انسحاب الإمام الصادق المهدي من مؤتمر البجا الرابع

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان مهم

 

زار الإمام الصادق المهدي يوم أول يناير 2018م السيد موسى محمد أحمد وقدم له دعوة لحضور المؤتمر الرابع لمؤتمر البجا.

شكره الإمام على الدعوة وقال له: إذا حضرت فينبغي أن تسمعوا نصحنا. قال له نعم.

الذي حدث هو أن إدارة المؤتمر قدمت شخصاً دون اتفاق بينهم وبين الإمام باعتباره ممثلاً للقوى السياسية، ما يوهم أن ما قاله يمثل الحاضرين من القوى السياسية.

لذلك انسحب الإمام من الجلسة الافتتاحية، ويطيب له أن ينشر ما أعده لمخاطبة المؤتمر، هذا لعلم قيادة مؤتمر البجا، والرأي العام السوداني.

 

والله ولي التوفيق

 

المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي 

 

 

نص الكلمة التي أعدها الإمام الصادق المهدي ليلقيها أمام جلسة المؤتمر التي انسحب منها احتجاجاً:

بسم الله الرحمن الرحيم

حزب مؤتمر البجا

المؤتمر العام الرابع

تحت شعار: (الفيدرالية الحقيقية خيارنا التاريخي)

كلمة الإمام الصادق المهدي

 

 

8/1/2018م

الأخ رئيس مؤتمر البجا الرابع

أخواني وأخواتي وأبنائي وبناتي

أعضاء المؤتمر وضيوف المؤتمر مع حفظ الألقاب والمقامات لكم جميعاً.

 

تكرم الأخ موسى محمد أحمد وزارني، وقدم لي الدعوة لحضور هذا المؤتمر، وقبلت التلبية، لأن تداول الرأي بين أصحاب الرؤى المختلفة قد يكون مفيداً.

حديثي لحضراتكم سوف يكون على قسمين:

القسم الأول يشير إلى موقفنا من اتفاقية سلام الشرق، فمنذ التوقيع على تلك الاتفاقية نشرنا نقدنا لها تحت عنوان: (قراءة في اتفاقية الشرق للسلام بتاريخ 16/10/2006م).

قلنا إن هذا الاتفاق هو اتفاق بين المؤتمر الوطني وهو لا يمثل السودان كله، وجبهة الشرق المكونة من مؤتمر البجا والأسود الحرة وهما لا يمثلان كل إقليم شرق السودان.

وأن الاتفاق يعتمد على مشاركة ومتابعة وتحكيم أرتري يجعله طرفاً فيه.

والعناصر المغيبة من الاتفاق على الصعيد الوطني هي: القوى السياسية ذات الوزن المعارضة للنظام الحاكم، وعلى الصعيد الجهوي غابت ولايات شرقية لا وجود للبجا والرشايدة فيها. هذه مآخذ على هيكل الاتفاقية.

وفي المضمون قلنا:

أبقت الاتفاقية على الوضع الدستوري، والتقسيمات الإدارية كما هي، ولم تضع أساساً موضوعياً لتقسيم الثروة، ولم تتطرق لأية مساءلات عن تجاوزات الماضي في شكل عدالة انتقالية.

وفيما يتعلق بمؤسسات الدولة أبقى الاتفاق على استمرار هيمنة المؤتمر الوطني،  وما أقامه من تمكين.

كنا وما زلنا نقول إن اتفاقيات السلام ينبغي أن تكون بين طرفين: الطرف القومي الذي يشمل القوى السياسية  القومية، والطرف المتظلم والذي يشمل حملة السلاح وغيرهم من سكان الإقليم المهمش.

وكنا ولا زلنا نقول إن اتفاقيات السلام هذه لتصير مستدامة ينبغي أن تحتوي على أسس موضوعية لتقسيم السلطة والثروة، ولإدارة التنوع، ولمراجعة كل وجوه التمكين، لتصير مؤسسات الدولة المدنية والنظامية قومية.

أما القسم الثاني من حديثنا لمؤتمركم فهو أنه، بصرف النظر عن اختلافنا حول اتفاقية الشرق للسلام، ومع ثبات موقفنا الطاعن في جدواها، ومع استمرار موقفكم في تأييدها، فماذا نستطيع أن نقدمه لكم نصحاً يتداول بنوده مؤتمركم؟

أولاً: مضى على اتفاقية الشرق للسلام 12 عاماً فماذا حققت وماذا لم تحقق؟ والمطلوب لتحقيقه؟

الشعب السوداني عامة، وأهلنا في شرق السودان، ينتظرون منكم بياناً واضحاً  في هذا المجال ليحكم للتجربة أو عليها بياناً بالعمل.

ثانياً: الفيدرالية لا قيمة لها ما لم تصحبها جدوى اقتصادية، واعتماد الإقليم على منحة مائة مليون دولار سنوية أساس غير مجد.

الشرق إقليم به ثروات كثيرة، ويرجى أن يتفق على نسبة محددة  من ثروات الإقليم تخصص لصالح الإقليم، يرجى أن تكون نحو 20%.

ثالثاً: استجدت سياسات تزج بالسودان عامة، وبالإقليم خاصة، في مخاطر محورية عسكرية تتناقض ومصالح السودان الإستراتيجية، فالسودان أمية ملتقى لأفريقيا شمال وجنوب الصحراء، ولغرب وشرق أفريقيا، بل لشقي  البحر الأحمر الشرقي الخليجي والغربي الأفريقي. دور السودان التاريخي والجيوسياسي هو دور التوفيق لا نهج المحاور؛ نهج  المحاور هذا اتخذه نظام المرحوم جعفر محمد نميري  في البداية للمعسكر الشرقي وفي النهاية للمعسكر الغربي، وفي الحالين دفع السودان ثمناً غالياً.

ينبغي رفض أية قاعدة عسكرية روسية، ورفض أية قاعدة عسكرية تركية.

نعم للتعاون التنموي والتكنولوجي مع روسيا وتركيا، ولكن لا لقواعد عسكرية سوف تأتي بتكاليفها، وسوف تجر خصومهم إلى شواطئنا.

أما تطوير سواكن فهو مطلوب، وهذا يبدأ بتشريع قانون سوداني يحدد واجبات الحكومة السودانية في هذا التطوير. ويحدد القانون حقوق وواجبات الأشقاء والأصدقاء الذين يريدون التعاون معنا. وفي هذا الصدد لا مجال لمنح كانتونات بلا ضوابط قانونية في ظل السيادة الوطنية.

رابعاً: أنتم جزء من عملية الحوار الوطني الذي أصدر وثيقته الوطنية.

ولكن من الواضح أن توصيات الوثيقة، لا سيما فيما يتعلق بالحريات العامة وغيرها، مجافية لمقاصد الذين شاركوا في هذا الحوار، ويتطلع أهل السودان لمعرفة ما تريدون فعله لتصحيح هذا الإعوجاج؟

خامساً: وأنتم تعلمون أن قوى سياسية ومسلحة كثيرة لم تشترك في ذلك الحوار. وما لم يجر حوار آخر برئاسة محايدة، وبأجندة لتحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي المنشود، فإن الاستقطاب السياسي سوف يستمر، ويحول دون الاستقرار، كما أن المواجهات المسلحة سوف تستمر، وبحسب الظروف المستجدة فيما حولنا فسوف تجد دعما كبيراً عبر الحدود.

مطلوب منكم  أن تساهموا برأي موضوعي في كيفية تحقيق وفاق وطني حقيقي ومستدام.

سادساً: النظام الذي أنتم جزء منه يستعد لانتخابات عام 2020م، وواضح من سياسات وتصرفات الحزب الحاكم أنه يريد أن تكون انتخابات 2020م نسخة أخرى من   انتخابات 2010م، وانتخابات 2015م، أي أن تبقى حليمة على عادتها القديمة. وهذا معناه استمرار السودان المأزوم.

إن للانتخابات النزيهة استحقاقات من قانون مقبول قومياً، إلى مفوضية نزيهة، إلى توافر الحريات العامة، إلى حياد أجهزة الدولة. استحقاقات ما لم تتوافر تحولت الانتخابات إلى طبخات.

سابعاً: ميزانية عام 2018م ميزانية تضخم كاسح، وغلاء في المعيشة غير محتمل، وانحطاط مستمر لقيمة العملة الوطنية. نحن وغيرنا قمنا بدراسة موضوعية لهذه الميزانية الكارثية، فأرجو أن تطلعوا على الدراسات الموضوعية وتدلوا برأيكم، لكيلا يكون مؤتمركم مجرد رجع صدى لسياسات فاشلة يرفضها الشعب بحق.

ختاماً: لكم جزيل الشكر على دعوتنا لمخاطبتكم، وهي دعوة تدل على أقل تقدير أنكم تريدون أن تسمعوا الرأي الآخر.

هذا مع اطيب تمنياتنا لكم بمؤتمر ناجح.

والسلام.