي من زوجه أن تناوله المصحف واعتذرت بكونها حائض قال لها: ناوليني المصحف فالمؤمن لا ينجس. وعلى المرأة ألا تقطع صلتها بالله في فترة الحيض بسبب أنها لا تصلي فيمكن لها أن تقرأ وتسبح وتدعو، وقد روت أم أيمن أن النساء الحيض كن يخرجن ليشهدن صلاة العيد مع المسلمين.

تاسعاً: سن اليأس:

اليأس المقصود هنا هو اليأس من المحيض، ومعناه أن المرأة تتخلص من أعباء الأمومة لتمارس حياة اجتماعية كاملة فهو بداية لحياة جديدة وليس نهاية للحياة كما يظن البعض.

عاشراً: حديث: “يَقطَعُ الصَّلاةَ: المرأةُ، والحمارُ، والكلبُ”[103]:

قالت السيدة عائشة رضي الله عنها أنا أروي لكم الأحاديث وآتيكم بهذا وذاك من كلام رسول الله وتعلمون أنني أمكم أنا أقطع صلاتكم؟

حادي عشر: حديث “”لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ اِمْرَأَةً”:

أولاً: هذا الحديث رواه أبو بكرة وهو أحد ثلاثة شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنا، والآخران هما نافع بن حارث وشبل بن معبد ـ ولم يشهد الرابع وهو زياد بن أبيه إلا تلميحاً فأسقط عمر بن الخطاب الحد عن المغيرة وحد أبا بكرة ونافعاً وشبلاً حد القذف.  وحد القذف يقتضي علاوة على الجلد، ألا تقبل شهادة القاذف من بعد، قال تعالى: (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[104].

ثانياً: المعروف في التاريخ الإسلامي أن السيدة عائشة قادت معركة الجمل فاختلف الصحابة أيؤيدون أم المؤمنين أم لا، فروى أبو بكرة الثقفي عن عدم مشاركته في واقعة الجمل: عصمني الله بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هلك كسرى قال من استخلفوا؟  قالوا ابنته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ اِمْرَأَةً”[105]. هذا الحديث أورده أبو بكرة كتفسير لعدم مشاركته في واقعة الجمل وقد شارك فيها إلى جانب السيدة عائشة كثير من كبار الصحابة، وإلى جانب الإمام علي كثيرون لم يرو عنهم أنهم سمعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.

ثالثاً: هذا الحديث كذبه الواقع حيث أورد الطبري[106]  في تاريخه: “ثم ملكت بوران بنت كسرى أبرويز بن هرمز بن كسرى أنو شروان فذكر أنها قالت حين ملكت: البر أنوي وبالعدل آمر وأحسنت السيرة في رعيتها وبسطت العدل فيهم”.[107] إذن فهو حديث كذبه الواقع، وهذا يعيدنا إلى قول علي رضي الله عنه: “حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ”؟[108]

رابعاً: هذا الحديث يخالف نصاً قطعياً في أمر مشابه وهو ما جاء في كتاب الله عن بلقيس ملكة سبأ التي أشاد بها القرآن.

ثاني عشر: الاعتقاد بأن المرأة أخرجت آدم من الجنة:

هذا مفهوم إسرائيلي أما النص القرآني فيقول (فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ)[109]، (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)[110].

ثالث عشر: القول بأن المرأة خلقت من ضلع أعوج:

يروى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ”[111] ..لا يمكن أن يكون هذا الحديث صحيحاً لأن الله يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونساء)[112].

رابع عشر: الحجاب:

الحجاب ليس عربياً ولا إسلامياً، وكلمة حجاب لا تعني الزي وإنما المقصود بها الساتر الموجود في بيت النبي صلى الله عليه وسلم المذكور في القرآن: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)[113].

المطلوب في الإسلام الاحتشام وليس إلغاء الذات وإعدام الشخصية بإخفاء الوجه، والآيات القرآنية مثل قوله تعالى: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ)[114]، وقوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)[115]. كلها تدل على وجوب الاحتشام، وقال الدكتور محمود سلام زناتي في كتابه اختلاط الجنسين عند العرب: إن اختلاط الجنسين عند العرب كان عادة أصيلة، وأن الثقافة اليونانية ساهمت بنصيب في تحويل العرب عن عادة اختلاط الجنسين إلى عادة الحجاب[116]. وقال الأستاذ علي عبد الواحد وافي: فكان النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين والعهد الأموي يختلطن بالرجال ويساهمن إلى جانبهم في مظاهر الحياة الاجتماعية، حتى القتال فعرفت أم عمارة في غزوة أحد، وأم سليم في غزوة حنين، وأمية بنت قيس الغفارية في غزوة خيبر. وكانت المرأة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم تخرج وحدها، إلى مسافات بعيدة لقضاء حوائجها.

خامس عشر: الختان:

الختان بالنسبة للرجل يزيل زائدة قذرة، أما بالنسبة للمرأة فهو عدوان على عضو تناسلي، وهذا أمر خطير وكل أنواع الختان سواء المخفف الذي يسمونه سنة أم المغلظ المسمى بالفرعوني كله في الحقيقة عدوان على عضو تناسلي.

الإمام الشوكاني في “نيل الأوطار” تعرض للأحاديث الحاضة على الختان للرجال والنساء وقال: “وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَالْمُتَيَقَّنُ السُّنِّيَّةُ كَمَا فِي حَدِيثِ: “خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ”، وتعرض للأحاديث التي تذكر ختان الإناث مظهراً اضطراب أسانيدها، مثلاً، حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ – وَكَانَتْ خَافِضَةً – بِلَفْظِ “أَشْهِي وَلَا تُنْهِكِي”، وقال: روَاهُ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ، وَأَعَلَّهُ بِمُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَفَقَالَإنَّهُ مَجْهُولٌ ضَعِيفٌ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَجْهِيلِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ . وحديث “يَا نِسَاءَ الْأَنْصَارِ اخْتَضِبْنَ غَمْسًا وَاخْتَفِضْنَ وَلَا تُنْهِكْنَ”. قال الشوكاني: قَالَ الْحَافِظُ: وَفِي إسْنَادِ أَبِي نُعَيْمٍ مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِي إسْنَادِ ابْنِ عَدِيٍّ خَالِدُ بْنُ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ مَنْدَلٍ.

 وحديث: “الْخِتَانُ سُنَّةٌ فِي الرِّجَالِ مَكْرُمَةٌ فِي النِّسَاءِ” رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ. قال الشوكاني: وَالْحَجَّاجُ مُدَلِّسٌ.  وقال: قَالَ الْبَيْهَقِيُّهُوَ ضَعِيفٌ مُنْقَطِعٌ.[117] 

وكذلك قال سيد سابق في “فقه السنة”: أحاديث الأمر بختان المرأة ضعيفة لم يصح منها شيء”[118].

 والقرآن ذكر أشياء كثيرة في شأن المرأة منها الحيض والنفاس والرضاعة والعدة ولم يذكر الختان.

ومن مقاصد الشريعة الثابتة “لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ”[119] والختان ضرره محقق ومن أضراره أنه يذهب بالمتعة، والمتعة الحلال بين الزوجين مطلوبة في الشريعة قال الإمام الغزالي: “ ثم إذا قضى وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضاً نَهْمتها[120].

فالمختونة مشوهة بقطع جزء من عضوها التناسلي وهذا التشويه يعوقها جسدياً ونفسياً، وعلينا أن نقف موقفاً صارماً من هذا العدوان على الأنوثة. هذا المعنى نظمته في بيتين:

ولآمرنهم فليغيرن خلق الله       ساءت في الورى أحدوثة

لا تقل خفاض بل خفـض          بالغ الأذى لعضو الأنوثة

سادس عشر: حديث دفن البنات من المكرمات:

روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال عندما دفن إحدى بناته: “دَفنُ البَناتِ مِنَ المَكرُماتِ[121].

وهذا تعبير عن أشواق وأدية ـ أشواق إلى وأد البنات ـ وهذه ذهنية الجاهلية التي يعبر عنها شاعرهم:

لكل أبــي بنت يرجـو صلاحها    ثلاثـة أصهار إذا ذكــر الصهـر

بعـل يصونها وبيت يضمها       و قبر يواريها وخيرهــم القبــر

هذه أصداء ذهنية ذكورية تعتدي على كرامة المرأة الإيمانية والإنسانية وتلاحقها بهجاء نوعي إن موتها خير من حياتها. هل يقول عاقل بهذا لأمه، وبنته، وزوجه، وأخته؟! النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “وبشِّروا ولا تنفِّروا[122]. هؤلاء ينفرون نصف المجتمع من الدين.

سابع عشر: حديث لو كنت آمراً

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال“لَو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجدَ لأحدٍ لأمرتُ المرأةَ أن تسجدَ لزوجِها، مِن عظمِ حقِّهِ علَيها”[123]. هذا الحديث منكر المعنى وينافي روح التوحيد التي جاء بها الدين الإسلامي وإن كان السجود هنا لا يفيد العبادة مطلقاً، ولا يمكن أن يقال هذا الحديث وكان الناس قريبين من عهد الشرك وعبادة الأصنام، وأين هذا الحديث من قوله تعالى: (فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)[124]، وقوله تعالى: (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)[125]، وقوله تعالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ)[126].

ثامن عشر: مسألة العدة:

تقاليد التعامل مع المرأة المتوفى عنها زوجها في السودان تقاليد قاسية أشبه بالتقاليد الهندوسية، وهذه التقاليد لا علاقة لها بالإسلام، فترة العدة الهدف منها استبراء الأرحام وليس معاقبة المرأة، الآية المانعة لكل هذه الخزعبلات هي قوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)[127].

تاسع عشر: حديث أطيعي زوجك:

من الأحاديث المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم أنَّ رجلًا خَرَجَ وأَمَرَ امرأتَهُ أن لا تخرجَ من بيتِها وكان أبوها في أسفلِ الدارِ وكانتْ في أعْلَاهَا فمَرِضَ أبُوها فَأَرْسَلَتْ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فقال أَطِيعِي زَوْجَكِ فماتَ أَبُوهَا فَأَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال أَطِيعِي زَوْجَكِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لِأَبِيهَا بطاعَتِهَا لِزَوجِهَا”[128].  من علامات الوضع في هذا الحديث أنه يتنافى مع قوله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)[129]، ويتنافى مع قاعدة أصولية معروفة هي أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والخالق يأمر بالإحسان للوالدين بقوله: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)[130].

عشرون: نصوص أخرى

هناك نصوص أخرى يستدل بها على دونية المرأة منها (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)[131]، (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمْ الْبَنُونَ أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُون أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُون وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِين مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)[132]، (أَلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى)[133].

النص الأول (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) هو في الحقيقة يقرر الأفضلية للأنثى ولكنها للأنثى المعنية هنا وهي (مريم بنت عمران) هي المعنية بالتفضيل،  فالبعض يفسر عبارة ليس الذكر كالأنثى لصالح الذكر خلافاً لما تذهب إليه. أما بقية النصوص فهي تخاطب المفاهيم السائدة في أذهان المخاطبين أما قوله تعالى: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)[134]. المقصود في هذه الآية أسلوب التربية اللين والمترف سواء كان للذكور أو الإناث.

 

ذكرت الآن عشرون مسألة من المسائل المؤسسة لدونية المرأة حسب تفاسير واجتهادات معينة، ويتوقع أن تتفقه النساء في الدين ويحدثن تنويراً في المفاهيم والنصوص والتفاسير بما يزيل هذه الدونية، ونحن مطالبون بذلك لأن هذه الدونية تحدث شللاً في المجتمع ولا بد من إزالتها، أما الثقافات غير الإسلامية في السودان فإن نصيب دونية المرأة في بعضها أكبر، وسوف أشير إلى بعض ملامح الدونية في التراث الإنساني عامة.

والمهم في الأمر أننا قدمنا ميثاقاً ثقافياً لكافة أهل السودان صدر هذا المشروع في عام 1998م، وفيه اقترحنا أن تراعى كافة الثقافات ضرورة الالتزام بمواثيق حقوق الإنسان لا سيما المتعلقة بإنصاف المرأة. وفي 2004م قدمنا مقترحاً آخر بميثاق نسوي، خطونا فيه خطوة متقدمة في المطالبة بالعدالة النوعية على كافة الجبهات السياسية والاجتماعية والصحية والثقافية والإعلامية.

 

دونية المرأة في التراث الإنساني

إن اضطهاد المرأة ظاهرة إنسانية عمت جميع الحضارات والثقافات:

ففي الصين القديمة تقول القاعدة التي كانت متبعة في التراث الكونفوشي: “النساء آخر مكان في الجنس البشري ويجب أن يكون من نصيبهن أحقر الأعمال”.

في الهند تقول المادة 147 من قانون مانو: “لا يحق للمرأة في أي مرحلة من مراحل حياتها أن تجري أي أمر وفق مشيئتها حتى لو كان من الأمور الداخلية لمنزلها”. وحتى القرن السابع عشر كانت تحرق المرأة مع زوجها عند موته.

قانون حمورابي 1752 ق.م كان يقول بأنه “يمكن للرجل رهن زوجته وأطفاله ثلاث سنوات”.

في الزردشية والمزدكية: المرأة كائن غير مقدس.

في اليونان يقول أرسطوطاليس[135] بأن المرأة أدنى فكرياً وبيولوجياً من حيث قدرتها العقلية والبيولوجية وحكم الرجل عليها كحكم الروح على الجسد وحكم العقل على العاطفة.

كان وأد البنات معروفاً لدى اليونان والرومان وكن يتركن للموت في الخلاء.

نص القانون الروماني على أنه “إذا بلغ الصبي أربعة عشر عاماً تحرر من الوصاية أما الفتاة فتظل تحت الوصاية”.

وفي الثورة الفرنسية كان قانون نابليون هو دونية المرأة وتبعيتها.

في اليهودية المرأة منجسة وهي مسئولة عن خروج آدم من الجنة ولذلك فهي معاقبة بالحيض.

في المسيحية يقول سانت أوغسطين[136]: لا أعرف أية فائدة للمرأة للرجل إلا إنجاب الأطفال. ويقول أحد علماء المسيحيين ويدعى ترتليان[137] مخاطباً المرأة: “أنت باب الشيطان هاتكة الشجرة المحرمة، أنت أول من خرق القانون الإلهي، أنت من أقنعت الرجل الذي لم يكن للشيطان شجاعة كافية للاقتراب منه، ودمرت بكل خفة الرجل آدم المخلوق على صورة الإله، وبسبب عقوبتك التي هي الموت، حتى ابن الله (المسيح) كان عليه أن يموت”. أي أن المرأة هي التي قتلت المسيح بخطيئتها فوجب عليه أن يموت فداء للإنسانية.[138]

 هناك حلف طبيعي بين المرأة والشيطان في المسيحية واليهودية، ولذلك لم تأخذ المرأة في أوربا حقوقها إلا عبر صراع طويل، وحتى مارتن لوثر وهو قائد الإصلاح في المسيحية قال: “انتزع النساء من تدبير شئون المنزل تجدهن لا يصلحن لشيء”.

إنني أسوق هذه الشواهد لأدلل على أن اضطهاد المرأة في تلك الحضارات والثقافات كامن في نصوصها الأصلية المؤسسة لتراثهم، أما نصوص الإسلام الأصلية فهي لا تؤسس لدونية المرأة، والدونية جاءت من تفاسير واجتهادات وضعية، ولكن النصوص المحكمة هي نصوص المساواة والعدالة والتكريم.

وفي التراث الثقافي  السوداني نجد أيضاً ما يؤسس لدونية المرأة، فمثلاً في “الهدهدات” للأطفال نجد تمييزاً بين الطفل الذكر والطفلة الأنثى. فمثلاً تقول امرأة سودانية تهدهد طفلها:

أريدو حمتدو              بيتو دخلتو

زادو أكلتو                 وماتت بتو

وجيت سابلتو

 وكذلك عند ميلاد الذكر تكون التهنئة: “مبروك ويربى في عزكم”، أما عند ميلاد الأنثى يكون العزاء “جعلها الله من المستورات”، وهذا كله من المفاهيم الجاهلية:

وَلَمْ أَرَ نعْمَةً شَمَلَتْ كِريماً         كنعمة عَوْرَةٍ سُتِرَتْ بَقْبْر

وهذه الدونية شكلت تحدياً أمام المرأة في السودان وغيره من البلاد العربية والأفريقية، فأصبحت المرأة أكثر جدية وتفوقاً ونجاحاً في مجالات التعليم والعمل.

فى 29 مارس 2004م دعتني إدارة مدارس القبس لأخاطب فصل الموهوبين من سن 9 إلى 13سنة وكان في الفصل حوالي ستين طفلاً كانت نسبة البنات تبلغ الثلثين. وما برحت نتائج الشهادة السودانية تسجل تفوق البنات تفوقاً حاسماً.

 

المرافعات في قضية المرأة

هنالك في الساحة اليوم ثلاث مرافعات حول قضيه المرأة.

أولاً: مرافعة الفكر الانكفائى التي تكرس دونيتها وتستشهد بالنصوص الشرعية مثلاً قال الشيخ عبد العزيز عبد الله بن باز[139]: “انشغال المرأة خارج البيت يؤدى إلى بطالة الرجل،  وخسران الأمة، وعدم انسجام الأسرة، وانهيار صرحها،  وفساد أخلاق الأولاد.  ويؤدى إلى الوقوع في مخالفة ما أخبر به الله في كتابه من قوامة الرجل على المرأة”[140]. و في تعليقه على منتدى جدة قال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ: “وأمر الاختلاط بين النساء والرجال محرم ظاهر التحريم. يقول الله تعالى في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم أعف نساء العالمين وأزكاهن: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ)[141]. وهذا ظاهر في تحريم الاختلاط، ووجوب حجاب المرأة، وتحريم سفورها، واعتبر المرأة التي تخالط الرجال ملعونة لأنها تتشبه بالرجال[142].

ثانياً: مرافعة الفكر الوضعي وهي ترفض مواقف الفكر الانكفائى، وترى أن الإسلام يؤسس لدونية المرأة، ولا سبيل لتحرير المرأة إلا بتجاوزه، والالتحاق بالمسيرة الإنسانية التي تقودها الحضارة الغربية الحديثة.

الغلو العلماني والغلو الديني يمهدان لبعضهما بعضاً، ويقيمان تحالف أضداد، ومثلما تزعجنا مقولات غلاة الدينيين تزعجنا مقولات غلاة العلمانيين الذين يخلفون أرجلهم ويمطروننا بأقوالهم عن فصل الدين عن الدولة وفصل الدين عن السياسة.

ما هي الدولة؟ الدولة شعب، وإقليم، وسلطات ثلاث تمارس على ذلك الشعب في ذلك الإقليم. كيف يفصل الدين عن الشعب وهو مكون أساسي لثقافته ووجدانه؟ وكيف يفصل الدين عن التشريع؟ والتشريع مطلوب لتعريف المجموعات الدينية داخل الوطن ما لها وما عليها بالقانون؟ وكيف يفصل الدين عن القضاء وفي إجراءات القضاء وتحقيقاته وشهاداته ومحاكماته أداء اليمين على الكتب المقدسة؟ وكيف يفصل الدين عن السلطة التنفيذية وأصحابها يقسمون على كتبهم المقدسة لأداء واجباتهم؟

 أما فصل الدين عن السياسة: فهل يمكن فصل السياسة عن المثل العليا للناس؟ وهل يمكن فصل السياسة عن الأخلاق؟ فإن استحال ذلك فكيف يفصل الدين عن المثل العليا؟ وعن الأخلاق؟ وكلاهما يرجعان للدين؟

ويرددون شعاراً فارغاً: الدين لله والوطن للجميع، كأنما هناك تعارض بين الدين والوطنية:

أَلا فَقولوا هَذا كَلامٌ لَهُ خَبيءٌ               مَعناهُ لَيسَت لَنا عُقولُ

وفي أي مكان في العالم نجد هذا الفصل المزعوم؟

نعم هناك حاجة مشروعة ومطلوبة لفصل الدين عن التعصب، وعن الانكفاء على الماضي، وعن الاستبداد، وعن حجر حرية البحث العلمي. كما أن هناك ضرورة لفصل المؤسسة الدينية عن مؤسسة الدولة، والتزامات متبادلة بينهما بحيث تكفل الدولة حرية الأديان وتلتزم الأديان بحقوق المواطنة.

ثالثاً: مرافعة الفكر الصحوي الذي يرى أن للإسلام تاريخياً قصب السبق في تحرير المرأة، وأن المجتمع الإسلامي لحق به الانحطاط، وأن في تاريخ الفكر الإسلامي بشأن المرأة نظرة عادلة وأخرى دونية، وأن الفكر الإنساني بشأن المرأة قد خطى خطوات واسعة نحو العدالة و المساواة، وأن استصحاب هذا التطور ينبغي أن يقوم على استنهاض المفاهيم العادلة في التراث، واستخدام أساليب التجديد المشروعة ليتخذ تحرير المرأة مشروعية دينية وثقافية ويتجنب التبعية العمياء للوافد.

المدهش حقاً أن النهج الإنكفائى بجموده وتيبسه في وجه التطور يغذى النهج الاستلابي الذي يتهم التراث بالتعفن، ويجنح إلى التعلق بالوافد، والتعلق بالوافد باستلابه وتبعيته يغذى النهج الانكفائى الذي يتهم التحديث بالتبعية والذيلية.

والحقيقة هي: كلا طرفي قصد السبيل ذميم، ولا بديل للنهج الصحوي الذي يعالج جدلية الأصل والعصر.     

 

الموقف من سيداو

تأملت بنود اتفاقية  سيداو الثلاثين ولم أجد نصاً أتحفظ عليه. ولكنني اعتقد أن النص كله مدبج في شكل جاف كأنها وثيقة مطلبية، وكأنما المرأة موظف عند الرجل، وفي هذه الوثيقة يمنحها حقوقاً في عالمه.

سيداو أصبحت جزءاً من منظومة حقوق الإنسان الدولية، وقد انضمت لها كل الدول العربية ما عدا السودان والصومال.

الدول العربية التي وافقت عليها تحفظت على ستة بنود منها باستثناء دولتين هما جيبوتي وجزر القمر لم تتحفظا. البنود الستة المتحفظ عليها هي:

‌أ-             المادة الثانية من الاتفاقية وهى المتعلقة بحظر التمييز في الدساتير والتشريعات الوطنية، وهى تلزم الدول بشجب جميع أنواع التمييز ضد المرأة. كذلك باتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على هذا التمييز بما في ذلك الذي قد يصدر من جانب أي  شخص، أو منظمة، أو مؤسسة.

‌ب-          المادة السابعة التي تلزم الدول بالقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية للبلاد.

‌ج-            المادة التاسعة المتعلقة بحق النساء وأطفالهن في التمتع بالجنسية.

‌د-            المادة 15 وهى تتعلق بالمساواة أمام القانون وفى الأهلية القانونية، وفى إبرام العقود وإدارة الممتلكات، وفى المعاملة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفى نفس الحقوق المتعلقة بحرية الحركة وحق اختيار المكان للسكن والإقامة.

‌ه-             المادة 16 المتعلقة بالمساواة وفى كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية:  الحق في طلب الزواج، حرية اختيار الزوج، الحق المتساوي في عقد الزواج وفي فسخه، وتحديد سن أدنى للزواج.

‌و-            المادة 29 المتعلقة بالتحكيم بين الدول الأطراف في الاتفاقية.

الدول التي قدمت هذه التحفظات تعللت بالمخالفة للشريعة الإسلامية أو بالقوانين الداخلية لهذه الدول. نعم يوجد تناقض بين هذه المواد وأحكام فقهية سائدة في البلدان الإسلامية، ولكن الفهم الصحيح للشريعة هو أن تفسيراتها وتأويلاتها المتضمنة في أحكام الفقه قابلة للتفاعل مع الحياة لاستيعاب المستجدات.

     لذلك لا أجد نفسي مؤيداً لهذه التحفظات، وأضيف:

ý    المادة 19 من اتفاقية فيينا حول قانون المعاهدات لعام 1969م أجازت للدول عند انضمامها إلى معاهدة ما أن تبدى تحفظات، ولكنها اشترطت ألا يكون أي تحفظ منها منافياً لموضوع الاتفاقية وغرضها.

ý    معظم الدول العربية المنضمة للاتفاقية قد سبق لها المصادقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر معه في عام 1996م، وهذه الاتفاقيات كلها تؤكد المساواة النوعية. فاتفاقية سيداو إنما تفصل مبادئ متفق عليها. وفى الحقيقة فإن مبدأ المساواة هذا وعدم التمييز على أساس النوع واللون والعرق مدون في ميثاق الأمم المتحدة، وفى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفى كافة وثائق الشرعية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

هنالك الآن موقفان إزاء معاهدة سيداو في عوالمنا: موقف الذين يقبلونها قبول متلق تبعية للحضارة الغربية  الغالبة، وموقف الذين يرفضونها رفض انكفاء ركوناً لمفاهيم ماضوية حريصة على دونية المرأة. هذان الموقفان يصدران للأسف من حضارة ميتة لا عطاء لها بل تبعية للوافد من الخارج أو تبعية للوافد من الماضي.

يجدر بحضارتنا الحية أن يكون لها عطاؤها في حركة المساواة والعدالة التي تتطلع إليها الإنسانية.

من هذا المنطق أقول:

أولاً: عنوان المعاهدة بالسالب منقصة لها والصحيح أن يكون عنوانها إيجابياً: المساواة النوعية بين البشر.

ثانياً: كثير من النصوص ترقي” المرأة لإلحاقها بعالم الرجل، والصحيح الانطلاق من أن الأنوثة قيمة أساسية في نظام الحياة والمجتمع ينبغي الاعتراف بحقوقها وكرامتها الأنثوية الإنسانية لتساهم بعطائها في تطوير الحياة الإنسانية نحو السلام والتعاون والتنمية.

ثالثاً: كثير من مفردات المواثيق الدولية توحي بأن المرأة حيث كانت لن تحقق ذاتها إلا إذا صارت نسخة ملساء من الرجل أو نسخة ملونة من المرأة الغربية -هذه الإيحاءات- هي بعض نتائج الهيمنة الثقافية الغربية والصحيح أن يتحقق للمرأة دورها دون تضحية بأنوثتها ولا بهويتها الثقافية.

رابعاً: نصت المعاهدة على منع الاتجار بالمرأة، وهذا صحيح. ولكن الحضارة الغربية تبالغ في تسليع المرأة ويحتملون في هذا المجال مشاهد إذا حاكاها الرجل لاعتبرت تحرشأً جنسياً. هذه المشاهد تضر كرامة المرأة لأنها تكرس في ذهن الرجل قيمتها الجسدية وحدها.

خامساً: ما هو الأساس الأخلاقي والروحي للمساواة بين الرجل والمرأة؟ هذا جانب لا تتناوله نصوص المعاهدة كأنها مجرد معاملة قانونية. وهذا نهج يجعل جذور المعاهدة سطحية.

سادساً: ليست الأسرة مجرد شركة لتربية الأطفال كما يبدو من المعاهدة، الأسرة تكوين ينبغي أن يقوم على المودة والرحمة والسكينة، وأن تجمع أفراده المحبة والولاء.  المعاهدة عن هذه المعاني عمياء.

سابعاً: المساواة توجب موازين دقيقة بين الحقوق والواجبات.  المرأة إذ تنال حقوقاً مستحقة تترتب عليها واجبات. إن توازن الحقوق والواجبات مطلوب لكيان الأسرة وهو كيان يجب أن يحرص عليه الرجل والمرأة والأطفال ولكن إذا تردى فان الخاسر الأول هم الأطفال ثم المرأة ثم الرجل.

إن هذه الورشة التي نظمتها هيئة شئون الأنصار ينبغي ألا تقف من سيداو موقف القبول التبعي، ولا موقف الرفض الانكفائي، بل موقف القبول لمبدأ إزالة كافة أنواع التمييز ضد المرأة، مع إضافة النقاط السبعة المذكورة وهو اتجاه لا ترفضه الأسرة الدولية لأن ما ترفضه الأسرة هو على حد تعبير المادة 28-2: لا يجوز إبداء أي تحفظ يكون منافياً لموضوع هذه الاتفاقية وغرضها.

ختام

إن قضيه تحرير المرأة تمثل أحد أركان تجديد الفكر الإسلامي.

إن قضيه تجديد الفكر الإسلامي قد اكتسبت إلحاحاً بسبب الحرب الأطلسية الثالثة المعلنة ضد الإرهاب العالمي.

هنالك عوامل كثيرة ساهمت في انتشار الاجتهادات المنكفئة في العالم الإسلامي. الاجتهادات انطلق منها الغلاة إلى احتجاج بالعنف، احتجاج حمل الغرب سيما الولايات المتحدة مسئولية دعم الطغاة في العالم الإسلامي، والمسئولية عن المظالم النازلة بالعرب والمسلمين فأعلنوها حرباً على الولايات المتحدة مرجعيتها فتوى القاعدة: إن قتل الأمريكان مدنيين وعسكريين في أي مكان في العالم فرض عين على المسلمين (الفتوى التي أعلنت في  فبراير 1998م). هذا هو المنطق وراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م في نيويورك وواشنطن. 

وترتب عليها قياده الولايات المتحدة لحرب كونية هجومية واستباقية وانفرادية عند اللزوم.

و بدا لموجهي هذه الحرب في الولايات المتحدة أن وراء العنف الموجه ضدها ثقافة وفكر إسلامي عدواني، فأوجب ذلك حمله على الاجتهادات الإسلامية المعاصرة المصنفة معادية وسياسات لدعم اجتهادات مضادة، لبيان تفاصيلها راجع تقرير منظمة راند الصادر عام 2003م.

هكذا يصطرع على مصير العالم الإسلامي الغلاة و الغزاة، وهما يتوعدانه بأحد مصيرين: الهروب إلى الماضي على يد الغلاة أو الهروب إلى الخارج على يد الغزاة. 

إن الحياة لا تقبل فراغاً ولا ينقذنا من أحد المصيرين إلا اجتهاد الحماة الذي يطرح حلاً اجتهادياً مدعوماً بسند شعبي قوى قادر على إيجاد حل لجدلية الغلو والغزو بمشروع نهضوي يكون تحرير المرأة أحد أركانه.


[1]  رفاعة رافع الطهطاوي (15 أكتوبر 1801م- 27 مايو 1873م) كاتب ومعلم ومترجم مصري وأحد مثقفي النهضة، وكان من بين أوائل المصرين الذين كتبوا عن الحضارة الغربية بفكرة التصالح بينها وبين الحضارة الإسلامية.

[2]  خير الدين التونسي (1820- 30 يناير 1890)، أسر طفلاً وبيع وأحضر لتونس في السابعة عشر مملوكاً لأحمد باشا باي الذي عمله واعترف بمقدراته  فصار أميراً للواء الخيالة ثم وزيراً للبحر وله كتاب شهير “أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك”.

[3]  ضياء غوك ألب (23 مارس 1875 – 25 نوفمبر 1924) تركي، ملهم مصطفى كمال أتاتورك وأبوه الروحي، كان متأثراً بأوروبا الغربية الحديثة، وخاصة فرنسا وألمانيا، اعتنق الايدولوجية التركية العالمية الشاملة وبذل جهده كله في سبيلها.

[4]  طه حسين(28 أكتوبر1889- أكتوبر 1973م)، عميد الأدب العربي، ولد في محافظة المنيا في أعالي مصر، نصب وزيراً للتربية عام 1950.

[5]  سلامة موسى (1889-1957م)  من أبرز دعاة العلمانية والاشتراكية بمصر.

[6]  سلامة موسى اليوم والغد، سلامة موسى للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1928م، ص 7.

[7]  نصر حامد أبو زيد (10 يوليو 1943 – 5 يوليو 2010): أكاديمي مصري، وباحث متخصص في الدراسات الإسلامية وفقه اللغة العربية والعلوم الإنسانية.

[8]  طه حسين، مستقبل الثقافة في مصر، الطبعة الثانية، دار المعارف، القاهرة، 1938م،  ص 34

[9]  برهان غليون  (ولد في 13 مايو 1945)، هو مفكر فرنسي سوري وأستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون بالعاصمة الفرنسية.

[10]  نصر حامد أبو زيد (10 يوليو 1943 – 5 يوليو 2010): أكاديمي مصري، وباحث متخصص في الدراسات الإسلامية وفقه اللغة العربية والعلوم الإنسانية.

[11]  محمد عابد الجابري (27 ديسمبر 1935- 3 مايو 2010م): مفكر وفيلسوف مغربي، كرّمته اليونسكو لكونه “أحد أكبر المتخصصين في ابن رشد.

[12]  نجيب محفوظ (11 ديسمبر 1911م 30 أغسطس 2006م) الروائي الشهير الحائز على جائزة نوبل للآداب 1988م. شغل وظيفة مستشار وزير الثقافة المصري لشؤون السينما.

[13]  سورة الكهف الآية 51

[14]  سورة الإسراء الآية 105

[15]  سورة الأحقاف الآية 3

[16]  رواه الترمذي

[17] ابن سينا (370هـ/980م- 427هـ/1037م) أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، من بخارى، اشتهر بالطب والفلسفة لقب بأبي الطب الحديث.

[18] الكندي(185 هـ/801م – 256 هـ/870م)،  أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي، علامة عربي مسلم، برع في الفلك والفلسفة والكيمياء والفيزياء والطب والرياضيات والموسيقى وعلم النفس والمنطق.

[19] أبو نصر محمد الفارابي (260هـ/874م- 339هـ/950م) أبو نصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان. ولد في فاراب (تركمانستان اليوم). فيلسوف مسلم اشتهر بإتقان العلوم الحكمية وصناعة الطب.

[20]  ابن طفيل (1105 -1185م)، أبو بكر محمد بن عبد الملك بن طفيل القيسي الأندلسي، فيلسوف وفيزيائي وقاض وفلكي وطبيب أندلسي، من أشهر كتبه “حي بن يقظان”.

[21]  للمزيد حول الفلسفة الإسلامية انظر/ي الكتاب الذي صدر مؤخراً للمؤلف: الصادق المهدي الدين والفلسفة، صالون الإبداع للثقافة والتنمية، الخرطوم، 2018م.

[22] W. Montgomery Watt, The Influence of Islamic civilization on Medieval Europe. Edinburgh University Press (August 1, 1987).

[23]  ابن رشد (520هـ/1126م- 595 هـ/ 1198م) الحفيد- هو محمد بن احمد بن محمد بن رشد الأندلسي، ألف في الفقه والأصول واللغة والطب والفلك والفلسفة ، أعظم فلاسفة الإسلام.

[24]  عبدالجبار المعتزلي (359 – 415هـ ، 969 – 1025م). عبدالجبار بن أحمد بن عبدالجبار بن أحمد بن الخليل بن عبدا، القاضي، أبو الحسن الهمداني الأسدأبادي لقبه المعتزلة بقاضي القضاة.

[25]  ابن خلدون (الأربعاء 1 رمضان 732 هـ/27 مايو 1332م- الجمعة 28 رمضان 808 هـ/ 19 مارس 1406م) ولي الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن الحسن بن جابر بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن خالد (خلدون) الحضرمي. كان فلكياً، اقتصادياً، مؤرخاً، فقيها، عالم رياضيات، إستراتيجياً عسكرياً، فيلسوفاً، ورجل دولة، يعتبر مؤسس علم الاجتماع الحديث أهم آثاره (المقدمة) التي ضمنها آراءه في الاجتماع البشري.

[26]  نجم الدين الطوفي (657هـ/1259م – 716هـ/1316م) نجم الدين أبو الربيع سليمان بن عبد القوي المعروف بابن أبي عباس الطوفي، فقيه حنبلي، له مصنفات عديدة، توفي بمدينة الخليل في فلسطين.

[27] الغزّالي، (450 هـ/1058م  – 505 هـ / 1111م) الإمام، حجة الإسلام. أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزّالي الطوسي النيسابوري الفقيه الصوفي الشافعي الأشعري. أحد أهم أعلام عصره وأحد أشهر العلماء المسلمين.

[28]  لتفاصيل هجوم الغزالي على الفلاسفة في كتابه تهافت الفلاسفة، ورد ابن رشد عليه في كتاب تهافت التهافت، يمكن الرجوع إلى: الصادق المهدي، الدين والفلسفة، منشورات صالون الإبداع، 2018م

[29]  الشافعي (150- 204هـ/ 767- 819م)، الإمام، محمد بن إدريس العباسي بن عثمان بن شافع بن السائب القرشي بن عبد المطلب بن مناف. من الأئمة الأربعة.

[30]  ابن عبد البر، جامع بيان العلم وفضله

[31]  الشاطبي (538هـ/1143م- 590هـ/1194م)، الإمام، أبو محمد القاسم بن فيرة بن أحمد الشاطبي، من أعلام علماء المسلمين ومن أبرز علماء علم القراءات.

[32]  أبو إسحق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي، الموافقات، المجلد الثالث، دار ابن عفان للنشر والتوزيع، الخبر، الطبعة الأولى، 1997م،  ص 208-209

[33]  فخر الدين الرازي (544- 606هـ/ 1148-1209م)، الإمام الكبير، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي الرازي . إمام مفسر فقيه أصولي وعالم موسوعي، شافعي أشعري. من مؤلفاته التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب.

[34]  سورة الكهف الاية 86

[35]  الرازي، التفسير الكبير

[36]  محمد المهدي (الإمام) (أغسطس 1844- يونيو1885م) قائد الثورة المهدية. هو محمد أحمد بن عبد الله بن فحل بن عبد الولي. جد المؤلف الأعلى ومحرر السودان من الاحتلال المصري التركي ومؤسس الدولة المهدية (1885-1898م)، وصاحب الدعوة المهدية التي انتشرت في السودان ولها أتباع خارجه في نيجريا وتشاد والسنغال وغيرها من البلدان.

[37]  عبد الرحمن المهدي (25 يونيو 1885م- 24 مارس 1959م- أول شوال 1302هجرية– 15 رمضان 1378هـ)، الإمام، مؤسس حزب الأمة وباعث المهدية وإمام الأنصار منذ 1949م وحتى وفاته.

[38] الصادق المهدي، عبد الرحمن الصادق إمام الدين، في يوسف فضل حسن، محمد إبراهيم أبوسليم والطيب ميرغني شكاك (تحرير)، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1997م.

[39]  سورة آل عمران الاية 7

[40]  سورة البقرة 106

[41]  سورة الإنسان الاية 30

[42]  سورة الإنسان الآية 3

[43]  سورة آل عمران الاية 102

[44]  سورة التغابن الآية 16

[45]  سورة الكافرون الآية 6

[46]  سورة آل عمران الآيتان 113-114

[47]  سورة آل عمران الآبة 85

[48]  سورة النساء الآية 77

[49]  سورة الحج الآية 78

[50]  سورة البقرة الآية 286

[51]  سورة البقرة الآية 284

[52]  سورة الشورى الآية 40

[53]  سورة الشورى الآية 40

[54]  سورة الشورى الآية 11

[55]  سورة السجدة الآية 17

[56]  سورة محمد الآية 24

[57]  سورة الفرقان الآية 73

[58]  البخاري (194- 256هـ/ 809- 869م)، الإمام، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بزدويه البخاري الجعفي، إمام أهل الحديث وصاحب “الجامع الصحيح” المعروف بصحيح البخاري.

[59]  الصحاح مصطلح يشير إما للصحاح الستة أو التسعة من مدونات الحديث النبوي هناك اتفاق حول صحتها. الصحاح الستة هي: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن النسائي، وسنن أبي داؤد، وسنن الترمذي، وسنن ابن ماجة. أما التسعة فيضاف إليها: مسند ابن حنبل، وموطأ مالك، وسنن الدارمي.

[60]  رواه مسلم

[61] سورة النجم الآيتان (45، و46)

[62] رواه البخاري ومسلم

[63] سورة فاطر الآية (18)

[64] رواه البخاري ومسلم

[65] رواه البخاري

[66] سورة البقرة الآية 269.

[67]  سورة لقمان الآية 12

[68]  نجم الدين الطوفي (657هـ/1259م – 716هـ/1316م).

[69] رواه ابن ماجة

[70]  الشاطبي (538هـ/1143م- 590هـ/1194م)

  [71] سورة طه الآية 50

[72]  سورة الذاريات الآيتان 20-21

[73]  فرح ود تكتوك، (1044هـ/1635م– 20 ربيع الثاني 1147 هـ/  1732م)، حلال المشبوك، الشيخ، فرح بن محمد بن عيسى بن قدور بن عبدل بن عبد الله بن محمد الأبطح – تنسب إليه قبيلة البطاحين. وهو أشهر شيوخ وشعراء سلطنة الفونج.

[74]  عبد الرحمن المهدي (25 يونيو 1885م- 24 مارس 1959م- أول شوال 1302هجرية– 15 رمضان 1378هـ)، الإمام.

[75]  بابكر بدري (1277 ـ 1374هـ، 1861 ـ 1954م). رائد التعليم الأهلي وتعليم المرأة في السودان.

[76] سورة النساء الآية 11.

[77] سورة النساء الآية 11.

[78] سورة الروم الآية 21.

[79]سورة التوبة الآية 71.

[80] سورة الحجرات الآية 13.

[81] سورة البقرة الآية 282.

[82] سورة النساء الآية 34.

[83]  أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، المحلى بالآثار، تحقيق الدكتور عبد الغفار سليمان البنداري، الجزء التاسع، النكاح، الطلاق، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، ص 110

[84]  انظر/ي مثلاً البهي الخولي، المرأة بين البيت والمجتمع، مكتبة دار العروبة، الطبعة الثالثة، 1965م، الصحفات 77-79

[85] سورة البقرة الآية 228.

[86]  القرطبي  ( 578- 671هـ/ 1182-1274 م): هو محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الخزرجي الأنصاري القرطبي. أبو عبد الله. أشهر تصانيفه: (الجامع لأحكام القرآن) المعروف بتفسير القرطبي

[87]  القرطبي، الجامع لأحكام القرآن،

[88] رواه البخاري

[89]  الشافعي (150- 204هـ/ 767- 819م).

[90]  الإمام محمد بن إدريس الشافعي، كتاب الأم، تحقيق وتخريج الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2001م،  الجزء السادس، ص 279

[91] سورة النساء الآية 35.

[92] سورة آل عمران الآية 7.

[93] سورة البقرة 194.

[94] سورة الشورى الآية 40.

[95] سورة الفرقان الآية 73.

[96] رواه البخاري

[97] سورة آل عمران الآية 195

[98] سورة الحجرات الآية 13

[99] أخرجه الطبراني

[100] رواه أبو داود

[101] رواه البخاري

[102] رواه مسلم.

[103] رواه مسلم

 

[105] رواه البخاري

[106]  الطبري (ت 613هـ/ 1216م)  أبو جعفر محمد بن جرير، شيخ المفسرين. ولد في طبرستان جنوب بحر قزوين ورحل إلى بغداد، كان محدثاً ومؤرخاً، أشهر كتبه “تاريخ الرسل والملوك”. كما له تفسير للقرآن يقع في ثلاثين جزءاً.

[107]  أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، تاريخ الطبري: تاريخ الأمم والملوك، الجزء الثاني، ص 231

[108] رواه البخاري

[109] سورة البقرة الآية 36

[110] سورة طه الآية 121

[111]  رواه البخاري.

[112] سورة النساء الآية 1

[113] سورة الأحزاب الآية 53

[114] سورة الأحزاب الآية 59

[115] سورة النور الآية 31

[116]  محمود سلام زناتي، اختلاط الجنسين عند العرب، دار الجامعات المصرية للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1959م.

[117]  الإمام الشوكاني، نيل الأوطار، الجزء الأول، باب الختان

[118]   السيد سابق، فقه السنة، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثالثة، 1977م، المجلد الأول.

[119] رواه ابن ماجة

[120] أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، الجزء الثاني، ص 46

[121] رواه الطبراني في الكبير

[122] رواه أبو داود

[123] رواه الألباني

[124] سورة البقرة  الآية 229.

[125] سورة الروم الآية 21

[126] سورة البقرة الآية 187

[127] سورة التوبة الآية 71.

[128] الطبراني في الأوسط

[129] سورة النجم الآية 39

[130] سورة الإسراء الآية 23

[131] سورة آل عمران الآية 36

[132] سورة الصافات الآيات 149، 150، 151، 152، 153، 154

[133] سورة النجم الآية 21، 22

[134] سورة الزخرف الآية 18

[135] أرسطوطاليس أو أرسطو Aristotle (384 ق.م. – 322 ق.م.) أعظم فيلسوف يوناني  وواضع أسس المنطق وأقسام العلوم. كان أحد تلاميذ أفلاطون ومعلم الإسكندر الأكبر.

[136] القديس أوغسطين (354 – 430م): كاتب وقديس وفيلسوف من أصل نوميدي-لاتيني. يعد أحد أهم الشخصيات المؤثرة في المسيحية الغربية، وأحد آباء الكنيسة البارزين وشفيع المسلك الرهباني الأوغسطيني.

[137]  ترتليان أو ترتليانوس Tertullian (155-240م)  من بربر شمال أفريقيا. أول من كتب كتابات مسيحية باللاتينية، وأطلق عليه “والد المسيحية اللاتينية”، ومؤسس اللاهوت الغربي.

[138] You are the devil’s gateway, you are the unsealer of the forbidden tree, you are the first forsaker of the divine law, you are the one who persuaded him whom the devil was not brave enough    to approach, you so lightly crushed the image of God, the man Adam.   Because of your punishment, that is, death, even the Son of God had to die.

[139]  عبد العزيز بن باز (22 نوفمبر 1910- 13 مايو 1999م)، مفتي السعودية، قاضي، وسياسي، والرئيس السابق لهيئة كبار العلماء في السعودية.

[140]  عبد العزيز بن باز، الحجاب و السفور في الكتاب و السنة، 1986م،  صفحة 28

[141] سورة الأحزاب الآية (53)

[142] المجلة الاقتصادية 5/1/2004م.