كلمة الحبيب الإمام الصادق المهدي في تأبين الحبيب محمد بشير أبو سالف

الإمام الصادق المهدي
سماحة دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد للحكماء والرؤساء السابقين المنتخبين ديمقراطياً والمفكر السياسي والإسلامي

 

 

الثلاثاء 15 يناير 2013

 

السلام عليكم ورحمة الله

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه مع التسليم.

 

أيها الأحباب قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا) ما بدلوا تبديلا هذه حقيقة صفة كانت ملازمة للحبيب الراحل. مر على هذا الكيان في ظروف صعبة، في ظروف الامتحان القاسية ودائماً طبعاً الشدائد تميز بين الناس، كان مستمراً في ولائه وعهده وعمله دول كلل ولا ملل، زاملنا في هذه الظروف كلها، وكان دائما فدائياً للقضية، كان تقياً نقياً مؤمناً، وإذا رأيته تذكرت (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا) كان في سلوكه وتصرفاته كلها يعكس هذه المعاني بصورة يجسدها.

ومع أنه طرق أبواباً كثيرة في الاستثمار والرزق والعمل السياسي والعمل الديني فقد برّز فيها جميعاً، وكنتُ دائما أقول له إنك تجسد المعاني التي في عشيرتك: حولت الحماسة من حماسة العشيرة إلى حماسة العقيدة في الدين والوطن، وفي العمل الاستثماري، حيث نجد في كل مناطق السودان نماذج منهم يعملون. كثير من الناس لا يستطيعون فهم الدور الذي قام به المستثمرون في أنحاء السودان المختلفة، وهو دورٌ عظيم وحضاري، صحيح هم جمعوا مالاً، ولكنهم جمعوا المال بالتضحية بالمال، لأن المستثمر يقذف بالجنيه ليأتي منه بجنيهين، فهو يفعل ذالك بحنكة وبحماسة وبقدرة وهي قدرة ليست متاحة لكل الناس. لقد حولوا هذه الحماسات للمجالات المختلفة الدينية والوطنية، وفي رأيي هذا أهم استثمار معنوي ومادي. كنتُ أقول له هذا، وكنت دائماً أشعر بهم هذه القضايا لديه، لأنه كلما يلتقيني يناقش معي قضية من القضايا دينية كانت أو سياسية تدل على الاهتمام بهذا الموضوع والرغبة في عمل شيء:

إن تلقني شاحبا فالهم غيرني والهم لا يمتطي إلا ذوي الهمم

الناس الذين يهتمون بالقضايا يكون لديهم دائماً هذا التعلق بها ومحاولة العمل فيها، ومؤكد أنه كان من الذين أفنوا قدراتهم في سبيل هذه المعاني، ولذلك فجعنا وحزنا لفقده المبكر هذا ولكن لله ما أعطى ولله ما أخذ و(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) ولا نقول إلا أننا نسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته.

quranic verse a

ونقول أيضا إن هذا الفتى كان ضمن جماعة اخترناهم في محنة شديدة للدعاء، كنا اتفقنا أن أختار خمسة من المحمّدين المستقيمين، أي اسم الواحد منهم “محمدٌ” ولديهم استقامة، وكنا في ذلك الوقت نتطلع لأن يفرج الله سبحانه وتعالى عن بلادنا الهم المايوي دون إراقة دماء، فقاموا هم بهذا الدعاء، ويبدو أن الله سبحانه وتعالى استجاب لهذا الدعاء من مخلصين محمّدين.

وأعتقد أن فقده هذا لا يمكن أن يكون محياً من الوجود، لأن هذه المعاني لا تفنى وما فيها سيظل تمثالاً ليس تمثالا بالبرونز أو الخشب أو الحديد، ولكنه تمثال بالمعاني، وتمثال المعاني لا يفنى بل يبقى إن شاء الله ليكون نبراساً.

إنني كنت ولا زلت اعتقد أن الحبيب الراحل كان يجسد هذه العشيرة التي أظهرت من الحماسة في هذه المعاني مظاهر كثيرة. أسأل الله أن يحفظها فيها، وأن يحفظها لها. وكذلك نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحسن عزاءنا جميعاً، عزاء أهل السودان عموما على فقد مواطنٍ صالح، وعزاء كياننا السياسي والديني في فقد عاملٍ من عماله الأوفياء، وعزاء عشيرته المباشرة وأسرته الصغرى: زوجه بثينة، وأبنائه المعتز وعبد الرحمن والصادق وسيف الدين وبناته صفاء ووصال ووفاء، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحسن عزاء هؤلاء، وأن يحسن عزاء عشيرته كلها في فقده، فهم قوم متضامنون وعاملون نسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيد من حماستهم في هذه المعاني العظيمة وأن يتغمده برحمته.

اللهم إن كان محسناً، وقد كان محسناً، فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، الفاتحة على روحه.