الإمام الصادق المهدى في حوار مع (التغيير) 2-2

الإمام الصادق المهدي

14 يوليو 2013

الحبيب الامام الصادق المهدى في حوار مع (التغيير) حول الخط السياسى لحزب الامة والموقف من اسقاط النظام 2-2

حاوره : علاء الدين بشير – تصوير صالح عمار

 لا يوجد اتفاق سرى بينى وبين الرئيس البشير للاطاحة بالاسلاميين فى النظام

 النظام اشترط تحالفنا السياسى معه حتى يعطينا ممتلكاتنا

 حركات الهامش المسلحة اما تحالفت مع حزب الامة او انضمت اليه مستقبلا

 السودان الجديد رد فعل للتصور الضيق للعروبة والاسلام عند النظام الحاكم

 هذا ردى وتلك شهادات الاخرين عنى حول مقولة محمود محمد طه بعدم طلوعى “قوزاً اخضر”

منذ عودته من المعارضة الخارجية فى “تهتدون” ظلت مواقف الصادق المهدى وحزب الامة والخط السياسى الذى يتبناه محل استفهام ونقد من تيار واسع فى المعارضة وامتدت هذه الانتقادات الى داخل حزبه واسفرت عن خروج قيادات بارزة وتجميد اخرين لنشاطهم فيه بينما تقلبت اراء النظام الحاكم ازاء مواقف الرجل وحزبه ما بين الاستحسان والسخرية.

خطاب الامام الصادق امام الحشد الجماهيرى الذى نظمته هيئة شؤون الانصار بميدان الخليفة بأم درمان اعاد مواقف حزب الامة والصادق المهدى لصدارة الاحداث فى المشهد السياسى و انقسم الناس فى تقييمه ما بين مستحسنين له واخرين عائبين له يرون انه استمرار لخط المهدى ومواقفه غير الواضحة ازاء مطلب اسقاط النظام الذى ارتفع فى الفترة الاخيرة .

“التغيير” جلست الى الامام الصادق المهدى وواجهته بالاراء الناقدة لمواقفه وخط حزبه السياسى وخرجت منه بالافادات التالية التى نشرنا جزءها الاول وهذا هو الثانى منها .

*هناك تقرير داخلى لحزب المؤتمر الوطنى يقول ان حزب الامة يخشى من حدوث تغيير راديكالى فى البلاد يغير فى طبيعة البنية السياسية القائمة لانه سينهى النفوذ التأريخى لحزب الامة .. ما مدى صحة هذ المعلومات ؟

– علي الحزب الحاكم ان يدعى ما يشاء فكل ما فعله النظام فى البلاد منذ ان جاء الى الحكم كان يستهدف تكسير حزب الامة ومن اجل ذلك فرتق النسيج الاجتماعى فى دارفور وكردفان وهذا لانه يعتبر ان حزب الامة هو القوى السياسية الوحيدة المتماسكة بينما الاخرون جميعهم يعانون من التمزق .

فيما يتعلق بالراديكالية فانا اتحدى اى شخص او جهة تدعى انها اكثر راديكالية من حزب الامة فهو الحزب الوحيد الذى يعقد مؤتمراته بإنتظام وكل قياداته منتخبة وكل قراراته متخذة من الاجهزة واعتقد انه لا يوجد فى الساحة السياسية الان حزب شبيه به وكل قراراتنا مدروسة ووثائقنا موجودة . وقد شهدت بذلك جماعة (ايديا) التى وجدتنا اكثر حزب منظم ويتخذ المنهج العلمى فى بحث قضايا البلاد حيث نعقد ورشاً ومؤتمرات حزبية وعلمية ومؤتمرات صحفية .. هذه هى الراديكالية الحقيقية وليس ذر الشطة فى العيون واعتبارها راديكالية .. الراديكالية تعنى التأثير على الواقع السياسى وهو ما يفعله حزب الامة . كل التكوينات القبلية او الدينية فى السودان تقوم على اساس تقليدى بينما استطعنا فى هيئة شؤون الانصار اقامة نظامنا على اسس حديثة تقوم على المشاركة والانتخاب والهيئة الان تعد فى موقع امامى جدا قياسا بغيرها فى السودان .. هذه هى الراديكالية .

ايضا حزب الامة وحده الان القادر على ان يقول رأيه فى كل القضايا الداخلية والخارجية والاقليمية ويشكل حضوراً على الساحة الدولية والعربية والافريقية والاسلامية بينما القوى السياسية الاخرى محصورة ما بين ودنوباوى والكلاكلة !! .

حزب الامة وحده الذى اعلن منذ وقت مبكر ان صيغة اتفاقية السلام لن تجدى فى السودان وقلنا انها لن تأتى بسلام ولا وحدة ولا تحول ديمقراطى وقد كان تقييمنا ذلك قراءة مستقبلية على ضوء بنود الاتفاقية ونشرناه باكرا فى يوليو 2005 .. هذه هى الراديكالية الحقيقية .

حزب الامة وحده من دعا الى محكمة هجين حتى توفق ما بين مطلبى الاستقرار و العدالة بالنسبة لازمة المحكمة الجنائية الدولية .

*حركات الهامش التى نهضت الان وصار لها صوت قوى قامت فى مناطق النفوذ التأريخى لحزب الامة وتطالب مع غيرها الان بدولة مدنية ما يعزز فعلا تحليل المؤتمر الوطنى من انكم تخشون ان يمضى التغيير فى ذلك الاتجاه ؟

– حركات الهامش كلها فى تقديرنا انها اما ان تتحالف مستقبلا مع حزب الامة او ستنضم اليه لانها ليس لديها برنامج الاّ عبرنا وهى عمليا تمضى فى هذا الاتجاه .

*هى عمليا تركت حزب الامة ونهضت بقضيتها لانها قدرت ان الحزب تقاعس عن تمثيلها فى المطالبة بحقوقها التى تطالب بها فكيف تعود اليه مرة اخرى ؟

– حينما قامت حركات الاحتجاج فى الهامش كان حزب الامة مضروباً ومحلولاً ومطارداً وقياداته خارج البلاد، لكن حينما كان حزب الامة فى السلطة كان كل ابناء الاقاليم يحكمون اقاليمهم كما كانت الحكومة تمثل كل الوان الطيف الجهوى والاثنى والسياسى لدرجة ان احد رسامى الكاريكاتير حينما سمع اسماء وزراء الحكومة وبينهم ابكر وادم وسرنوب علق قائلا : (دى حكومة ولا سكن عشوائى؟) فى اشارة الى ان التمثيل فى الحكومة تجاوز ما اصطلح الناس على تسميته بمثلث حمدى . ايضا كان برنامجنا التنموى مركزا لمخاطبة تلك الجهات .وحينما قام هذا الانقلاب كنا قد شرعنا عمليا فى وضع الاسس لمعالجة مشكلة الجنوب حيث كان مقررا ان يعقد الاجتماع فى سبتمبر 1989 ولم يكن الحل يتضمن تدخلا دوليا ولا تقرير مصير .

منذ ان قامت حركات الهامش نحن نؤمن بان لها قضية ولكننا نختلف معها فى الوسيلة التى تريد ان تأخذ بها حقها ذلك وقد ابرمنا فى هذا الاطار اتفاقيات تفاهم مع حركتى العدل والمساواة وتحرير السودان .

*حركات الهامش هذه صاغت مطالبها ضمن رؤية السودان الجديد بينما كنت انت من اكبر المعترضين على هذا المشروع ؟

– ابدا .. نحن نعتقد اننا قداميون فى الدعوة الى السودان الجديد

*انا اجريت معك مقابلة قبل سنوات لصحيفة (الصحافة) قلت فيها بالنص ان مشروع السودان الجديد دعوة لسودان معلمن ومؤفرق اثنيا وبالتالى فانت ضده ؟

– وما زلت ضده لانه يتسبب فى انقسام السودانيين وهو ضد توجه السودان الاسلامى العربى ونحن نرى ان يمزج السودان ما بين التوجهين العروبى والافريقانى واسميناه سودانا عريضا جديدا . اما اى حديث عن سودان جديد مبنى على علمانية تطرد الدين وافريقانية تطرد العرب فى رأيى انها ستأتى بحرب اهلية ولذك فنحن ضد هذه الدعوة .

*لم يرتفع اى صوت داعى للسودان الجديد بطرد العرب او الدين الاسلامى وانما هى دعوات لبناء دولة تحتفظ بمسافة متساوية بين الاديان والاعراق وما تقوله هو الخط التهييجى الذى يتبناه النظام الحاكم ؟

– لا يا ابنى .. الناس ديل انحنا شغالين معاهم وبنعرفهم كويس والسودان الجديد الذى يدعون له هو سودان ينفى العروبة والاسلام وقد اسميناه السودان النقيض وليس الجديد .

*اين ورد الحديث عن نفى العروبة والاسلام عن السودان فى اى وثيقة و اى خطاب ؟

– فى وثائق الحركة الشعبية وفى وثيقة الفجر الجديد الاخيرة .

* لااعتقد ان وثيقة الفجر الجديد تضمنت ابعاد العروبة والاسلام من السودان ؟

– لا فيها العلمانية وتقرير المصير للمناطق المهمشة .. نحن رفضناها لانها ستقود لانقسام فى السودان .وقلنا اننا مع رؤية توفق بين تطلعات المؤمنين وحقوق الاخرين ودعونا الى دولة مدنية واكدنا ضرورة الاّ يكون للسودان التزام اثنى وثقافى واحد ولا بد له من احتمال التنوع ولم نتوقف عن الدعوة والتعريف بالسودان العريض الذى ندعو له ويتضمن هذه المعانى .

*التنازع حول هوية السودان الثقافية او الدعوة الى هويتين للدولة السودانية اورثنا هذا الارتباك وهو ما يفعله المؤتمر الوطنى .. الا ترى ان حسم مسألة هوية الدولة السودانية هو امر ضرورى حتى تستقر البلاد ؟

– يا ابنى ارجو منكم دائما الاطلاع على الوثائق التى نكتبها قبل اتهامنا .. انا كتبت عشرين كتابا حول هذا الموضوع واذا لم يقرأها الناس لا يمكن ان يعرفوا الى ماذا ندعو نحن .

حزب الامة اول من قال بان قضية السودان ليست امنية وانما هى ازمة سياسية وثقافية واقتصادية منذ عام 1964 . نحن والمؤتمر الوطنى على طرفى نقيض فى فهمنا لجذور الازمة السودانية وللسودان ، هم يريدون سودانا عبروا عنه حينما دعوا الى المؤتمر الشعبى العربى الاسلامى ونحن لدينا اختلاف معهم فى فهمهم للاسلام وللعروبة .

*ماهو خلافك معهم فى ذلك وقد اعلنت فى وقت سابق انك متفق معهم حول قطعيات الشريعة الاسلامية ؟

– يا ابنى الاتفاق حول قطعيات الشريعة هو القاعدة بين جميع المسلمين ، مثلا انت اسمك منو ؟

*علاء الدين

-طيب علاء الدين ده ما اسم اسلامى ؟ وما قصدته بقطعيات الشريعة هو مشتق من هذا وهو انك تولد على الاسلام وامك تزوجت بالاسلام .. كل من يؤمن بالاركان الخمسة وينطق الشهادة ويؤمن بالمعاد هو مع الشريعة وليس ما يدعو له المؤتمر الوطنى من تسييس للدين .

خلافنا معهم حول الاضافات السياسية التى جلبت الشقاق الى المجتمع السودانى . ونحن نحملهم المسؤولية بانهم بتصورهم الضيق للعروبة والاسلام خلقوا ردود الفعل التى اتت بتقرير المصير .

*اذا انت تعترف الان بأن الدعوة الى السودان الجديد جاءت كرد فعل على التصور الاسلامى العروبى الضيق للسودان .. الم يكن من العدل ان يكون رد فعلك انت تجاه الفاعل اقوى من من رد الفعل المتمثل فى الدعوة الى السودان الجديد ؟

– (يجيب بضيق) : نحن حددنا موقفنا اننا لا نريد كلا السودانيين ، البغيض الذى يتبناه النظام الحاكم والنقيض الذى تدعو له الحركة الشعبية ودعونا الى رحابة السودان العريض .وقلنا ان غسل الدم ليس بالدم وانما بالماء .

*كانت واحدة من اوجه اعتراضك على اتفاقية نيفاشا انها تركت شمال السودان رهنا لاجتهادات فكرية لجماعة محدودة بينما لم نلحظ منك او من حزب الامة اى مساهمة فكرية ذات عمق لاحداث تمييز حقيقى بين رؤيتكم الفكرية الاسلامية ورؤية حزب المؤتمر الوطنى ذات المنطلقات الاسلامية ؟

– اقول شنو غير ان الناس لا تقرأ ما كتبناه فى التمييز بين رؤيتنا ذات المرجعية الاسلامية عن رؤية النظام الحاكم .. يمكن ان احصى لك عشرة كتب تحدثت فيها عن ذلك .. طرحنا الاسلامى مختلف تماما عن طرح ورؤى المؤتمر الوطنى والاسلاميين ، فى كتابنا معالم الفجر الجديد بينت اختلافى مع تصورات الاسلاميين للحكم والدولة . مشكلتنا ان الناس لا يعرفون ماذا نريد من خلال ما كتبنا .. لقد حددنا بدقة ماذا نريد فى الاسلام والعروبة وطريقتهما ومستقبلهما ورؤيتنا للديمقراطية .

*هناك ايضا اتهام يشير الى انك لديك اتفاق خفى مع طرف فى النظام وتحديدا مع الرئيس البشير بإعتباره على رأس القوات المسلحة من اجل ازاحة الاسلاميين الذين يشاركونه الحكم واستبدالهم بحزب الامة وبعض القوى الاخرى فى خطوة لتحول النظام سلميا كما تدعو انت .. ماهو ردك على ذلك ؟

– (يرد بحسم) : كضبا كاضب كضبا كاضب كضبا كاضب .. ده كان خط مبارك الفاضل حينما خرج من حزب الامة وقد اخبرنا بذلك الرئيس البشير نفسه وذكر لنا ان مبارك قال له انه معه الشعب وانت معك الجيش وقرنق معه الجنوب ويمكننا الاتفاق على حكم السودان بشرط ان تخرج حلفاءك الاسلاميين من الحكم وكان يقصد بهم ناس على عثمان محمد طه . قال لنا البشير انه رد عليه متسائلا : من تقصد بحلفائى فى الحكم ؟ فقال له مبارك : ناس على عثمان محمد طه .فرد عليه البشير قائلا : ناس على عثمان ليسوا حلفائى وانما هم انا ذاتى ولكن حلفائى انت والدقير ..الاتجاه هذا هو الذى جعل مبارك الفاضل يدخل فى مؤامرات مثل هذه وانتهت بطرده من الحكومة .

نحن لا ندخل فى اتفاقات من هذا النوع ولن ندخل فى اى اتفاق مع اى جهة فى السودان ما لم يكن اتفاقنا معها سيؤدى الى سلام عادل شامل و تحول ديمقراطى كامل .

*اليس لديك نفس تحليل مبارك الفاضل حول تمثيل البشير للجيش ؟

– مبارك ذهب فى هذا الاتجاه من منطلقات ذاتية وانا لا اريد ان ادخل فى جدل حول الجهة التى يمثلها البشير ولكنى اقول بإختصار بان البشير ومن معه حاكمون ونحن معارضون واذا ارادوا ان يلتقوا معنا يمكنهم ذلك عبر برنامج السودان العريض الذى ندعو اليه .

*ماهو تقييمك لمواقف حزب الامة منذ قرار العودة الى الداخل عام 1999 فى تهتدون وما افضت اليه، كثيرون يرون ان تلك المواقف التى تبناها اضعفته واخرجته من دائرة التأثير السياسى ؟

– ده كلام فارغ .. انا اعتقد انه حزب الامة الان هو الحزب صاحب الاثر الداخلى و الدولى الاول فى السودان لانه الحزب الوحيد الذى لديه مؤسسية كاملة وهو ايضا الحزب الوحيد الذى سترسم اجتهاداته مستقبل السودان .

*قلت حينما عدت الى الداخل فى “تهتدون” جئت لتصطاد ارنبا فأصطدت فيلا بينما يرى معارضوك انك فى حقيقة الامر لم تصطد لا ارنب ولا فيل ؟

– ما قصدته بالفيل وقتها اننا عدنا الى السودان دون ان نضطر الى تغيير افكارنا وقناعاتنا لاننا كنا نريد ان نشتغل من داخل السودان بعد ان وجدنا ان العمل من خارج السودان يجعلنا رهنا بأجندة جهات خارجية .

*لكن فى مقابل تلك العودة صرتم تعتمدون على النظام الحاكم ؟

– ابدا لم نعتمد على النظام بل بالعكس النظام لم يجد فرصة ليسبب لنا فيها الاذى لم يغتنمها لفعل ذلك .

*النظام يعطيكم اموالاً ؟

– بالعكس نحن لا زلنا طالبينوا

*على كرتى قال قبل اكثر من عامين فى واشنطن انكم تجلسون مع الحكومة وتأخذون اموالها وتذهبون لتشتموها ؟

– ده رأى كرتى .. لكن حزب الامة لايزال طالب الحكومة ولدينا ممتلكات كثيرة من عربات ودور حزبية مصادرة لم تسلمنا لها الحكومة وقد قال لنا المسؤولون فى النظام انهم لا يمكن ان يعطونا عربات بهذا الحجم دون أن نتوصل الى اتفاق سياسى معهم .

*هناك استدعاء مكثف الان لمقولة قالها الاستاذ محمود محمد طه عنك انت والترابى سابقا بأنكما “ما بتطلعوا قوزا اخضر” بسبب ما يراه الناس من فشل لك فى قيادة الجماهير نحو ما تتطلع اليه وخذلانك لها دائما ؟

– كنت من اكثر السياسيين الذين اتصلوا بالاستاذ محمود واهتموا بأفكاره وقد اتخذ موقفا عدائيا من البداية ضدنا مع اننى امثل خطاً تنويرياً داخل كيان الاسلام وهو بدلا من ان يستقبل خطنا ذلك بصورة رحبة للاسف ذهب طوال فترة مساندته لنميرى فى تحريضه ضدنا ، وكان كل شهر يصدر عبر تلاميذه كتيباً فيه تحريض لنميرى ضدنا . التقيت به هو وتلاميذه داخل السجن وقلت لهم انتم تزعمون انكم تدعون الى حقوق الانسان فهل تتجزأ حقوق الانسان ؟ .. كيف تقفون مساندين لحاكم طاغية وتحرضوه على مواطنين ثم تدعون انكم دعاة حقوق انسان ؟ .. كان ردهم لانهم ضد الطائفية . قلت لهم ومن قال اننا نريد قوة للطائفية نحن نريد قوة للديمقراطية ولم نطلب من الناس انتخابنا بناءً على الولاء الطائفى وانما قلنا لهم انتخبونا من اجل ترسيخ قيم الديمقراطية فى البلاد . على اية حال هب اننا طائفيون فهل هذا مبرر لتحريض الطاغية ضدنا ؟ .. هذا يجعل هناك تناقض ما بين دعوتكم لحقوق الانسان وتحريضكم لطاغية ضد مواطنين .

* الجمهوريون قالوا ان مواجهتهم لك كانت فكرية ولم تكن تحريضا لمايو ضدك ؟

– لا يا ابنى الكتب موجودة وكانت كلها تحريض لنميرى ضدى .. هل كان نميرى بتاع فكر ؟!

كانوا يحرضوهوا على البطش بنا .. نميرى طاغية كان ماسك سكين حمراء لينا .

*حزب الامة وكيان الانصار بدأوا العنف فى وقت من الاوقات بمعاونة الاخوان المسلمين ولذلك جاء رد نميرى عنيفا معهم ؟

– حزب الامة لم يكن موجودا اصلا فى ذلك الوقت لانه تم حله والجمهوريون كانوا يكتبون كتيبات تحرض ضدنا .. انا واجهتهم بذلك داخل السجن فقد كانوا معتقلين ايضا فيه وكنت اقول لهم من اعان ظالما على ظلمه سلطه الله عليه .

وسأقول لك كيف اننا كانت لدينا ايادى خضراء عليهم ولكنهم لا يذكرونها . فبينما كنا داخل السجن ارسل الينا عمر محمد الطيب يطلب مقابلتنا فى مكتبه وقد كنا معارضين لقوانين سبتمبر اكثر من محمود محمد طه وتلاميذه . ذهبت الى مكتب عمر محمد الطيب فاخبرنا بانه تم اطلاق سراحنا فقلت لهم اريد العودة الى السجن لاخذ بعض اغراضى التى تركتها فيه وفى حقيقة الامر لم يكن لدى اى غرض ولكننى كنت اريد ان اذهب واقابل الجمهوريين واخبرهم بما يحاك . بالفعل ذهبت وقلت لهم جاء امر بإطلاق سراحنا و سياتى امر بإطلاق سراحكم ايضا وانى ارى ان وراء ذلك مكيدة من مايو حيث قرر نميرى ان يواجهنا بإجراءات جنائية بعد ان افهمه رجال الدين الملتفين حوله بأن هؤلاء بغاة خرجوا من الاسلام وينبغى مواجهتهم بإجراءات جنائية وقد رتب نميرى نفسه لذلك بتشكيل المحكمة الجنائية فى ام درمان حيث اختار بنفسه القضاة . قلت للجمهوريين : مرقتنا دى شرك ومن فضلكم اقرأوا هذه المسألة جيدا حتى لا تقعوا فى الشرك ونحن لن نقع فيه بعد خروجنا ولكنى اخشى عليكم من ان تقعوا فيه .

فكان ردهم لى : نحن تقديرنا ان نميرى قرر تغيير الخط الذى يمضى فيه ويريد اخراجنا من السجن حتى نواجه دعاة تطبيق قوانين سبتمبر .. كان هذا فهمهم .

اول ما فعله محمود محمد طه و الجمهوريون بعد خروجهم من السجن كان اصدار البيان الذى تمت بموجبه محاكمته واعدامه . نحن نصحناه من شرك نميرى هذا ولم يسمع نصيحتنا .

*الاستاذ محمود لم يكن يتبنى المنهج التكتيكى فى مواجهته لمايو .. كان مفكرا ومبدئيا فى معارضته لانحراف مايو نحو الهوس الدينى وما اعتبره تشويها للدين بتبنى قوانين سبتمبر المنسوبة الى الاسلام ؟

– لم يكن موقفنا نحن ايضا تكتيكيا .. كما انهم اخبرونى بان تقديرهم هو ان نميرى يريد اخراجهم من السجن حتى يدافعوا عن خطه ضد الاخوان المسلمين ورجال الدين ولم يكونوا يفهمون مرامى نميرى الحقيقية وراء اخراجهم من السجن .

*ماذا عن مقولة الاستاذ محمود حول عدم طلوعك “قوزا اخضر” بعد تجربتك الطويلة هذه ؟

– على اية حال حسن الترابى قادر على ان يرد بالانابة عن نفسه اما بخصوصى انا فقد كتبت ميثاق ثورة اكتوبر وجمعت الناس لمخاطبة المجلس الاعلى للقوات المسلحة فى ذلك الوقت وقد شهد بذلك الراحل احمد سليمان المحامى انه لولا فلان لما كنا اتفقنا . ايضا انا من كتبت ميثاق انتفاضة ابريل 1985 ويمكنك سؤال امين مكى مدنى عن ذلك . وانا الان بفتكر انى طرحت فكرة جديدة وناجعة حول علاقة الشمال والجنوب وطرحت الفكرة الفيها نجاة السودان من التمزق والحروب الاهلية . محمود محمد طه وغيره من حقهم ان يروا ما يشاؤون ولكن هذه اشياء موثقة .

و يمكن لحصيلة كل ذلك اختارتنى المؤسسة الكبرى فى الهند ضمن اميز 100 عالم عامل فى السياسة فى العالم فى القرن العشرين وايضا جعلت جائزة (روسى) وهى بمثابة جائزة نوبل الاسيوية تختارنى لدعوتى للسلام وحقوق الانسان لعام 2013 . كذلك ايضا هذا ما جعل جماعات اسلامية تختارنى لرئاسة منتدى الوسطية العالمى فى الاسلام وايضا هذا اهلنى لاكون الممثل الوحيد فى منطقتنا هذه فى نادى مدريد الذى يجمع القادة الذين وصلوا الى الحكم فى العالم عبر الانتخابات .. هذه شهادات لاتحتاج الى شهادة محمود محمد طه ليؤكدها او ينفيها كما انكم مخيرون فى ان تقبلوها او ترفضوها ولكنها امر واقع .

حينما انتهيت من رئاسة الوزراء عام 67 كتبت صحيفتا الرأى العام وآخر لحظة وكانتا مستقلتين ولا تقربان لحزب الامة (انجح رئيس وزراء مر على السودان) . هذه شهادات بإزاء شهادة محمود محمد طه ويمكن للناس ان يقارنوا بينهما .

التغيير