كلمة في الاحتفالية بالذكرى الماسية للسيد علي المهدي

بسم الله الرحمن الرحيم

الاحتفالية بالذكرى الماسية للسيد علي المهدي

دار الذكرى بيت المال- بيت الإمام المهدي

السبت 23 ديسمبر 2017م

 

كلمة الإمام الصادق المهدي

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصبحه ومن والاه.

أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي

 

السلام عليكم ورحمة الله،

 

ابدأ بالشكر الجزيل لمن فكر في إحياء ذكرى طيب الذكر السيد علي المهدي، صاحبة الفكرة لبنى جزاها الله خيراً، ومنفذة الفكرة أمينة المرأة في هيئة شؤون الأنصار العمة إنعام عبد الرحمن المهدي جزاءها الله خيراً، وجزى الله خيراً كل اللذين تعاونوا معها في إحياء هذه الذكرى وساهموا بالرأي، وساهموا بالفكر وساهموا بالوقت، جزاهم الله جميعاً خير الجزاء.

وهذه المناسبة ليست مناسبة ذكرى شخص فقط.

نبدأ: الطرق الصوفية عظيمة، وكان في دفاتر السمانية صالح متواضع بصورة لفتت نظر شيخه، الشيخ محمد شريف نور الدائم حتى قال:

كم صام كم صلى كم قام كم تلى             من الله ما زالت مدامعه تجري

وكم بوضوء الليل كبر للضحى               وكم ختم القرآن في ركعة الوتر

الشيخ محمد شريف نورالدائم وقعت مشكلة معه، لأن الشيخ محمد أحمد في تلك الظروف لاحظ أشياء فيها ممارسات لم يرضها، ولكن كما هو معلوم في أدب الحوار لدى الشيخ كما أوضح ذلك الشيخ العبيد ود بدر، أن الحوار ينبغي أن يكون مطيعاً حتى إذا رأى خطأً يحمله على الباطن، ولكن الشيخ محمد أحمد عندما رأى خطأً لم يحمله على الباطن، فوقعت المشكلة، وتأديباً له نزع الشيخ منه، مع كل هذه الصفات التي ذكرها، نزع منه هذه الخلافة أو الوكالة التي كانوا يمنحونها لمن تفوق ووصل لدرجة معينة من الطلاب. ولكن عندما حدث هذا ذهب الشيخ محمد أحمد للشيخ القرشي ود الزين.

الشيخ القرشي جاءه خطاب من الشيخ محمد شريف نور الدائم قال له: لا تمنحه. الشيخ القرشي ود الزين قال: محمد أحمد مؤهل ومن يمنع المؤهل ظالم. ولذلك انضم إليه.

هذه القصة مهمة جداً لأنها البذور في النهاية التي أدت إلى مولد السيد علي المهدي باعتبار أن الشيخ القرشي ود الزين بعد ذلك زوجه بنته.

هذه القصة تذكر في أعماق التاريخ هذه العلاقة الخالدة، وبمناسبة هذه الذكرى أود أن أكتب على شاهد المرحوم السيد علي المهدي رضى الله عنه سبع رآيات:

الراية الاولى: أنه كان ثمرة هذا التفاعل بين الشيخ محمد أحمد والشيخ القرشي ود الزين، لأنه صار نجلاً له من بنت الشيخ القرشي ود الزين. سيرة السيد علي المهدي تحي وتحفظ وتجسد هذا التراث في التاريخ.

النقطة الثانية: السيد علي المهدي كان مع كل هذا النسب وهذه المكانة يجسد صفة معروفة للسودانيين، ولكنها كانت فيه بارزة جداً: التواضع، كل من عرفه وتعامل معه رأى كيف أنه مع علو المكانة متواضع، بنفس القاعدة التي قال عنها أبوه الإمام المهدي عليه السلام: من تواضع لله رفعه. فالتواضع رفعه في عين الناس، وصار هذا التواضع وهذه الرفعة محبة، محبة له من جميع من عرفه. هذه النقطة الثانية.

النقطة الثالثة: المهدية بعد أن دمرت دولتها لم يعد هناك قادة، الخلفاء قتلوا، أولاد المهدي الكبار قتلوا، الأمراء قتلوا، الفكرة كانت ننهي هذه السيرة كلها. وأخوه عبد الرحمن عندما ضرب؛ ضرب وترك ليموت، باعتبار أنه ضُرب ضربة قاتلة، ولكن في النهاية عاش هو وأخوه. أهم ما في هذا الأمر: لم يكن لأحد منهم فرمان من المهدي ولا من خليفته ليكون عنده مكانة، المكانة التي حققاها نزعاها بيدهما، كانت بحسب كفاءتهما وقدرتهما، وليس لأنهما كانا عندهم مكانة ما، لم تكن عندهم مكانة ما، إلا من انتزعها هما بعملهما. ومع هذا الكلام كانت هنالك ظاهرة مهمة جدأ. علي لا شك بالقياس لأخيه عبد الرحمن يستطيع أن يدعي نسباً أكبر أو حسباً أكبر، باعتبار أن جده الشيخ القرشي ود الزين، ولكنه تقديراً للأداء والعمل جعل أخاه عبد الرحمن إمامه، واتبعه في كل شيء، وصار يعاونه في كل ما يقوم به، بدون حظ نفس وبدون رغبة في تنافس، وبدون إحساس بشيء ما في نفس الإنسان. الناس كلها نفسها تحدثها. على كل حال هذه من الأشياء المهمة، ويحمد له هذا الولاء الذي بادل به أخاه عبد الرحمن رضي الله عنهما.

الراية الرابعة: ما هي قصة كتابه؟ السيد علي المهدي رضى الله عنه كان من الناس الذين كانوا مهتمين بالفكر ومهتمين بالتاريخ، ولذلك كل من كان عنده صلة أو معرفة أو شارك في أي جهة في المهدية استدعاه، ونقل منه القصة، وكتب ليست أوراق هم يسمونها أوراق هي ليست أوراق هي كتاب؛ كتاب السيد علي المهدي عن المهدية. ما هي قصة هذا الكتاب؟ قصة هذا الكتاب كانت ببساطة شديدة الإمام عبد الرحمن رضى الله عنه استدعى ثلاثة أشخاص رحمهم الله جميعاً: زين العابدين حسين شريف، وعبد الرحيم الأمين، وبشير محمد سعيد. وقال لهم أنا أريد أن أمليكم مذكراتي، وفعلاً أملى ثلاثتهم مذكراته، كتبوها وجاءوا بها إليه، من هي الأيدي أو اليد الشيطانية التي ضيعت هذا النص؟ هذا النص ضيعوه واصبح ما معروف أين هو هذا الكتاب. الإمام رضي الله عنه استعداني وقال لي يا الصادق هذه أوراق كون منها ما يمكن أن تكون مذكراتي، مشيت إلى عبد الرحيم الأمين وسيد زين وبشير محمد سعيد، وجدت ما عندهم حاجة ما عندهم نصوص. قمت أنا جمعت كل ما جمعته وفي هذا التجميع كتبت “جهاد في سبيل الاستقلال”: مذكرات الإمام عبد الرحمن، ولكن عندما فعلت ذلك الإمام عبد الرحمن قال لي هناك تاريخ كتبه جدك السيد علي هذا هو نصه، هذا الكتاب أريدك أيضاً أن تنقحه. أنا اطلعت عليه ووجدت فيه معلومات كبيرة ولكن وجدت أنه مكتوب باللغة العامية، ولذلك استدعيت أحد اصدقائي السيد عبدالله محمد أحمد قلت له يا أخي أود أن نطبع هذا الكتاب لأن هذا الكتاب فيه شهادة من الذين شهدوا هذا التاريخ، لذلك أنا أرجوك تنقحه وتبوبه، ونطبعه، وفعلاً نقحه وطبعناه باسم “جهاد في سبيل الله” لذلك ينبغي لكل أنصاري أن يقرأ هذين الكتابين “جهاد في سبيل الله” وهو كتاب السيد علي المهدي، و”جهاد في سبيل الاستقلال” والذي هو مذكرات الإمام عبد الرحمن المهدي. لأن هذين الكتابين يمثلا مرجعيات لتاريخنا في هذه الحقبة. فهذه النقطة الرابعة قصة كتاب السيد علي المهدي. ولكن حتى لا يضيع النص ذهبت وسلمته للسيد محمد إبراهيم أبو سليم لكي يحفظ النص نفسه، ليس الذي عدلناه بواسطة الحبيب عبد الله محمد أحمد ولكن النص الأصلي، ولذلك النص الأصلي موجود في الوثائق دار الوثائق المركزية هذا المجهود الذي جمعه السيد علي المهدي من أفواه المجاهدين والمقاتلين والعلماء.

الراية الخامسة: السيد علي المهدي من الأشياء التي عاون بها أخاه عبد الرحمن رضي الله عنهما، هو أن صار إمام مسجد الهجرة، وطبعاً مسجد الهجرة هذا في ذلك الوقت كان هو المنبر الأنصاري الوحيد، ولذلك هو صار إمام هذا المنبر، وكذلك كان ينوب عنه في صلوات الأعياد وصلوات الجمعة.. الخ. المهم أنه تولى هذا الجانب بصورة ذات كفاءة عالية وخطبه هذه موجودة وممكن هي ذاتها تطبع واللجنة المعنية هذه أرجو أنها تواصل مجهودها في أنها تجمع هذا التراث وتطبعه، لأنه الآن الناس أصبحوا علماء ومفكرين وخريجين عايزين مادة يقرأونها فينبغي أن توفر لهم هذه المادة.

الراية السادسة: أنه بصفته حفيد الشيخ القرشي ود الزين صار ذا علاقة قوية بأهل الجزيرة، لأنه في ذلك الوقت كان الناس يتحاشون العلاقة مع آل المهدي ويخافون منهم، فكل هذه القنوات أمكن إحياؤها بالنسبة للعلاقة بالجزيرة وهي مركز مهم جداً، وكانت صلة السيد علي المهدي بهذه المنطقة واحدة من الأشياء الكثيرة التي أحيت العلاقة، صحيح الأنصار كثير منهم أبقوا ولاءهم ولكن كان هناك حذر شديد لدرجة أنهم كانوا لا يستطيعون أن يقرأوا الراتب، ويضعوا القدح وسط حلقة الراتب حتى إذا جاء أحد ورآهم يفتكر أنهم يأكلون وليس يقرأون  الراتب وهكذا. كون الانجليز لجنة برئاسة الشيخ المراغي، والشيخ المراغي هذا كان قاضي القضاة في السودان وهو مصري وقالوا له اقرأ هذا الكلام، طبعاً هم افتكروا الراتب هذا فيه أنا المهدي وأريد كذا والجهاد والقتال و… الشيخ المراغي وكتب تقرير هذا مجموعة آيات ودعوات ليست فيها أي كلام عن تحريض أو أية حاجة، اللهم إلا (وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[1] وهذه طبعاً قرآن ولكن غير ذلك كل الكلام ما فيه أي كلام. المهدي نفسه لم يكن ظاهر كصاحب دعوة ولا صاحب كلام..، إني حقير، وكل الكلام: كَما لَطَفْتَ في عَظَمَتِكَ دونَ اللُّطَفاءِ، وَعَلَوْتَ بِعَظَمَتِكَ على العُظَماءِ، وَعَلِمْتَ ما تَحْتَ أَرْضِكَ كَعِلْمِكَ بِما فَوْقَ عَرْشِكَ، فَكانَتْ وَسَاوِسُ الصُّدُورِ كالعَلانِيَةِ عِنْدَكَ، وَعَلانِيَةُ القَوْلِ كَالسِّرِّ في عِلْمِكَ .. الخ” وكله كلام عن أني أنا حقير وضعيف ومحتاج لك يا رب العالمين، فهذا هو الأساس الذي فيه أنه الراتب وجد أن ليس فيه شيء فالشيخ المراغي كتب قال: الراتب هذا لو عايزين تمنعوه تمنعوا القرآن، لأنه لا توجد فيه حاجة غير قرآنية. ولذلك أجازوه لكي يقرأ وبعدين أجازوه لكي يطبع وطبعاً طبع فيما بعد.

المهم العلاقة بالجزيرة الزرقاء كانت من أهم الروابط التي مرت عن طريق السيد علي المهدي رضى الله عنه، عن طريق أنه ابن بنت الشيخ القرشي ود الزين وله صلة ولائية كبيرة في الجزيرة.

الراية السابعة والأخيرة التي أود أن اقولها: أن الإمام عبد الرحمن رأى وقرر هو وأخوه أن يمتزجا امتزاجاً دائماً بدمائهما ما أدى إلى المصاهرة التي نتيجتها أن تزوج الصديق صفية، فالصديق صفية هذه تجسيد دم ورحم وعلاقة مستمرة بين عبد الرحمن وعلي باعتبار أن الذرية تمثل الولاء والتجسيد لهذين الرجلين، تتوالد وتتوارث جيلاً بعد جيل.

أسال الله سبحانه وتعالى أن يحفظ هذه الذرية وأن يجعلها تجسيداً لهذه العلاقة الفاضلة بين هذين الرجلين اللذين كان لهما فضل كبير في إحياء الدعوة، لأن الدعوة بعد الكسرة كأنها انتهت فكانت محتاجة لمن يحييها من جديد، وكان إحياؤها بطريقة مختلفة. لماذا؟ كثير من الناس بعد المهدية فكروا أن يأتوا بالمهدية بنفس الطريقة الأولى حتى أن عكير قال للإمام عبد الرحمن:

القفطان أمرقـــو لباسو فيك ما بخيل

تخيل فيك الدروع وركوب عواتي الخيل

هم كانوا يفتكرون أن هذه هي الطريقة المثلى، لكن مثلما ما بين حسن أحمد إبراهيم وقد كتب كتاباً مهماً جداً عن المهدية التانية ضروري الاطلاع عليه، وفي هذا الكتاب أوضح كيف أن السيد عبد الرحمن حقيقة دارى الإنجليز لكي يقدر يحقق أهدافه الدينية والوطنية، ولذلك قال أنا اسميه أهم سوداني في القرن العشرين. لماذا؟ لانه استطاع أن يتعامل مع هذا الواقع ويستفيد منه لتثبيت دعوته الدينية ودعوته السياسية.

المهم في هذا الكلام طبعاً أسلوبه مختلف وبدون شك:

وَضْعُ النّدى في موْضعِ السّيفِ بالعلى      مضرٌّ كوضْع السيفِ في موضع النّدى

يعني الإنسان يشوف كيف يستخدم هذا وهذا لذلك قال له عبدالله محمد عمر البنا:

أبوك غزا بالسيف فانقاد من طغى     وسيفك للأعداء رأي مسدد

سلاحان ماضٍ في الرقاب وقاطع       وآخر للأهواء غــــازٌ مبدد

هذا الكلام كله يوضح الفلسفة التي انطلق منها الإمام عبد الرحمن المهدي رضى الله عنه في إحياء هذه الدعوة بأسلوب مختلف، وطبعاً أنتم الآن ترون الأنصار يلبسون الجبة؛ الجبة هذه تلخص حقيقة فلسفة المهدية، فالمهدية قائمة على أمرين أساسيين: الجهاد: قتال، والزهد، فالجبة تلخص الزهد لأنك تلبسها بالجهتين فتعيش عمرين لأن الجبة أصلاً تبلى من محل ما تجلس فلما تلبسها بالجهتين تعيش بها عمرين، فهذا يعني الزهد هذه فلسفة المهدية في الجبة. وأما الجهاد فأنك “تدرعها” طوالي حينما تضرب أمباية، لا تبحث عن قلبتها من عدلتها لذلك صارت هي هكذا.

الإمام عبد الرحمن كان عليه أن يعمل إعادة هيكلة. قال الجهاد لا يجب أن يكون بطريقة واحدة، الجهاد بالمال وبالفكر وبالرأي. وهذه طبعاً حقيقة دينية معروفة فالمدينة كما قالت السيدة عائشة رضى الله عنها: “فُتِحَتِ الْمَدِينَةُ بِالْقُرْآنِ”[2]. وقد سميت مجهود الإمام عبد الرحمن هذا الجهاد المدني، سميته الجهاد المدني لأنه فيه هذا المعنى أي الجهاد بالوسائل المدنية.

وأما الزهد طبعاً ناس كثيرين قالوا نحن عندما نأتي في الراتب إلى الدعاء (ولا تجعل في قلوبنا ركوناً لشئ من الدنيا يا أرحم الراحمين) ناس قالوا لأنهم عايزين المال ينطوها خايفين من أن ربنا يستجيب لها وبعدين ما يعطيهم حاجة. فالإمام عبد الرحمن بين هذه الفكرة وقال   (لاتجعل في قلبنا ركوناً) يعني قلبنا لا يصير محبوسا في الدنيا، لكن لا يمنع أن تكون في يدي لكي أعمل بها.

قال الشيخ بابكر بدري رحمه الله وكما تعرفون أهلنا الرباطاب هؤلاء جريئين جداً ويقولون كل ما يريدون. وقد تخصصت مجموعات الكوميديا مثل تيراب الكوميديا في تبيين أن هؤلاء الرباطاب عندهم بديهة حاضرة، وسأقول نكتة هنا من نكتهم لكي أوضح أن لديهم جرأة: فواحد ماشي شاف واحدة جميلة رباطابية وهو راكب حمار وماشي، قال لها الله أول مرة أشوف رباطابية جميلة، قالت له: أنا أول مرة أشوف حمار دورين. أي الراكب والمركوب. الشيخ بابكر بدري قال للإمام عبد الرحمن يا سيدي أنت ورثت همة المهدي لكن هو وجهها للدين وأنت وجهتها للدنيا. قال له: يقول هذا الكلام غيرك يا شيخ بابكر أنا لم أوجهها للدنيا أنا وجهتها للدين فقط بأسلوب آخر، والمال الذي جمعته حقيقة أصرفه وصرفته في القضية الدينية والوطنية، وهذا الذي كان.

الإمام عبد الرحمن يوم مات ويوم انتقل لو حسبوا أصوله وديونه وفضوا شراكة الدائرة لا يبقى ولا تعريفة: الأصول 5 مليون والدين 5 مليون. طبعاً إن لله في خلقه شئون جاءوا ناس نميري عشان يعملوا عملية مسيئة لنا قاموا وضعوا عليها الحراسة كأنهم أمموها، هذا كان أيام حوادث الجزيرة أبا. 10 سنين بعد ذلك جاءت المصالحة، عندما جاءت المصالحة نميري رحمه الله في كلامه معي جاء إلي بـ”دوسيه” قال لي خذ هذه هي الدائرة أنا رجعتها. قلت له أنا لن أستلم شيئاً فلست وكيل الورثة، ولو أردت إرجاعها لا مانع لكن أولاً: ترجعها كما ترجع لكل الناس الذين صودرت أملاكهم: ناس عثمان صالح وكونت مخلس، تتخذ قراراً بذلك، فلا تكون رشوة لنا نحن بل تصير قرارا مبدئيا. وافق. ثانياً: حتى لا تكون هذه المسألة بيني وبينك تعين لجنة برئاسة المراجع العام وعضوية واحد من بنك السودان وواحد من المالية وواحد من النائب العام، هذه اللجنة ترصد الورثة والوارثين وتخصم الدين وترجع لهم الباقي. قال لي أنا موافق. وطلبت أن تقيم الأصول بقيمتها سنة 80 وليس بسنة 70 ولما قيمت بسنة 80 فإن الأصول التي كان قدرها 5 مليون أصبحت 50 مليون، قال كذلك الدين يحسب بفوائده، وقلت لا مانع، فأصبحت الديون 18 مليون، حينما تخصم من 50 مليون يتبقى فرق صار للورثة. يعني لو كان فكروا بطريقة تفيدهم كانوا فقط يقولوا الدائرة هذه نحن صفيناها، وحينما يصفوها الدين والأصول تصبح واحدة. لكن نواياهم كانت سيئة مسكوها 10سنين لما جاءوا يفكوها قيمتها زادت لذلك صارت هناك ورثة.

بعد ذلك قلت له يا أخي أنا أقدر لك ذلك وأريد أمرين: في الحقيقة هذا الكيان قام بروح الإمام عبد الرحمن كيان اجتماعي وليس فقط  مالي، والجزيرة أبا مسجلة باسمنا كورثة لكن أرجو أن تسجل باسم الأنصار وأهلها. ثانياً: بيت المهدي مسجل باسم الإمام عبد الرحمن يسجل وقف للأنصار. ووافق، وكتب تعليمات لحسين عبد الرحيم  بهذين المعنيين.

لماذا أقول هذا الكلام؟ لأقول (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)[3]. هذا المعنى جعلهم بالنوايا السيئة يمسكوها 10 سنين فزادت قيمتها وصارت لمنفعة الورثة لو كانوا فكوها أو صفوها في سنة 70 ما كان تبقى شيء.

المعنى الأخير الذي أود قوله أنه بالنسبة لنا الآن بدون شك  ليس السيد علي المهدي فقط، كثير جداً من قادتنا الخلفاء والأمراء وغيرهم سيرتهم مجهولة، لذلك أرجو لهذه اللجنة أن تواصل عملها لكي تعمل توثيق لكل هؤلاء الذين قدموا ما قدموا، وأشكرهم على عملهم وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقهم، وأن يمكننا جميعاً أن ندعم هذا العمل.

 

والسلام عليكم ورحمة الله.

 

[1] سورة البقرة الآية (250)

[2]  معجم أبي يعلى الموصلي

[3] سورة يونس الاية (62).