تغطيات في ورشة الخيارات الإستراتيجية للأوضاع في جنوب السودان

الحبيب الإمام الصادق المهدي في ورشة عمل الخيارات الإستراتيجية للأوضاع في جنوب السودان

 

تغطية ورشة الخيارات الإستراتيجية للأوضاع في جنوب السودان
الجريدة السبت 15 أبريل 2017 العدد 2082 الصفحة رقم 9

 

 

إجماع على مركزية الخرطوم لإدارة الأزمة

مريم الصادق: لا بد أن نقود حراك شعبي عاجل للإغاثة في الجنوب

عبد العزيز عشر: مكونات الجنوب آداة فقط وليست محور الأزمة

الطيب زين العابدين: الحراك الشعبي تجاه الأزمة مفقود

مرتضى إبراهيم: جهات تسعى لاستغلال التفكك بالجنوب في ملف حوض النيل

مردس جماع: السودان ورث الجنوب مرارات دولة الحزب الواحد

أحمد حسين: نصف مواطني الجنوب بحاجة للمساعدات الإنسانية

 

السبت 15 أبريل 2017

أمدرمان/ إبراهيم عبد الرازق

دعا سياسون وأكاديميون الى تحريك العمل على المستويات الرسمية والشعبية لأغاثة مواطني دولة جنوب السودان، ومن ثم
بناء علاقات تضمن مصالح البلدين، وأمن المشاركون في ورشة عمل نظمتها الأمانة العامة لحزب الأمة القومي بعنوان: (آثار الأوضاع في جنوب السودان الخيارات الاستراتيجية والافاق المستقبلية) على أن تكون الخرطوم صاحبة المبادرة في ذلك وأن دورها تجاه الدولة وطني واستراتيجي، بينما حذر مشاركون من أطماع اقليمية ودولية قد تستغل الأزمة بما يؤثر سلباً على الدولتين.

المبادرة لأهل السودان

دعا المحلل السياسي د الطيب زين العابدين الى تسوية الحدود مع دولة الجنوب وتقنين التجارة معها بصورة ودية ولعب دور
رسمي في المصالحة مع القبائل فيها وقال إن تعيين العلاقة الرسمية معها يجب أن يؤجل لأن أي عرض رسمي الآن سينظر
إليه بالانتهازية للإستفادة من الوضع الحالي، وقال زين العابدين إن المبادرة في الشأن الجنوبي يجب أن يقودها أهل السودان بشكل رسمي حكومة ومعارضة معاً وأضاف أن الطرفين عليهما إبعاد أي محاولة لتحقيق كسب سياسي في الظروف الحالية في قضية جنوب السودان ومضى: نلاحظ عدم وجود حراك شعبي تجاه معاناة الجنوب.

أزمة مورثة:

وأعتبر الشيخ مردس جماع أن ما يحد ث بدولة الجنوب تم توريثه من الدولة الأم التي خرجت منها ومضى: ذات الشكل المشوه انتقل الى دولة الجنوب، التوريث لحزب واحد، ليصبح الحزب هو الدولة والمواطن لا يستطيع إثبات انتماءه للدولة ذات الجسم الواحد إلا عبر الحزب.

النظرة الشاملة!

وقال القيادى بحركة العدل والمساواة عبد العزيز عشر انه لا يجب النظر الى أزمة الجنوب من المنظور السوداني أو من مدخل سودان الشمال رغم أهمية ذلك، وتابع : بل هي أزمة جديدة في دولة جديدة الصراع فيها لم يعد بين مكونات دولة الجنوب بل صراع استراتيجي يتعلق بالإقليم وفيما يبدو أن جنوب السودان رغم مباركتها لم تكن مستعدة لأن تكون دولة، وكل الدول نظرت إليها من منطلقات تتعلق بمصالحها التي لا تنفصل عن الصراع في القرن الإفريقي، مكونات الجنوب كانت وما زالت أداة تستخدم في تطوير الأزمة، التي يجب التعامل معها بالنظرة الشاملة

استغلال الأزمة:

وحذر القيادي بحزب الأمة مرتضى إبراهيم هباني من استقلال التفكك في دولة الجنوب في قضية حوض النيل وقال أن بعض
دول الإقليم طامعة في السيطرة على مياه النيل في الوطن الجنوبي الاستوائي خاصة مصر و إسرائيل.

توسيع الحراك الشعبي:

من جانبها دعت نائب رئيس حزب الأمة مريم الصادق الى توسيع الحراك الشعبي وبصورة عاجلة في الإغاثة والدور الإنساني وتابعت : العلاقات الاقتصادية مضروبة بين السودان ودولة الجنوب لعدم وجود اتفاق تجاري مع الجنوب التي تعتبر أغنى دول حوض النيل في الثروة الحيوانية والمعادن والبترول. كما دعت لتفعيل العلاقة مع جنوب السودان لقطع ما أسمته الأطماع الأثيوبية واليوغندية مشيرة الى أن رأي الجنوبيين في الخرطوم أنها نقطة التقاء بدليل أن مجلس حكماء الدينكا التقى القيادات الجنوبية بها.

مركزية الخرطوم:

ودعا د محمد محجوب الى أن تكون الخرطوم مركزاً للجهود الأقليمية والدولية لقضايا الجنوب، وقال إن غياب الأفق والرؤية الاستراتيجية للنظام وكل القوى السياسية الموجودة وأضاف أن السودان مطالب بترسيخ دولة ذات مؤسسات تقوم بالتزامات نحو دولة الجنوب مشيراً الى ضرورة الاهتمام بحزام السافنا الغني وموارده الزراعية والمائية.

الإدارة الأهلية:

ومن جانبه دعا مولانا عبد الرحمن عبود الى حملة قومية للإغاثة وتفعيل دور الإدارة الأهلية لردم الصراعات واستنهاض الدور الشعبي لاستقبال اللاجئين وطالب بتخفيف القيود التي تضعها الدولة في التجارة بين البلدين لتكون هناك مرونة في تجارة الحدود، واعتبر عبود أن الأنظمة المتعاقبة لم تدرك بعمق مسألتا الهوية والثقافة في التعامل مع إنسان الجنوب وأن
قوانين سبتمبر ۱۹۸۳ لعبت دوراً كبيراً في تعميق الهوة بين الشمال والجنوب.

ميزان المصير الوطني:

وقدم مسؤول الإعلام بحزب الأمة محمد الأمين عرضاً لكتاب الصادق المهدي (ميزان المصير الوطني في السودان) ضمن أعمال الورشة وقال إن أطروحات فكرية وسياسية أكدت عبر الكتاب أن الأزمات في الجنوب على اختلافها هي أزمات  سياسية ومضى:على الرغم من القراءات التاريخية والجدل الكثيف حول قضية الجنوب إلا أن أصحاب الشأن (المثقفين الجنوبيين) ظلوا غائبين غياباً فعلياً عن هذا المسرح بل بعضهم استند على مقاربات تاريخية بعينها وظلوا يكررونها وبالكاد لا نعني الغياب التام فهناك كتابات لجنوبيين تمثل مصدراً للمعرفة بالجنوب .حيث يقول المهدي في كتابه (إن تباين تاريخ السودان في مسألة هامة كحق ثقافي إنساني للشعب في الجنوب وفي الشمال كذلك في التعرف على تاريخ أسلافه ومواطنيه، وفي أن يكون هذا التاريخ جزءاً لا يتجزأ من التاريخ السوداني ككل ..ولكنها أي رواية تاريخ الجنوب مسألة صعبة دونها خطة بحثية محكمة غياب هذه الخطة البحثية يعد أحد الاسباب الكثيرة لانتقادنا لاتفاقية السلام وخلوها من الاتفاق حول أهم مزيلات الخلاف.. فالحاجة الى بروتكول ثقافي .. ليس أقل من حاجتنا لاقتسام الثروة والسلطة.. فالرصيد الوثائقي والبحثي والمعرفة الإدارية في السودان غير متساوية وبعض المناطق عير مكتشفة بصورة كاملة هناك مجهودات قام بها مؤخراً بعض الجنوبيين لتجميع التراث الشفاهي والأعراف القبلية علاوة على المجهودات التي قام بها في الماضي المبشرون الأوربيون والإداريون البريطانيون هذه المجهودات ينتظر أن تتطور الى شكل إعادة بناء للتاريخ الجنوبي باستخدام مناهج استخلاص التاريخ بمساعدة الروايات الشفبهية والآثار الموجودة واذا لم يكتشف تاريخ الجنوب القديم سيظل تاريخ السودان يروي من جوانب محددة هي المكتشفة والمعروفة مما يسبب غبناً لبقية الجماعات وستظل الحركات الجنوبية نهباً للتصورات الخاطئة حول دور الجنوبيين في التاريخ القديم).

التكامل والتوأمة:

وقدم الأمين عدداً من التوصيات التى وردت في الكتاب وهي بناء الوعي الحقيقي بقضية السودان في الجنوب وذلك في اطار تفكيك الوعي الزائف المعوق للسلام الشامل وفتح حوار موضوعي لقراءة وكتابة التاريخ الذي يستهدف به بناء الحاضر  والمستقبل لهيمنته على العقل والوجدان السوداني وأكدت التوصيات على أن قضية الجنوب سياسية وأن الانحراف عن هذا المدخل عمل على تأزيم القضية كما أنه حتى التسوية السياسية ذات الأبعاد الثنائية ساهمت في تكريس الانفصال بتركيزها على اقتسام السللطة والثروة دون الأخذ في الاعتبار روافد الصرا ع الحقيقية وأفادت التوصيات أن المصير الوطني في السودان على كفتي ميزان وحدة وطنية في ثوب جديد يساعد على إزالة عيوب اتفاقية السلام أو بناء توامة ترسم ملامح المستقبل المشترك في اتفاقية تكامل وليس مفاصلة وقطيعة.

الوضع الإنساني:

وحول الوضع الإنساني بدولة الجنوب قال أحمد حسين أحمد في ورقة بعنوان مآلات الأوضاع بجنوب السودان على ضوء الأزمة الراهنة: بحسب مكتب الأمم المتحدة للتنسيق للشؤون الإنسانية بدولة الجنوب أن عدد المواطنين المحتاجين للمساعدات الانسانية عام ۲۰۱۷ يقدر ب ۸,٥ مليون نسمة أي نصف عدد سكان الجنوب البالغ تعدادهم ۱۲ مليون نسمة، وهذا ما يؤكد إعلان المجاعة في جنوب السودان بحسب ما تداولته الأخبار بإعلان رئيس الحكومة سلفاكير المجاعة في السودان رسمياً، وتابع حسين: ويقدر عدد النازحين داحل دولة جنوب السودان المتأثرين بالعنف ۲ مليون نسمة، أما النازحون الذين وصلتهم المساعدات الإنسانية هذا العام فقط ۲,۱ مليون نسمة أي أن هناك نقص حاد في المساعدات والتمويل وهذا ما يفسر حدوث المجاعة، كما أجبر أكثر من ۳,۲ مليون شخص (واحد في كل ٥ أشخاص) على الفرار من ديارهم منذ بدء النزاع. وأيضاً هناك ۹,۳ مليون شخص (أي واحد من كل ۳ أشحاص في جنوب السودان) يعانون من إنعدام الأمن الغذائي المفرط.
وقال حسين في ورقته: كان متوقعاً استماتة الجهات التي ساهمت في قيام دولة جنوب السودان أن لا تسمح بانهياره وتفككه
لكن ذلك لم يحدث بالصورة المتوقعة، مما أعطى المؤشرات الى دور سوداني وطني مطلوب، وهنا يمكن أن تكون رؤية حزب الأمة في مشروع التوأمة بين البلدين مشروعاً تكاملياً يظل هو الأجدى والأنفع للبلدين بإعتبار أن كل الظروف مواتية حتى فكرة التوأمة في ظل طرح يعمل على إنشاء نظام فدرالي أقرب لواقع الجنوب الحالي.

 

الجريدة