الإمام الصادق المهدي في حوار مع صحيفة “الأخبار” (3-3)

الإمام الصادق المهدي في حوار مع “الأخبار” (3-3)

الاربعاء 28/2/2018م

في الخامس والعشرون من ديسمبر، في العام 1935 م شهد حي العباسية الأمدرماني العريق صرخة ميلاد الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي، وتلقى المهدي تعليمه في عدد من المدارس داخل البلاد وخارجها، والتحق بعدها بجامعة أوكسفورد في العام 1954 م التي نال منها شهادة جامعية بدرجة الشرف في (لاقتصاد والسياسة والفلسفة)، وبعدها نال درجة الماجستير من ذات الجامعة، وشغل المهدي عدة مناصب قيادية منها، رئيس الجبهة القومية المتحدة، وانتخب رئيساً لحزب الأمة في العام 1964 م وظل رئيساً للحزب منذ ذلك الوقت وحتى الآن، كما أنتخب رئيساً لوزراء السودان في الفترة من 25 يوليو 1966 حتى مايو 1967 م وتم اختياره رئيساً للجبهة الوطنية، وانتخب رئيساً لوزراء السودان في الفترة من 1986 – 1989 م وله عدد من المؤلفات والكتب منها على سبيل المثال لا الحصر(مسألة جنوب السودان، وجهاد من أجل الاستقلال، ويسألونك عن المهدية، والعقوبات الشرعية وموقعها من النظام الإسلامي، وتحديات التسعينيات، والديمقراطية عائدة وراجحة) وغيرها من الكتب والمؤلفات والأوراق العلمية، وفي إطار بحثها عن الحقائق والمعلومات جلست صحيفة (الأخبار) مع الصادق المهدي في منزله بأمدرمان وطرحت عليه عدة أسئلة منها المتعلق بحزب الأمة وشعاراته وعلاقتها بالواقع الراهن، وسألناه عن مسيرة الحزب والمشاكل والعقبات التي واجهته طوال مسيرته الطويلة، اربتاط حزب الأمة بأسرة المهدي، وتأثير الشرخ الاجتماعي لأسرة المهدي على الحزب، والربط بين القداسة والسياسة، وممارسة الإسلام السياسي، جميعها كانت حاضرة في حوارنا مع المهدي، وعرجنا معه إلى طبيعة الخلاف بينه وبين مبارك الفاضل، ورأيه في عسكرة الصراع السياسي، وتباين مواقف أحزاب المعارضة تجاه الحكومة وإسقاطها، وتطرقنا معه إلى علاقة حزب الأمة بإسرائيل. استمع الرجل إلى كل أسئلة (الأخبار) بأدب جم، ورد عليها بكل طيبة نفس وأريحية، وكانت حصيلة ردوده هذا الحوار..

لماذا معارك التغيير داخل حزب الأمة دائما تقود إلى انشقاقات داخل الحزب؟

ما في معارك تغيير ادت إلى انشقاقات هذا كله “كلام فارغ” الانشقاق الأول حدث عام 2002م سببه تآمر من طرابلس والخرطوم تامروا وكانوا يريديون أن يضغطوا على حزب الأمة كي يدخل الحكومة وتامروا مع مبارك الفاضل. وهذا التامر فعلا احدث انشقاقاً ولكنه كان انشقاقا اختراقيا ونحن أصدرنا كتابا اسميناه “الانشقاق والاختراق” وهذا كان اختراقا بموجب قوة خارج حزب الأمة وفي رأيي فشلت تماما المؤامرة هذه لأنه نتيجة لها الناس الذين خرجوا باسم حزب الاصلاح والتجديد تمزقوا “شذر مذر” بعضهم دخل المؤتمر الوطني وأغلبيتهم رجعوا إلى حزب الأمة، والبقية أسسوا لهم أحزاب “فكة” وسمو انفسهم حزب أمة وهذا هو الانشقاقا الأول وليس له دخل باصلاح وهذا كان مؤامرة لناس كانوا يريدون أن يدخلوا حزب الأمة في الحكومة والحزب كان رافض.

حدث خلاف آخر في المؤتمرالسابع والذي تم بكامل الإجراءات وحضر الناس وانتخبوا اللجنة المركزية وانتخبوا المكتب السياسي وكل إنسان ترشح وسقط ذهب وبارك لمن فاز وتم كل شيء على ما يرام وبشهادة مجلس الأحزاب وكذلك بشهادة الفيديو الذي سجل هذا الحدث وكان الدكتور آدم مادبوا غائبا وكان لديه لوبي داخل الحزب وعندما حضر كان غير راض على انتخاب الفريق معاش صديق محمد إسماعيل النور ولذلك تحفظ على قرارات المؤتمر السابع وتحفظ بعد أن اتخذت جميع القرارت بطريقة ديمقراطية كاملة وعلى أي حال منذ ذلك الوقت أغلبية الذين تحفظوا عادوا إلى حزب الأمة ومن أهم هؤلاء محمد عبد الله الدومة وإسماعيل آدم وغيرهم وكانت هناك هيئة مركزية اتخذت قرارات والدكتور إبراهيم الأمين قاطع الهيئة المركزية والهيئة المركزية اتخذت قرارا هو استنكر هذه القرارات. ولكن حتى هذه المسألة اتضح فيها ضرورة لم الشمل والآن الدكتور إبراهيم الأمين واغلبية الاشخاص الذين كانوا متحفظين هم الآن سوف يشتركون في المؤتمر الثامن، لأنه تحفظ على صلاحية الهيئة المركزية وعلى كل حال هي نفس الهيئة المركزية التي انتخبته، أنا في رأيي لا يوجد حديث عن ان هناك اشخاصا عارضوا الإصلاح هناك ناس تحفظوا على بعض الإجراءات المؤسسية وفي النهاية هذه القرارات الآن صارت بصورة أساسية لأن كل  القرارات منسوبة للمؤتمر العام السابعأو للهيئة المركزية وهذه المؤسسات حزبية.

ما هي طبيعة الخلاف بينك وبين مبارك الفاضل والتي قادت من قبل إلى انشقاق الحزب ولا زالت مستمرة؟

مبارك استخدمته جهات لاختراق الحزب وعندنا كتاب في هذا الأمر وفشل الاختراق وذهب وانضم للجهبة الثورية، وعاد وانضم للمؤتمر الوطني وفي مرحلة ما هو يتأمر مع الخرطوم وطرابلس قام بمحاولة شق حزب الأمة والذين ذهبوا معه اغلبيتهم عادوا لحزب الأمة أمثال “علي حسن تاج الدين” والآخرين تمزقوا وهو يئس من هذه المسألة وخرج من السودان لأن مشروعه فشل وهناك انضم للجبهة الثورية وأيضا فشل هناك وعاد للسودان لكنه رجع في هذه المرة أداة من أدوات المؤتمر الوطني هي المكايدة لحزب الأمة “وظفوه ناس المؤتمر الوطني للكيد لحزب الأمة” وأن هنأتهم وقلت لهم اخذتم السيد وتريدون أن تحدثوا به مكايدة لحزب الامة ولكنه سيحدث لكم فرقعة في داخلكم. لكن مبروك عليكم.

ما هو رأيك في عسكرة الصراع السياسي وتعدد التمرد وهل يعني ذلك فشل النخب السياسية في البلاد؟

قال غاندي كل عمل يأتي بالعنف يحتاج للعنف ليحرسه ما دام قام انقلاب في عام 1989م هذا الانقلاب أدي شرعية لأي عمل مسلح آخر لأنه لا يستطيع أحد أن يعبر عن مطالبه وحينها سيلجأون للعمل المسلح والذي أدى إلى تحول حركة الاحتجاج الجنوبي إلى تمرد “الانانيا” هو انقلاب عبود في عام 1958م والذي أدى إلى تحويل الاحتجاج الجنوبي من احتجاج محدود للـ “الانانيا” إلى احتجاج واسع للحركة الشعبية لتحرير السودان هو انقلاب جعفر نميري في عام 1969م وفي دارفور لم يكن هناك تمرد سياسي بل كان هناك حركات مطلبية “جبهة نهضة دارفور” وغيرها ولكن تحولت هذه الحركات المطلبية في عام 2003م إلى عمل مسلح وهذه رد فعل على الانقلاب القائم في السودان انقلاب الانقاذ وكل واحدة من حركات العمل السياسي المسلح المضاد مربوطة تماما بقيام انقلاب يقفل باب الحوار السياسي ويفتح فرصة الاحتجاج عن طريق مسلح.

كيف تفسر تباين مواقف احزاب المعارضة تجاه الحكومة التي تتراوح بين تغيير واسقاط النظام؟

ببساطة شديدة الخلاف محدود نداء السدان الآن يمثل اغلبية الرأي الآخر في السودان ولكن هناك قوى تسمى نفسها قوى الاجماع يقولون “ما عندنا حول النظام ده إلا اسقاطه” ونحن بنقول هناك وسيلتان لاقامة نظام جديد انتفاضة وهم يوافقون على هذا أو حوار باستحقاقاته وهم يرفضون هذا جميعنا متفقون على ضرورة نظام جديد لكن هم يقولوا أن النظام الجديد يجب أن يكون عبر اسقاط النظام وليس بأي نوع من الحوار مع النظام وهذا هو الخلاف.

كيف تنظر لسيناريوهات التغيير المتوقعة مستقبلاً؟

في رأيي ببساطة شديدة هذا النظام فشل “ما في واحد يقدر يغالط في أن النظام فاشل” ونحن نعتقد أن هذا الفشل أسهل للسودان أن يتم التعامل معه عبر  حوار باستحقاقاته وليس مثل حوار “استحمار” حوار باستحقاقاته إذا حدث ذلك سيكون وسيلة ناعمة لكن يبدو أن هذا لن يتحقق ما دام النظام لا يتجاوب مع هذا المعنى وهذا يجعل النظام يراكم عوامل الانتفاضة والميزانية الأخيرة كانت مثيرة جدا للرفض والعلاقات الخارجية الأخيرة القائمة على محورية مثيرة جدا للرفض والسودان ليس من مصلحته الدخول في أي محاور خارجية وأنا في رأيي الدخول في أي محاور خارجية والميزانية والفشل الاقتصادي والعطالة ووجود أكثر من “2” مليون خريج وخريجة عاطلين عن العمل وهذه جميعها تراكم أسباب للانتفاضة أما أن يعقل هذا النظام ويستجيب لحوار باستحقاقاته وهذا ممكن ومعناه استلام نظام جديد كما حدث في جنوب أفريقيا وكما حدث في كينيا عن طريق حوار باستحقاقاته أو أن هذه العوامل الفاشلة سوف تؤدي في رأيي إلى انتفاضة.

حاليا الشروط الموضوعية للثورة السودانية توفرت. … ما هو موقفكم في حزب الأمة من الاحتجاجات الأخيرة التي انتظمت الشارع السوداني؟

طبعا هذا أنا لم اقله لك الآن أنا اتحدث بصفة عامة وأن الظروف الآن تؤهل السودان للتغيير وماذا سنفعل هذا لا يمكن أن نقوله لوحدنا وإنما سنقره مع كل قوى التغيير ونبحث نحن في ما ينبغي عمله وهذا ليس مكان إعلان وإنما مكان مواقف وستتكون هذه المواقف ولكن المهم أن المعطيات تدل أن هذا النظام الآن عل الهاوية وفاشل.

مؤخرا رشح حديث في وسائل الإعلام عن وجود علاقة قديمة بين حزب الأمة واسرائيل ما هي حقيقة هذا الحديث؟

طبعا لا توجد علاقة وبوضوح شديد في الخمسينيات كان هناك شعور بأن مصر تريد أن تضم السودان  لها بأي صورة وصرفوا في ذلك الأمر “فلوس” كثيرة جدا والدليل على هذا ما ظهر في المحاكم بشهادة السيد “خلف الله الحاج خالد” الذي كان هو أمين صندوق الوطن للحزب القومي الاتحادي، واصبحت هناك مخاوف من ما سيحدث للسودان وأن مصر بنفوذها وقدرتها تضم السودان إليها وحزب الأمة كان ينادي بالسودان للسودانيين ويرفض هذا الخط وهناك اشخاص بقيادة السيد محمد أحمد عمر “وهو ما كان حزب أمة” بل كان استقلالي ولكن في اتجاهاته كان عنده حزب اسمه “حزب السودان” ينادي بـ “الكومونيويلث” مع بريطانيا” وكان هو وبعض الناس يعتقد في عداوة شديدة بين مصر وإسرائيل، وممكن حزب الأمة أن يستفيد من هذا في التواصل مع إسرائيل وفعلا هو اتصل بمسؤولين إسرائيليين ودبر للقاءات معهم والإمام الصديق كان في ذلك الوقت مدير دائرة المهدي وكان في بريطانيا وذهب لبريطانيا وقتها بغرض تسويق إقطان دائرة المهدي وهو هناك محمد أحمد عمر رتب له لقاء مع مسؤولين اسرايليين كي يبحثوا إمكانية التعاون وكان واضحا لقراءة الخارجية البريطانية أن هذا المسعى من نتائجه انحياز حزب الأمة حسب تقديرهم للموقف الاسرائيلي وهذا كان مستحيلا ولذلك اللقاء كان واحد وعقيم.

وحيثما تم حديث عن اللقاء وحيثما تم حديث عن حزب الأمة بنشاط وحماسة محمد أحمد عمر “حقو هو يستغل التناقض بين مصر وإسرائيل لفائدة حزب الأمة” حيثما حصل حديث مثل هذا مات في مهده لم يتقدم خطوة لأنه لا يمكن حزب الأمة يقبل، هذا حزب الأمة أصلا اتفق مع مصر اتفاقية “جنتل مان” بموجبه المصريون يشهدوا على الصراع حول تقرير المصير لكنهم لا يتدخلوا وإذا فازت فكرة الاتحاد كان بها، نحن نعترف وهذا كان كلامنا في اتفاقية “جنتل مان” وإذا ما فازت وفاز حزب الأمة تعترف مصر ونعمل معهم علاقة خاصة بين السودان المستقل ومصر، وهذا هو اتفاق “الجنتل مان” لكن الحكومة المصرية خرقت هذا الاتفاق ودعمت الحزب الوطني الاتحادي وحصل الذي حصل. ونتيجة لذلك جاءت هذه الافكار لكن أنا في رأيي أفكار قتلت في مهدها ولم تخط أي خطوة وهذا في رأيي الذي كان وكان واضحا تماما على طول الخط أنه مهما كانت هناك أسباب لبعض الافراد يريدون أن يقيموا علاقة بين حزب الأمة واسرائيل فشلت فشلا ذرعا ولم تثبت أي خطوة من هذه الخطوات لكن تسجيل هذا في الواثق التاريخية موجود وكذلك موجود، ما حصل أي نوع من الخطوة التي تبناها حزب الأمة لصالح علاقة جديدة مع إسرايئل.

حسنا لكن هناك تناقض في الاشخاص الذين قابلوا السلطات الإسرائيليلة وهناك من يقول أن اللقاء تم مع السيد عبد الرحمن المهدي ومن يقول أن اللقاء تم مع الإمام الصديق ومن يقول أن اللقاء تم  مع محمد احمد عمر.. اين تكمن الحقيقة؟

أنا أقول لك أن الإمام عبد لارحمن المهدي لم يقابل الاسرائيليين لكن الذي قابلهم هو الإمام الصديق بواسطة محمد أحد عمر ولقاء واحد ومات.

كيف تنظر لدعوة مبارك الفاضل للتطبيع مع إسرائيلي وما هو موقف حزبكم من العلاقة مع إسرائيل؟

مبارك ليس عضوا في الحزب وهذا السؤال يجب أن يطرح عليه، وهذه الافكار خاطئة وغلط وفي “الوقت الغلط وفي المناسبة الغلط وكلها أخطاء وأنا في رأيي هذا دليل عدم وعي بالموقف كله والعالم العربي الآن جميعه ملتهب بسبب دعم الموقف الفلسطيني، يقوم واحد سوداني غير مدرك لهذه الاشياء يقول مثل هذا الكلام أن في رأيي هذا نوع من الغفلة التامة في السياسة وعلى أي حال حزب الامة غير مسؤول عنها ومبارك الفاضل ليس عضوا في حزب الأمة كي نسأل نحن عن أفكاره.

ماهو موقف حزبكم من العلاقة مع اسرائيلي والتطبيع مع دولة الكيان الصهيوني؟

نحن عقدنا مؤتمر في دار الاأمة وأوضحنا موقفنا وهو موقف أساسي جدا والموقف الاساسي هو نحن مع القضية الفسلطينية ومع القضية العربية وضد أي كلام عن أي علاقة مع اسرائيل لتسترد الحقوق لأصحابها.

قبل أن نشكرك نفسح لك المجال لكلمة أخيرة؟

المسألة ببساطة شديدة أنا في رأيي الآن نحن بحاجة إلى موقف وطني سوداني موحد ينادي بنظام جديد نأمل أن تقف الأحزاب السياسية والصحافة والإعلام جميعهم في صف واحد ولا يوجد شك أن هذا النظام شعاراته فشلت وما عاد في أمل إلا في أن يقوم نظام جديد باقل الخسائر وهذا ما نتمناه وان تقوم الصحافة والإعلام والقوى السياسية والفكرية جميعها تحتشد في العمل المشترك لايجاد حل للسودان يكون باقل الخسائر الممكنة.