الإمام الصادق المهدي في الحلقة السادسة من شهادته على العصر

الإمام الصادق المهدي في الحلقة السادسة من شهادته على العصر

 

جريدة الجريدة الإثنين 14 سبتمبر 2015 العدد 1521 الصفحة 4
جريدة الجريدة – الإثنين 14 سبتمبر 2015 العدد 1521 الصفحة 4

 

 * الجزء الأول من شهادة الحبيب الإمام الصادق المهدي كتب من فيديو الحلقة السادسة لبرنامج شاهد على العصر بواسطة سودانيوز

منصور: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة في برنامج شاهد على العصر، حيث نواصل الإستماع إلى شهادة الإمام الصادق المهدي إمام الأنصار في السودان، زعيم حزب الأمة، رئيس الوزراء الأسبق. فضيلة الإمام مرحباً بيك.

الإمام: الله يبارك فيك.

منصور: يقراء (تميزت ثورة أكتوبر عام ألف وتسعمائة وأربعة وستين في السودان بعنصر رئيس وربما فريد من نوعه هو أن الثورة حدثت بصورة عفوية من أجل إعادة الحكومة المدنية بعد ستة سنوات من الحكم العسكري السئ فلم تكن لدينا خطط سرية ولا مؤامرة مؤقتة من أجل قيام حركة عصيان ولا رموز للعمليات ولا وحدات من الجيش مع مصفحات تنتظر الإشارة لبدء العمل ولا وحدات كماندوز للاستيلاء على الأبنية الإستراتيجية لقد كانت ثورة أكتوبر أربع وستين في السودان، ثورة جماهيرية للناس العاديين ضد سنوات من الإضطهاد.) هذا وصف محمد أحمد محجوب للثورة. الثورة بعد أربعة أيام من التظاهرات أرسل الجنرال عبود إثنين من الضباط لكم للتفاوض. تم إختيار خمسة ، ستة ممثلين لكل القوى السياسية والشعبية في البلاد [1]. حسن الترابي ممثلاً للإخوان المسلمين، أحمد سليمان ممثلاً للشيوعيين، الصادق المهدي ممثلاً للأنصار وحزب الأمة، ممثل للإتحادي زروق، وممثل عن الأنصار إلتحق بكم بعد ذلك، آه عن الختمية إلتحق بكم بعد ذلك. ماذا جرى بينكم وبين العسكر؟

الإمام: اا

منصور: (مقاطعاً) وأيضاً ممثلاً عن القضاة، ودة أهم شئ. ما أسمه؟

الإمام: السيد بابكر عوض الله.

منصور: بابكر عوض الله..

الإمام: نعم كان رئيس القضاة. يبدو…

منصور: (مقاطعاً) شوف بقى لمن القضاة يبقى حر ونزيه.

الإمام: نعم. يبدو. يبدو أن المجموعة إتفت على نقديمي أتحدث…

منصور: (مقاطعاً) بإسمهم.

الإمام الصادق المهدي في الحلقة السادسة من شهادته على العصر

 

الإمام: نعم. لأنه ونحن في بيت المهدي انا إقترحت أن نتخذ ميثاق قبل أن نفاوض قيادة القوات المسلحة. وبالفعل كتبتُ الميثاق، ووافقوا عليه، وجعلناه مرجعية لأى تفاوض يتم. هذا الميثاق…

منصور: (مقاطعاً) ايه أهم عناصر الميثاق؟

الإمام: أهم عناصر الميثاق، أن تعود القوات المسلحة لقنواتها وأن يُحكم السودان حُكماً مدنياً بموجب الدستور الديمقراطي الذي ألقاه…

منصور: (مقاطعاً) العسكر.

الإملم: الإنقلاب…

منصور: (مقاطعاً) حينما قاموا بإنقلابهم في نوفمبر 58.

الإمام: نعم… فكتبت أنا هذا الميثاق ووافقوا عليه… يبدو أيضاً أنهم ميزوا موقفنا لأن العسكريين عندما بعثوا، بعثوا لنا ومش للمركز في الخرطوم. بعثوا لنا في بيت المهدي. نحت الذين حرصنا بأن التفاوض يكون بين الجميع وليس ثنائياً بيننا وبينهم…

منصور: نعم

الإمام: (مواصلأً) كذلك لأنه…

منصور: (مقاطعاً) حتى العنصر الغائب الهُم الختمية بعتولهم عشان يشتركوا

الإمام: بعتنالهم عشان يشتركوا حتى تكون قومية أو وطنية جامعة. فعندما ذهبنا، ومع إني كنت أصغرهم سناً. كنتُ أصغر المجموعة سناً، كُنتُ في أواخر العشرينات. جلسنا مع السيد عبود و…

منصور: كُنت 28 سنة 29

الإمام: نعم (مواصلاً) ومستشاره القانوني وبعض كبار الضباط في القصر الجمهوري.

منصور: القديم الازال موجود.

الإمام: الازال موجود. فقام هو سألنا، ماذا تُريدون؟

منصور: عبود

الإمام: عبود.

منصور: تفتكر التاريخ؟

الإمام: ايوة اظنو…

منصور: 27

الإمام: 27 أو 28 [2]

منصور: طيب

الإمام: (مواصلاً) سألنا ماذا تُريدون؟ قُلتُ له نريد… طبعاً في ذلك الوقت هو قد حلى المجلس الأعلى… حلى كل أجهزته… وأنا بقولك هو كان إنسان عاقل وقد أدرك أنه مش ممكن يقتل الناس من أجل أن يستمر في الحُكم. فماذا تُريدون؟ قُلتُ له نحن نريد أن تذهب القوات المسلحة لدورها الدستوري وأن يُحكم السودان بدستور، الدستور المؤقت، الدستور الديمقراطي الذي القيتموه، الدستور المؤقت لعام 56

منصور: (مقاطعاً)  55 ، 56

الإمام: قال لي قال لنا، أول كلمة قالها الدستور المؤقت، ما هذا؟ هو ما عارف الدستور المؤقت ما هو الذي القاه. ما هو الدستور المؤقت؟ أحمد متولي العتباني مستشاره القانوني شعر بحرج، لأنه ها نحن نريد أن نفاوض رأس النظام، ورأس النظام ما مدرك…

منصور: (مقاطعاً) هو عمل ايه في البلد.

الإمام: ايوة..(مواصلاً) فقام شعر بحرج. إتكلم معه كدة. وقال لينا، خلاص نحنا نستأنف ال…

منصور: (مقاطعاً) العمل…

الإمام: (مواصلاً) لا… الحوار بعد أن ندرس طلبكم… ما هو ما عارف طلبنا… فلازم يدرس هذا الطلب. وفعلاً رُفعت الجلسة. المرة الجاية…

منصور: (مقاطعاً) متى؟

الإمام: بعدها بيومين. (مواصلاً) كان الإجتماع في القيادة العامة… مش في القصر.

منصور: طيب هنا لازالت المظاهرات تمشي في الشوارع؟

الإمام: ايوة نعم المظاهرات ماشة والإضراب ماشي وكل الوضع قائم، الوضع الإستثنائي.

منصور: الحياة واقفة في البلد يعني؟

الإمام: نعم. فذهبنا نفس الوفد لمقابلة قادة القيادات في القيادة العامة. وكان واضح لنا إنه كان في ضغط من بعض الضباط إنه نحنا غير مستعدين…

منصور: (مقاطعاً) لتسليم السلطة.

الإمام: لا (مواصلاً) غير مستعدين أن نضرب المتظاهرين…

منصور: ااه

الإمام: نحنا كنا شاعرين إنه كان عندنا ظهر

منصور: ااه. في ضباط من داخل القيادة إنحازوا للشعب.

الإمام: نعم. نعم وبيروا أنه ما من مصلحة القوات المسلحة تشتبك مع الشعب.

منصور: يعني كان في برضو توجه من بعض الضباط إنه القوات المسلحة تشتبك مع الشعب حتى تبقى في السلطة وتقضي على الثورة.

الإمام: نعم. فإجتمعنا. كان أهم هاجس للقيادة، قيادة النظام…

منصور: عبود

الإمام: نعم. إنه لو سلمونا سيُحاكم…

منصور: همم… دايماً العسكر المفسدين بيخافوا من المحاسبة.

الإمام: فإتفقوا معنا. طيب نحن مستعدون لنسلم السلطة لقوى مدنية ضمن دستور 56، لكن نريد أن نسمع رأيكم في موضوع العفو.

منصور: إنكم تعفو عن العسكر ولا تحاسبوهم على إنقلابهم في فترة وجودهم في السلطة ستة سنوات أو إغتصابهم لها.

الإمام: نعم. أى حاجة. أنا قُلتُ لهم، طبعاً بموافقة الأخوان كلهم، نحن مستعدون أن نعطيكم كلمة شرف، مقابل تسليمكم السلطة للشعب، الا نحاسبكم على ما فعلتم. الدستور، دستور…

  منصور: (مقاطعاً) 56

الإمام: (مواصلاً) دستور 56 هو دستور برلماني…

منصور: لأن نظام الحُكم هو برلماني وليس رئاسي.

الإمام: (مواصلاً) ورأس الدولة ليس عندهم صلاحيات تنفيذية.

منصور: نعم

الإمام: فقالوا، لكى نطمئن، نحن نريدُكم أن توافقوا أن يستمر عبود رأساً للدولة بدون صلاحيات…

منصور: امم

الإمام: (مواصلاً) وتقوم الحكومة الإنتقالية، مدنية، تحظى بصلاحيات مدنية كاملة، إلى أن تجري الإنتخابات.

منصور: وبكدة كمان عبود حيحمي معيته من الضباط.

الإمام: طبعاً. وافقنا على أن تسترد السلطة. لأنه طبعاً كان واضح لينا مشكلتين، أنه إلى ذلك الوقت عبود يمكن يقاتل، كذلك هناك مشكلة الجنوب في حرب، فما في مصلحة إنه نحنا نستمر في المواجهة دي. فوافقنا، كل الموجودين دول وافقوا…

منصور: على أن يبقى عبود في السلطة ولكن تسلم الحكومة، السلطات إلى حكومة مدنية.

الإمام: نعم. طبعاً في من وافق وكان في نفسه، يعني شئ من حتى… ما موافقين… وافقوا لكن عايزين يعني نضللهم… فهمهم كدة. قامت الحكومة الإنتقالية، إتفقنا على رئيس وزراء محايد، وتمثيل للأحزاب السياسية في الحكومة المعنية، ولكن صار في تناقد.

منصور: إنتو إيه إخترتوا رئيس حكومة وعلى أى أساس وبأى طريقة؟

الإمام: مافي أساس غير أنه إنسان كان معلم وكان في الجنوب وعندو إيمان بمشكلة الجنوب، السيد سر الختم الخليفة.

منصور: طيب هنا محمد أحمد محجوب في مذكراته يقول: (إنكم عرضتم إسمه وآخرين، ولكن العسكر كانوا يرفضون.)

الإمام: لا لا ما عرضنا، نحنا من الأول إتفقنا على أنه، إتفقنا والسيد محمد أحمد محجوب لم يكن جزءاً من هذا التفاوض.

منصور: هو ماكانش جزء طيب، هل عبود والعسكر هم الذين إختاروا سر الختم الخليفة ولا أنتم رشحتوه وهم وافقوا؟

الإمام: يعني حصل تداول في الصفة، إنه شخص يكون محايد. فإبتدينا نتكلم، نتكلم، نتكلم لغاية ما إتفقنا على شخص السيد سر الختم الخليفة، بإعتباره محايد. وبالمناسبة هو عديلي.

منصور: عديلك؟

الإمام: ايوة.

منصور: آه

الإمام: هو زوجته إسمها زهراء الفاضل اللهى أًخت زوجتي سارا الفاضل، لكن دة ما لعب أى دور في المسألة دي، يعني ما…

منصور: (مقاطعاً) الكلام دة كان يوم 30 أكتوبر.

الإمام: نعم

منصور: يعني نحنا هنا الثورة مستمرة من 22 أو 21 إشتعلت جداً بمقتل الطالب الجامعي. والآن مستمرة بقالها تسعة أيام، لم تتوقف.

الإمام: ما توقفت.

منصور: لحين إختيار سر الختم الخليفة بتوافق بينكم وبين العسكر…

الإمام: تمام.

منصور: على أن يبقى عبود رئيساً دون صلاحيات.

الإمام: تمام.. للأسف الإخوة، خصوصاً في الحزب الشيوعي، رأوا بعد ذلك، أن نرفع شعار محاكمة عصابة 17 نوفمبر.

منصور: هم، 58 الهم كل الإشتركوا في الإنقلاب.

الإمام: الإشتركوا في الإنقلاب. إحنا في حزب الأمة قلنا لا، عند كلمتنا وأيدنا في ذلك جماعة الإخوان المسلمين. وقلنا لا، لا محاكمة، لأانه أعطينا كلمة، وإذا فعلنا هذه في السياسة، ستصبح كلمتنا لا قيمة لها. المهم حافظنا على كلامنا…

منصور: (مقاطعاً) وبدأتم تشكلوا الحكومة.

الإمام: وإتكونت الحكومة.

منصور: هنا الشارع هدي ولا لسة؟

الإمام: يعني نعم، يعني الشارع إستقبل الإجراءات في رأيي بصورة إجابية للغاية، وهدائت الأشياء، ولكن بداء لنا بأن وجود السيد إبراهيم عبود في رأس دولة فيه تناقد، يعني ما…

منصور: (مقاطعاً) الكلام دة في 15 نوفمبر.

الإمام: نعم.

منصور: يعني بعده بإسبوعين تغريباً.

الإمام: شوية لقدام.

منصور: طيب، وقت عملية تشكيل الحكومة، كيف تمت؟

الإمام: تمت عملية تشكيل الحكومة، بصورة يعني، سلسة جداً. الأحزاب كأحزاب تمثل بواحد، شخص واحد، وبقية الوزارات تكون لجبهة الهيئات.

منصور: أنا عندي هنا دكتور منصور خالد في كتابه السودان يصف الحكومة ومهمتها وتشكيلها ويقول: (كانت حكومة أكتوبر الإسم الذي ينطبق على الحكومة الإنتقالية تختلف عن كل الحكومات التي شهدها السودان من قبل، وهى أول حكومة وضعت مشكلة الحرب والسلام على أولوياتها. وهى أول حكومة أدركت أن مصلحة الوطن لن تتحقق مع هيمنة القوى التقليدية على الحكم، على أن إقبالها على ذلك المشكل كان مردوداً عكسياً فعند تشكيل الحكومة قررت القوى الحديثة بأسلوبٍ مستفز للقوى التقليدية أن تمثل بثمانية أعضاء مقابل خمسة للأحزاب وإثنين للجنوب. ثانياً كان سر الختم الخليفة رجل بلا ماضيٍ يرتبط بالسياسة الطائفية كما كان القدر من الخبرة في الجنوب بحكم عمله.) أنا هنا، الحكومة دي، كان فيها عدة مشاكل…

الإمام: أقول لك أنا. قراءة السيد منصور خالد دي كلام فارغ، وما عندها أى صلة، ولا عارف حاجة. الحصل هو الآتي، أولاً التمثيل ل…

منصور: (مقاطعاً) الشيوعيين.

الإمام: (مواصلاً) لالثمانية وزارات، دة كان خداع، لأنه الناس الدخلوا، دخلوا بصفتهم النقابية…

منصور: (مقاطعاً) وهم يتبعوا أحزاب.

الإمام: وهم يتبعوا لحزب آخر، ما كانش دة معروف.

منصور: اللهو الحزب الشيوعي.

الإمام: الحزب الشيوعي.

منصور: كدة يبقى نسبة الشيوعيين كانت عالية جوة الحكومة.

الإمام: بالظبط، يعني ما كانوا صادقين معنا. لمن إتقدموا هؤلاء، لأنه القرار، المسألة إنه نحنا أصحاب القرار، مش أى كلام تاني. القرار أنه الأحزاب تمثل بواحد.

منصور: نعم.

الإمام: لكن الآخرون، لكن الآخرين يدخلون بصفتهم نقابيين ومحايدين.

منصور: المحجوب بقول إنه كلها كان في ثلاثة شيوعيين وواحد منصة يعني كانوا أربعة جوة الحكومة.

الإمام: لا كانوا تمنية.

منصور: تمنية شيوعيين؟ همم

الإمام: نعم. ما دي المشكلة. المهم، أنا لازم احكي لك الحصل ايه.

منصور: احكي لي.

الإمام: أول مشكلة أثارتها هذه الحكومة، محاولة التنصل من الوعد لعبود، من أن يستمر رأس دولة للفترة الإنتقالية. وأنا إقتنعت بأنه فعلاً وضع السيد عبود في الفترة الإنتقالية كرأس دولة فيه تناقد.

منصور: (مقاطعاً) إنتو لإذاى ساوين ثورة قا يمة على عبود، وبعدين خاتين عبود على رأس حكم هذه الثورة.

الإمام: لا لا ما هى الموضوع كله إنه ما عايزين مصادمات، المهم…

منصور: (مقاطعاً) لكن إنتو أيضاً لم تُدركوا أن عبود هش جداً هو والمعاه، وإنكم لو كنستهم كانوأ حيتكنسوا.

الإمام: ما أنا داير أقول لك، لا، ما هم عندهم إمكانية، ما هو، يعني عندهم إمكانية يقاوموا، وفي رأيي إننا كلنا حمدنا له الموقف العاقل، الإنت شايف قدر ايه الغير العقلاء بيعملوا في المنطقة. على كل حال، أنا لمن لاحظت هذا التناقد، رأيت أننا ما ممكن نمشي في خط الحكومة ونأخذ موقف فيه تنصل عن وعدنا. ولذلك إستدعيت واحد ضابط في الجيش السوداني، محترم جداً.

منصور: مين دة المحترم دة؟

الإمام: أحمد عبدالوهاب، كان في المعاش.

منصور: مم

الإمام: (مواصلاً) لأنه هو من خرج من الجيش عندما حصلت المشكلة بتاعت محي الدين السلمان.

منصور: 59

الإمام: ايوة. قلت ليه يا أخ أحمد، أمشي للرئيس عبود، برسالة مني، قولو أنا برجوك تستقيل، تحلنا من الوعد، وتحلنا من التناقد، ونحن نضمن لك كل شئ متعلق بي…

منصور: (مقاطعاً) أمنك وسلامتك ومعاشك وغيره.

الإمام: (مواصلاً) إلى آخره، وعدم المحاسبة وكدة. أحمد عبدالوهاب مشى ليه، قال ليه أنا موافق وأشكر الصادق. وقد كان. بعد ما هو إستقال تكون مجلس سيادة بنفس التشكيلة بتاعت الحكومة…

منصور: لا أنا هنا في حاجة محجوب ذاكرها، وإنت صححهالي لأنها مختلفة شوية. (في إجتماع مجلس الوزراء في اليوم التالي قررنا إعتقال جميع أعضاء المجلس السابق فتم إعتقالهم بسرعة وهدوء فجر الحادي عشر من تشرين الثاني نوفمبر ونقلهم بالطائرة إلى زالنجي الواقعة في جزء معزول غرب السودان. في 15 تشرين الثاني نوفمبر تخلصنا من الرئيس عبود آخر رمز للحكم العسكري في السودان. فقد أعددنا له بياناً موجهاً إلى الأمة من الإذاعة، ففعل. وتوجه جميع أعضاء مجلس الوزراء إلى القصر لوداعه. وكانت رغبته الأخيرة إلتقاط صورة له مع الوزراء، وإبنه كان يدرس في لندن يبقى مع السفير ويأخذ راتبه التقاعدي أو إكرامية.)

الإمام: دة الإخراج، لكن الإتفاق بيني وبينه عبر أحمد عبدالوهاب. يعني ما قرار مجلس الوزراء. المجهود الأنا قمت به، هذا من وراء الكواليس.

منصور: نعم.

الإمام: المهم، تأتي المشكلة الأكبر. المشكلة الأكبر أن هذه الحكومة، السيد محجوب كان فيها، وفيها أغلبية شيوعية قررت تأجيل الإنتخابات. تأجيل الإنتخابات. لأنه حسب الميثاق الكتبناه، وبموجبه تمت كل الإجراءات، عمر الحكومة سنة. هم كانوا عايزين يزيدوا عمر الحكومة…

منصور: (مقاطعاً) همم.. كل البيقعد في الكرسي مش عايز يقوم من عليه.

الإمام: (مواصلاً) ايوااه. ولو خصوصاً في عدم توازن، هاهنا نحن وحلفائنا، وفي ذلك الوقت كانوا جماعة الإخوان المسلمين كانوا حلفائنا، قمنا بتحريك الشارع، نطالب بالإنتخابات في موعدها، ولا تتأخر الإنتخابات. ولكن بداء تناقد كبير، الحكومة بأغلبيتها…

منصور: (مقاطعاً) الشيوعيين.

الإمام: نعم. عايزة تعمل كدة.

منصور: لكى تبقى في السلطة وتأجل الإنتخابات.

الإمام: تمام. قمت أنا ذهبت لسر الختم…

منصور: (مقاطعاً) سر الختم الخليفة رئيس الوزراء.

الإمام: رئيس الوزراء. يا سر الختم، أنت تعلم أن هذا سيأتي بمواجهات في الشارع. هذه الحكومة تركيبتها غير متوازنة، يجب أن نغير هذه الحكومة، بحكومة بديلة ترجع تعود إلى توازن، لأن هذه الحكومة غير متوازنة، فيها ناس دخلوا بإسم النقابة وصاروا حقيقتاً ممثلين للحزب. قال لي نعمل كيف، لأنوا ما عندنا آلية. قلت ليه تستقيل، ونتفق مع رأس الدولة أن يعيد تكوينك، يعيد تعينك، وتعيين أنت حكومة جديدة.

منصور: يعني هنا كان في مجلس رئاسة، وكان الرئيس الأزهري في ذلك الوقت، رئيس مجلس الرئاسة؟

الإمام: لا لا لا دي كانت فيها تركيبة…

منصور: (مقاطعاً) من خمس أشخاص.

الإمام: (موصلاً) دورية.

منصور: دورية.

الإمام: وكان في ذلك الوقت دكتور التجاني الماحي هو رئيس المجلس. [3]

منصور: إنتو هنا في شهر ديسمبر أجبرتم سر الختم الخليفة على تقديم إستقالة حكومته.

الإمام: إتفقنا معاه مش إجبار. يا سر الختم، راعي الوطن، أنت شايف إذا الموضوع دة حُسم في الشارع، سيكون دماء.

منصور:  أنا هنا قدامي شئ محزن جداً من الساسيين السودانيين، لما عسكري يحكمهم بالحديد والنار، يرضخوا، والعسكري يقعد يحكمهم عشرات السنين. زى ما حنشوف نميري بعد كدة، وزى ما حتشوف الحكم العسكري بعد كدة. لما هم بيبقى قدامهم الشعب، بيختار سياسة ويمارس ديمقراطية من أعلى مستوى، هم يقعدوا يأكلوا في بعض، ويضيعوا الديمقراطية من أيديهم.

الإمام: لا لا لا الشعب ما رضخ. كل عسكري حكم السودان، عذبناه لغاية ما طردناه. لكن خلينا حسة نتكلم في المسألة دي. يعني مافي عسكري في السودان إستقر في حكمه. يجري شديد عشان يتبع لمكان واحد، كلهم. لكن خلينا حسة نتكلم عن…

منصور: (مقاطعاً) في 25 سنة في نظام بيوصف…

الإمام: لا 25 سنة في نظام، أنا بقول يا أخي، أنا بقول في الشريعة، الشقاء هو طول العُمر مع سوء العمل. دة شقاء. معليش أنحنا حنتكلم فيها بعدين، الشقاء دي.

منصور: نرجع، نرجع إلى ما حدث للطلب من سر الختم الخليفة بأن يقدم إستقالته، وقد قدمها بالفعل…

الإمام: لا لا ما وافق لغاية ما أنا قلت ليه نعمل ترتيب مع مجلس السيادة عشان يُعيد تعينه. فمشيت أنا للسيد في ذلك الوقت، السيد التجاني الماحي. التجاني الماحي لم يكن حزب أمة ولم يكن إتحادي، كان بيمثل القوى القومية العربية. وكان ما بيمثل قوى حزبية تقليدية.

منصور: نعم.

الإمام: لكن وطني. مشيت ليه وحكيت له الموقف، وقلت ليه أنا إقتراحي، سر الختم يستقيل، إنتو رأس الدولة، مجلس السيادة، تقبلوا إستقالتو وتعينوه…

منصور: (مقاطعاً) يكلفوهو مرة أُخرى.

الإمام: (مواصلاً) يكلفوهو مرة أُخرى بعدما يكون حكومتو إستقالت.

منصور: ويعود تشكيل الحكومة ويعدل التوازن بتاع تغلب الشوعيين فيها.

الإمام: تمام. أنا ما كنت، لمن إتكلمت مع التجاني، والله لا أعرف حيكون موقفو وين، لأني ما بعرف إتجاهه السياسي. لكني كنت بس أُراهن على وطنيته. قال لي نعم نعمل civil coup، نعمل إنقلاب مدني. هو بيضرب بيانو. راح على البيانو، يضرب في البيانو… هو إنسان، شخصية حلوة جداً يعني. فراح على البيانو، وراح يعزف لحن ال civil coup.

منصور: دة لحن أليفو يعني ولا كان أصلاً موجود؟

الإمام: والله يا أخي ما بعرف. لكنه بيقول لي تعال أسمع، هو بيقول لي ال civil coup.

منصور: إنقلاب مدني.

الإمام: الإنقلاب المدني. أنا حأتكلم مع زملائي، لأنه هو ما بيقدر يتخذ قرار براه، لوحده. عندنا نحنا واحد فيهم، لكن الأغلبية ممكن يقولوا لا. أقنعهم. إتفقنا مع سر الختم يقدم إستقالته. مجلس السيادة قبل إستقالته وأعاد تكوينه [4]، وإتكونت حكومة جديدة بتوازن فعلي، مش التوازن الوهمي الذي كان بسبب أننا ما كنا أخذنا في الحسبان أن بعض هؤلاء الذين دخلوا كانوا، نعم نقابيين لكن كانوا أيضاً حزبيين.

منصور: إنت هنا بتبين لي وكأنك إنت الكنت بتحرك كل السياسة السودانية من وراء الكواليس، رغم أن عمرك كان 29 سنة وكان في سودانيين فطاحل وكان في قوى أُخرى.

الإمام: بيكون في فطاحل وبيكون في كل شي… أنا بقول لك الحصل. أنا ما، يعني دة مش من باب… لأنه أنا عايز أقدم شهادة. دة الحصل. وهذا الذي حصل موجود كله وموثق. يعني مش الكلام الأنا بقول له لك على أساس أنه داير أفتري أو داير أدعي. يا أخي، قد يوجد الحلم في الشبان والشيب. مسألة أن يقاس الناس بعمرهم، دة كلام ما عنده أى أساس.

منصور: مش غرور منك في السن دوت.

الإمام: بس ليه أنا بس شاعر بمسؤلية.

منصور: طيب إنت لسة داخل السياسة أول أمبارح.

الإمام: لا ما أول أمبارح. أنا على طول فترة الرئيس، الفترة الإنتقالية، أنا الأمين العام للجبهة القومية المتحدة. أنا على طول الفترة دي شغال في السياسة. فمسألة أنه ما هو عمري دة كلام ما عنده وزن … المهم ماذا فعلت … أنا بعتقد الناس، البشر لا يقاسون بسنهم مثل البهائم. مثل لبون ولا تنمي ولا غيره، دة للبهائم، للذبح

قيمةُ الإنسانِ ما يُحسنُهُ … أكثرَ الإنسانُ منهُ أمْ أقَلْ.

 

*******

 

 * كتب من فيديو الحلقة السادسة لبرنامج شاهد على العصر بواسطة سودانيوز

الحلقة السادسة الجزء الثاني

تُوثق قناة الجزيرة القطرية عبر ( برنامج شاهد على العصر) الذي يقدمه الإعلامي أحمد منصور للإمام الصادق المهدي، ولازالت الحلقات متواصلة وشيقة ولتسيير المتابعة رأت (الجريدة) نشر الحلقات ..وافق مكتب الإمام مشكوراً على ذلك وأرسل الحلقات محررة وهي جديرة بالإهتمام لمافيها من معلومات ثرة تتوفر لأول مرة.

أحمد منصور: ولد الصادق المهدي في العباسية بأم درمان في السودان في الخامس والعشرين من ديسمبر عام ۱۹۳٥م، والده هو الصديق المهدي مؤسس حزب الأمة وإمام الأنصار خلفاً لجده عبد الرحمن المهدي، التحق الصادق المهدي بداية في جامعة الخرطوم لدراسة الهندسة الزراعية لكنه تركها وانتقل لدراسة الاقتصاد والسياسة والفلسفة في جامعة أوكسفرد في بريطانيا، التي تخرج منها عام ۱۹٥۹م (الإمام تخرج في ۱۹٥۷ – المكتب الخاص للإمام)، انغمس بعد عودته للسودان في العمل السياسي، وكان من أبرز المناهضين لنظام عبود العسكري حيث تولى رئاسة الجبهة الوطنية الموحدة المعارضة (الجبهة القومية المتحدة- المكتب) للنظام العسكري حتى سقوطه في العام ۱۹٦٤م، شارك في صياغة ميثاق ثورة أكتوبر عام ۱۹٦٤م، كما اختير في نوفمبر من نفس العام رئيسا لحزب الأمة. انتخب رئيساً لوزراء السودان للمرة الأولى في شهر يوليو عام ۱۹٦٦م وبقي في منصبه حتى منتصف مايو عام ۱۹٦۷م. ترأس الجبهة الوطنية المعارضة لنظام جعفر نميري بين عامي ۱۹۷۲م و ۱۹۷۷م. شارك في ثورة أبريل عام ۱۹۸٥م التي أطاحت بنظام نميري العسكري. انتخب مرة أخرى رئيساً لوزراء السودان في السادس من مايو عام ۱۹۸٦م، وبقي في منصبه حتى أطاح به الانقلاب الذي قاده عمر البشير في الثلاثين من يونيو عام ۱۹۸۹م، يتولى الصادق المهدي إمامة الأنصار علاوة على رئاسته لحزب الأمة. ولم يتوقف نشاطه السياسي بعد الإطاحة به. وقد أدى نشاطه السياسي لاعتقاله عدة مرات. نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر السودان الحديث..

الإمام الصادق المهدي في حواره مع أحمد منصور:

الحلقة السادسة

لم يكن هناك رضا على الديمقراطية في السودان لا من الغرب ولا من الجيران!!

قامت دوشة كبيرة جداً بين أسرتي ومرشحها محمد أحمد محجوب، وانا مرشح القاعدة، وصوتوا، وانا أخذت ٩٠% من الأصوات!!

الإمام الصادق المهدي في الحلقة السادسة من شهادته على العصر

الإمام: نعم.

منصور: هذا وقع بين ۱٦ و ۱۹ مارس ۱۹٦٥م، كان تحت رئاسة مدير جامعة الخرطوم دكتور النذير دفع الله، كان فيه ۱۸ ممثل عن الأحزاب والقوى السياسية الشمالية، و[5] ۲٤ عن الجنوبيين لأنكم كنتم تحاولون في هذه المرحلة أن تعالجوا الإشكالية الكبرى التي سببها العسكر والتي تحدثنا فيها عما يحدث في الجنوب. لماذا لم ينجج المؤتمر؟

الإمام: لماذا لم ينجح المؤتمر؟ الكلام بتاع الدكتور منصور خالد، يتكلم عن القوى التقليدية والقوى الغير كدة، مفاهيمه الحديثة الأخيرة يسقطها على الماضي. ولكن، صحيح السيد سر الختم الخليفة ومن معه لعبوا دوراً مهماً في الدعوة للمائدة المستديرة، ولكن نحن في حزب الأمة كذلك لعبنا دوراً مهماً، وأنا انتبدت السيد داؤد عبد اللطيف لمقابلة السيد وليم دينق في الخارج، لإقناعه بضرورة حضور مؤتمر المائدة المستديرة، وانعقدت المائدة المستديرة وللأسف كان هناك شخصان هما كانا مسئولين عن تفجير المؤتمر، وهما السيد علي عبد الرحمن من جانب، وهو ممثل حزب الشعب الديمقراطي.

منصور: الذي يرأسه الازهري؟

الامام: لا، الذي..

منصور: (مقاطعاً) اللي هم الختمية..

الإمام: نعم، واللي هو عنده حساسية من أي كلام فيه لا مركزية، وتحدث بلغة من هذا النوع، لغة متطرفة ضد مطالب الجنوبيين. وتحدث بلغة متطرفة أخرى أقري جادين، اللي هو من الجنوبيين، فمن بين الاثنين دول وضعوا كلاماً صدامياً ما فيهوش مجال لوفاق، لكن نحن مع السيد وليم دينق الذي كان رئيس حزب سانو، صرنا نمثل الاعتدال في هذا المجال، فلما استمر المؤتمر بدون فائدة، لأن الفكرة كانت أن القرار لن ينبني على الأغلبية وإنما على التراضي..

منصور: ولكن هنا قلت إن منصور خــالــد قــال كــلام، لكن منصور خــالــد قــال كـــــــــلام كويس، منصور خـــالـــد قال إن ســــــر الختم الخليفة قال خطاب توافقي ممتاز، ولكن الذي فجر الموضوع هو الخطاب العنصري لإسماعيل الأزهري كما
قال، والفوقية التي تحدث بها مع الجنوبيين، وقال إن الجنوبيين لم يلتقطوا مبادرة الشماليين بالمصالحة وظلوا تحت ضغط حركة أنيانيا المتشددة..

الامام: يعني أنا رأيي إن الكلام المتشدد كان من علي عبد الرحمن وليس الأزهري. الكلام المتشدد الرافض لأي نوع من التصالح مع الجنوبيين. على كل حال نحن رأينا إنقاذ الموقف، بأنه بدلاً عن أن نعلن فشل المؤتمر أن نعلن تحويل صلاحيات المؤتمر للجنة إثني عشر.

منصور: أيوة، شكلتوا ۱۲ واحد لمتابعة النتائج..

الإمام: أيوا، لمتابعة النتائج، ونعتقد أن هذه اللجنة عملت عملاً عظيماً جداً، في النهاية حينما تم اتفاق ۱۹۷۲م في عهد نميري، فإنه قد تأسس، وسوف نتكلم عن هذا الموضوع في مرحلته، تأسس اتفاق أديس أبابا الذي عقده نميري كأساس صلح للجنوب على مجهودات ومخرجات لجنة الاثني عشر..

منصور: المنبثقة عن مؤتمر المائدة المستنديرة،

الإمام: المنبثقة من مؤتمر المائدة المسستديرة، بمعنى أن مؤتمر المائدة المستديرة لم يمت نهائياً، وإنما وجدت آلية أخرى لاستمراره هي لجنة الاثني عشر، وبعدين نحن لما جينا في الحكومة انا عملت ليها مرحلة ثالثة وهي: المائدة المستديرة، لجنة الاثني عشر، ومؤتمر كل الأحزاب. [6]

منصور: أنا بدخل معاك شوية في التفاصيل لسبب أن الأجيال الحالية وربما حتى الأجيال التي عاشت هذه الأحداث، ليست ملمة كثيراً بالتفاصيل،

الإمام: صحيح..

منصور: الناس لا تقرأ للأسف الشديد وهذا ما يجعلني أيضا أقرأ بعض النصوص من الكتب، وأنت رجل عايشت الأحداث على مدى ستين عاما، ونريد من الناس أن تفهم التفاصيل بشكل أساسي، لا سيما وأن دورك السياسي لم يكن قاصراً على وجودك في السلطة وإنما بقيت تمارس الدور السياسي والزعامي منذ وفاة والدك وحتى الآن. هنا بدأ الشعب كله يتهيأ لانتخابات ٦٥ وهي أول انتخابات كانت تجري في السودان بعد انتخابات ٥۸ التي نتجت عنها حكومة عبد الله خليل واستيلاء العسكر على السلطة كما أفردنا في الحلقات السابقة. بيتر وودورد في كتابه عن السودان الدولة المضطربة يقول إن انتخابات ٦٥ كان فيها تميُّز عن الانتخابات السابقة، تم إلغاء مجلس الشيوخ الذي كان يتكون من شيوخ القبائل عادة وغيرهم، ومنحت
المراة حق التصويت للمرة الأولى في السودان والترشح أيضاً، تم تخفيض سن الناخبين من ۲۲ سنة إلى ۱۸ سنة. انت حتى شهر مايو ۱۹٦٥م لم تكن قد بلغت ال ۳۰ عاماً ولم يكن من حقك الترشح للانتخابات.

الإمام: نعم.

منصور: فلم تترشح.

الإمام: نعم.

منصور: لكن رغم إنك لم تشارك كنت برضه عمال تلعب في الانتخابات.

الإمام: لا أبداً، قدت الانتخابات، ما هو أنا وهذه هي النقطة، لقد كان حجمي في العمل أكبر بكثير جداً من أي موقع.

منصور: إنت هنا غرست مرة واحدة. يعني من واحد عايز تشتغل في الزراعة وبعيد عن السياسة إلا إنك رحت نازل في السياسة بإيديك وسنانك كمان.

الإمام: أيواا، يعني اضطرتني الظروف فغيرت مساري، المهم، أهم من هذا تكوين حزب الأمة، ما هو بعد ما..

منصور: عادت الحياة السياسية.

الإمام: عادت الحياة السياسية..

منصور: أعدتم تشكيل حزب الأمة.

الامام: أيوة. انطرح لنا ماذا نفعل في حزب الأمة، لأنه كان مافي. فالذي حدث هو انه عندنا كان مجلس اسمه مجلس الإمام. مجلس الإمام قرر إننا نحن في هذا المجلس نعين دستور حزب الأمة، وقيادة حزب الأمة بموجب هذا الدستور: رئيس الحزب، والمكتب السياسي، والأمين العام. أنا في داخل هذا المجلس قلت لا، نحن دلوقت دخلنا في مرحلة فيها قوى جديدة ولا يمكن نمشي كما كنت.

منصور: يعني القوى القديمة كانت الثلاثة أحزاب الرئيسية حزب الأزهري والميرغني والمهدي، والآن دخل الأخوان المسلمون ودخل الشيوعيون ودخلت قوى.

الإمام: نعم صارت هناك قوى جديدة، فأنا قلت نحن لازم نتمشّى مع المستجدات، طيب نعمل إيه؟ اقترحنا وقبل الآخرون، أن ندعو كل عضوية حزب الأمة كجمعية عمومية ونطرح لهم الفكرة.

منصور: اللي هي؟!

الإمام: دستور..

منصور: للحزب جديد..

الإمام: للحزب جديد، وانتخاب رئيس للحزب، وانتخاب أمين عام للحزب، وانتخاب مكتب سياسي.

منصور: هنا برضه عايزين نفصل ما بين حاجتين، أن عمك الهادي المهدي هو إمام الأنصار ومافيش جدال في هذه النقطة.

الإمام: نعم.

منصور: لكن والدك كان رئيس حزب الأمة والحزب عُطّل من قبل العسكر، الآن بعد عودة العسكر ووفاة والدك انت دعيت لقيادة وانتخابات جديدة للحزب ودستور جديد.

الإمام: نعم..

منصور: هنا بتقول إن زعيم الأنصار حاجة، وزعيم حزب الأمة حاجة.

الامام: نعم، وأصلا في التاريخ كان كده لأن والدي لما كان إماما لم يكن هناك حزب.. لأنه هو صار إمام في الفترة بعد وفاة والده ولم يكن هناك حزب أصلا.

منصور: وكان جدك إمام الأنصار ووالدك رئيس الحزب.

الإمام: نعم. فدعينا الناس. يمكن زي الف شخص.

منصور: قبل الانتخابات؟

الإمام: قبل الانتخابات.. أول ما بقينا عاوزين نكون الحزب.

منصور: نعم.

الإمام: أسرتي قدمت السيد محمد أحمد محجوب رئيساً للحزب. أول شي عملنا دستور ديمقراطي. بحيث لا نعين نحن الدستور ولا نعين الرئيس ولا غيره، وافق الناس على هذا الإجراء واتفقنا على دستور ديمقراطي. أسرتي رشحت السيد محمد أحمد محجوب رئيساً لحزب الأمة. قاموا ناس من ال floor (القاعدة)  قالوا: يعني نحن نكافيء ناس أخدوا معاش من السياسة على طول الفترة دي، والناس الذين مسكوا الجمرة وحرروا البلاد ولعبوا دور في اكتوبر نبعدهم لا، نحن نرشح الصادق..

منصور: هذه بداية الخلافات بينك وبين المحجوب.

الإمام: ايوه.. نحن نرشح الصادق.. وقامت دوشة كبيرة جداً بين أسرتي ومرشحها محمد أحمد محجوب، وانا مرشح القاعدة، وصوتوا، انا اخدت ۹۰٪ من الأصوات. باعتبار انهم يتحدثون عن أدائي وليس عن انا ابن من؟

منصور: تفتكر التاريخ بالضبط؟ هنا الانتخابات في مايو ٦٥…

الإمام: يعني في نوفمبر ۱۹٦٤م حاجة زي دي [7]..

منصور: نوفمبر دة على طول بعد الانقلاب يعني..

الامام: لا لا.. يعني قبل الانتخابات.

منصور: يعني قول في بداية سنة ٦٥

الإمام: مثلا، لا ليس في بداية ٦٥ ، لأنه كانت بتكون سني صارت ۳۰…

منصور: لا إذا سنك ۳۰ دي حاجة تانية، اذا سنك ۳۰ بقينا بعد الانتخابات وبقينا في نهاية سنة ٦٥

الإمام: ايوة، المهم.

منصور: لا خلينا هنا أصل انا عندي فواصل مهمة في التاريخ مهم..

الإمام: لا بس انا ما بذكره..

منصور: لا انا ح اذكره انا..

الإمام: طيب.

منصور: بس خلينا معاك في الانتخابات دلوقتي قبل ما ندخل معك على الصراعات على قيادة حزب الأمة..

الإمام: لا ما هو هذا هو تكوين حزب الأمة نفسه. انا بتكلم عن تكوين حزب الأمة.

منصور: هنا تكوين الحزب وليس الانفصال؟

الإمام: أيوة، لا لا، تكوين حزب الأمة.. ففي تكوين حزب الأمة قيادة أسرتي كانت مع..

منصور: المحجوب ضدك.

الإمام: مع المحجوب، ومع محمد داؤد..

منصور: مين محمد داؤد؟

الإمام: محمد داؤد الخليفة، عشان يكون أمين عام، القاعدة قلبت الموضوع.

منصور: وقالوا..

الإمام: وقالوا الصادق رئيس وعبد لله نقد لله الأمين العام، وقُبل هذا.. على أساس هذا رأي الجماعة..

منصور: قبل من مين؟

الإمام: قبل من المجموعة كلها.. ما خلاص عملنا تصويت..

منصور: يعني انت قبل الانتخابات كنت رئيس الحزب؟

الإمام: نعم، وأنا الذي قدت الانتخابات وهذه أصلها من الأشياء التي أبرزتني أنني قدت الانتخابات ولأول مرة في التاريخ جئت بأغلبية لحزبنا، أكثرية لحزب الأمة في الانتخابات..

منصور: ۷٦ صوتاً [8]، لكن هنا انت تذكر جيداً انك قدت هذه الأمور قبل ما تتمم ۳۰ سنة. (كان الصادق المهدي موجوداً في بيروت اثناء إعلان نتائج الانتخابات، وكان يتوقع هزيمتي وقد صرح بآرائه هذه في بعض الأوساط اللبنانية.. واستغرق فرز الأصوات في دائرتي أكثر مما كنت أتوقعه إذ كان الإقبال على التصويت كبيراً، لم يخض الصادق المهدي الانتخابات لأنه لم يكن قد بلغ السن القانونية، ولم يغتبط كثيراً عندما درى بفوزي).

الإمام: لا.. هذه مرحلة ثانية..

منصور: لا لا.. محمد أحمد محجوب..

الإمام: هذه ۱۹٦۸م..

منصور: لا لا. هذه انتخابات ۱۹٦٥م: (فاز حزبنا بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات العامة..)

الامام: مين اللي قاد هذه الانتخابات؟ رئيس حزب الأمة من قال؟

منصور: (قرر زعيم حزب الأمة الهادي المهدي أنه يجب أن أكون رئيساً للوزراء، وعاد الصادق المهدي من بيروت وبدأنا المفاوضات بشأن الحكومة واتخذ الحزب موقفاً متصلباً في البداية ولكن تم الاتفاق)..

الإمام: أصلا أنا في ذلك الوقت ما عندي خلاف مع المحجوب يكون رئيس الوزراء، ما كان عندي أصلا..

منصور: طب ما انا بقولك دلوقتي.. انتخابات ۱۹٦٥م انت ما لعبتش دور فيها..

الإمام: أنا الذي لعبت الدور الأساسي فيها لأنه أنا كنت رئيس الحزب،

منصور: هنا يقول إن الهادي المهدي هو الذي كان رئيس الحزب.

الإمام: السيد الإمام الهادي كان إمام الأنصار. والذي قاد انتخابات ٦٥ لدى اي انسان عنده فهم في السياسة السودانية كنت انا، لأني كنت رئيس الحزب. رئاسة الحزب لم تكن مبنية على سن، كانت مبنية على أداء في كل الفترة الماضية.

منصور: امال انتو اختلفتوا بعد كده على جناح الهادي المهدي، اختلفتوا على إيه اصلا الا ان كان الامام الهادي هو رئيس الحزب.

الإمام: لا يا حبيبي..

منصور: طب ما انا حاجي ليها.. بس خليني الآن في نتائج الانتخابات. الانتخابات أدت إلى ان حزب الأمة فاز
ب ۷۳ مقعدا، والوطني الاتحادي ٥۱ مقعدا، والاخوان المسلمون بقيادة الترابي ۳ والمستقلون ۱۸ . [9] وحزب الأمة شكل حكومة ائتلافية مع الوطني الاتحادي برئاسة محجوب. من الذي الذي اختار المحجوب رئيسا للحكومة؟

الامام: لم يكن هناك خلاف في المكتب السياسي ولا الهيئة البرلمانية في أن يكون المحجوب رئيسا للوزراء.. ما كان في..

منصور: ولا منك انت؟

الإمام: ولا مني ولا من أي حد؟

منصور: ولا كان في بينك وبينه مشاكل؟

الإمام: ولا في أية مشاكل، هي المشكلة جاءت بعد كدة. وأصلها لم تكن بيني وبينه وسوف أوضح الكلام. الكلام هذا هو يكتبه بعد ..

منصور: ۱۹٦۹م..

الإمام: يعني قراءة للتاريخ مختلفة. أنا صرت رئيساً لحزب الأمة، والإمام الهادي لم يكن اسمه زعيم حزب الأمة كان اسمه
راعي حزب الأمة، وأنا قدت انتخابات ٦٥ مثلما قدت كل المراحل التي ذكرتها لك في الماضي.

منصور: أنا سآتي لها بالتفصيل وقت الصراع.. هنا نظام ديكتاتوري في مصر يقوده جمال عبد الناصر، والسودانيون الذين دائماً عبد الناصر ينظر لهم نظرة دونية، أو المصريون ينظرون لهم، أقاموا نظاما ديمقراطياً وانتخابات حرة نزيهة تنفست فيها الأحزاب والقوى وعلى رأسها الأخوان المسلمون الذين كان عبد الناصر يصدر عليهم أحكاماً بالإعدام وحاططهم في السجون.. تأثير الانتخابات دي على عبد الناصر إيه؟

الإمام: شوف، لم يكن هناك رضا على الديمقراطية في السودان لا من الغرب ولا من الجيران..

منصور: ليه؟

الإمام: لأن الديمقراطية في السودان بتلخبط المعادلات في المنطقة كلها، لأنها تستجيب لأشواق الشعوب، وما في حد عاوز
أشواق الشعوب يُعبر عنها، ولذلك..

منصور: وهذا سر محاولة إسقاط ثورات الربيع العربي الآن بعد ٥۰ سنة من ثورة السودانيين في ٦٤؟

الإمام: أيوة.. لما وقع الانقلاب مثلاً الأخير بتاع ۸۹ ، كانت الحكومة المصرية أكثر الناس ترحيبا به، وكذلك الأمريكان.

منصور: ما هو رحب به مبارك لأنه اعتقد انه انقلابه لأنه كان بيجهز لانقلاب..

الامام: أيوة، والأمريكان كانوا ضدنا..

منصور: أنا حاجي بالتفصيل لأنك انت كنت رئيس الحكومة التي قام العسكر بالانقلاب عليها ومش عاوز استبق الأحداث..

الإمام: كانوا ضدنا لأنهم اعتبروا عندنا استقلال في القرار.

منصور: شُكّلت في ۱۳ يونيو ۱۹٦٥ حكومة برئاسة محمد أحمد محجوب. حزب الأمة كان الحزب صاحب الأغلبية، كانت
حكومة ائتلافية ديمقراطية نتاج لثورة الشعب السوداني في ۲۱ أكتوبر ۱۹٦٤م التي قضى فيها على انقلاب العسكريين
الذي استمر ست سنوات. لكن بدأت الشحنات والصراعات أيضاً بين القادة السياسيين حتى داخل حزب الأمة نفسه والذي انقسم إلى قسمين وكذلك حصل صراع بينك وبين المحجوب، توليت أنت على إثره رئاسة الوزارة بعد ذلك، أبدأ معك الحلقة القادمة بالتفاصيل.

الإمام: إن شاء لله..

* رصد وتحرير وتحقيق المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي

الجريدة

تاريخ بث الحلقة السادسة في قناة الجزيرة يوم الأحد 30 أغسطس 2015

 ________________________________________________________

[1]  في أدبيات أخرى يذكر الحبيب الإمام أن وفد التفاوض  سباعي ضم إلى جانبه كل من الأخوة: مبارك زروق، بابكر عوض الله، حسن الترابي، أحمد سليمان، أحمد السيد حمد، وعابدين إسماعيل. في السرد هنا سقط اسم السيد عابدين إسماعيل من جبهة الهيئات.

[2]  في منتصف نهار الاثنين 26 أكتوبر عقد مجلس الوزراء اجتماعا طويلا استعرض فيه الموقف، وقرر قادة النظام العسكري في النهاية  حل المجلس الأعلى ومجلس الوزراء وتكوين حكومة انتقالية تشرف على التحول الديمقراطي. وقرروا الاتصال بالجبهة الوطنية للتفاوض حول الأمر. وفي صباح الأربعاء 28 أكتوبر توجه وفد التفاوض من الجبهة الموحدة للقصر الجمهوري. وفي 30 أكتوبر تم الاجتماع في القيادة العامة.

[3]  مجلس السيادة كانت الرئاسة فيه دورية. وأعضاؤه السادة: د عبد الحليم محمد، د. التجاني الماحي، د. مبارك الفاضل شداد، إبراهيم يوسف سليمان، ولويجي أدوك.

[4]  تقدم رئيس الوزراء السيد سرالختم الخليفة  بالاستقالة في 18/2/1965م، فأقال رئيس مجلس السيادة الوزارة ثم أعاد تشكيلها بالاتفاق مع رئيس الوزراء في 24/2/1965م على أساس جديد.

[5]  يذكر الدكتور محمد عمر بشير في كتابه مشكلة جنوب السودان إن عدد الجنوبيين كان 27، وإن المؤتمر استمر من 16 مارس وحتى آخر مارس 1965م

[6]  كان ذلك في 17 أكتوبر 1966م

[7]  التاريخ الذي ذكره الإمام صحيح: اجتمعت الهيئة التأسيسية من 180 شخصاً واختتمت أعمالها في 14/11/1964م وقررت أن تتولى بنفسها انتخاب الرئيس والأمين العام، وعدلت الدستور وأجرت الانتخابات، وفاز السيد الصادق المهدي رئيسا، والسيد الأمير عبد الله نقد الله أمينا عاما والسيد أمين التوم نائبا للأمين العام. وانتخب المكتب السياسي،  وبارك الإمام هذه القرارات. وفي 25-26 ديسمبر 1964م دعا المكتب السياسي لمؤتمر عام حضره المئات من قادة الحزب الإقليميين.  واستمر المؤتمر لثلاث أيام أجاز في النهاية دستور الحزب ولوائحه وبرنامجه (نحو آفاق جديدة) وقبل عودة الأعضاء لأقاليمهم دعوا لاجتماع مشترك مع المكتب السياسي وأعضاء الهيئة التأسيسية  في 31/12/1964م وخاطبهم الإمام الهادي المهدي مباركا قراراتهم.

[8]  نال حزب الأمة في تلك الانتخابات 93 مقعداً

[9]  الأرقام التي جاء بها الأستاذ أحمد منصور تتعارض مع مصادر الأخرى. نال حزب الأمة (92) مقعدا في مقابل 73 مقعدا للوطني الاتحادي و18 مستقلون و11 للحزب الشيوعي (ثمانية أعلنوا توجههم وثلاثة نزلوا كمستقلين) و10 مقاعد لكل من سانو وكتلة جبال النوبة ومؤتمر البجا و5 للميثاق الإسلامي و2 للأحرار الجنوبيين و2 للوحدة، وقاطع الانتخابات حزب الشعب الديمقراطي. راجع مثلا أحمد أبو شوك والفاتح عبد السلام (الانتخابات في السودان) وحزب الأمة (انتخابات أبريل 2010 في الميزان).