بيان حول الانفجار في التعليم الفني

بسم الله الرحمن الرحيم

الانفجار في التعليم الفني

هذه الحكومة هي المسئول الأول عن ما يجري اليوم في محيط التعليم الفني لأنها تصرفت تصرفات مناقضة ومنطوية عن عدم إدراك للمشاكل الحقيقية التي يعاني منها التعليم الفني في السودان لقد اتخذت الحكومة الإجراءات الآتية:

  • في بداية الأمر قالت الحكومة إنها تعتبر النظر في توصيات اللجنة الدولية بشأن مستقبل التعليم الفني من اختصاص مجلس إدارة المعهد الفني والمعهد الفني مؤسسة مستقلة والحكومة لن تتدخل في قراراته.
  • عندما اتخذ مجلس إدارة المعهد الفني قراراته على ضوء تقرير اللجنة الدولية اعترض أساتذة وطلبة المعهد الفني على تلك القرارات وأعلنوا الاضطراب والتعبئة للوقوف في طريق تطبيقها. وتحاشياً لهذا الموقف تراجعت الحكومة من موقفها الأول واجتمع مجلس الوزراء في 4 سبتمبر 1968م واتخذ قرارات بنقض قرارات مجلس إدارة المعهد الفني وتتدخل في شئون المجلس وعندما اجتمع وزير التربية والتعليم بمجلس إدارة المعهد الفني لاطلاعه على قرارات مجلس الوزراء رفض الوزير أن يتباحث مع أعضاء مجلس الإدارة وأوضح لهم أنه إنما اجتمع به ليبلغهم قرارات مجلس الوزراء لأخذ العلم والتنفيذ.
  • عندما حدثت تلك التطورات قرر المهندسون خريجو جامعة الخرطوم وطلبة كلية الهندسة معارضة قرارات مجلس الوزراء فشرعوا في اتجاه التعبئة وتحاشياً للمواجهة عدلت الحكومة من موقفها وأصدرت بيانا غامضا يوضح عدولا عن موقفها السابق الذي رضي عنه أساتذة وطلبة المعهد الفني ولكن البيان الجديد لم يحسم بالأمر بل تركه معلقا ومغريا لطرفي النزاع أن يفرضوا التفسير الذي يتمشى مع وجهة نظرهم للبيان.

إن الأخطاء التي وقعت فيما دار حول قضية التعليم الفني هي:-

  • تناقض قرارات الحكومة وتجاوبها مع الضغوط دون اتخاذ مواقف مبدئية.
  • الخلافات أهملت الجوانب الجوهرية وانحصرت في مشكلة عدد سنوات الدراسة في المعهد ومشكلة كادر الخريج بعد التخرج.
  • أحيط الأمر بسرية أثارت المخاوف والشكوك.

هناك بديهيات ينبغي أن نسلم بها جميعاً وهي:

أولا: إن لخريج كلية الهندسة مكان ولخريج المعهد الفني مكان وإن مكان الأول مميز عن مكان الثاني ومربوط بما يناله كادر المتخصصين في المهن الأخرى وأن هذا الوضع ينبغي ألا يضير الامتيازات الوظيفية التي يستمتع بها الثاني.

ثانيا: إن خريجي المعاهد والكليات فوق الثانوية الذين يتخرجون في الدرجة Q ينبغي أن يوضع لهم سلم وظيفي محدد يوضح تدرجهم العادي والمجالات المفتوحة لهم إذا امتاز أداؤهم. هذا الجانب أغفلته الحكومة عند نظرها لتقارير الكادر فاهتمت بالجانب المالي دون اهتمام بشروط الخدمة وسلم الوظائف.

ثالثا: إن الاهتمام ينبغي أن يصب على نوعية الدراسة في المعهد الفني والبرامج الدراسية للطلاب.

رابعا: إن قضية التعليم الفني وتوصيات اللجنة الدولية ليست مختصرة في المعهد الفني ومستقبله ولكنها أيضا تشمل الكلية المهنية العليا والثانويات الصناعية ولا بد من خطة متكاملة لهذا القطاع الدراسي ومن هذه الناحية فالمشكلة من المشاكل القومية الكبرى.

خامسا: إن الدراسات الخاصة بهذه المسائل موجودة ولم يبق سوى المبادرة العلمية المخلصة التي تمكن من بحث الموضوع على صعيد قومي جاد يضع حداً لهذه المشادة بين فئات يعتمد السودان عليها في بناء الوطن ويوقف آثار قرارات الحكومة المرتجلة غير الملتزمة بمبدأ.

إننا نحمل الحكومة مسئولية هذه الاضطراب الذي تعرضت له وستتعرض له الدراسة في المعهد الفني والجامعة والخلل الذي تعرضت له المهنة الهندسية في بلادنا.

ونناشد جميع الأطراف أن يتحلوا بالجدية والمسئولية وسنسعى معهم لعلاج هذا الأمر الهام الذي يتوقف عليه تطور البلاد مستقبلاً.

إن الفراغ الذي تعانيه البلاد من ضعف القيادة السياسية الرسمية يفرض علينا جميعاً ضوابط ذاتية ونزعة ايجابية في بحث وحسم قضايانا الهامة.

وبالله التوفيق.

الصادق المهدي

رئيس حزب الأمة

28/10/1968م