الإمام الصادق المهدي في الحلقة الثالثة عشرة من شهادته على العصر

الإمام الصادق المهدي في الحلقة الثالثة عشرة من شهادته على العصر
الجريدة السبت 31 أكتوبر 2015 العدد 1563 الصفحة 4
الجريدة السبت 31 أكتوبر 2015 العدد 1563 الصفحة 4

 

تُوثق قناة الجزيرة القطرية عبر ( برنامج شاهد على العصر) الذي يقدمه الإعلامي أحمد منصور للإمام الصادق المهدي، ولازالت الحلقات متواصلة وشيقة ولتسيير المتابعة رأت (الجريدة) نشر الحلقات ..وافق مكتب الإمام مشكوراً على ذلك وأرسل الحلقات محررة وهي جديرة بالإهتمام لمافيها من معلومات ثرة تتوفر لأول مرة.

أحمد منصور: ولد الصادق المهدي في العباسية بأم درمان في السودان في الخامس والعشرين من ديسمبر عام ۱۹۳٥م، والده هو الصديق المهدي مؤسس حزب الأمة وإمام الأنصار خلفاً لجده عبد الرحمن المهدي، التحق الصادق المهدي بداية في جامعة الخرطوم لدراسة الهندسة الزراعية لكنه تركها وانتقل لدراسة الاقتصاد والسياسة والفلسفة في جامعة أوكسفرد في بريطانيا، التي تخرج منها عام ۱۹٥۹م (الإمام تخرج في ۱۹٥۷ – المكتب الخاص للإمام)، انغمس بعد عودته للسودان في العمل السياسي، وكان من أبرز المناهضين لنظام عبود العسكري حيث تولى رئاسة الجبهة الوطنية الموحدة المعارضة (الجبهة القومية المتحدة- المكتب) للنظام العسكري حتى سقوطه في العام ۱۹٦٤م، شارك في صياغة ميثاق ثورة أكتوبر عام ۱۹٦٤م، كما اختير في نوفمبر من نفس العام رئيسا لحزب الأمة. انتخب رئيساً لوزراء السودان للمرة الأولى في شهر يوليو عام ۱۹٦٦م وبقي في منصبه حتى منتصف مايو عام ۱۹٦۷م. ترأس الجبهة الوطنية المعارضة لنظام جعفر نميري بين عامي ۱۹۷۲م و ۱۹۷۷م. شارك في ثورة أبريل عام ۱۹۸٥م التي أطاحت بنظام نميري العسكري. انتخب مرة أخرى رئيساً لوزراء السودان في السادس من مايو عام ۱۹۸٦م، وبقي في منصبه حتى أطاح به الانقلاب الذي قاده عمر البشير في الثلاثين من يونيو عام ۱۹۸۹م، يتولى الصادق المهدي إمامة الأنصار علاوة على رئاسته لحزب الأمة. ولم يتوقف نشاطه السياسي بعد الإطاحة به. وقد أدى نشاطه السياسي لاعتقاله عدة مرات. نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر السودان الحديث..

الإمام الصادق المهدي في حواره مع أحمد منصور:

الحلقة الثالثة عشرة الجزء الأول

رؤية مبشر هي (أن نميري في برميل، ويريد أن يخرج منه، ويأتي عددا من الضباط ويكبسوه في البرميل)

الأخوان كانوا يمثلون العائق للعمل الشعبي ضد نظام النميري والترابي وصفه بالودود ولكن

الإمام الصادق المهدي في الحلقة الثالثة عشرة من شهادته على العصر

السبت 31 أكتوبر 2015

منصور: في شهر يناير عام ۱۹۸٥م عين جعفر النميري الفريق عبد الرحمن سوار الذهب وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة. حسن مكي يقول إن النميري أراد أن يكون سوار الذهب كبش فداء لما آل إليه الوضع المتدهور في جنوب السودان. هل كان الوضع العسكري المتدهور دافعاً لنميري لاتخاذ هذا القرار، إلى جوار أنه كان يبحث عن ضابط ملتزم بلا طموح ليملأ الفراغ في هذا المنصب؟

الإمام: أعتقد أنه هو أراد أن يعين المشير سوار الذهب لأنه يريد أن يضمن أن القوات المسلحة لن تتحرك ضده، لكن هو كان معزول شعبياً وعسكرياً.

منصور: النميري!

الإمام: النميري.. حصلت حاجة طريفة.

منصور: ما هي؟

الإمام: وأنا في السجن سنة ۱۹۸٤م في ديسمبر، كنت قد فرغت من كتابي (العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الاجتماعي الإسلامي)، وصرنا نتكلم فيه كدة، ومعاي كان دكتور عمر نور الدائم.

منصور: كان معاك في السجن.

الإمام: في السجن، ما هو كنا زي ۱۸ مننا في السجن.

منصور: كنتو وضعكو كان في السجن إيه؟ نسيت أسألك..

الإمام: يعني سجن..

منصور: سجن أسود ولا سجن تاني؟

الإمام: لا، سجن كوبر في الخرطوم.

منصور: سجن كوبر دة أصبح سجن السياسيين حتى الآن.

الإمام: نعم. فقمت أنا، بيحكي لي عمر، قال لي مُبشّر دفعتهم ودفعة نميري رأى رؤية، الرؤية أن نميري في برميل، ويريد أن يخرج من هذا البرميل، ويأتي عدد من الضباط يكبسوه في البرميل، دي الرؤية بتاعة مبشر.

منصور: ما تشوفولنا رؤية للجماعة..

الإمام: فلما شاف الرؤية دي حكاها لي.. بعد يومين أنا شفت رؤية.

منصور: نفسها؟ كان في البرميل؟

الإمام: لا، أنه رؤية مبشر ستتنفذ يوم كدة شهر كدة.. بهاتف.

منصور: ما تشوف لينا رؤية عشان الجماعة اليومين دول.

الإمام: فحكيت لعمر، قعدنا نتونس في الحكاية دي، بعد شوية أطلقوا سراحنا وحصلت القصة الأنا حكيتها، المهم أنا (وفي السجن) أرسلت للسيد محمد عثمان الميرغني صديقه وقريبي مهدي الطيب الحلو، لأني أنا كنت عايز الإجماع، (قلت له) يا سيد من فضلك..

منصور: مع إنه الختمية لا يلتقوا معك أبداً..

الإمام الصادق المهدي في الحلقة الثالثة عشرة من شهادته على العصر

الإمام: (مواصلاً)، أيوة، من فضلك أرجو.. لأنه أخوه كان عضو في المكتب السياسي ومستمر، من فضلك أفصلوا علاقتكم بهذا النظام، لأن هذا النظام سيزول، السيد محمد عثمان رسل لي المندوب عشان يقول لا، نحن طريقتنا مختلفة من طريقتكم، على أي حال انتهى الموضوع كدة، طلعنا، بعد ما طلعنا، وكانت الأحوال مضطربة للغاية.

منصور: ح أجي بالتفصيل، بس في مارس ۱۹۸٥م جورج بوش الأب، اللي هو كان نائب ريجان جاء وبقي ثلاثة أيام في السودان والتقى مع بعض زعماء المعارضة هل التقى معك؟

الإمام: لا لم يلتق معي.

منصور: كان هدفه الأساسي مما جاء به إنهاء التحالف القائم بين الترابي والنميري؟

الإمام: لا أدري لكن..

منصور: ضمان ترحيل الفلاشا إلى إسرائيل.

الإمام: أيوة أنا أعتقد دة كان السبب، هم عندهم علاقات مشتركة: الفلاشا، والتسهيلات، إلى آخره، لكن لا أدري إذا كلم النميري، لكن أنا حاحكيلك دي.

منصور: لكن اللي حصل أهو، هو بعد أيام قليلة من زيارته أطاح النميري بالأخوان المسلمين، وأعلن الحرب عليهم، واتهمهم بالإعداد لمؤامرة للإطاحة به، وألقى القبض على حسن الترابي ووضعه في السجن.

الإمام: أيوة، هو الحاجة المدهشة، ما دي الحاجة المدهشة، في يوم، قل معي، ۲٥ فبراير..

منصور: آآ فبراير، ۱۹۸٥م.

الإمام: زارني الدكتور حسن الترابي، بميعاد، وقال لي أنا جاي أقابلك، أنا سألت أحد أصدقائي.

منصور: كان ما زال نائب عام، كان لا زال في تحالف مع نميري؟

الإمام: نعم، سألت واحد من أصدقائي، قال لي حسن جاي عشان تتعاون معاه تخارجه من النظام دة.

منصور: عشان انت تساعده يخرج؟

الإمام: أيوة يعني نشوف كيف الصيغة. دة كلام..

منصور: قبل ما يجي..

الإمام: أيوة، لما جاء قال لي كلام مدهش، قال لي أنا قابلت نميري في إطار تسليم تقرير عن الكادر، كان كلفوه يعمل تقرير عن الكادر في وظائف الخدمة المدنية، ووجدته يتحدث معي لغة ودية لم أعهدها، وأظنه يريد أن يعتمد علينا ويتخلى عن اعتماده على الاتحاد الاشتراكي، دة كلام حسن الترابي لي.

منصور: يوم ۲٥ فبراير، قبل الإطاحة به بأيام.

الإمام: أيوة، وبعدين قام، قلت ليه يا حسن يا أخي أنا لما إنت جاي تتكلم معاي ظنيت إنك عايز تتكلم معاي في الخروج من.. المهم هو قال لي في الكلام دة، أنه أنا عايز أعمل على أنكم تدخلوا معنا باعتبار أن النميري صار..

منصور: ودود..

الإمام: يريد أن يعتمد علينا ويتخلص من الاتحاد الاشتراكي.. فقلت ليه أنا كنت قايل..

منصور: (مقاطعاً) الاتحاد الاشتراكي دة حزبه، رجالته، اللي عمله

الإمام: لا ما يعني يعتمد أكثر على التيار دة، ما هو شايف أنهم هم نمر من ورق يعني، فقال لي أنا جاي عشان أبحث معك هذا الموضوع، فأنا قلت له أنا كنت قايلك جاي عشان تبحث معي كيف تخرج من المصيبة دي؟ المهم اختلفنا قام قال لي أنا ماشي عندي محاضرة في العين.

منصور: في الإمارات.

الإمام: في الإمارات، وسآتي بعد هذه المحاضرة إن شاء الله، ذهب وعاد، يوم ۱۰ مارس.

منصور: ۱۹۸٥م.

الإمام: قبضوا على الأخوان المسلمين كلهم، وقال فيهم نميري ما قال: أخوان الشياطين إلى آخره، مع أنه كان الانطباع اللي أخده الترابي.

منصور: الأخوان المسلمين دول لما يبقوا في تحالف مع الحاكم بيبقوا ملايكة، لما ينقلب عليهم بيبقوا أخوان الشياطين.

الإمام: قال كلام هجوم شديد جداً، لكن دة كان في ۱۰ مارس. أهمية الكلام دة إيه؟ كل ما نحن كنا بنرتب في العمل النقابي والعمل الطلابي كان الأخوان المسلمين يقفون سداً لصالح النظام. فكان عاملين لينا مشكلة كبيرة جداً أن الأخوان المسلمين.

منصور: هم متحالفين مع النظام.

الإمام: أيوة، فكانوا هم يعني مش الاتحاد الاشتراكي لأنه ما عنده قيمة ولا وزن، لكن هم اللي بيمثلوا العائق للعمل الشعبي ضد النظام. فالمهم، لما اعتقلهم راحت هذه القوة.

منصور: السكرة.. آآ القوة التي كانت بتواجهكم.

الإمام: اللي كانت بتواجهنا، ودة خلى التيارات المختلفة تمشي.

منصور: طب انت فسرت الأمر إزاي، حسن الترابي جاء إليك وقال لك إن النميري يتحدث معنا بلغة ودية ونريد أن نتقرب معه وأراد أن يأخذك حتى تتعاون معه، وبعد أسبوعين فقط من هذا اللقاء إذا بالنميري يقبض على حسن الترابي والأخوان المسلمين ويعلن ما لم يقله أو ما قاله مالك في الخمر فيهم، حتى أخوان الشياطين وغيرهم، أسبوعين بس!

الإمام: أنا في رأيي النميري كان أصله مقرر يتخلص منهم، لكن حب يضلل حسن.

منصور: هم العساكر دايماً بيعملوا الحركة دي، بيضحكوا على الأخوان المسلمين ويضللوهم؟ وبعدين.

الإمام: أنا في رأيي هو كان عايز يعمل كدة، عايز يضلل حسن وحسن أخد انطباع أن النميري صار أقرب لهم من أية فترة مضت، وسمع منه هذا الكلام عشان كدة هو جاء يستقطبني إلى هذا المولد، اللي..

منصور: بعد ما قبض على الأخوان في ۱۰ مارس بدأت الإضرابات والتظاهرات في كل مكان.

الإمام: أصلها كانت موجودة، اللي حصل إنه الأخوان المسلمون كانوا بقدر الإمكان بيحاولوا يعوقوها، بعد هذا الموقف بقى ما عندهم.

منصور: مظاهرة ۳ أبريل ۱۹۸٥م التي شارك فيها النقابات والطلبة وغيرها، شارك فيها عشرات الآلاف وكانت مظاهرة مهيبة.

الإمام: نعم، اللي حصل أنه، طبعاً حصلت هذه حقيقة كانت بقيادة الهيئات يعني النقابات، وهناك شخص شاهد معنا دلوقتي موجود السيد أمين مكي مدني، نحن كان موقفنا أصلاً من النظام عدائي شديد جداً وحماسي جداً. ف..

منصور: إنت يوم الجمعة ٥ أبريل ۸٥.

الإمام: قبلها، قبل الموكب هذا، يعني قل يوم ۲ أبريل، قبل الموكب، وكنا طبعاً نحن متابعين حركة النقابات وحركة المظاهرات ونؤيدها، جاءني الأخ أمين مكي مدني وقال لي نحن.. طبعاً الحاجة اللي ساعدت أيضاً أنه قبل الحكاية دي بيوم النظام حب يعمل مظاهرة لصالحه، وفعلاً عمل مظاهرة سماها موكب الردع، هذا الموكب أتى بنتائج عكسية، لأنه كان خالياً من السند الشعبي، اليوم البعده حصل الموكب دة. فجاءني الأخ أمين مكي مدني، وهو أحد الناس اللي كانوا معتقلين أخيراً وأطلق سراحهم، والآن هو في القاهرة، جاءني عشان يقول لي دلوقتي نحن اتفقنا على كل شيء، وبكرة ح يكون في كذا
وكذا، لكن ما عندناش تصور حول الميثاق عشان نقدر.

منصور: ما بعد النميري..

الإمام: ما بعد النميري.

منصور: يعني انتو اعتبرته ان النميري أمره انتهى.

الإمام: نعم..

منصور: امتى أدركتو إن النميري أمره انتهى؟

الإمام: ما قلت ليك أنا كنت أصله شايف رؤية يعني أنا كان مطمئن.

منصور: لا خلينا أنا من الرؤية.

الإمام: دة الحقيقة.. أنه هو أصله النميري فشل.

منصور: امتى انتهى في الشارع حسيتو انه في الشارع، هل كانت مظاهرة ۳ أبريل مثلاً.

الإمام: في موكب ۳ أبريل دة، دة كان حاسم وفي موكب الردع اللي قبله اللي هو أظهر النظام معزول. المهم فانا كتبت له ال..

منصور: حتى ذلك الوقت لم تسعوا للتواصل مع سوار الذهب ولا شيء.

الإمام: لا، ما هو أقولك الكلام مع سوار الذهب جاء بعد كدة. في يوم ۲ أبريل بالليل أنا التقيت ضابط عظيم اسمه توفيق خليل. وقلت له يا أخي نحن زي ما انت شايف النظام دة معزول وح يكون في موقف مشهد، نحن عايزين تتكلموا مع بعض كضباط لا تقوموا بأي عمل ضد..

منصور: ضد الشعب.

الإمام: ضد الشعب..

منصور: لكن ما طلبتش منه انهم يبقوا معاكو..

الإمام: لا بس ما ضد الشعب، ما تعملوا حاجة ضد الشعب، وعدني، عمل إيه لا أدري، لكن المهم أنا هنا اتفقت مع الضباط وبعدين كتبت الميثاق اللي أخده أمين ل..

منصور: الميثاق دة كتبتوه قبل ما يسقط النميري رسمي.

الإمام: قبل ما يسقط، بالليل..

منصور: ۲ أبريل..

الإمام: أيوة، بالليل ۲ أبريل اللي كان بعده كان يوم الموكب.

منصور: إيه أهم محتوياته؟

الإمام: يمشي الجيش، ونعمل قصاص شعبي، وننفذ إلغاء قوانين سبتمبر ونعمل محكمة للقصاص الشعبي، وحل مشكلة الجنوب، يعني هذه الأشياء وتقوم حكومة انتقالية تعمل انتخابات إلى آخره..

منصور: يعني رتبتم وتوافقتم على وضع ما بعد نميري.

الإمام: نعم، فأخد هو الورقة، وفي رأيي اتفقوا على جوهرها أدخلوا تعديلات بسيطة، وفيما بعد رسلها لي النص ذاته اللي هو مكتوب بخطي.. المهم اللي حصل أنه اتفقنا على كدة، أنا من ذلك اليوم اختفيت.

منصور: عمداً.

الإمام: عمداً اختفيت يعني ما رحتش بيتنا.

منصور: ثلاثة أيام لحد يوم الجمعة ٥ أبريل.

الإمام: أيوة، كنت ما معروف وين، فجأة الناس أنا جيت يوم الجمعة أخطب.

منصور: تؤم الأنصار في الصلاة.

الإمام: أخطب في المصلى، وقلت الآتي: إنه النظام دة فقد الشرعية وأنه وأنه.. اللي ما يطلع ضد النظام خائن. ونداء للقوات المسلحة: يجب أن تتدخلوا لحماية السودان من الفتنة ولخلع جعفر نميري، يوم الجمعة طبعاً لغاية الوقت.

منصور: ٥ أبريل ۸٥.

الإمام: أيوة الخطبة..

منصور: بعدها مباشرة بدأ الجيش بالتحرك، كأنما كان ينتظر هذا النداء.

الإمام: غايتو المهم، أنا لا أعرف هم، لكن أنا قلت هذا الكلام بصورة نهائية واختفيت، يعني طلعت من المسجد بباب خلفي، وصرت مختفياً، يوم السبت المظاهرات زادت جداً..

منصور: ٦ أبريل ۱۹۸٥م.

الإمام: أيوة، تحركت القوات المسلحة.

منصور: القوات المسلحة تحركت يوم الجمعة سيطرت على كل المراكز الحيوية في البلاد.

الإمام: نعم.

منصور: مين بقى اللي أقنع سوار الذهب إن البيعة اللي في رقبته، اللي في عنقه، لنميري هي بيعة يمكن أن يكفر عنها، مين اللي أقنعه؟

الإمام: لا أدري، لكن مؤكد مع بعض، كبار الضباط اقتنعوا بأن نميري لازم يُخلع.

منصور: هنا الجيش انحاز إلى الشعب.

الإمام: نعم..

منصور: ٦ أبريل ۸٥ النميري وصل من الولايات المتحدة إلى القاهرة، لم يستقبله حسني مبارك على بساط أحمر، وأقنعه بعدم العودة للسودان، هو كان عايز يرجع رغم كل اللي حصل.

الإمام: أيوة نعم..

منصور: قبطان طائرته رفض أن يعود به، بقي نميري في القاهرة إلى أن مات..

الإمام: نعم..

منصور: بعد ذلك..

الإمام: لا ما مات هناك، رجع السودان في الآخر.

منصور: آه رجع السودان صحيح، أصل أنا فاكر، أصل أنا رحتلو عشان أسجل معاه شاهد على العصر، ومش عايز أقول إيه اللي صار يعني، قعدت استناه يومين كان مش فايق.. أنا عشان كدة بقولك أنا شخصياً نميري.. في ٦ أبريل ۸٥ بدأ عهد عبد الرحمن سوار الذهب، أطاح برئيس الجمهورية ونوابه ومعاونيه ومستشاريه ووزراءه، أقال حكام الأقاليم، حل الجهاز سيء الصيت- أمن الدولة- شكل مجلساً عسكرياً انتقالياً، أين كنت من هذا؟

الإمام: اتفقنا نحن أن تقوم عملية حكم ائتلافية بين العساكر ومدنيين يكونوا غير حزبيين، نهائي. الصفة أنهم يكونوا غير حزبيين.

منصور: هل طلب سوار الذهب اللقاء معكم وتحدث معكم؟ ورتب كيف الأمر ولا.

الإمام: نحن أصلاً أعلنا أنه نرحب بالإجراء اللي تم، ونرجو أن يقوم المجلس العسكري، وتقوم معه حكومة برئاسة ووزراء الصفة الوحيدة فيهم أنهم تكنوقراط.

منصور: غير حزبيين.

الإمام: غير حزبيين، ودة اللي حصل، فلما تكون المجلس بهذا الشكل، كان واضح أنه المجلس سواء العسكري أو المدني ما عندهمش رغبة ولا استعداد يتخذوا قرارات سياسية، يديروا البلد لغاية ما تجي الانتخابات، دة كان التفاهم، عشان كدة إملوا على أنهم الميثاق الذي كتبناه مش ح ينفذوه، خصوصاً الغاء قوانين سبتمبر لن يلغوها، ومحكمة القصاص الشعبي مش ح يعملوها.

منصور: دة القصاص دة أهم حاجة.

الإمام: أيوة، يديروا البلد إلى أن في المستقبل هذه الأشياء..

منصور: تأتي حكومة من خلال.

الإمام: تفعل هذا، لكن الحاجة المهمة في الإجراءات، في ذلك الوقت عملوا مجهود كبير جداً عشان يتفقوا مع الحركة الشعبية

منصور: جون قرنق.

الإمام: جون قرنق..

* رصد وتحرير المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي

الجريدة

الجريدة الثلاثاء 3 نوفمبر 2015 العدد 1566 الصفحة 4
الجريدة الثلاثاء 3 نوفمبر 2015 العدد 1566 الصفحة 4

 

 

تُوثق قناة الجزيرة القطرية عبر ( برنامج شاهد على العصر) الذي يقدمه الإعلامي أحمد منصور للإمام الصادق المهدي، ولازالت الحلقات متواصلة وشيقة ولتسيير المتابعة رأت (الجريدة) نشر الحلقات ..وافق مكتب الإمام مشكوراً على ذلك وأرسل الحلقات محررة وهي جديرة بالإهتمام لمافيها من معلومات ثرة تتوفر لأول مرة.

أحمد منصور: ولد الصادق المهدي في العباسية بأم درمان في السودان في الخامس والعشرين من ديسمبر عام ۱۹۳٥م، والده هو الصديق المهدي مؤسس حزب الأمة وإمام الأنصار خلفاً لجده عبد الرحمن المهدي، التحق الصادق المهدي بداية في جامعة الخرطوم لدراسة الهندسة الزراعية لكنه تركها وانتقل لدراسة الاقتصاد والسياسة والفلسفة في جامعة أوكسفرد في بريطانيا، التي تخرج منها عام ۱۹٥۹م (الإمام تخرج في ۱۹٥۷ – المكتب الخاص للإمام)، انغمس بعد عودته للسودان في العمل السياسي، وكان من أبرز المناهضين لنظام عبود العسكري حيث تولى رئاسة الجبهة الوطنية الموحدة المعارضة (الجبهة القومية المتحدة- المكتب) للنظام العسكري حتى سقوطه في العام ۱۹٦٤م، شارك في صياغة ميثاق ثورة أكتوبر عام ۱۹٦٤م، كما اختير في نوفمبر من نفس العام رئيسا لحزب الأمة. انتخب رئيساً لوزراء السودان للمرة الأولى في شهر يوليو عام ۱۹٦٦م وبقي في منصبه حتى منتصف مايو عام ۱۹٦۷م. ترأس الجبهة الوطنية المعارضة لنظام جعفر نميري بين عامي ۱۹۷۲م و ۱۹۷۷م. شارك في ثورة أبريل عام ۱۹۸٥م التي أطاحت بنظام نميري العسكري. انتخب مرة أخرى رئيساً لوزراء السودان في السادس من مايو عام ۱۹۸٦م، وبقي في منصبه حتى أطاح به الانقلاب الذي قاده عمر البشير في الثلاثين من يونيو عام ۱۹۸۹م، يتولى الصادق المهدي إمامة الأنصار علاوة على رئاسته لحزب الأمة. ولم يتوقف نشاطه السياسي بعد الإطاحة به. وقد أدى نشاطه السياسي لاعتقاله عدة مرات. نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر السودان الحديث..

الإمام الصادق المهدي في حواره مع أحمد منصور:

الحلقة الثالثة عشرة الجزء الثاني

اتفاق كوكادام كانت خلاصته إلغاء قوانين سبتمبر

لا يمكن لأى تغيير يحدث إن لم يكن فيه عنصر عسكري

الإمام الصادق المهدي في الحلقة الثالثة عشرة من شهادته على العصر

الثلاثاء 3 نوفمبر 2015

منصور: يعني السودان قبل النميري لم يكن عليه ديون ولا قروض؟

الإمام: ما عليه ديون، ولكن منذئذٍ الدين كان يستمر بالفائدة يتراكم ويتراكم ويتراكم.

منصور: وبدأ الجنيه السوداني تنزل قيمته.

الإمام: بعدين برضه الجنيه السوداني اللي كان لما جاء نميري في الأول كان الجنيه السوداني يساوي ثلاثة دولارات ونصف.

منصور: في ۱۹٦۹م كان الجنيه السوداني يساوي ثلاثة دولارات ونصف؟

الإمام: نعم.

منصور: ووصل الأمر لأن الدولار كان بيعمل ألفين جنيه سوداني بعد كدة؟

الإمام: لا أكثر من كدة أنا ح أديك بعدين الأرقام بتاعة الجنيه حصل له إيه في عهد الطغيان، لكن المهم، الحاجات التاريخية التي ورثناها من هذا النظام: الدموية، والأمن الذي لا يراعي إلاً ولا ذمة، والدخول طرفاً في الحرب الباردة في الأول مع الروس وبعدين مع الأمريكان، والدين الكبير جداً، وأهم من دة كله الحرب مع الجنوب تحولت من حرب محلية يعني كانت حركة الأنيانيا فيها ما لا يزيد عن ۳ ألف، في أثناء عهد نميري وبسبب الانحياز الذي حدث لأمريكا، حلف عدن اللي هو مكون من ليبيا واليمن وأثيوبيا تبنى الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة دكتور جون قرنق، وتحولت الحرب إلى حرب، قبل كدة ما كانتش تستطيع تحتل أي موقع، تحتل المواقع وتحولت إلى من الأول كدة ۳۰ ألف جندي، وتحولت إلى حرب
خطيرة جداً، لأنها ما كانت، في أثناء حرب الأنيانيا كانت محدودة جداً لم تحتل موقع ولم تحتل مدينة، ولم يكن لها سند من دولة.

منصور: هل كنت تعرف عبد الرحمن سوار الذهب قبل أن يقوم بحركته؟

الإمام: لا.

منصور: لم تلتق به على الإطلاق؟

الإمام: أبداً.

منصور: من هو عبد الرحمن سوار الذهب؟

الإمام: أسرة معروفة جداً في السودان أسرة سوار الذهب، وهو كان زي ما قلت هو أصلاً أسرته في الأبيض وكانوا عايزين يعملوه خليفة هم ختمية، هم تابعين الطائفة الختمية، وهم كانوا عايزين يعملوه خليفة بعد وفاة والده، ومشهور ومعروف لنا أنه انسان تقي وورع وخلوق جداً، يعني لا يؤذي أحداً فهذه الصفات التي كنا (نعرفها)، وفعلا هو لما جاء في السلطة كان بيدير السلطة بصورة ودية جداً للجميع.

منصور: ما الذي مثلته سيطرة عبد الرحمن سوار الذهب على السلطة والإطاحة بالديكتاتور المستبد جعفر نميري في ٦ أبريل عام ۸٥.

الإمام: أدار أو أشرف على حكومة تكنوقراط خالية من أي التزام أو توجه سياسي، ولكن لأنها مكونة من تكنوقراط يمثلون نقاباتهم تحول الوزراء إلى قادة نقابات تطالب بامتيازات.

منصور: هل ما حدث في ٦ أبريل ۸٥ كان انقلاباً عسكرياً أم ثورة شعبية أم شيء بين هذا وذاك؟

الإمام: لا هي ثورة شعبية، ولكن انحازت القوات المسلحة للشعب السوداني وباتفاق.

منصور: متى التقيت مع سوار الذهب للمرة الأولى؟

الإمام: بعد أن صار هو رئيس مجلس العسكري رتبوا لنا لقاءات معه، وكان في واحد مندوب منهم اسمه اللواء عثمان عبد الله هو المندوب الذي يتصل مع الأحزاب، ففي الإطار دة التقينا معه وكانت مطالبتي له أنه ينفذ الميثاق لأن الميثاق هو الذي كان روح الثورة، فهو.

منصور: الميثاق اللي انت حطيته.

الإمام: فهو ما نفذ الميثاق زي ما قلت، اكتفوا بإدارة الوضع.

منصور: بقيت تعارضه وتلح في تنفيذ الميثاق.

الإمام: نعم، وكنا بنقول هذا الكلام وهم كانوا بيعتقدوا إنه دة موضوع يعود للمنتخَبين.

منصور: إيه العوامل اللي.. انت حاولت تعمل انقلابات قبل كدة ورتبت وظبطت وفشلت.. ما هي العوامل التي يمكن أن تؤدي الى نجاح ثورة شعبية كما حصل في ٦٤ أو انقلاب عسكري متحالف مع ثورة شعبية كما حدث في العام ۸٥.

الإمام: لا يمكن لأي تغيير يحدث إن لم يكن فيه عنصر عسكري، الشعب يستطيع أن يحشد ويملأ الشوارع ويعمل إضراب، لكن ما عندوش إمكانية يحسم الأمر بصورة فاصلة، وعشان كدة نحن في الانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية كنا دايماً نراعي الدور الذي تلعبه القوات المسلحة السودانية، لأنه نحن نستطيع أن نحشد ونستطيع أن نضرب، ونعمل دة كله لكن مين ح يمسك مفاصل البلاد، ويكون يعني زي مسئول لفترة انتقالية؟ حقيقة القوات المسلحة.

منصور: ما الظروف التي خدمت عبد الرحمن سوار الذهب لكي تنجح حركته العسكرية في ٦ أبريل عام ۱۹۸٥م.

الإمام: تراكمت ضده أخطاء طبعاً أخطاء نميري.

منصور: أخطاء نميري تقصد..

الإمام: أيوة أخطاء نميري خلقت إجماع داخل القوات المسلحة وداخل الشعب بأن يرفض، لأنه لما تمت الاستجابة للنداء الشعبي لاستلام السلطة كانت هناك فرحة في السودان يبكون الناس من الفرح، ودة كله لأن الناس ضاقوا، ويعني ذاقوا الأمرين من النظام، فبقى سوار الذهب يمثل أمل الشعب السوداني.

منصور: بقي سوار الذهب نموذجاً لم يتكرر في العالم العربي حينما وعد الشعب والأحزاب السياسية بتسليم السلطة في السودان عبر انتخابات تشريعية لمن يفوز فيها بعد عام حينما قال هذا هل صدقتموه؟

الإمام: نعم.

منصور: صدقتموه؟

الإمام: نعم لأنه..

منصور: طب اشمعنى صدقتموه، دة ما فيش عسكري من قبله لا في السودان ولا في غير السودان وعد بمثل هذا الوعد وسلم السلطة.

الإمام: لا لأنه كما قلت لك، أولاً هو ما دخل في هذا الموضوع بتدبيره، دخل في هذا الموضوع باستجابة لمطالب مش هو المدبر لها، هو وافق مُش أنشأ، وكان يعني غير متحمس للقيام بهذه الخطوة.

منصور: انت حينما التقيت به شعرت أنه غير باقي العسكر الذين تعرفهم؟

الإمام: نعم أنا أعتقد أنه أصلا ما كان هو عنده طموح أن يحكم عسكرياً وكان بيفتكر نفسه بيمثل الإرادة الوطنية المجمع عليها. وفعلاً حدث ذلك، وفي كل الخطوات يعني مثلاً الفترة الانتقالية بعد أكتوبر كان واضح أنه داخل الحكومة هناك عناصر في حكومة السيد سر الختم عناصر متآمرة ضد الميثاق وضد الانتخابات، هنا كان ما في شيء الناس المعاه كانوا في حقيقة الأمر إلى حد كبير تكنوقراط. الخطر اللي حصل هم كانوا بيعتبروا ما دام حصل تغيير الجنوبيون سوف يهرعون للعودة إلى السودان والاتفاق للسلام، خصوصاً.

منصور: هذا سؤالي الهام إليك الآن، لماذا فشلوا في حل مشكلة الجنوب المزمنة ولم ينجحوا فيها.

الإمام: هو في الحقيقة ما فشلوا، اللي حصل هو الآتي، أثيوبيا بتعتقد أنها عن طريق الإمبراطور ساعدت السودان في حل مشكلة الجنوب اتفاقية ۱۹۷۲م، لكن لما جاء نميري في رأيي اتخذ إجراء مع الأمريكان لمواجهة الحركة، لخدمة أهداف أمريكا في البحر الأحمر، اللي هي أثيوبيا كانت ماركسية، بعدين ساعد الحركة الأرترية.

منصور: أمريكا لعبت الدور الرئيسي في فصل جنوب السودان عن شماله، وكان جون قرنق على أمريكا بعد كدة.

الإمام: لا ما أنا بجيك على الكلام دة. قام اللي حصل في دي أنه أثيوبيا اعتبرت أنها خدمتنا في حل مشكلة الجنوب.

منصور: في سنة ۷۲.

الإمام: ولم نخدمها بعد ذلك بل عاكسناها، لأنه نميري كان متفقاً مع الأمريكان.

منصور: ضدها.

الإمام: ضد أثيوبيا الماركسية، عشان كدة لما الحكومة الانتقالية وكانت صادقة في رأيي.

منصور: اللي هي الحكومة التي شكلها سوار الذهب في ۲۲ أبريل ۱۹۸٥م، وكلف الجزولي دفع الله نقيب الأطباء بتشكيلها.

الإمام: نعم، كان صادقاً في الطلب، لكن قرنق كان يومذاك تحت توجيه أساسي من أثيوبيا، وأنا حتى قالها لي وزير الخارجية الأثيوبي، هذا قرنق لو كان مافي كنا علينا أن نخترعه، فجاءنا يعني قرنق هذا جاءنا هبة من السماء، قرنق قال حكومة ال..

منصور: الجزولي دفع الله.

الإمام: الجزولي وحكومة سوار الذهب هذه النسخة الثانية من نظام نميري، ولا أصدقها، ولست مستعداً أن أتحدث معها، ولا أعتبر أن ما حدث في السودان ثورة، أنا في رأيي دة كان بتوجيه أساسي من الأثيوبيين.

منصور: أنا عندي سؤال مهم لك الآن، الآن هناك ثورة قامت، الشعب مع الجيش، وقائد الجيش وعد أن يسلم الشعب السلطة، وأدخل المدنيين معه في إدارة الدولة، وكلف نقيب الأطباء بتشكيل حكومة، أنت مع اليسار شكلت ما يسمى بالتجمع الحزبي والنقابي لقوى الانتفاضة، قررتم الدخول في مواجهة مع حسن الترابي والإسلاميين على اعتبارهم ’ن هم من أزلام سلطة نميري، ورغم أن سوار الذهب أصدر قراراً بالعفو عن كل المعتقلين السياسيين، أنتم وقفتم في هذا الأمر وأخرتم الإفراج عن حسن الترابي والآخرين لعدة أيام.

الإمام: لا، ما أخرنا، ولا هو ذاته كانت مشكلتنا أصلاً ما كانت هناك مشكلة، نحن كنا بنرى أننا سننازل الجبهة الإسلامية جماعة الترابي في الانتخابات.

منصور: حلفاءك السابقين، السياسة دي إنتو في السودان عمالين تتحالفوا وبعدين تتناقضوا.

الإمام: ما قلت لك هذا الحلف اتنقض لما هم ايدوا قوانين سبتمبر وكانوا هم في السلطة ونحن في السجن. دة النقض..

منصور: الآن انقلبت بقوا هم في السجن وانتو برة.

الإمام: أيوة، نحن أصلا كنا قد أعطينا التحالف بيننا شكلاً مؤسسياً: جماعة الفكر والثقافة الاسلامية، وهم في رأينا لما قبلوا، لأنه قوانين سبتمبر تتناقض تماماً حسب الميثاق المتفق عليه في جماعة الفكر والثقافة الإسلامية، فلما صاروا حلفاء نميري ويدافعون عن نظام نميري للآخر، صرنا لأول مرة أعداء.

منصور: دخلتو معركة كسر عظم معاهم أثناء فترة سوار الذهب.

الإمام: نعم وحتى أثناء الانتخابات.

منصور: الانتخابات أنا حاجي لتفصليها بعدين.

الإمام: ما بقولك يعني.

منصور: لكن عايز أفهم سر هذا العداء والكراهية الشديدة لحلفاء لكم، الإسلاميين كانوا حلفاء لكم طوال انتو رتبتوا انقلاب ۷٦ مع بعض.

الإمام: يا أستاذ، نحن أكثر ناس تعاملوا مع الحركة الإخوانية في السودان في العالم بلطف ورقة، في العالم.

منصور: بلطف ورقة.

الإمام: نعم بلطف ورقة، وما جاء من تصرفات منهم، هي التي كانت سيئة، تعرف بعد ما وقع الانقلاب بتاع ۸۹ لما وقع دة، خوطبنا كلنا بأنه أنا المسئول عن كل شيء، يعني استهدفت بصورة منقطعة النظير، مش كدة بس بقى هناك ناس.

منصور: أنا حجي لانقلاب ۸۹ في حينه.

الإمام: آي لا أنا بس داير أقول كيف أنه منذ الموقف داك بتاع انهم واقفين مع قوانين سبتمبر.

منصور: يعني اللي عملوه فيك في ۸۹ كان نتاج لما فعلته أنت معهم في ۸٥؟

الإمام: لا ما أنا بقولك، أصلا الخصومة بدأت لما هم انحازوا مع النميري.

منصور: سنة سبتمبر ۸۳ لما عمل التشريعات بتاعته.

الإمام: بالضبط دي الخلقت العداء، وظل هذا لأنه نحن اعتبرنا قوانين سبتمبر جريمة في الإسلام وجريمة للسودان، دة كان رأينا ولذلك دة خلق هذه العداوة.

منصور: إنت في مارس ۸٦ قدمت مبادرة مع النقابات المهنية والحركة الشعبية عرفت باسم اتفاقية كوكادام اقترحت فيها تجميد قوانين الشريعة الإسلامية اللي انت بتعارضها من يوم ما النميري بدأ فيها في سنة ۸۳ ، ممكن تعرف المشاهدين باختصار عن هذه الاتفاقية اتفاقية كوكادام؟

الإمام: أصلاً في نهاية الحكومة الانتقالية وبعد أن بدأت الانتخابات في السودان في سنة ۸٦ دعينا بواسطة وسطاء للاجتماع في كوكادام اللي هي إحدى منتجعات أثيوبيا. الاجتماع دة قاطعه الآخرون لكن حضره اليسار وحزب الأمة. اتفاق كوكادام.

منصور: انت كدة بقى كنت متحالف مع اليسار في الفترة دي أصلاً.

الإمام: أيوة نعم، اتفاق كوداكام كان خلاصته الآتي: ۱) إلغاء قوانين سبتمبر باعتبار أنها نحن أصلاً.

منصور: انت كنت اصلا متعقد منها.

الإمام: مش معقد هي مسيئة، قلت ليك قطع يدين الناس وقطع ..

منصور: ما هو دة شرع ربنا.

الإمام: ياخي شرع ربنا إيه. شرع ربنا بيعمل الأشياء دي بضوابط مضبوطة..

منصور: انت هنا انت مش ضد، أنا برضه عايزك تفهم الناس النقطة دي أنت لست ضد شرع الله ولست ضد الحدود ولكنك ضد عملية التهريج في التشريع والتطبيق.

الإمام: ما برنامجنا نفسه اسمه الصحوة الإسلامية. أصلاً برنامجنا.

منصور: خلاص أصل طريقة الكلام اللي يسمعها يفهم منها أن الصادق المهدي ضد الشريعة الإسلامية.

الإمام: لا أنا ضد العبث بالشريعة الإسلامية.

منصور: ثانياً، ثالثا.. انت بتقولي قرارات كوكادام.

الإمام: بعدين يجتمع مؤتمر قومي دستوري لإبرام اتفاقية سلام.

منصور: مع الجنوب.

الإمام: مع الجنوب، وهذه خلاصة إعلان، سمي إعلان كوكادام. الحزب الكبير الوحيد الذي كان هناك هو حزب الأمة، الأحزاب الثانية حزب الاتحادي وحزب ال..

منصور: أنا بدخل معك في التفاصيل دي لسبب، أن فصل جنوب السودان عن شماله لم يكن نتيجة يوم وليلة، وإنما كانت مسيرة طويلة استمرت مائة عام حتى تم فصل جنوب السودان عن شماله. أعلن عن إجراء الانتخابات التشريعية في شهر أبريل ۸٦ ووفى سوار الذهب بوعده إلى الشعب السوداني خلال عام أعلن عن الانتخابات وهذه كانت أول انتخابات حرة نزيهة تجري في السودان منذ انتخابات العام ۱۹٦۸م.

الإمام: نعم صحيح.

منصور: إيه أهمية هذه الانتخابات؟

الإمام: أهمية هذه الانتخابات أنها أعطت فرصة للشعب السوداني أن يعبر عن انتماءاته السياسية، وكانت حرة تماماً وبالفعل جاءت النتيجة حزب الأمة أخد ۱۰۱ مقعد..

منصور: أنا حجي للنتائج، إيه القوى الأساسية التي شاركت فيها؟

الإمام: الأساسية حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية القومية.

منصور: في الاتحادي الديمقراطي هنا؟ الختمية يعني.

الإمام: الختمية نعم.

منصور: هل سعيتم أو رتبتم مع أي قوى أو تحالفتم مع أي قوى أخرى ولا نزلتم منفردين في الانتخابات؟

الإمام: كل واحد من هذه الأحزاب دخلوا منفردين ولكن المدهش لما جاءت نتائج الانتخابات اجتمع السيد محمد عثمان..

منصور: النتائج حصلت، ۱۰۱ مقعد لحزب الأمة وتصدر الانتخابات. إزاي حزب الأمة اللي بقاله ۱۷ سنة كان محظور سياسياً وممنوع من ممارسة النشاط السياسي، بسرعة كدة رجع وتصدر المشهد.

الإمام: أيوة دة اللي عاوزك تفهمه، نحن عندنا حيوية خارج السلطة، يحلونا ما يحلونا عندنا وجود سياسي كبير جداً.. والآن نحن مع أننا عاكستنا الحكومة وحاولت. نحن عندنا..

منصور: الآن نحن في ۲۰۱٥م.

الإمام: أيوة عندنا وجود شعبي كبير. المهم.

منصور: يعني عندك وجود شعبي لو أجريت انتخابات حرة نزيهة في السودان الآن في ۲۰۱٥ برضه حزبك يطلع الأولاني.

الإمام: أكثر مما فات، لو تحب تشارط، أنا مستعد إذا كانت قامت (انتخابات) أدخل معك في شراط زي ما بقولوا في السودان ما هو نحن عندنا وسائل كثيرة بنقيس بها الرأي.. نعتقد أن الأداء بتاعنا في الفترة الماضية دي كلها كان ممتاز. على كل حال.

منصور: الاتحادي الديمقراطي الذي يتزعمه الميرغني حصل على ٦٤ مقعداً، الجبهة الإسلامية القومية التي يتزعمها الدكتور حسن الترابي على ٥۱ مقعداً، وحصلت الأحزاب الصغيرة على مقاعد أخرى.

الإمام: نعم، لما انتهت الانتخابات أنا علمت أن السيد محمد عثمان الميرغني والدكتور حسن الترابي اجتمعا وعملا ائتلاف، نتيجة هذا الائتلاف. واحد..

منصور: لا ما أنا عايز اتكلم على المأزق عشان نقدر نفهم دي.

الإمام: أيوة ما أنا أوريك المأزق.

منصور: المأزق الشديد عندك إنك ما تقدرش تشكل حكومة لوحدك، والمأزق الشديد عندك أن عدواك اللدودان وهما الميرغني والترابي لا تستطيع ان تشكل حكومة بدونهما أو بدون واحد منهما.

الإمام: أيوة نعم، وعشان كدة أنا جيت لحزب الأمة وقلت لهم اجتمع السيد محمد عثمان الميرغني والسيد حسن الترابي.

منصور: واتفقوا على..

الإمام: واتفقوا على لا للقصاص الشعبي، يعني نقض.

منصور: اللي هو الأساسية في الميثاق.

الإمام: نعم، لا للقصاص الشعبي، لا لإلغاء قوانين سبتمبر، لا لاتفاق كوكادام.

منصور: كل ما تعتبره أنت إنجازات سياسية مهمة وبرنامج انتخابي دخلت به هم وقفوا ضده.

الإمام: أيوة تمام.. وندخل الحكومة معاً أو نقف في المعارضة معاً. اتفاق وقع عليه أمين عام الحزب الاتحادي الديمقراطي والدكتور حسن الترابي. أنا جئت لحزب الأمة عندنا ۱۰۱ مقعد، وقلت لهم الآتي: هؤلاء السادة نصبوا لنا شركاً أنا اقتراحي هو الآتي إما نعمل حكومة مؤقتة انتقالية لكل الجمعية كل ۱۰ نواب في الجمعية لهم وزير، الجمعية كلها في الحكومة، (إذا كان) دة مستحيل نقف في المعارضة. خلي من يسوي الحكومة يسويها، لكن نحن نقف في المعارضة عشان نحافظ على وضعنا وعلى مبادئنا، حزب الأمة رفض كلامي..

منصور: وقال..

الإمام: قالوا لا، نحن طبعاً لا يمكن أن نعمل تحالف مع..

منصور: النميري أو..

الإمام: لا مع حسن الترابي،

منصور: آه عفوا الترابي.

الإمام: ونفضل مهما كانت الشروط أن نعمل ائتلاف مع الاتحادي الديمقراطي.

منصور: يعني هم فضلوا الاتحادي الديمقراطي اللي عمره ما اتفق معاكم، ودائماً واقف في صفوف الحكومات ضدكم على حسن الترابي الإسلامي الذي كان حليفاً لكم ودبر معكم انقلاب ۷٦ ، وشارككم في كل الفترة.

الإمام: المهم دة قرار حزب الأمة.

منصور: دة انتو كدة العدواة التاريخية بينكم بسبب سبتمبر ۸۳.

الإمام: المهم أنا بقولك اللي حصل انه.

منصور: وانت ديمقراطي جداً بحيث انك بنتزل على قرار الشورى في الحزب.

الإمام: طبعا، طبعاً

منصور: انت رئيس الحزب في النهاية.

الإمام: ياخي رئيس الحزب دة عندكم هنا عندكم الرؤساء.

منصور: مش عندنا في مصر تقصد.

الإمام: في المنطقة كلها، الرؤساء عندهم يعني تفويض، أنا رئيس ديمقراطي، جئت، أنا عملت تحليل قلت لهم. أنا عندي مناسبات كثيرة يعني أنا مثلا لما عادت الأحزاب جئت لأجهزة حزب الأمة قبل ما يتكون الحزب من جديد، وقلت لهم نتخلى عن اسم حزب الأمة، ونسمي أنفسنا الحركة الشعبية السودانية، قالوا لا نحتفظ باسم حزب الأمة. فهناك لما نتكلم ح أوريك قدر إيه كم مرة أنا أجي برأي، وحزب الأمة يقرر رأي آخر. المهم هنا بعد أن جئتهم وقلت لهم أنا أرى..

منصور: يعني قرار التحالف مع الاتحادي الديمقراطي كان قرار حزب الأمة ولم يكن قرار الصادق المهدي.

الإمام: قراري كان ندخل الجميع في الحكومة أو نقف في المعارضة، لكن ما نعمل ائتلاف مع أي واحد من الأطراف دي.

* رصد وتحرير وتحقيق المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي

الجريدة

تاريخ بث الحلقة الثالثة عشرة  في قناة الجزيرة كان يوم الأحد 18 أكتوبر 2015