كلمة الحبيب اللواء فضل الله برمة نائب رئيس حزب الأمة القومي في المؤتمر الصحفي رقم (٦٨)

الإمام الصادق المهدي في برنامج مصر في يوم

في مطلع هذا العام احتفل الوطن بمناسبتين جليلتين: مولد النبي عليه أفضل السلام، ومرور ستين عاماً على استقلالنا الثاني. واليوم نحن حزب الأمة القومي نعلن لكم بأننا قد أكملنا استعداداتنا وتحضيراتنا للاحتفال بعيد الاستقلال الأول كما درجنا على إقامة هذا الاستقلال من كل عام، والدعوة موجهة لكم جميعاً ولكل أهل السودان لمشاركتنا هذا الاحتفال الذي نقيمه يوم 26 الجاري في هذا المكان. وفي مستهل حديثي الواجب يحتم عليّ أن أشيد بالعلاقة الوطيدة بين الاستقلال الأول والاستقلال الثاني من حيث الأهداف والأسباب المشتركة وإن اختلفت وسائل التنفيذ. الاستقلال الأول تم تحقيقه وتنفيذه بحد السيف، بالجهاد والقتال والشرس وإراقة الدماء ودفعت الأرواح مهراً في استقلال الوطن في معارك شتى كانت أولاها الجزيرة أبا مسقط رأس الثورة المهدية ومن ثم قدير بجنوب كردفان الحاضن المرضع للثورة وبعدها شيكان المعركة الفاصلة 1883م والتي أبيدت فيها جيوش أكبر امبراطورية في ذلك الزمان بريطانيا العظمى وتركيا بما في ذلك قائد الجيش الغازي هكس باشا الذي قال قولته المشهورة دليل على كبر جيشه، قال إذا الأرض تحركت سنثبتها بالبوت وإذا السماء تحركت سنثبتها بالسونكي، دليلا على كبر الجيش الذي هزمته قوات المهدية، ثم بعدها سنة 1883 و1884 معركة الأبيض وحروب النيل الأزرق وأخيرا المعركة المعركة الفاصلة 1884-1885م حصار الخرطوم الذي وضع حداً للحكم التركي يوم 26 يناير 1885 بالاستيلاء على الخرطوم واغتيال غردون ولمعلومية الجميع المهدي ما كان يريد قتل غردون بل كان داير يساوم بيه الثائر عرابي وكان تعليماته أن يقبض عليه أسيراً لذلك.

أما الاستقلال الثاني فتحقق بالجهاد المدني الذي شارك فيه جميع أبناء السودان، وأعلن من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955م، وكان انتصارا لشعار السودان للسودانيين.

أما بالنسبة لأهداف الثورة المهدية المباشرة وغير المباشرة، تفجرت الثورة ضد الظلم والطغيان في هدف مباشر لتحرير الوطن والمواطن من قبضة الاستعمار وزرع بذور الوعي بالسودان فنمت البذور وترعرعت وأثمرت فأنجبت الشخصية السودانية المشبعة بالعقيدة الإسلامية. ومن أهم أسبابها ما كان يردده الناس في ذلك الزمان من ظلم الحكم التركي بقولهم “عشرة في تربة ولا ريال طلبة”، وما أشبه الليلة بالبارحة.

الواجب يحتم علينا جميعاً أن نمجد تاريخ وسيرة الأبطال الذين أناروا لنا الطريق ونستمد من سيرتهم الدروس والعبر لتصحيح مسيرة المستقبل والآن ماضون بكم في واقعنا المعاش للوقوف مع رؤى حزب الأمة القومي.

1-   إن أحوال البلاد الاقتصادية والأمنية لم تعد محتملة إذ بلغ كيلو الطماطم وربع البصل ما لم يبلغه، وقس على ذلك كافة الأسعار بما في ذلك الدولار الذي بلغ 12 جنيهاًـ فاذا قارنا بأسعار 1989 م للدولار فانه تضاعف 120ألف مرة، وهذا خير دليل للواقع الاقتصادي المعاش. وعلى الصعيد الأمني نقول بعد انقسام البلاد ما زال الوطن يواجه عدداً من جبهات الحروب الأهلية. كما أن علاقات البلاد الخارجية مسدودة الأفق بحيث لا تقبل الحكومة السودانية الحالية طرفاً فى تفاوض من أجل إعفاء الدين الخارجى ولا رفع العقوبات الاقتصادية، ولا رفع اسم السودان من رعاية الارهاب، ولا استئناف الدعم التنموى الأوربى. وأرقام العطالة حتى للخريجين تتجاوز 30%، والبلاد مصنفة ضمن 5 أفسد بلاد العالم.. هذه الحالة غير محتملة ولن تستمر.

2- نحن الذين نمثل مستقبل الوطن نواصل استعدادنا لإخراج الشعب السوداني من هذا الكابوس بأحد أمرين: الأول: حوار جاد باستحقاقاته. والثاني : بانتفاضة سلمية مخططة وحاسمة.

3-   لأول مرة فرصة الحوار الجاد باستحقاقاته صارت فى متناول اليد بشرطين: الأول: أن يحسم النظام موقفه من الحوار بتكملة الحوار الداخلي الذى انخرط فيه وتعيين من يمثلون الحكومة وحلفاءها ويعلنون قبول القرار الافريقى رقم 539. والثانى : أن توحد قوى المستقبل الوطنى صفها وتعلن قبولها للقرار الأفريقى رقم 539 وتحدد ممثليها.

4-   ما يمكن أن ينجزه الحوار التحضيرى بموجب القرار رقم 539 هو إجازة كافة المسائل الإجرائية وهى:

أ‌- الاتفاق على اجراءات بناء الثقة وهى:

وقف العدائيات، ومراقبة ذلك عن طريق اليوناميد، وحرية الإغاثات الإنسانية وإسناد ذلك لأصحاب المبادرة الثلاثية، وكفالة الحريات العامة، والعفو عن المحكومين فى القضايا السياسية، وإطلاق سراح المحبوسين، وأن تلتزم كل الأطراف إعلاماً قومياً.

ب‌- الاتفاق على إعلان مبادئ للحوار الوطنى وأهمها السلام الشامل والتحول الديمقراطي.

جـ- الاتفاق على عقد ملتقى وطني قومي جامع ليعقد داخل السودان وتكون أجندته:

اتفاقية السلام العادل الشامل المزمعة.

خريطة الطريق للحكم الديمقراطي.

ويرجى أن تشمل الدعوة للملتقى التحضيري كل ممثلي النظام وحلفائه، وكل ممثلي أصحاب الرأي الآخر على ألا يزيد تمثيل الطرفين عن 10 أشخاص لكل طرف.

5-   الحوار التحضيري هو حوار إجرائى والحوار الجوهرى يعقد داخل السودان، وتشمل أجندته إضافة للأجندة المذكورة آنفاً، العدالة الانتقالية، وضمانات التنفيذ.

إذا نجحت هذه الخطى، وهو ما يريده الوطنيون المخلصون فى كل مكان، فإن الشعب السوداني يكون قد حقق إنجازاً يليق بتسامحه المعهود وعقلانيته، كما حدث يوم انضم الرئيس الراحل إسماعيل الأزهرى للحركة الاستقلالية وجنب البلاد الفتنة، وكما استجاب الفريق إبراهيم عبود لمطالب الشعب السودانى وجنب البلاد المواجهات.

ويمكن لقادة النظام الحالى التكفير عن ما ارتكبوا وتحقيق اختراق تاريخي وكتابة عمر جديد للسلام والديمقراطية فى السودان. ونحن على يقين أن السودان سوف يجني بهذا الاتفاق مكاسب كثيرة أهمها:

إعفاء الدين العام الخارجي ومقداره 48 بليون دولار.

رفع العقوبات الاقتصادية ومقدارها 750 مليون دولار سنوياً.

استئناف الدعم التنموي للبلاد ومقداره 350 مليون دولار سنوياً.

رفع اسم السودان من رعاية الإرهاب.

ولكن إذا أخذت النظام السوداني العزة بالإثم، وفوت هذه الفرصة التاريخية فسوف نواجه هذا الموقف بخطين داخلي وخارجي.

الخط الداخلي هو مواصلة حملة (ارحل) بحملة هنا الشعب، تعبئة من أجل انتفاضة شعبية سلمية تحقق أهداف الشعب المشروعة.

الخط الخارجي هو جمع كل الحيثيات وتقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي لإصدار قرار تحت عنوان (السلام والحكم الديمقراطي في السودان) تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

6- شعبنا الصامد الصابر عبر عن مواقفة المجيدة في دعم حملة (ارحل)، وفي الحشد الشعبي القوي يوم 31 أكتوبر الماضي، وفي استقبالات وفودنا لكافة الأقاليم. نناشد شعبنا الصامد الصابر أن يلبي دعوتنا للاحتفال بالاستقلال الأول في 26 يناير القادم. ولتكن هذه فرصة ليدرك القاصي والداني أين يقف الشعب السوداني.

يا أهلنا هلموا لنجدة بلادكم لتسعد بالسلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل بالوسائل القومية المدنية.

7-   هنالك جهات أمنية لم تكتف بفشل كل محاولاتها لاختراق حزب الأمة القومي لذلك نشبوا مخالب قط مرة أخرى لعرقلة المسيرة الوطنية بعد أن تحطمت تدابيرهم الماضية، فصار تدميرهم في تدبيرهم. ونقول حزب الأمة القومي مؤسسة يحكمها دستورها وتقودها مؤسساتها والآن جيء بأشخاص ليسوا أعضاء فى حزب الأمة القومي استناداً لتاريخ آبائهم.

نحن نرفض أن يتحدث باسم حزب الأمة القومي أي شخص لا ينتمى لحزب الأمة المؤسس بدستور ومسجل وسوف نمنع أى حديث باسم الحزب من خارج المؤسسة.

أما من أراد الدعوة لحزب آخر بأي اسم يختاره فهو حر أن يفعل ما يأمره به رعاته، ونطلب مجلس الأحزاب التدخل لحماية المؤسسات القانونية من المتطفلين.

كذلك نوضح أن مجمع بيت المهدى تقرر أن يسجل وقفاً للأنصار، وإلى أن يحدث ذلك فهو مسجل باسم ورثة الإمام عبد الرحمن المهدى طيب الله ثراه. وبلغنا من أغلبية الورثة أنهم يرفضون أن يستخدم بيت المهدى لعقد اجتماعات ضرار حزبي، بل يمنع استخدامه لأي نشاط لا يجمع عليه الورثة.

يجب على المسؤولين عن أمن العاصمة حماية الأمن من مشاغبات الطفولة السياسية.

وفي الختام نقول اي حكم لن ينال رضا الشعب السوداني لن يحكم مهما بلغ من الطغيان والاستبداد ويكفي دليلا على ذلك انهزام المستعمر الأول بيد الثورة المهدية وانهزام المستعمر الثاني بأيادي سودانية لم تكن راضية عن حكم الاستبداد والطغيان.

حريات