الإمام الصادق المهدي في حوار مع صحيفة “الأخبار” (1-3)

الإمام الصادق المهدي في حوار مع صحيفة “الأخبار) (1-3)

قررت التخلي عن رئاسة الحزب الأمة ليختار الحزب شخصا آخر.

علاقتي مع قواعد حزب الأمة والأنصار قائمة على الثقة والمحبة.

الرئيس نميري طلب مني أن أكون خليفته ونائبه وأنا رفضت.

حزب الأمة يفاخر بأنه أكثر حزب في المعارضة يعقد مؤتمرات مستمرة.

في الخامس والعشرون من ديسمبر في العام، في العام 1935م شهد حي العباسية الامدرماني العريق صرخة ميلاد الصادق الصديق عبدالرحمن المهدي، وتلقى تعليمه في عدد من المدارس داخل البلاد وخارجها، والتحق بعدها بجامعة اوكسفورد في العام 1954م والتي نال منها شهادة جامعية بدرجة اشرف في (الاقتصاد والسياسة والفلسفة)، وبعدها نال درجة الماجستير من ذات الجامعة، وشغل المهدي عدة مناصب قيادية منها، رئيس الجبهة المتحدة، وانتخب رئيسا لحزب الامة في العام 1964 حتى مايو 1967م وتم اختياره رئيسا للحزب منذ ذاك الوقت وحتى الآن، كما انتخب رئيسا لوزراء السودان في الفترة من 25 يوليو 1966 حتى مايو 1967م وتم اختياره رئيسا للجبهة الوطنية، وانتخب رئيسا لوزراء في الفترة من 1986 _ 1989م وله عدد من المؤلفات والكتب منها على سبيل المثال لا الحصر(مسألة جنوب السودان، جهاد من اجل الاستقلال، ويسألونك عن المهدية، والعقوبات الشرعية وموقعها من النظام الاسلامي، وتحديات التسعينات، والديمقراطية عائدة وراجحة) وغيرها من الكتب والمؤلفات والاوراق العلمية، وفي اطار بحثها عن الحقائق والمعلومات جلست صحيفة (الاخبار) مع الصادق المهدي في منزله بام درمان وطرحت عليه عدة اسئلة منها المتعلق بحزب الامة وشعاراته وعلاقتها بالواقع الراهن، وسألناه عن مسيرة الحزب والمشاكل والعقبات التي واجهته طوال مسيرته الطويلة، ارتباط حزب الامة باسرة المهدي، وتثير الشرخ الاجتماعي لاسرة المهدي على الحزب، والربط بين القداسة والسياسة، وممارسة الاسلام السياسي، جميعها كانت حاضرة في حوارنا مع المهدي، وعرجنا معه الى طبيعة الخلاف بينه وبين مبارك الفاضل، ورايه في عسكرة الصراع السياسي، وتباين مواقف احزاب المعارضة تجاه الحكومة واسقاطها، وتطرقنا معه الى علاقة حزب الامة باسرائيل. استمع الرجل الى كل اسئلة (الاخبار) بادب جم، ورد عليها بكل طيبة نفس واريحية، وكانت حصيلة ردوده هذا الحوار..

حوار: عبدالرحمن العاجب

حزب الامة امل الامة.. اين هذا الشعار الآن من الواقع الراهن؟

ارحب بصحيفة الاخبار، واقول ان كثيرا من الناس يتحدثون عن الاحزاب اما انها شاخت او عجزت او هكذان دائما للاسف لا يميزون بين القث والسمين، الانسان كي يحكم على ظاهرة اجتماعية يجب عليه ان يضع مقاييس اعتقد انها صحيحة اولا: هل الحزب السياسي حزب عنده قيادات منخبة ام لا؟ ثانيا: هل عنده مؤسسات عاملة ام لا؟ ثالثا: هل عنده برنامج واضح المعالم ام لا؟ رابعا: هل عنده دستور يحتكم اليه اعضاؤه ام لا؟ خامسا: هل عنده نشاط فكري ام لا؟ سادسا: هل عنده انشطة خارج العاصمة وفي الاقاليم وخارج السودان في الوجود السوداني الكبير؟ واخيرا: هل عنده خطة لمواجهة الازمات والمشاكل التي تواجه البلاد ام لا؟

في رايي في كل هذه المقاييس استطيع ان اقدم مرافعة على ان حزب الامة عنده في كل هذه الاسئلة جواب واضح.. نعم هو يستمتع بايجابيات للرد على هذه الاسئلة، يضاف الى هذا ان هذا الحزب حتى الان اقام مايزيد عن (100) ورشة عمل، وهذه الورش تخاطب قضايا البلاد الفكرية جميعها ويصدر عنها توصيات مدروسة تشكل رصيدا مهما لسياسات بديلة في البلاد، كذلك الحزب يعقد باستمرار مؤتمرات صحفية فاقت الآن (70) مؤتمرصحفي يخاطب  فيها الراي العام.

حزب الامة الآن يفاخر بانه اكثر حزب في المعارضة يعقد مؤتمرات مستمرة، وعقد حتى الآن سبعة مؤتمرات، وبصدد ان يعقد المؤتمر الثامن ان شاء الله، ويضاف الى هذه المعاني انه الآن طرح ما يسمى بنداء الخلاص الوطني، لكي يجمع كل القوى السياسية السودانية حول هذا النداء باعت باعتبار ان هذا النظام الحالي فشل فشلا ذريعا في كل المجالات، النظام الحالي  جاء  وقال اريد ان انقذ السودان من ويلات انفصال الجنوب قد تم في ظله، وقال ان يريد ان ينقذ الاقتصاد السوداني بدليل ان الدولار سعره كان (12) جنيه وقال اننا سننقذ الاقتصاد ولولا حضورنا لكان الدولار وصل (20) جنيها والدولار الان بحوالي (28) جنيه، وقال انه يريد واخر نقطة ان النظام الان صار يلجا لمحاور خارجية لحماية نفسه، وفي رايي كل هذه الاشياء تدل على ضرورة السعي لاقامة نظام جديد وهذا هو الذي ضمناه في نداء الخلاص الوطني.

حسنا: السيد الامام الصادق المهدي هل تحقق شعار حزب الامة امل الامة ام عفا عليه الدهر؟

الحديث الذي ذكرته يمثل امال اعضاء حزب الامة والمواطنين في المستقبل بقيادة حزب الامة وفي رايي سيتحقق ذلك لان كل المعطيات التي قدمتها معطيات تدل على ان هناك مستقبل قادم لتحقيق هذه الاشياء، صحيح النظام الحالي اجتهد جدا ليدمر الحزب واجتهد معتمد على رئاسة مستمرة، بل حتى الآن يعتبرون مجرد منافسة لرئيسة ممنوعة، وهذا بالنسبة للحزب الحاكم والذي هو اكثر حزب التزاما بالرئاسة المستمرة ومنعا للمنافسة لهذه الرئاسة المستمرة، وجميع الاحزاب الاخرى الكبيرة واضح تماما ان فيها اشخاص دائمون ولا يوجد حديث عن تغيير، حزب الامة صحيح عنده قيادة استمرت منذ العام 1964م ولكن في هذه الفترة الحزب تم حله ثلاث مرات على اثر انقلابات عسكرية، وكان غائبا من الساحة السياسية، مع ذلك انا في حزب الامة قبل سنتين كتبت لاجهزة الحزب وطالبت بضرورة ان نعمل التاسيس الرابع لحزب الامة، وهذا التاسيس الرابع لحزب الامة سيقتضي مراجعة لكل الاجهزة بما في ذلك الرئاسة، وانا اقترحت في حديثي باني اريد ان اتخلى عن رئاسة الحزب ليختارالحزب شخصا اخر لكي اتفرغ لاعمال اخرى، وليس كما يقول  بعض الناس العابثين باني اريد ان اتخلى عن السياسة، وانا ساتخلى عن السياسة الحزبية، وسانطلق ان شاء الله في السياسة القومية والفكرية والدينية والاقليمية، لكن المهم القيادة الوحيدة التي تطرح الآن فكرة تجاوزالرئيس الحالي الى غيره هي قيادة حزب الامة، كل الآخرين حتى مجرد حديث عن تغيير رئيسهم غير موجود.

ماذا عن الاحترام والتقدير الذي تحظى به من الانصار واعضاء حزب الامة؟

حقيقة انا احظى باحترام وتقدير خاص وهذا ليس مسألة نظامية او تنظيمية، وهذه مسألة تحصلت عليها بكفاءات محددة وانا اعتقد غير موجود في الساحة السياسة والفكرية في السودان، ولذلك هذه الكفاءات تعطيني مكانة و مركزا، وانا علاقتي مع قواعد حزب الامة في رايي مختلفة عن القيادات الاخرى انها قائمة على الثقة والمحبة، وهذه المسألة لا يستطيع انسان ان ينكرها ( وما عاوزة قوانين ولا عاوزة دساتير وهذه حاجة من مشاعر الناس).

مسألة تنحيك عن رئاسة الحزب هل ستتم في المؤتمر الثامن للحزب؟

سنعقد ورشة تدرس مذكرتي وتعد من المذكرة اجندة للمؤتمر، وضمن اجندة المؤتمر ستتناول التأسيس الجديد الرابع لحزب الامة.

يمكن ان نقول ان امر تخليك عن رئاسة الحزب متروك لاجهزة الحزب ام انه راي شخصي؟

لا انا قررت … لكن الامر متروك لاجهزة الحزب: ماهو البديل؟

كيف تنظر لحزب الامة من جيبوتي الى التراضي الوطني وتأرجحه ما بين الاستسلام والمواجهة؟

اصلا لم يحدث استسلام ( ما في حاجة اسمها استسلام) اذا كان نحن بنستسلم: انا جاءني في هذه الغرفة المرحوم الرئيس جعفر محمد نميرين ومعه المرحوم السيد فتح الرحمن البشير وقال لي (يا فلان) وقالها لآخرين، وقالها لي مباشرة انا لا اجد في من حولي من يصلح ليخلفني، ( ولذلك انا جاي اعرض عليك تكون خليفتي ونائبي) اذا كان نحن ناس استسلام، او حتى ابدينا قبولا لهذه الحلول، كان قبلت منه ذها العرض، انا ما باحث عن وظيفة انا باحث عن دستور ، نحن نريد دستورا يسترد للناس حرياتهم وحقوقهم، ضمن هذا الدستور انا يمكن اخذ مكانه، من غير هذا الدستور ونفس الشئ في عام 1993م في اجتماع في منزل السيد الدكتور خالد فرح عرض علي الدكتور الراحل سحن الترابي ان نقتسم السلطة، وكان الرد لا اقتسام للسلطة الا ان يتم عن طريق ديمقراطي، وكذلك في عام 1996م عرض علي الرئيس البشير ان ندخل في السلطة مقتسمينها معهم، وكان كلامي غير وارد ندخل في اي سلطة بدون الدستور الديمقراطي الذي يسترد للناس حقوقهم، ومشروع التراضي وجيبوتي كلها مشوعات كانت حوارا من اجل ان يحصل دستور جديدن ومن اجل ان نحقق عودة المصلحة المطلوبة فيما يتعلق بالحريات والدستور، وعندما لم يتوفر استرداد الحريات والدستور الديمرقراطي فشل مشروع جيبوتي وفشل مشروع التراضي لاننا رفضنا ايضا الاستسلام ولاننا حرصنا على ان لا اتفاق الا بموجب دستور ديمقراطي واسترداد الحرياتتتتتت وما زال هو موقفنا.

وفي مارس من العام 2011م كان بيننا وبين الرئيس البشير مناقشات حول المستقبل، وانا قلت له (عشان نخلص من مشاكل المحكمة) انا اقترح عليك ان تدعو ثمانية اشخاص يمثلوا  في رايي في ذلك الوقت الراي السياسي السوداني، وتقول لهم انك تريد ان تعرض عليهم الاتفاق على رئاسة جديدة وفاقية، وحددت له الكيفية التي يمكن ان يحدث بها ذلك، وقلت له ان هذا ايضا اسلوب لتجنب الحرب القادمة، لان ذلك كان في مارس 2011م وكانت هناك نذر حرب ستنطلق في جنوب كردفان وفي جنوب النيل الازرق واعطيته هذا الكلام مكتوبا، وقلت ما معناه نحن هذا راينا في ان نجد مخرجا سياسيا للبلاد طبعا هذه الافكار جميعها لم تجد التجاوب المطلوب  على كل حال نحن على طول الخط كان موقفنا واضحا وهوك لا مشاركة بغير دستور ديمقراطي يسترد الحقوق  وحقوق الانسان والحريات العامة للناس.

كيف تنظر لحالة التماهي المفرطة بين حزب الامة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم والتي احبطت قواعد حزبكم؟

لا يوجد تماه، نحن نريد نظاما جديدا ولا يوجد موقف اخذه المؤتمر الا كانت المعهارضة الاقوى من حزب الامة في كل شئ، الميزانية الاخيرة حزب الامة هو اكثر حزب ادانها ويرفضها والاحلاف التي يسعى النظام الى اقامتها لتحالف محوري مع روسيا، والتحالف المحوري مع تركيا، حزب الامة اقوى صوت في رفضها وهكذا.. كيف يكون هناك تماهيا؟

(ما في حاجة اسمها تماهي) حزب الامة  اكثر حزب ذو وضوح في موقفه من رفض هذا النظام والعمل على نظام جديد، صحيح نحن اهدافنا : اذا امكن هذا النظام الجديد ان يتم عن طريق حوار باستحقاقاته ونحن رفضنا الحوار الداخلي، واكثر حزب رفضه هو حزب الامة، سماه البعض بحوار الوثبة، ونحن اعتبرناه ليس حورا وقلنا  انه لا يحقق اهداف الوطن، وصحيح نحن كنا وما زلنا  نقول اذا وجدت استجابة لاستحقاقات الوطنية يمكن ان يتم حوار  باستحقاقات و الا فاكثر داعين لما سميناه الانتفاضة المتراكمة لتغيير النظام مثلما حدث مرتين في تاريخ السودان، ولا يوجد انسان يقول في شئ محبط بالعكس نحن نعتقد ان جماهير حزب الامة اكثر الجماهير حماسا لبرنامج الحزب، واصلا برنامج الحزب لم يات من فوق لهم وانما جاء عبر مؤسساتهم.

هناك من يقول ان جميع الاتفاقيات التي وقعها حزب الامة من جيبوتي الى التراضي الوطني هي عبارة عن صفقات سياسية بين حزبكم والمؤتمر الوطني ولا علاقة لها بالمصلحة العامة للبلد وكانت تخدم البيوتات الطائفية واسرة المهدي كيف ترد على هذا الحديث؟

اول شئ لا توجد طائفة ثانية، ونحن لا نسمي انفسنا طائفة و(الانصار ما طائفة) الانصار دعوة لكن الحصل وصلنا لاتفاق اطاري، ونحن وقعنا مع المؤتمر الوطني اتفاقين هما، اتفاق جيبوتي وكان هذا الاتفاق ينبغي ان يؤدي الى حوار لتغيير النظام عبر هذا الحوارن وتاكد ان النظام عبر هذا الحوار، وتأكد ان النظام غير مستعد لذلك انتهى هذا الحوار الى لا شئ ووقعنا معه مرة ثانية خريطة الطريق والتي وقعها معهم نداء السودان، وبعد ان وقعناها معهم تملصوا منها، وهم الآن متملصون من خريطة الطريق، ولذلك كل مسألة تتعلق بالحوار باستحقاقاته مجمدة، لكن المهم نحن وقعنا  وثيقتين، نداء السودن في جيبوتي وانتهت الى لا شئ لان النظام رفض ان يستجيب للمطالب، ووقعنا مع النظام خريطة الطريق نحن وآخرون وهذه الخريطة الآن بسبب نكوص النظام عنها تلاشت، وهاتان هما الوثيقتين اللتين وقعناهما مع النظام.