حوار مع الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وإمام الأنصار من القاهرة في السياسي

الإمام الصادق المهدي في برنامج مصر في يوم
دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وإمام الأنصار المنتخب ورئيس الوزراء الشرعي للسودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو نادي مادريد للحكماء الديمقراطيين والمفكر السياسي والإسلامي
دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وإمام الأنصار المنتخب ورئيس الوزراء الشرعي للسودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو نادي مادريد للحكماء الديمقراطيين والمفكر السياسي والإسلامي

الأربعاء 9 سبتمبر 2015

إعلان باريس تصحيح لمسار الحوار وليس رد فعل على الاستفزاز

النظام إعتاد على رفض أي عرض ثم الموافقة عليه فيما بعد.!!

النظام إما أن يلتزم بتوقيع غازي وأحمد سعد أو أن ينكر آلية 7+7

قوى الإجماع فوضتنا في برلين رغم رفضها لمخرجات الوساطة الأفريقية

الوسيط الأفريقي سد ثغرة الحياد في إدارة الحوار

حوار: عادل إبراهيم حمد

الصادق المهدي سياسي لا يفقد البريق, فهو في حالة حضور قوي في كل الظروف.. أثارت مغادرته للسودان ثم توقيعه على إعلان باريس, وما تلاه من تطورات جدلاً كثيراً, خاصة أن الرجل كانت له مواقف مبدئية رافضة لخط الجبهة الثورية المتبني للعمل العسكري, فكان سؤالنا الأول للسيد الصادق المهدي أقرب إلى الإتهام, بأنه تصرف برد الفعل على الإستفزاز الذي أحدثه إعتقاله المفاجئ, فوقع بذلك في الفخ الذي نصبه رافضو الحوار داخل النظام, وهزم فكرته المتكاملة حول الحل السلمي.
فقال الإمام الصادق: هذا ليس صحيحاً.. الصحيح هو أنني ظللت أؤمن بالحل السلمي في كل مراحل خلافي مع هذا النظام وإلى الآن.. وقد أستجبت من هذا المنطلق للدعوة إلى الحوار في يناير 2014, لكن تبين أن الحوار يعيبه أمران: الأول أن النظام يرأس الحوار, ولا يمكن أن يرأس الخصم حواراً, فهذا لا يقود إلى نتيجة إيجابية.. الأمر الثاني الذي تأكد بإعتقالي بسبب هجومي على قوات الدعم السريع, هو أن الحوار مكبل وأن النظام غير مستعد لبسط الحريات.. لم أتجه بعدها للجبهة الثورية كرد فعل على الإستفزاز.. فنحن أصلاً على إتصال بالجبهة الثورية, ولم تحدث قطيعة بيننا وبينهم, لكننا كنا على خلاف معهم, خاصة بعد التوقيع على ميثاق الفجر الجديد الذي أبرم في كمبالا, وحوى بندين لا نؤيدهما: فنحن نرى أن إزالة النظام بالقوة العسكرية ـ من شأنه إذا حدث ــ فتح الباب أمام دكتاتورية جديدة, كما أننا ضد تقرير المصير لأي منطقة في السودان.
بعد لقائنا معهم بدا لنا وجود إستعداد لديهم للتخلي عن الحل العسكري وعن تقرير المصير, فسرنا معهم في هذا الإتجاه حتى تم التوقيع على الإعلان.. إعلان باريس بهذا المعني تطوير للحوار في إتجاه الحل السلمي ونحو سودان موحد.. هذه فرصة تاريخية لتحقيق الحوار الجامع, وإنجاز عظيم لصالح وقف الحرب وتحقيق نظام سياسي ديمقراطي.
• لكن النظام بوصفه طرفاً مهماً في الحوار رفض إعلان باريس.؟
بدلاً عن الترحيب بإعلان يمهد لتحقيق الحوار الجامع, رفض النظام إعلان باريس.. ولأنه لا يمكن أن يجد عاقل شيء يرفض في الإعلان, إفتعل النظام كلاماً بأن إسرائيل وراء الإعلان.. وهذا إدعاء بلا أساس, لأن إسرائيل كما هو معروف تسعى ـ لا لتمزيق السودان وحده ــ بل لتمزيق كل الدول العربية والإسلامية, فكيف تكون وراء إتفاق يتجاوز فكرة تقرير المصير؟
• النظام الحاكم لا يحس بأنه تحت ضغط يجبره على قبول تصوركم للحوار الجامع.؟
هذا النظام ــ في كل الإتفاقات السابقة ظل يرفض ثم يوافق على ما رفضه بالأمس.. وهو الآن في حالة ضعف, الحزب الحاكم أبعد سياسيين حقيقيين ويدار الآن بالتكنوقراط فإزداد ضعفاً.. ألم يصف عمر البشير حزب المؤتمر الوطني في إجتماع شورى الحزب بأنه مثل الإتحاد الإشتراكي؟ النظام وهو في حالة أقوى ظل يتراجع عن مواقفه الرافضة, لذا يتوقع أن يتراجع أسرع وهو في هذه الحالة من الضعف.
• وما قولكم في أن قوى معارضة مؤثرة ــ مثل قوى الإجماع ــ ما تزال ترفض الحوار.؟
هذه القوى منطلقة من منطلق مختلف.. هي ترفض الحوار لعدم ثقتها في النظام, ولأن الحوار الذي دعا إليه النظام يفتقد ضمانات الحرية والحياد.. لكن أنتظر أن تبدي هذه القوى تجاوباً.. دليلي على ذلك أن ممثلين لقوى الإجماع الوطني إلتقوا بنا في برلين في فبراير الماضي حينما كانت الأنظار تتجه إلى الإجتماع المزمع عقده في مارس, وفوضوني أنا والسيد مالك عقار للتحدث بإسمهم.. صحيح أن الإجتماع لم يتم, لكن التفويض يشير إلى تطور.
أرى أن وجود الوساطة الأفريقية سدت ثغرة الحياد في الحوار بين الفرقاء السودانيين, وفي هذا تلبية لمطلب المعارضة بوجود وسيط محايد يدير الحوار حتى لا يكون الخصم هو من يرأس الحوار.. كما أن الوسيط الأفريقي يتقوى بالبعد الإقليمي بل والدولي لأن الوساطة الأفريقية كانت قائمة قبل إعلان باريس بموجب قرار مجلس الأمن 2046 الداعي للحوار بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال.. وبعد إعلان باريس دعا ثامبو أمبيكي كل الأطراف لإجتماع.. أرسل النظام ممثلين من آلية 7+7 وتم في سبتمبر 2014 التوصل لإتفاق من ثماني نقاط شأنها جمع كل الأطراف السودانية.. هذا الإتفاق ثمرة لإعلان باريس ونداء السودان.. وساعد أمبيكي على التوصل للإتفاق حين أبعد البنود المستفزة للنظام في إعلان باريس وفي نداء السودان وأبقى على الجوهر.. بهذه المبادئ وبوجود الوسيط المحايد إكتملت الأركان لحوار جامع.
رفع أمبيكي ما تم التوصل إليه في أديس أبابا إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي ــ الذي هو بمثابة مجلس أمن اقليمي ــ وتبنى المجلس في إجتماعه 456 الإتفاق ودعا الأطراف السودانية لإجتماع في أديس أبابا في مارس 2015, إلا أن النظام السوداني غاب عن الإجتماع, رغم أن مندوباً منه, هو دكتور مصطفى عثمان أكد لي حضورهم الإجتماع.
• النظام غاب عن إجتماع مارس, وتحالف قوى الإجماع أعلن رفضه لحوار مبني على قرار الإجتماع 456, فالحوار أصبح كالمنبوذ؟.
أعيد قولي حول إختلاف منطلقات الطرفين, وعلى كل حال نحن بصدد دعوة كل القوى المعارضة لإجتماع نسعى أن يتوافق فيه الجميع على رؤية إنطلاقاً من المبادئ الموقع عليها من حزب الأمة والجبهة الثورية وممثلي آلية 7+7
• هل للنظام فرصة للمناورة أو المراوغة فيتبرأ من إتفاق سبتمبر 2014 بدعوى أن دكتور غازي صلاح الدين والسيد أحمد سعد عمر ليسوا أصلاء في تمثيل النظام القائم؟
دكتور غازي والسيد أحمد سعد لم يأتيا لأديس أبابا ممثلين لحزبيهما, هما ممثلان لآلية 7+7.. دكتور غازي يمثل أحزاب المعارضة في الآلية والسيد أحمد سعد يمثل أحزاب الحكومة.. هذه الآلية هي منبر الحوار الذي دعا له النظام وترأسه, وعليه لا يمكن أن يتبرأ النظام من آلية هي ثمرة الحوار الذي يرأسه.. فالنظام إما أن يلتزم بما وقع عليه دكتور غازي والسيد أحمد سعد مندوبا آلية 7+7, أو أن ينكر آليته التي صنعها بنفسه.
يعزز هذا القول إن النظام عندما رفض حضور إجتماع أديس في مارس الماضي تذرع بأن الدعوة لم توجه لمنبر 7+7 الحواري.. إذاً هو متمسك بمنبره, وبالتالي هو ملزم بما وقع عليه مندوبا آلية 7+7.
• لماذا دعا أمبيكي حزب الأمة والجبهة الثورية إلى الإجتماع التنويري الأخير, ولم يدع غيرهما من فصائل المعارضة؟.
لأن حزب الأمة والجبهة الثورية هم العناصر المؤثرة المعنية أكثر من غيرها بالتنوير.
• لكنكم تتحدثون عن إتفاق بين كل الأطراف؟.
إلى الآن قوى الإجماع الوطني لها موقف مبدئي ضد الحوار مع النظام.. وصاحب الدعوة إهتم في ذلك اللقاء بمن وقع على إتفاق سبتمبر 2014 من جانب قوي المعارضة.
• تصفون العلاقة بينكم وبين بقية قوى نداء السودان بأنها تنسيق عام وأنكم بصدد ضبط وإحكام هذا التنسيق وهيكلة التنظيم, ما هو تصوركم لذلك؟
التصور هو ما تتوافق عليه القوى المعارضة في الإجتماع الذي أشرت إليه.
• تجربتكم في تحالف قوى الإجماع لا تشجع على نبش موضوع الهيكلة الذي ظل سببًا دائماً للخلاف, كما أن ضبط التنسيق لا يناسب تحالفًا جبهوياً تناسبه العموميات
لكن كيف لتحالف أن ينفذ خطته بلا هيكلة ولا تنظيم؟
• قصدت ما حدث بالفعل من مشاكل بسبب الهيكلة في تجربة قوى الإجماع, وعنيت أن التشدد في التفاصيل يهدد تماسك تحالف عريض؟.
سوف ندعو كل قوى المعارضة لإجتماع تتوافق فيه على الهيكلة وطريقة إتخاذ القرارات وتنفيذها.. هذا شيء مهم جداً لأي عمل كبير.. وما دامت الهيكلة وطريقة العمل سوف تتخذ بوجود الجميع وتوافقهم, فلا أرى ما يهدد تنظيم قوى المعارضة عند وضع هذه الأسس المهمة.
• هذا كله يصب في ناحية التنظيم.. ماذا عن العمل السياسي؟
نرجو أن يتوافق الجميع على حوار جامع.. وقد يتحقق هذا الهدف الذي ندعو إليه خلال الإجتماع المقترح, أي حوار جامع على الأسس التي توصلنا إليها في إجتماع أديس أبابا بحضور الوسيط الأفريقي في سبتمبر من العام الماضي.. ووارد أيضاً أن تفضل قوى أخرى خيار الإنتفاضة.. لكن المؤكد هو أن الوسيط الأفريقي يتوسط لدعم خيار الحوار بين كل الفرقاء السودانيين.. فهو الخيار الوحيد الذي يمكن أن يجد التأييد والدعم من وسطاء محايدين.. لا يعقل أن يتحدث وسيط بين نظام قائم ومعارضة, عن إنتفاضة.
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

ننتقل إلى الشأن الحزبي وكيان الأنصار
• قدراتك الشخصية وإمكاناتك الخاصة تدفع الحزب دفعاً للإعتماد شبه الكامل على فرد واحد.. ماذا تقول؟
الذين يدعون هذا الإدعاء لا يريدون أن يروا.. حزب الأمة حزب مؤسسات.. قدراتي تعدت بالفعل حدود السودان, فأنا أشارك في عدة أنشطة خارجية, لكن هذا لم يكن أبداً على حساب المؤسسية في الحزب.. الحزب يعقد مؤتمراته بإنتظام وتجتمع أجهزته.. الحزب الآن يعمل في الداخل بفاعلية رغم وجودي في الخارج.
• وماذا تقول عن غياب نجوم حزبية بجانبك كنجوم الحركة الإستقلالية الذين كانوا حول الإمام عبد الرحمن؟
أقول أيضاً إن الناس لا يرون، فالحزب لديه كوادر مؤهلة يمكن أن تضطلع بكل المهام الحزبية والوطنية.
• أقطاب الحركة الإستقلالية كانوا نجوماً ساطعة في الحزب بما لا يقارن, على سبيل المثال الشنقيطي وعبد الرحمن علي طه وإبراهيم أحمد.
أولاً الشنقيطي لم يكن حزب أمة.. كان صديقاً للإمام عبد الرحمن.
• قائمة الإستقلاليين الذين لا خلاف على إنتمائهم لحزب الأمة تطول.. نترك الشنقيطي.. عبد الله خليل وإبراهيم أحمد وعبد الرحمن علي طه ومحمد أحمد محجوب وأمين التوم, أين نظراؤهم اليوم؟
في حزب الأمة كوادر مؤهلة في مختلف التخصصات شاركت بكفاءة في تشكيل الحكومة في الفترة الديمقراطية, وما زال في الحزب كوادر مؤهلة يمكن أن تدير الدولة, بجانب الكوادر الحزبية في أمانات الشباب والمرأة وكل مؤسسات الحزب, لكن البعض لا يريدون رؤية الحقائق ويتمسكون بمقولات خاطئة ويحاولون جعلها مسلمات صحيحة.

• كيان الأنصار تأثر بتداعيات السياسة لأن الإمام هو رئيس الحزب.. فإفتقد الكيان عنفواناً كان عليه حتى في أيام الحكم الأجنبي؟.
-هذا ليس صحيحاً.. والكيان أيضاً يعمل بنشاط وله مؤسساته في مختلف المجالات, بل وحدث فيه تجديد حتى في مفهوم الإمامة, فقد تجاوز البيعة والتوريث ووصل مرحلة الإمام المنتخب.
• لكم تفسيرات ورؤى ناقدة لظاهرة العنف في السياسة.. كيف تتجاوز المهدية بخلفيتها الجهادية إحتمالات ظهور العنف في صفوفها؟
المهدية تحمل في داخلها عناصر المواكبة والتجديد.. هذا ما مكن الإمام عبد الرحمن من تقديم فهم جديد للجهاد والزهد بدون أن يخرج عن جوهر المهدية.. ففكرة المهدية تتعدد مدارسها, وقد حصر الإمام محمد أحمد المهدي مهديته في مهمة إحياء الدين, فلم يكن مهدياً بالمفهوم الشيعي الذي يحدد المهدية في شخص بعينه, ولا بالمفهوم السني, فلم يدع إنه إمام آخر الزمان.. مهديته مهدية مهمة حددها في إحياء الدين.. ولم يحط نفسه بقداسة.. هذا ملاحظ بوضوح في الراتب الذي وضعه, فهو أدعية لا تشمل أي دعاء يختص به المهدي أو أسرته.. الراتب يمكن أن يقرأه الأنصاري وغير الأنصاري, بل أعرف أعلاماً غير سودانيين يقرأون الراتب مثل الأمير الحسن.. وطلب الإمام المهدي من أتباعه أن يردوا كل ما ينسب إليه إلى الكتاب والسنة, فإذا لم يوافقهما فلا يؤخذ به.. هذه الأسس تجعل المهدية قابلة للتجديد والمواكبة, فالإمام عبد الرحمن أبقى على مرتكزي المهدية, وهما الجهاد والزهد, لكن بفهم يواكب زمنه, فقاوم المستعمر بالجهاد المدني, وجمع المال لكن أنفقه بسخاء في العمل الوطني والأعمال الخيرية, فجعل المال في يده ينفقه بالسخاء الذي عرف به ولم يتسلل حب المال إلى قلبه.. هذه القابلية للتجديد هي التي مكنتنا من تقديم تصورات جديدة تجعل المهدية تنجو من إحتمالات الوقوع في فخاخ العنف السياسي التي تقع فيها كثير من المدارس الإسلامية بفهم ضيق لمعاني الجهاد.
ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
جزيل الشكر إلى الزعيم الصادق المهدي على الحصيلة القيمة لهذا الحوار, وعلى الأجواء الطيبة التي جرى فيها الحوار من ترحاب وأريحية, فالرجل الذي لا يخبو بريقه, يضوع منه التواضع بلا تكلف فيزيده التواضع رفعة.
وشكرنا إلى الأستاذ محمد زكي مدير مكتب الإمام الصادق المهدي الذي رتب لنا هذا اللقاء.

السياسي