جريدة الوطن تحاور الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي

الإمام الصادق المهدي في برنامج مصر في يوم
الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وإمام الأنصار المنتخب ورئيس الوزراء الشرعي للسودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو نادي مادريد للحكماء الديمقراطيين والمفكر السياسي والإسلامي
الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وإمام الأنصار المنتخب ورئيس الوزراء الشرعي للسودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو نادي مادريد للحكماء الديمقراطيين والمفكر السياسي والإسلامي

الصادق المهدي: “مرسى” رجل ساذج لأنه حمل شيئاً لم يكن مؤهلا له

كتب : إسراء طلعت

السبت 04-07-2015

كشف رئيس وزراء السودان الأسبق والمفكر السودانى الصادق المهدى، أنه بعث برسالة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، ناشده فيها، العفو الرئاسى عن قيادات تنظيم الإخوان، مؤكداً أن تنفيذ أحكام الإعدام سيفتح النار على مصر، وسيزيد من حالة المظلومية التى يتبنّاها «التنظيم».

 وأكد «المهدى»، فى حواره لـ«الوطن»، أن العفو الرئاسى سيفتح مجالاً للتوسط لدى الإخوان، لإجراء مراجعات فكرية والاعتراف بالأخطاء، واعتبر أن الطريقة التى يتبناها النظام الحالى فى التعامل مع تنظيم الإخوان بالصورة الحالية، هدفها اجتثاثهم، وألا يكون لهم دور فى الحياة السياسية.

وطالب «المهدى» الإخوان بالاعتراف بالأخطاء التى ارتكبوها فى حق الشعب المصرى، بداية من المناورات التى تمت بعد ثورة يناير، إلى محاولتهم عزل مؤسسات الدولة واستغلال السلطة لتطبيق مصلحتهم الحزبية فقط. وقال إن الرئيس المعزول محمد مرسى كان خاضعاً لقرارات القيادة الإخوانية ومكتب الإرشاد، ولم يكن الرجل الأول فى تنظيم الإخوان.

■ ما أخطاء الرئيس المعزول محمد مرسى؟

 – اجتمع الدكتور مرسى بقادة جبهة الإنقاذ فى فندق «فيرمونت»، واتفق على 6 نقاط، لم يفِ بها، ولم ينفذها، أهمها أن يحكم حكماً عريضاً، يشترك فيه الآخرون، ولا يقتصر على الإخوان فقط، كما أنه فى عهده أصدر الإعلان الدستورى فى نوفمبر 2012، وهذا الإعلان كان هدفه تحصين قرارات السلطة التنفيذية من القضاء، مما أثار غضب الآخرين، لأن استقلال القضاء ضمان من ضمانات العدالة، فعندما تعلن هذا معناه أنك فى حقيقة الأمر، تحصّن قرارات سياسية تنفيذية من القضاء، وهذا خطأ، والخطأ الآخر أنه أثبت أن رأس الدولة الذى انتخبه الشعب المصرى، سار خاضعاً لقرارات القيادة الإخوانية ومكتب الإرشاد، بمعنى أن الرئيس كان مرؤوساً، فالذين انتخبوا «مرسى» هم الذين يتوقعون أن يكون الرئيس هو المساءَل أمامهم، وليس قيادة الإخوان، لأنهم لم ينتخبوا قيادات «الإخوان»، وكان من الواضح أن كثيراً من القرارات لا تُتخذ فى القصر الجمهورى، ولكن تُتخذ فى مكتب الإرشاد فى المقطم، كما أن الإخوان أتوا ليستخدموا الدولة كوسيلة لتمكين حزبى، وعزل الآخرين، ولا شك أنه كان هناك شىء من الاستعلاء على الشعب المصرى، هذا كله أدى إلى تذمُّر الشعب المصرى، وهذا الغضب دعم الحركة الشعبية الجماهيرية العريضة فى 30 يونيو.

والنقطة المهمة فى رأيى أن يعترفوا بأن ما ارتكبوه من أخطاء هو السبب لما حدث لهم فى 30 يونيو، ويجب أن يعترفوا بأنهم إذا أرادوا أن يكون لهم دور فى الحياة السياسية الطبيعية، فعليهم قبول حرية الأديان وحقوق الإنسان والرأى الآخر، ولكن أتوقع أن الحركة الإخوانية ستعقد مؤتمراً خارج مصر، يمكن أن يتجهوا فيه إلى أنهم فى حالة حرب وحصار ومواجهة، ويمكن أن يكون الاتجاه غير ذلك، هناك تراجع حقيقى واعتراف بالأخطاء، وعليهم أن يفتحوا صفحة جديدة.

 ■ قلت إن الرئيس المعزول كان مرؤوساً، وليس رئيساً، فلماذا؟

 – الدكتور مرسى لم يكن هو الرجل رقم 1، ولا رقم 2، بل كان خارج ترتيب الخمسة الأوائل فى تنظيم الإخوان، والخطأ أن يُزج بشخص من هذا النوع لتكوين هرمى يتسلسل من أعلاه إلى أدناه، فهو ظلم، فى أن حزبه دفع به ليلعب دور الرجل الأول، بينما هو فى واقع التنظيم السياسى لم يكن فى الصفوف الأولى للقيادة، فهم ألقوه فى اليم مكتوفاً، وقالوا له إياك إياك أن تبتل بالماء، وفى انطباعى أنه كان رجلاً طيباً بشىء من السذاجة، لأنه حمل شيئاً لم يكن مؤهلاً له.

 وعندما قدّمنا له اقتراحاً بإجراء المصالحة مع جبهة الإنقاذ، إذا ألغى الإعلان الدستورى وقبل تعديل بعض المواد فى الدستور وقبل أن تكون الحكومة واسعة، فلو كان فعل هذا فإنه من الممكن أن يقبل الآخرون أن يستمر «مرسى» فى الحكم، فكان رده على المقترحات بصورة فيها انفتاح، وقال لنا إن هذا الموضوع يستحق أن يُدرس ولم يبدِ اعتراضه.

ولكن لسوء الحظ كانت لنا مقابلة مع القيادات فى «المقطم»، والتقينا المرشد ونائب المرشد، وقال لنا سمعت أن عندكم مبادرة، سأتركم لنائبى، وكان حينها «خيرت الشاطر»، وعندما عرضنا عليه كان رده مختلفاً عن رد الرئيس، حيث قال إن الرئيس لا يقبل هذه الاقتراحات، وفهمنا حينها أن خيرت الشاطر هو الذى رفض وليس «مرسى»، لأنه من البداية كان مرحباً بالمبادرة، وتأكدنا بعدها أن الرئيس كان مرؤوساً ولا يملك قراره.

■ إذا اتخذ «السيسى» قراراً بالعفو عن قيادات الإخوان، ألا يغضب ذلك الشعب المصرى؟

 – لا شك أن الرئيس «السيسى» إذا عزم على فعل ذلك عليه أن يجرى حواراً مجتمعياً عليه، كما أننى أؤكد أن الحوار المجتمعى قائم ومستمر بين القوى السياسية ويعرض كل يوم عبر الصحف والقنوات التليفزيونية، كما أن هناك العديد من الدول حلفاء مصر بدأوا مراجعة موقفهم تجاه الإخوان، كالمملكة العربية السعودية وبدأت علاقات مع تركيا، لأن هناك مستجدات جديدة، وأى تغيير سيحدث فى اليمن سيكون لحزب الإصلاح الإخوانى دور فيها، كما أن القضاء على النظام الحالى فى سوريا، سيكون الإخوان جزءاً منه، كما أن جماعة فجر ليبيا سيكون لها دور، وهى فيها تكوين إخوانى، فالشاهد أن التطورات التى تحدث فى المنطقة فيها محمول إخوانى، جعل المملكة العربية السعودية تبدأ كلاماً فى حتمية أن يكون للإخوان دور فى التطورات التى تجرى فى المناطق المختلفة.

أنا لا أدرى ماذا سيفعل الرئيس «السيسى»؟ ولكنه كقيادة مسئولة لها ظهير وسند شعبى، سيناقش كل هذه التطورات بناء على أشياء مستجدة، لأن كل فترة تتغير الخريطة السياسية، فهناك مثلاً فى مصر من يرون أن اجتثاث الإخوان مرة واحدة يجب أن يكون موقفاً حاسماً وأن يمضى كما حدث فى 30 يونيو، لكنهم الآن يرون أن على الرئيس «السيسى» أن يجيب عن سؤال هل بعد هذه المدة حدثت متغيرات تقتضى عدم الاجتثاث بل الاستيعاب؟ فعليه أن يجيب هو عن هذا السؤال، بعد أن يستمع لكل الأفكار ويرى كل التوجهات ليقرر الأصلح للبلاد، هذا رأيى لأنى مهتم بالشأن العربى والأفريقى، ولست كمن يملى رأيه ولكن علىَّ النصيحة، فأنا رأيت ما حدث فى العراق، وفكرة اجتثاث البعث، التى طبقها الاحتلال الأمريكى كان من نتائجها أن حزب البعث يلعب دوراً كبيراً فى «داعش»، باعتبار أن «داعش» احتجاج أهل السنة ضد ما يرونه من سيطرة الشيعة، فهناك مكون كبير منه دخل «داعش»، إذن محاولة الاجتثاث البعثى لم تنجح بل أعطت للبعثيين فرصة للتطرف فى العراق.

 ■ ماذا عن رفض الشعب المصرى المصالحة مع من تلوثت أيديهم بالدماء؟

 – الشعب المصرى يحكمه الدستور، وهذا الدستور أعطى رئيس الجمهورية حقاً، والشعب المصرى هو الذى أعطاه هذا الحق بموجب الدستور الذى وافق عليه من قبل، وإذا استخدم الرئيس «السيسى» حقه فلن يكون قد صادر حقاً للشعب، فلا يوجد تناقض، فهو إذا تصرف سيتصرف بموجب حق أعطاه له الشعب، وإذا تصرف رأس الدولة بشىء دستورى، فلا يجوز للشعب أن يغضب من تصرفه، لأن هناك أموراً يتدخل فيها لا تقف عند حد العدالة القضائية، ففى كل الدساتير يدخل باب العفو عن العقاب، وليس كما قالت أمينة النقاش إن الرئيس «السيسى» لا يستطيع فعل ذلك.

الوطن