واجب النصيحة

بسم الله الرحمن الرحيم

واجب النصيحة

17/7/2017م

 

إن الأزمة بين الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي  ذات أبعاد داخلية في كل قطر، وإقليمية في المنطقة، ودولية؛ وما جرى فيها من مساجلات واستقطابات يجعل أية محاولة لاحتوائها بإجراءات سطحية غير مجدية.

إن شعوب المنطقة سوف تتأثر سلباً أو إيجاباً بتداعيات هذه الأزمة، ما يتطلب تحرك مناصحة يقوده حكماء يؤهلهم العلم والخبرة والحكمة.. تحرك يرجى أن يتجاوب معه الكافة لاحتواء السلبيات وتمكين الإيجابيات.

فيما يلي تفاصيل النصيحة المطلوبة:

  1. مجلس التعاون الخليجي تجربة عربية وحدوية ناجحة لتشابه نسيج سكانها الاجتماعي، ونظم الحكم فيها، والنظم الاقتصادية، وما وفرت لشعوبها من رعاية اجتماعية، وما أقامت من نظم أمنية عالية الكفاءة، وما توافر لها من رعاية دفاعية أمريكية.
  2. منطقة مجلس التعاون الخليجي تواجه طائفة من المشاكل أهمها:
  • كيفية التعامل مع مجموعات وطنية من رعاياها ذات انتماء شيعي وتحظى برعاية إيرانية.
  • مسألة التعامل مع مطالب طبقات حديثة ذات تأهيل علمي حديث، وتطلع للمشاركة في المصير الوطني.
  • مسألة التطلعات النسوية لدرجة عالية من المساواة وحقوق المرأة.
  • كيفية التعامل مع تطلعات شعبية عبأتها شعارات الربيع العربي.
  • كيفية التعامل مع قوى عاملة وافدة.
  • كيفية التعامل مع نداءات التأصيل الإسلامي والقومي.
  1. استقرار دول مجلس التعاون الخليجي يتطلب تعاملاً مع التحديات المذكورة متجاوزاً للوسائل الأمنية، ومستشرفاً لعقد اجتماعي إصلاحي جديد يتم عبر آليات إصلاحية مجدية.
  2. تعرضت دول مجلس التعاون الخليجي لاختراق حركات تأصيلية سلفية وأخوانية، كما تعرضت لتمدد حركات إرهابية تقودها القاعدة وداعش. هذه الحركات بعضها جهادوي إرهابي، وبعضها مدني، وبعضها حركات تحرير مشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي. المطلوب تعريف جامع مانع للإرهاب، أما الحركات ذات التطلع الإسلامي وذات الالتزام المدني فينبغي تحديدها، وكمكون سكاني إجراء الحوار معها لكي تراعي الخصوصية الخليجية. أما حركات التحرير ضد الاحتلال فينبغي تحديدها ومساندة أهدافها، أما الحركات الجهادوية الإرهابية فينبغي تعريفها، وتوحيد الموقف ضدها عقدياً وفكرياً، وعملياً. دمج هذه الحركات ذات الهويات المختلفة يجافي العدالة ويحقق عكس مقاصده.
  3. العقد الاجتماعي الجديد تتطلبه العوامل المستجدة في المجتمعات الخليجية، وتتطلبه علاقات المجتمعات الخليجية بالآخر الإقليمي، والآخر الدولي، ومتطلبات الانفتاح على القرن الواحد وعشرين الميلادي. ومع أهمية وجود عوامل مشتركة في هذا العقد الاجتماعي فإن على الجميع احترام السيادة الوطنية في حدود أقطارها.
  4. يرجى أن تتفق دول مجلس التعاون الخليجي على أسس للتضامن العربي ترعاها الجامعة العربية، وأسس للتضامن الإسلامي ترعاها منظمة التعاون الإسلامي.
  5. هنالك ثلاث دول كبيرة في المنطقة هي إيران، وتركيا، وإسرائيل. إيران وتركيا جزء لا يتجزأ من المنطقة، وتوجد تداخلات سكانية بينها وبين المنطقة العربية، وهي تؤثر على أحوال المنطقة العربية وتتأثر بها.. حقائق ينبغي الاعتراف بها، والعمل على إبرام معاهدة أمن وتعايش عربية وتركية وإيرانية. أما إسرائيل فينبغي ربط أية علاقات بها باسترداد الحقوق العربية والفلسطينية المغتصبة.
  6. لمنطقة مجلس التعاون الخليجي علاقات تجارية ودفاعية مع الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن دور الولايات المتحدة كقطب أوحد انتهى، وحلت مرحلة القطبية المتعددة كما تمثلها روسيا، والصين، والاتحاد الأوربي، وبريطانيا.. حقوق السيادة الوطنية تسمح لدول المجلس بحرية التعامل مع الأقطاب الدولية على ألا يوظف الأعضاء هذه العلاقات بصورة محورية ضد بعضهم بعضاً.
  7. الاستقطاب الحالي بين دول مجلس التعاون الخليجي من شأنه أن يؤجج المشاكل الداخلية، وأن يزعزع العلاقات داخل الأسر الحاكمة، ويفتح الباب واسعاً أمام تدخلات إقليمية ودولية لا تحمد عقباها، بل تنذر بتقويض الاستقرار.
  8. اضطراب الاستقرار في مجلس التعاون الخليجي يهدد الدول الأعضاء، ويهدد الأمن القومي العربي، ويهدد الاستقرار الدولي.. مخاطر توجب لقاء جامع لقيادات دول المجلس دون أية شروط مسبقة لإبرام اتفاق لا ينشد العودة للمربع الأول بل يتخذ من الأزمة فرصة للاتفاق على الإصلاح المنشود.
  9. التوتر الحالي يؤدي حتماً لاستقطاب إقليمي دولي ذي نتائج صفرية تضر كافة الأطراف المعنية، وتتيح لتجار السلاح استغلال التوتر للترويج لبضاعتهم، وتتيح لإسرائيل الصيد في الماء العكر، وتنزل برداً وسلاماً على مشروع الكيانات الإرهابية فهم إنما يستخدمون الإرهاب وسيلة لإقامة نظم بديلة.
  10. الأمة العربية مطالبة بالعمل من أجل نظام إقليمي جديد يتم عبره توظيف الإمكانات المالية المتاحة في برنامج تنموي مارشالي ضمن مشروع نهضوي عربي إسلامي يدفع بالتنمية البشرية ويؤهل الأمة لدورها التاريخي المستحق.

لتتحرك الدول العربية ذات القيادات الواعية بأهمية الاستجابة لهذا النداء. ونحن في منتدى الوسطية العالمي من واجبنا تبني هذه النصيحة، وتكليف جماعة حكماء بالمرافعة المنشودة من أجله.

سوف نعمل من أجل هذه المرافعة راجين من صناع القرار الاستجابة، ومن شعوبنا الحركة في هذا الاتجاه، ومن الله التوفيق فهو لا يُضيْعُ (أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا)[1].

[1] سورة الكهف الآية (30)