النصيحة الرابعة : بقلم الإمام الصادق المهدي

الإمام الصادق المهدي

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

النصيحة الرابعة

بقلم: الإمام الصادق المهدي

13 يوليو 2013م

مقدمة:

الموقف السوداني المعتاد من مصر منقسم على قسمين: أحدهما يقول بالتبعية، والآخر بالعداء.

بعد تخرجي من الجامعة مباشرة في عام 1958م رتبت لي زيارة سياحية سياسية ثقافية لمصر، بعدها صرت أتحدث عن أن في مصر خصوصية وطنية وفي السودان كذلك، ولكن بينهما روابط مصيرية يرجى تحديد معالمها والالتزام بها دون عداء، ودون تبعية.

هذا الموقف تطور عبر الزمن، وحاولت التعبير عنه وأنا في السلطة، ولكن النظام الحاكم في مصر نظر لموقفنا بعين الريبة، لأن نظام مايو المباد كان قد أقام علاقاته مع مصر على التبعية، ولأنني محسوب في الأصل على معسكر العداء، فظن الحكام في مصر برؤيتنا الظنون.

لذلك عندما وقع انقلاب يونيو 1989م رحب به النظام المصري دون معرفة هويته ما دام قد خلصه منا، وبالغ النظام المصري في تسويق النظام الانقلابي الجديد عربياً، ودولياً.

كان النظام الانقلابي الجديد في بدايته متنكراً ولكن بعد ستة أشهر سقط القناع، ووجد النظام المصري أنه “اتقى عضاض الأفاعي ولكنه نام فوق العقارب”! فتحول النظام المصري إلى جبهة العداء والاحتواء للنظام السوداني الجديد.

بعد هجرتي من السودان في تهتدون في ديسمبر 1996م عشت متنقلاً بين أريتريا وأثيوبيا ومصر وغيرها من البلدان، وكانت أغلب إقامتي في مصر.

أثناء هذه الإقامة أقمت علاقات مع كافة القوى السياسية المصرية الحاكمة والمعارضة، ومع المجتمع المصري المدني والديني والنقابي، والثقافي، والأكاديمي، ما أتاح أوسع الفرص لتطوير مفهوم التخلص من العداء ومن التبعية، والتطلع لأساس جديد يحيط بخصوصية البلدين ومصيرية العلاقة بينهما.

إحاطتي بالموقف السياسي في مصر جعلتني من قبل ثورة 25 يناير أتحدث عن حتمية الثورة في مصر، وفي الفترة 2006-2008م قدت فريقاً لنادي مدريد درس الموقف في ست دول عربية، وعقد اجتماعاً لممثلي القوى السياسية الحاكمة والمعارضة في 19 دولة عربية في البحر الميت في يناير 2008م، وصدر من الاجتماع “نداء البحر الميت”، وخلاصته: إن الموقف السياسي يبن الحكام والمعارضين محتقن بصورة حادة ما يوجب تفاوضاً جاداً لتحقيق إصلاح سياسي حقيقي، وإلا فالموقف ينذر بانفجار غير محسوب العواقب، ولكن توقيت اندلاع الثورة في تونس ثم في مصر وكيفيتهما كانت مفاجئة للكافة.

في مارس 2011م نشرت كتيباً بعنوان “الثورة الناعمة” قلت فيه: الثورات العربية الناعمة سبقتها ثورات في بلدان أخرى على نمطها، كما كان في أكرانيا، وفي جورجيا، وقلت في الكتيب إن اسقاط النظام دون أن يحل محله قيادة ثورية ببرامجها يفتح الباب للمجهول، ففي أكرانيا أدت الانتخابات بعد الثورة لإعادة الحزب الحاكم القديم للسلطة. وجاء في الكتيب: أمام الموقف الجديد في بلدان الربيع العربي خياران: اتفاق القوى السياسية على ميثاق يرسم خريطة الطريق للتطلع الثوري المنشود، خريطة طريق تمنحها العملية الانتخابية شرعية أو أن العملية الانتخابية سوف تؤدي لانقسام قوى التغيير ما يدخلها في مساجلات تدفع نحو الاستقطاب الحاد أو الفوضى.

وفي أكتوبر 2011م نشرنا كتاب “معالم الفجر الجديد” وصفنا فيه الثورات العربية بأنها استقلال ثان من الاحتلال الداخلي وأن لهذه الثورات استحقاقات: فكرية، وسياسية، واقتصادية، واجتماعية، ودولية، يرجى أن تتفق كافة القوى الفاعلة: شباب الثورة، والقوى الحزبية، والقوى المدنية على خريطة طريق لبناء المستقبل، خريطة طريق يجسدها الدستور الجديد وإلا فإن أهداف الثورة سوف تعصف بها عومل انفراد تيار على حساب الآخرين، أو الفوضى، أو استبداد جديد. أهم ما في الكتاب أن للفجر الجديد معالم حددناها فإن غابت لن تحقق الثورات أهدافها المنشودة.

وفي مصر، وفي غياب قيادة محددة للثورة وبرنامج ثوري يحل مكان القديم قامت القوات المسلحة بدور تكامل مع التطلعات الشعبية، وجعل القوات المسلحة جزءاً فعلياً من حقائق الوضع الجديد.

وارتكبت طائفة من الأخطاء المحملة بدلالاتها،

أولها: الإسراع بإجراء انتخابات تشريعية ثم رئاسية قبل كتابة الدستور الجديد،

ثانيها: اختلاف حاد حول الهيئة التأسيسية لكتابة الدستور وحسم الاختلافات على أساس المغالبة لا التراضي.

وثالثها: اشتباك بين الأجهزة المنتخبة التنفيذية والتشريعية والمؤسسة القضائية،

ورابعها: الإعلان الدستوري الخلافي في نوفمبر 2012م وفيه بدأ كأن السلطة التنفيذية بلونها الحزبي تسعى لتحصين قراراتها من أية مساءلة قضائية.

من جهة أخرى كانت نتائج الانتخابات الرئاسية محملة بالهشاشة، فأغلبية من صوتوا للرئيس محمد مرسي صوتوا ضد الفريق أحمد شفيق كذلك أغلبية الذين صوتوا للفريق أحمد شفيق صوتوا ضد الرئيس محمد مرسي، أي أن الانتخابات الرئاسية كانت في جوهرها احتجاجات.

الرئيس محمد مرسي رجل فاضل ولكنه وضع في خانة مستحيلة أهمها:

(أ‌) نعم التزم لقوى سياسية عريضة بالتزامات لم يستطع الوفاء بها لأن لحزبه السياسي مصالح حزبية قد تتعارض مع ما يتطلبه موقع الرئاسة من مرونة، أي قيد الفيتو الحزبي.

(ب‌) وهنالك قوى سلفية تفرض حدوداً لما يمكن عمله في نطاق دولة مدنية، أي قيد الفيتو السلفي.

(ت‌) وهنالك الوجود المتجذر لمؤسسات الدولة وللمجتمع المدني بكل قنواته، وللمجتمع الدولي وما فيه من معاهدات والتزامات دولية.

هؤلاء جمعياً يمثلون الحدود المتجذرة في الواقع لحركة الرئاسة، هذه العوامل خلقت واقعاً حجم سلطة الرئاسة تحجيماً كبيراً في وقت تتطلب ظروف البلاد قيادة حاسمة للتصدي لمشاكل البلاد المأزومة.

ربما كانت هذه الحقائق هي التي جعلت حركة الاخوان المسلمون في البداية تحجم عن ولاية الحكم حتى انتخابياً، عندما قرروا ألا يرشحوا تشريعياً في أكثر من 30% من المقاعد، وألا يترشحوا للرئاسة. صحيح أنهم عدلوا هذه المواقف وخاضوا الانتخابات وحققوا انتصارات انتخابية، ولكن العوامل التي كانت سبباً في التحفظ المذكور بقيت كما هي، أي أنهم تركوا الحذر الذي فرضته عوامل موضوعية فأثاروا ما أثاروا ضدهم من معارضة.

نحن نراهن على أن ما يحدث في مصر سوف ينداح على المنطقة، ونحن نراهن على نجاح الديمقراطية، كما نراهن على حتمية المرجعية الإٍسلامية التي تتجنب الانكفاء لأنه خارج العصر، وتتجنب العلمنة لأنها خارج وجدان الأمة، وتوفق بين التأصيل والتحديث.

لذلك كان اهتمامنا بما يحدث في مصر، كانت المبادرة الاولى (29 نوفمبر 2012م) أن تقبل الرئاسة مبدأ مراجعة المواد الخلافية في الدستور، وأن تقبل إقامة حكومة انتقالية موسعة، وأن تقبل الاتفاق بالتراضي على مواعيد الانتخابات التشريعية، وفي المقابل تقبل القوى المعارضة الدستور المجاز وأن تقبل شرعية الرئاسة إلى مدتها، هذه الأفكار قبلت جزئيا.

وفي مرحلة ثانية عرضنا وساطة المنتدى العالمي للوسطية والتقينا أطراف النزاع وبعد لقاءات مكثفة اصدرنا “نداء الكنانة” في مارس 2013م.

المبادرة الثالثة كانت في مايو 2013 حيث التقيت مع الرئيس محمد مرسي ومع عدد كبير من الأحزاب السياسية في مصر واقترحنا: الغاء الإعلان الدستوري واعتماد تعديلات دستورية في الدستور المجاز، واعتراف الكافة بالرئاسة، واستبعاد أي دور للقوات المسلحة حفاظاً على تماسكها واستمرارها في دورها المهني المعتمد. كان رد الرئيس: ندرس الموضوع وسوف نتصل بكم. وكان رأي أغلبية القوى السياسية قبول الفكرة.

ولكنني رأيت الموقف يندفع نحو المواجهة، وأن المقابلات المباشرة التي درجنا عليها لا تجدي، لذلك كتبت خطاباً مفتوحاً لكافة القوى السياسية والمدنية المصرية في الحكم وفي المعارضة بعنوان: (مصرنا ومصيرنا)، نشر في الصحافة المصرية والسودانية، فحواه: أن تعلن القوى السياسية الحاكمة أنها مستعدة: لمراجعة بنود الدستور الخلافية، ومستعدة للتفاهم حول مواعيد إجراء الانتخابات التشريعية، ومستعدة لتكوين حكومة انتقالية بالتراضي. وأن تعلن القوى المعارضة أنها: تعترف بشرعية الحكم القائم، وتكف عن أية محاولات لزعزعة الحكم بوسائل شعبوية، وتكف عن أية تطلعات لإقحام القوات المسلحة في العمل السياسي. هذا الخطاب المفتوح سلم لكافة الفرقاء.

حركة تمرد الناشطة منذ نوفمبر 2012م، ثم الحشد المليوني في 30 يونيو 2013م؛ أحدثا تغييراً نوعياً في المشهد السياسي في مصر، وضل كثيرون في وصف ما حدث؟ ما حدث نتيجة لتوقيعات حركة “تمرد”، وحشود 30 يونيو، تحرك استثنائي فريد حتماً يولد موقفاً ثورياً ما لم يقابل بإجراء استثنائي ينقذ الشرعية الدستورية القائمة. لذلك كتبت مناشدة في غرة يونيو 2013م للرئيس محمد مرسي أن يعلن قبوله لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ولكن تحرك القوات المسلحة في 3 يوليو فرض حلاً خارج النظام الدستوري القائم، هذا واقع جديد، انشغل كثيرون بتصنيفه هل هو انقلاب أم ثورة؟

ما حدث لا يقاس على الجزائر 1992م ولا على انقلابات تركيا الأربعة. ففي الجزائر 1992م أدت العملية الانتخابية لنصر جبهة الإنقاذ وانقلبت القوات المسلحة على العملية الانتخابية انقلاباً استباقياً ليس للشارع السياسي دور فيه. أما في تركيا فللقوات المسلحة دور بنيوي كحارس للعلمانية، ما جعل لها وصاية مستمرة على العملية السياسية في البلاد، وتدخلت فعلاً أربع مرات لنقض مخرجات العملية الانتخابية.

في مصر سبق الاحتجاج الشعبي التحرك العسكري، وهو تحرك مع أنه قوض النظام الدستوري القائم لم يؤد لولاية عسكرية بل لولاية مدنية بدعم عسكري. ما حدث في مصر هجين بين ثورة ورافع عسكري غير مسبوق، طبيعته تميزه من أن يصنف انقلاباً عسكرياً عادياً، ويميزه من ثورة 25 يناير 2011م أمران هما: أن الموقف الشعبي في ثورة يناير كان موحداً، وأن السلطة آلت لولاية عسكرية، الفرق بين المشهدين أن الدور العسكري في 25 يناير أكبر منه في 3 يوليو بينما الموقف الشعبي الباعث للتحرك العسكري كان موحداً في 25 يناير، ومع ضخامة تحرك 30 يونيو الشعبي فإن كتلة شعبية ضخمة كانت معترضة.

والمدهش أن الذين انقبلوا على الشرعية الدستورية في السودان بلا حياء اندفعوا في إدانة الاعتداء على الشرعية، بلغوا غاية ازدواجية المعايير:

إِذَا فَعَلَ الفَتَى مَا عَنْهُ يَنْهَى فَمِنْ جِهَتَيْنِ لا جِهَةٍ أَسَاءَ

إن للشرعية وجهان: وجه قانوني، ووجه سياسي بمعنى القبول، ما حدث في مصر تجاوز للشرعية القانونية، ولكن النظام القائم لم يعد له قبول لدى قاعدة شعبية عريضة في مصر، هذه الظاهرة الآن موجودة في بلدان كثيرة فيها الشرعية الدستورية لم تعد تحظى بالقبول ما أدى لمظاهرات وحشود واسعة الانتشار ما يتطلب من ولاة الأمر علاجاً استثنائياً وإلا أطاح عدم القبول بالشرعية الدستورية.

ولكن علينا أن نتذكر في تناول للمشهد السياسي المصري مقولة ابن القيم بـأن الفقيه عليه أن يعرف الواجب اجتهاداً، والواقع إحاطة ويزاوج بينهما.

القضية لن تحسم بمرافعة قانونية، ومهما كانت الحجج لا يوجد لها تصنيف قانوني، ولا حسم قانوني يقبله الجميع.

الواقع يقول إن إجراء الثالث من يوليو يستمتع بدعم شعبي عريض، وبدعم عسكري، وبدعم إقليمي ودولي فعال، وأية محاولة لتقويضه سوف تؤدي لاستقطاب حاد يدفع بالبلاد إلى الهاوية حيث يخسر الجميع.

أمام حركة الأخوان فرصة تاريخية لموقف مع الذات يدرك أن الحركة حققت مكاسب كثيرة في المعارضة حتى ولاية السلطة، وأن المرحلة الجديدة تتطلب نهجاً ما بعد الأخوانية التقليدية، إنها فرصة لهذه المراجعة وللتصدي للأخطاء منذ ثورة 25 يناير للاستفادة من دروسها، ومن منطلق هذا النهج المطلوب أن تبحث الحركة الأخوانية مستقبلها وتعتبر ما حدث مهما كان ظالما لها فقد خلصها من موقع محمل بالأخطاء، لتدرك أن أمامها محاولة العودة لذلك الموقف مع ما فيه من أعباء وتجر البلاد لمواجهات لن يكسب منها أحد، أو أن تتخذ من الأزمة فرصة لمراجعة الأخطاء لا سيما العلاقة المربكة بين الجماعة والحزب، واستحقاقات الدولة المدنية والمرجعية الإسلامية، وغيرها من المسائل التي تتطلب نهجاً إسلامياً متجدداً.

ألقيت في تونس في شهر يونيو الماضي (2013م) محاضرات جمعت لتطبع في كتاب بعنوان: “التجربة الإسلامية المعاصرة: استحقاقات النجاح”، في تلك المحاضرات تعرضت للتجربة في أقطارها المختلفة وما ارتكبت من أخطاء، وما اعترضها من عوائق، وما ينبغي عمله من مراجعات.

هذه المراجعة لمصلحة الجماعة، ولمصلحة مصر، ولمصلحة التوجه الإسلامي، ومن هذا المنطلق التجديدي تتخذ الحركة موقفاً تفاوضياً ممكن التحقيق.

التخلي عن المبدأ للتعامل مع حقائق الواقع ليس هزيمة، بل في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ وصلح الحديبية وصفه الباري تعالى بالفتح. وعندما انسحب خالد بن الوليد (رض) من واقعة مؤتة ووصف ناس فعلته “بالفرار” أيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ما فعله خالد وقال بل “الكرار”، وهم عمر (رض) بقتل عبد الله بن أبي رأس المنافقين لمقولته الجائرة، ولكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأسباب ذكرها منع قتله.

إذن يمكن قبول الواقع الجديد مهما خالف المبدأ مقابل:

• كفالة حقوق الإنسان والحريات العامة للكافة.

• أن تكون عملية كتابة الدستور جامعة وللحركة ثلث أعضائها.

• الحكومة الانتقالية جامعة وللحركة ثلث أعضائها.

• تحقيقات عادلة ومحايدة في كافة أعمال العنف ومحاسبة الجناة.

أما قيادة النظام الجديد فمهما كانت المبررات لما جرى فإنه لن يمحو وجود حركة الأخوان المسلمين من الوجود الفكري والسياسي في مصر، وأية محاولة لإعدامها سوف تدفع النظام حتما لكيان أمنجي أول ضحاياه الديمقراطية.

مقابل قبول الأخوان بالواقع الجديد ينبغي أن يجرى النظام مصالحة وطنية شاملة، وأن يقيم مؤسسة عدالة انتقالية فاعلة، وأن يعرض لجماعة النظام السابق استيعاباً مقدراً.

وفي سبيل تحقيق المصالحة المنشودة ينبغي وقف الحملات الإعلامية الراهنة لأنها تنطلق من إعدام الآخر، وإذا استمرت فمصيرها المفاصلة القتالية، وجر عوامل خارجية لتصفية حساباتها في الساحة المصرية. لا بد من وضع حد لهذه المراشقات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين لتهيئة مناخ المصالحة.

وينبغي تحرك أجاويد مؤهلين ومقبولين عند الطرفين لجمع أطراف النزاع الحالي، لا سيما شباب “تمرد”، في ملتقى جامع لوضع حد لهذا الاستقطاب الذي “ما لم يطفه عقلاء قوم يكون وقوده جثث وهام”. لا أحد يجوز له أن يقف موقف المتفرج “وقد نصبت للفرقدين الحبائل”.

من مقاصد الشريعة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

ودرء مفاسد الاحتراب الأهلي وما يصحب ذلك من سفك للدماء مقدم على أية مصالح ينشدها الاخوان، كذلك كما قال العز بن عبد السلام أي عمل يحقق عكس مقاصده باطل، إن الاستعداد للمفاصلة كما يبدو من أقوال بعض الناس المؤيدين والمعارضين للوضع الجديد، والاندفاع إلى نفي الآخر ستكون له نتائج وخيمة، لن تحقق المنازلة لطرفيها أية مصلحة حتى إذا انتصر أحد طرفيها فلن يحكم البلاد ديمقراطياً.

يا أهلنا على طرفي المعادلة السياسية في مصر: بحق رابطة العقيدة، والثقافة، والجوار، والمصلحة المصيرية المشتركة، تجنبوا إعدام الآخر، وانتهجوا قبول الآخر، وأقبلوا على هذا القبول المتبادل للآخر أساساً لمصالحة وطنية تجنب مصر الاحتراب الأهلي: “صديقك من صدقك لا من صدقك” فلا تلتفتوا للرؤى التحريضية المتبادلة، الصلح في غضب النفوس، (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [1].