لقاء خاص مع الإمام الصادق المهدي

لقاء خاص مع الإمام الصادق المهدي

 

 

 

لقاء خاص مع الإمام الصادق المهدي

برنامج لقاء خاص

إعداد وتقديم الأستاذة لينا يعقوب

ضيف الحلقة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان.

قناة الشروق

كُتب من فيديو للحلقة.

الأستاذة لينا: مشاهدو قناة الشروق الفضائية أهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء الخاص. هذه المرة هنا في أمدرمان في حضرة السيد الإمام. والجلوس إلى الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي ليس سهلاً، وليس لأنه شخصية قومية له إسهاماته السياسية والفكرية والثقافية منذ عقودٌ من الزمان، ولكن لأنه ظل قبلة مفتوحة لأهل الصحافة والإعلام داخل وخارج السودان للحصول على رأيه في كل صغيرةٍ وكبيرة، نحاول خلال هذه الساعة الخروج بما لم يُقال من قبل. السيد الإمام حمد الله على السلامة ومرحب بيك وسُعداء أن نكون في ضيافتك في هذه الساعة.

الحبيب الإمام: الله يسلمكم ويبارك فيك.

الأستاذة لينا: دعنا نتحدث عن العودة، كيف وجدت السودان بعد العودة؟

الحبيب الإمام: أنا كتبت كتاباً قلتُ فيه، في هذا الكتاب، تعليقاً على منطقتنا كلها بعنوان حالُنا ومآلُنا،وقلت في جوهر هذا الكتاب، بؤسٌ يُريدونه احتضاراً ونُريده مخاضاً، ولكن لعل التسامُح الموجود في الشخصية السودانية والإستعداد لكافة العناصر في السودان أن يطرقوا سبيلاً سلمياً للخروج من هذا البؤس هو أفضل ما أُشيرُ إليه.

الأستاذة لينا: السيد الإمام أنت في فترة من الفترات خرجت مُغاضباً تحت شعار تهتدون، وعُدت تحت شعار تُفلحون، هذه العودة يمكن أن تحمل أى شعار؟

الحبيب الإمام: الحالي، اعتقد ممكن أن تحمل شعار تأملون، بإعتبار أن الأمل موجود، وعلى أى حال، ( إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) [1] من باب هذا نقول تأملون.

الأستاذة لينا: أنت ايضاً خرجت مُغاضباً بسبب ما تحدثت به حول الدعم السريع، والفترة الماضية شهدت التعديلات الدستورية دمج الدعم السريع مع القوات المُسلحة، هل زالت تحفُظاتك التي ربما كانت أحدي أسباب غضبتك؟

الحبيب الإمام: يا بنتي الأشياء ما بالأسماء بالأفعال. وأنا اعتقد نعم كل سوداني له الحق في أن يدخل في الدفاع عن وطنه ولكن هذا لا يكون عن طريق الجُملة، يكون عن طريق بالفرد، فلأن أى جُملة تكون منطبقة على مجموعة ذات هوية واحدة لا يستقيم مع موضوعية أساس التجنيد. على كل حال، نحن نعتقد أن المطلوب الآن إجراءات هيكلية لتأكيد أن كل من يحمل السلاح بإسم الدولة يلتزم بمشروع قومي ويلتزم ايضاً بأن لا ينحاز حزبياً. في رأيي هذه هى المبادئ المؤسسية التي نتعامل بها مع كل من يحمل السلاح بإسم الدولة.

الأستاذة لينا: حتى الحركات المُسلحة؟

الحبيب الإمام: نعم حتى الحركات المُسلحة. الحركات المُسلحة كانت تقول في الفجر الجديد إنها تُريد تغيير النظام بالقوة وتُريد المُطالبة بتقرير المصير في المناطق المُهمشة، نحن تحفظنا على هذا، واتصلنا بهم، وحاورناهم، ووصلنا إلى مُعادلة نُشرت في إعلان باريس، وهى التخلي عن إسقاط النظام بالقوة والتخلي عن المُطالبة بتقرير المصير والموافقة على أن هدفنا يكون تحقيق نظام جديد بوسائل سلمية أو، والهى فيها الوسائل السلمية، الحوار بإستحقاقاته أو الإنتفاضة السلمية، والا يُطالب أو يُطالب بإسم أى جهة بتقرير المصير بل نتفق على سودان عريض يُدير التنوع الموجود فيه بعدالة. في رأيي نحن وصلنا إلى هذا وإتفقوا معنا على أن السلاح الذي عندهم يُحتفظ به مؤقتاً للدفاع عن أنفسهم إلى أن يُوجد إتفاق سياسي، ثم يجري بمُوجب ذلك، أى الإتفاق السياسي، العمل على أن كل بُندقية تُحمل بإسم السودان رسمياً يجب أن تنتمي لمؤسسة قومية مُحايدة حزبياً بين الخلافات المُختلفة في السودان.

الأستاذة لينا: السيد الصادق هل نجحت بأن تُجذب الحركات المُسلحة… ، قال البعض إنه متوقع أن تكون إحدى نجاحاتك الكُبرى أنك ستُسهم في إنطباق هذه الحركات إلى الحكومة وإلى السودان للمُشاركة في الحوار الوطني، ويبدو أن التحفُظ الذي لم يرفع من أسهُم الصادق في العودة؟

الحبيب الإمام: مين قال كدة، دي أنظُر معصوبة بالإنتماء للنظام. أما الذي حدث هو إختراق أساسي. عندما نظر الأخ الطيب مصطفى لإعلان باريس قال كُنتُ أُريدُ أن اُعارضه ما وجدت ما اُعارض. وبعد الإعلان أنا اتصلت بالدكتور مصطفى عثمان، قلتُ له يا أخي نحن عملنا إختراق، عملنا إختراق من أجل السودان فيه التخلي عن تقرير المصير والتخلي عن إسقاط النظام بالقوة، يا أخي تجاوبوا مع هذا لنخطو خطوة إلى الأمام. للأسف إتهمونا بأن هذا عملته إسرائيل، وأن هذا كاموفلاج لنحتل الفاشر، أشياء كلها ما أنزل الله بها من سلطان. على كل حال دة كان إنجاز حقيقي، تطور بعد ذلك من إعلان باريس إلى النداء، نداء السودان، وفي رأيي هذا تطور كبير لأنه بعد هذا التطور، السيد ثامبو أمبيكي رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة قدم بمُوجب هذا التطور، قدم لنا وللحكومة خريطة الطريق.

الأستاذة لينا: نعم.

الحبيب الإمام: خريطة الطريق هذه، نحن في نداء السودان لم نوقعها عندما قدمها لأننا رأينا أنه قدمها بصورة فيها كلفتة، ولكن بعد حين إستطعتُ أنا بعد مُقابلة السيد ثامبو أمبيكي في جوهانسبرغ، والحوار مع زملائي أن نقبلها وأن نوقع عليها في أغسطس. هذه إنجازات وطنية، إعلان باريس، نداء السودان، خريطة الطريق، دي إنجازات وطنية، وللأسف ما اُعطيت لدي الرأى العام السوداني تقييمها الحقيقي. الخروج من فكرة الفجر الجديد لإسقاط النظام بالقوة وللمطالبة بتقرير المصير…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) لكن يا السيد الصادق هى ما إستطاعت، هى حاولت أن تسقط النظام وفشلت، يعني يبقى أنها تراجعت عن فكرة هى اصلاً لم تستطع عليها.

الحبيب الإمام: إذا كان عندك هذا الهدف يمكن أن تسعى لتحقيقه ولو بوسائل إرهابية…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) مثل؟

الحبيب الإمام: إرهابية، مثل التفجيرات والإغتيالات، يعني أنا قصدي إنه إذا كان الهدف هو إسقاط النظام بالقوة في وسائل مُختلفة، مُش ضروري الإنتصار العسكري الكامل، لكن لما قوى حاملة السلاح تتخلى، هذا إنجاز كبير وينبغي أن يُقدر ويُقيم…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) الآن حركات دارفور تركت السلاح بحسب الحكومة لأنها لم تعُد تقوى على القتال.

الحبيب الإمام: هنالك سلاح لدي هذه القوى، هذا لا شك فيه سواءٌ كانوا داخل السودان أو خارج السودان…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) السيد الإمام أنت منذ التسعينات ربما تقول أن النظام على وشك الإنهيار، والبعض يرى أن هذا النظام لم يزداد إلا قوة داخلياً وخارجياً الآن.

الحبيب الإمام: طبعاً هذه المسائل يتوقف الحُكم فيها على من يحكُم. وهناك 63 قرار مجلس أمن حول هذا النظام. إستمرار النظام وارد ولكن ومعلوم أن الشقاء هو طول العمُر مع سوء العمل، الشقاء للتعريف الحقيقي هو طول العُمُر مع سوء العمل. أنا اعتقد أن كثير من القوى إستطاعت أن تبقى، عيدي أمين، بوكاسا، ممكن أن تبقى لأن هناك مفاتيح في السُلطة ممكن أن تستغل، ولكن إذا كانت هناك إنجازات لهذا، إنجازات في التنمية، إنجازات في إزالة مُعسكرات النازحين واللاجئين، إنجازات في هذه المجالات نقول حصل النجاج وإلا فلا.

الأستاذة لينا: طيب أنا أُريد أن أنتقل معك إلى، كان هناك إتفاق السيد الإمام أن تلتقي أنت والرئيس البشير بداية كل شهر، أولاً لماذا هذا الإتفاق بينكُما لن يتم إلا في حال سفر أحدكما خارج البلاد، ما الذي حدث؟

الحبيب الإمام: للأسف الذي حدث ببساطة شديدة كان الرئيس البشير قد زارني هنا في أغسطس 2013 وقال لي ماذا تُريدون، قلتُ له السلام والحُكم والدستور، قضايا قومية ينبغي أن نُديرها بوسيلة أو بواسطة آلية لا يُهيمنُ عليها أحد ولا تعزِل أحد، بعد ذلك هو أطلق مُبادرة الوثبة في يناير 2014، وكنا نتيجة لذلك أكثر الناس ترحيباً بها، وكان هذا جزء من عملية التفاهم بيننا.

الأستاذة لينا: الآن بعد عودتك يعني هل زالت هذه الذكريات الربما تكون سيئة بالنسبة لك؟

الحبيب الإمام: لا مرت مياه كثيرة تحت الجسر، وهذه المياه الكثيرة تتطلب منا، النظام وقع على خريطة الطريق ونحن وقعنا عليها هذا يعني مشروع إتفاق إذا صدقوا في الإستجابة له ونحن أُؤكد صادقون في الإستجابة له يُمكن أن ننتقل من حالة إستقطاب إلى حالة بحث جاد مُشترك.

الأستاذة لينا: طيب السيد الصادق هل فكرت باللجوء يوماً إلى دولة ما؟

الحبيب الإمام: لا. ولا في عهد نميري ولا في العهد دة. أنا كنتُ في بريطانيا، وكنتُ في ليبيا، وكنتُ في إثيوبيا، وكنتُ في إريتريا، وكنتُ في مصر، ولكن مع تقديم بعض هؤلاء لنا مشروع أو فكرة اللجوء، أنا رفضتُها وقررتُ أقيم هناك بصفة مؤقتة ولكن…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) هل في دولة عرضت عليك جنسيتها؟

الحبيب الإمام: بعضُهم جنسيتها لا لكن يعني إقامة دائمة، جواز، نعم.

الأستاذة لينا: إن إنتقلنا قليلاً إلى خلافات حزب الأمة، بعد عودتك إشتعلت هذه الخلافات من جديد، والبعض يقول أن حزب الأمة أو قيادات حزب الأمة هى الأكثر إنفضاضاً من رئيس الحزب، كيف تُعلق على هذا الكلام؟

الحبيب الإمام: يا بنتي دة كلام أوهام لا أساس لها من الصحة. حزب الأمة أكثر حزب بيعقد مؤتمرات، وكل قيادات حزب الأمة بالإنتخاب. وحزب الأمة حتى الآن عقد سبع مؤتمرات وسيعقد الآخر. في بعض الناس تحفظوا على قرارات، الإخوة آدم مادبو وآخرون تحفظوا على قرارات المؤتمر السابع بد أن عقد المؤتمر وإتفق أهله جميعاً، هؤلاء استمروا كذلك، اغلبهم عادوا إلى حزب الأمة ولكن بعضهم ما زال لم يعد…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) القيادات المعروفة، يعني الزهاوي إبراهيم مالك، آدم مادبو، مهدي…نعم.

الحبيب الإمام: (مواصلاً) خليني احكي ليك، في ناس، أنا بحكي ليك عن الناس العندهم تحفظات تنظيمية، آدم، كما قلت لك اغلبية من خرجوا معه ويسمون نفسهم التيار العام عادوا لحزب الأمة، في الأخ الدكتور إبراهيم الأمين، ايضاً الدكتور إبراهيم الأمين تحفظ على قرارات الهيئة المركزية التي عقدت في مايو 2014، واغلبية من تحفظ معه على هذا الأساس ايضاً عادوا إلى حزب الأمة، ولكن هناك الذين خرجوا من حزب الأمة نتيجة تواطؤ مع المؤتمر الوطني في 2002، دول الذين قادهم الأخ مبارك الفاضل، وخرجوا بإسم الإصلاح والتجديد، هؤلاء اغلبيتهم عادت، بعضهم الذين لم يعودوا إنتموا للمؤتمر الوطني، أى صاروا هم جزءاً من نظام السلطة. الآن الذين خرجوا 2002، هؤلاء صاروا جزءاً من السلطة الحاكمة…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) 2002 يا السيد الصادق بعيد، يعني نحن بنتحدث عن قيادات حتى في السنوات الماضية القليلة..

الحبيب الإمام: أنا اتكلمت ليك عن القيادات، في القيادات بتاعين 2002، الآن كل هؤلاء زى الزهاوي الله يرحمه من جماعة 2002، مبارك من جماعة 2002، ديل حماعة 2002. ولكن جماعة 2002 ديل بعدما خرجوا تقسموا 7 فصائل، الفصيل المهم رجع إلى حزب الأمة، وفصيل آخر إنتمى إلى المؤتمر الوطني، وفصائل اخرى سمت بأسماء حزب الأمة الفدرالي وحزب الأمة القيادة الجماعية، إلى آخره. المهم، قيادات حزب الأمة الأساسية ما زالت في حزب الأمة، شاركت في المؤتمر السابع، وتُعد للمؤتمر الثامن، والآن يقودون هم المكتب السياسي والهيئة التنفيذية والهيئة المركزية.

الأستاذة لينا: لن نُبايع غير الصادق، هى العبارة التي تتردد كثيراً، ويبدوا أن البعض يراها غير حقيقية لأن الصادق سيكون موجود، وسيكون موجود في رئاسة الحزب، وهى الإجابة التي نُريد أن نسمعها منك بعد فاصلٍ قصير…. المشاهدون الكرام فاصل قصير ونعود إليكم، ابقوا معنا.

الأستاذة لينا: المشاهدون الأفاضل اهلاً ومرحباً بكم مُجدداً في حضرة السيد الإمام. السيد الصادق كنا نتحدث عن النتحي، لن نُبايع غير الصادق، والصادق يُعلن أنه سيتنحى ولا يتنحى في الأخير.

الحبيب الإمام: يا بنتي بوضوح تام، أنا عندي تأييد ومحبة شديدة جداً، ولأسباب مُش حكاية عاطفية. السبب الأول أنني لا أنفرد برأيي أبداً، ولا في أى موضوع، أنا لمن أعمل خطبة، خطبة العيد بشارك فيها الناس، ما بنفرد بيها. ثانياً لأنني مظلوم، لأنني مظلوم…

الأستاذة لينا: من؟

الحبيب الإمام: من الطغاة، كل الطغاة الذين حكموا السودان حبسوني. فإذاً أنا مظلوم عشان كدة دة بيجيب عاطفة لأنه الحبس بدون وجه حق. ثالثاً لأني مثابر وبدفع الثمن، يعني أنا قاعد ادفع ثمن المواقف، عشان كدة جابت لي دي تأييد كبير جداً. وناس بيقولوا فعلاً لن نصادق غير الصادق، وأنا بقول لهم لا غيروها، لن نصادق غير صادق، مُش أنا الإنسان البنصادقوا يكون صادق. وأنا بالمناسبة أنا من الناس الذين منعتُ أن اُمدح أمامي. بينما في شعراء ومداحين كثيرين جداً يحاولون مدحي وأنا اوقفها، حتى الواحد العايز يمدحني بيقول لي أنا عاوز إستأذن منك عشان امدح وأنا بقول ليهم لا أنا ما عايز كدة لأنه أنا ضد حكاية أيقونة الفرد، وما زلت عند هذا. أما عن مسألة التنحي، فطبعاً مافي إنسان دائم. أنا عايز المؤسسة في حزب الأمة تكون هى المسؤولة عن قيادة الحزب. وبهذا المنطق أنا كتبت قبل سنة مُش دلوقت للأجهزة في الداخل وقلت ليهم…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) يعني من المتوقع أن تستمر في رئاسة الحزب إذا رأت الأجهزة ذلك.

الحبيب الإمام: لا. متوقع أن يطالبوا. أنا قررت. أنا قلت فيما يتعلق بهذا الموضوع، بعد سبعين عام من تأسيس حزب الأمة صار الواجب الآن التأسيس الرابع. التأسيس الأول كان سنة 1945، والثاني سنة 1964، والثالث كان سنة 1985، والآن أنا اتحدث عن تأسيس رابع لحزب الأمة. سنعمل إن شاء الله على تكوينه لإستيعاب المُستجدات. صحيح ممكن كثيرين يكونوا عايزين يقولوا أنا استمر، لكن أنا مُقرر، مُش لأني أنا عاجز، أنا لأني عندي خيارات اخرى، حأشتغل في الخيارات الأُخرى دي… خيارات فكرية، وخيارات إقليمية، وخيارات دولية، وعندي كمان طواقي كثيرة في المسائل دي…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) بنسبة كم سيخلف السيد الإمام، وربنا يطول في عُمرك، يعني هل سيخلفه في رئاسة الحزب أحد أبنائك؟

الحبيب الإمام: دة موضوع مُهم. أنا قلت واُكرر، أنا بكون مؤسسة مُش عائلة، مع أنه أبنائي وبناتي أنا اعتقد أنهم عندهم تأهيل كبير، وعندهم تأهيل مُش لأنه أنا قدمتهم. أى إنسان يقدموه كدة، دة بيبقى زى نبات الظل ضعيف وما قايم على حيله. أنا ربيتهم تربية جعلتهم عندهم رأى ومشاركة وموضوعية، ولكن هذا ليس لأني اُريدهم يسيطروا على حزب أو على أى جهة. من يُنتخب رئيساً لحزب الأمة سيكون حسب عطائه وحسب تأييد الأجهزة له وليس حسب نسبه أو حسبه.

الأستاذة لينا: طيب أنتقل معك إلى فقرة أُخرى من هذا الحوار. يقولون، ويقولون هذه ربما من الشارع، ربما من مُنتقدي السيد الصادق، يقولون السيد الصادق اصبح كرت محروق في الساحة السياسية السودانية.

الحبيب الإمام: والله ممكن الإنسان الفي عينه حريقة يشوف أى حاجة محروقة. لكن يا سيدتي أنا بقول ليك بوضوح تام. النهار دة أنا بقدم فكرة ومبادرات سياسية وشكل تنظيمي، الشكل التنظيمي جعل حزبنا الآن الأول في الشارع، ثانياً في الخارج كذلك لدى كل الأطراف. أنا بعتقد أنه نحنا بالعكس، نحن لنا نتجدد ونتجاوب مع هذه الأمور، وضعنا الآن أقوى مما كان في الماضي. ولكن على أى حال، أنا بعتقد إنتي لو عملتي، لو اقيم إستفتاء للناس سيجدون الفضائيات، الكلام الجديد والخبر الجديد بيلقو وين، الكلام الجديد والخبر الجديد بيلقو وين؟ بيلقو عندنا، وهذا مُش في الداخل بس، في الداخل وفي الخارج. أما طبعاً:

ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ     يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا [2].

الأستاذة لينا: ديمقراطي ديكورياً.

الحبيب الإمام: يعني ديكورياً وجوهرياً، ليه؟ لأنه أنا مافي قرار اصلاً إتخذته مُنفرداً. قلت ليك حتى الخطبة المفروض أعملها فيها إستشارة. حسة إنتي اسألي أى ناس، أنا خطبة الجمعة الأعملها أو خطبة العيد البعملها، أو أى خطاب في أى مناسبة بعملو، بمرروا على آخرين…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) الترابي اجرأ منك فكرياً.

الحبيب الإمام: يستطيع الإنسان أن يُقدر ذلك على هواه أو على رأيه، ولكن في النهاية بثمارها تعرفونها.

الأستاذة لينا: ربما لأنه أسس حزب من العدم والسيد الإمام وجد الأنصار وورث الأنصار.

الحبيب الإمام: لا أنا طورت الموقف. هو ما ورث الحزب من العدم، بالعكس هذا الحزب عنده مرجعية إخوانية. بالعكس هذا الحزب عنده وجود كبير وعنده تاريخ كبير، أنا اخذت عليه…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) المؤتمر الشعبي…

الحبيب الإمام: (مُواصلاً) اخذتُ عليه قبل وفاته وقلت له يا أخي إنت لازم تعترف بأن الإنقلاب غلط، وأن الجمع بين الإسلام والشمولية غلط، وهو كان موافق على هذا الكلام بأن الإنقلاب كان فيه هذا التمكين، وأن هذا التمكين غلط. المُهم هو كان من حيث المبدأ يرى أن التجربة هذه كان فيها اخطاء وقالها هو ما هذه الأخطاء. لكن مع ذلك، مع ذلك أنا عندما توفي نعيته بمعاني اعتقد أنها سليمة. واعتقد أنا الآن أن كثير جداً من الذين قاموا بهذه التجربة الآن، حتى قال لي بعضهم لو عملوا إستفتاء علينا نحن الذين قمنا بهذه التجربة لوجدت الأغلبية تُدين هذه التجربة.

الأستاذة لينا: مريم أكثر بناتك إفتتاناً بك وهى الأكثر قُرباً إليك.

الحبيب الإمام: إفتتاناً دي أنا ما بحبها لأنه الفتنة يعني حاجة كعبة. أنا بعتقد اولادي أنا، كلمة اولاد طبعاً ترتبط البنين والبنات، أنا اعتقد أنه أبنائي وبناتي على مسافة متساوية بي ولأنه أنا ما قاعد أحابي هذا أو ذاك، أنا قاعد أعمل ليهم قدوة، ما بعنف، في التعامل معاهم بعنف ابداً. اُربيهم على أساس القدوة وحرية الرأى. واعتقد دة الخلاهم عندهم إنجازات في مجالات، حتى في مثلاً تستطيعي تقولي طاهرة مثلاً، ولا زينب، ولا تقولي البعيدين من مجالنا دة الهم رندة وطاهرة، في رأيي هن هؤلاء قريبين مني في مسائل كثيرة ويعملون في المجال الأكاديمي الذي يعملون فيه، في رأيي بالتربية التي اخذوها، وعشان كدة أنا بقول أنا ما بميز بيناتكم، صحيح…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) هى لا تحتمل فيك النقد السيد الصادق من ملاحظتنا نحنا.

الحبيب الإمام: وجميع هؤلاء. ما هو النقد الموضوعي، هم ذاتهم بينتقدوني موضوعياً، النقد الموضوعي، لكن النقد…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) يعني حسة مريم بتنتقدك؟

الحبيب الإمام: كيف، إذا ما بتنتقدني ما بيكون عندها رأى، بتنتقدني في اشياء كثيرة جداً، وكلهم عندهم حرية في أن يقولوا لي هذا غلط، وأنا اناقشهم في هذا الموضوع. وأنا قلت زى ما تحدثت قبل كدة، أنا نايم وأبنائي وبناتي مربيهم على إستفتِ نفسك… إستفت نفسك. ولذلك عندهم مرات كثيرة يقولون ما يكلون، هو أكثر شخص منهم حاول أن يدون حياتي هى بنتي رباح، هى إلى الآن عملت خمسة مجلدات حول تاريخي وحياتي وسيرتي ومسيرتي، ولكن هى ايضاً تقول لي رأيها في أى قضية من القضايا. كلهم عندهم حق وحرية أن يستفتوا نفسهم وأن يقولوا ما أفعل، وعشان كدة لمن يكونوا مؤيدين لما أفعل، بيكون بإختيارهم وبحريتهم، مُش خوف مني ولا تمرُد على.

الأستاذة لينا: أجمل لحظة في حياتك يا السيد الصادق.

الحبيب الإمام: يعني في الحياة كلها، أنا في رأيي اللحظة التي أبكتني تماماً عندما حل الفريق الراحل إبراهيم عبود مؤسساته، كنا في أكتوبر والشارع مُتحرك والناس مطالبة بنظام جديد إلى آخره، وهو فاجأنا بأن حل المجلس الأعلى للقوات المسلحة وحل المجلس المركزي وحل حكومته، وقال يا قومي تعالوا نتفق. أنا في رأيي كانت أكثر لحظة في حياتي سعدت بها لأنه هو جنب البلاد فتنة وقفز على مصالحه الخاصة، وفي رأيي عمل عملاً… على كل حال أنا في تلك اللحظة أبكاني ما فعله.

الأستاذة لينا: وهل هناك من لحظات سعيدة وربما تكون خاصة، لا تحمل أمر الهم العام؟

الحبيب الإمام: يعني طبعاً… مرة أنا جاى داخل على ميدان التنس في القاهرة، في واحد إسمه حاج محمد، وأنا قاعد أفكر، أنا قاعد أفكر في أحمد الله على أنه أبنائي وبناتي صاروا يعاونونني كلهم بطريقته بصورة مدهشة لي. لأن كثير من أبناء وبنات القادة، إما أن يناقضوا موقف أبوهم ولا أمهم أو يرفعوا يدهم من العمل معهم. المُهم، أنا قاعد أفكر في الحكاية دي وأقول دة شئ أنا أحمد الله شديد عليه. الحاج إسمه حاج محمد حارس في نادي هليوبوليس، قام كأنه قرأ أفكاري وقف وقال لي يا فلان آى ربنا أكرمك وسيُكرمك بس لمن يُكرمك أدعو لي. أنا في رأيي دي كانت أسعد اللحظات في حياتي. النهاردة الرجل مات حسة الله يرحمه. لكن قام قرأ أفكاري وقال لي العبارة دي.

الأستاذة لينا: ندمت على ماذا؟

الحبيب الإمام: أهم حاجة ندمت عليها أني صدقت من يقولون نحن مع الديمقراطية أنهم بالفعل كذلك، لكن كثير منهم.. هذا موضوع أنا سأكتب عنه كثير.. كثير منهم قالوها غِشاً. قالوا كلاماً طيباً جداً في الديمقراطية ولكن كانوا يسعون لتقويضها، وفعلوا.

الأستاذة لينا: هل كرهت يوماً؟

الحبيب الإمام: قليل جداً. أنا كثير جداً من الناس النقدوني وأساءوا إلى بصورة مطلقة، ما بادلتهم هذا ولا فتحت بلاغ على أحد ولا عابيت أحد. كثير منهم بعد أن أساءوا إلى جاءوا واعتذروا، جاءوا واعتذروا، ولكن دة سببه أني لم اعابئ أحد كراهيتاً حتى مع ظلمي بالهجوم غير المؤسس، وهم جاءوا لي واعتذروا، أنا ممكن أقول عشرة منهم. الناس ديل أساءوا إلى وأساءوا إلى…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) أنت اعتذرت لمن؟

الحبيب الإمام: أنا يا أستاذة، اصلاً ما قسوت على أحد، اصلاً. والناس الإختلفوا معي أنا قلت ليهم دة طرفي تعالوا عيبوها، إذا غيبناكم وإتخذنا قرار أو أساءنا إليكم أو أساءنا معاملتكم، ما حصل. وأنا اعتقد إن دة ذاتو من الأشياء الجابت لي محبة كثيرين، أنه ما إستخدمت لا سلطة ولا لسان في السلطة وفي المعارضة ضد أحد حتى خصومي الذين خاصموني، حاولت دائماً أن أقول عنهم النقد وليس الإساءة.

الأستاذة لينا: ننتقل ايضاً إلى أسرار أو ربما شائعات في حياة السيد الإمام الصادق المهدي، دعني ابداء أن أسألك، هل يمكن أن تصرح لنا في هذه الحلقة عن سر لم تكشفه من قبل.

الحبيب الإمام: (ضاحكاً) أبقى جاسوس للحركة يعني.

الأستاذة لينا: أيوة يا ريت لمدة دقيقة.

الحبيب الإمام: أيوة. أنا اعتقد أنه يعني يمكن أكثر حاجة يمكن أن يُقال عنها أنه أنا بخطط لبقية هذا العمر لمستقبل مختلف عن المستقبل الحالي. وأنا المستقبل البتحدث عنه دة متعلق بدور فكري، ودور إقليمي، عربي أفريقي، ودور دولي. واعتقد أن هذا هو الآن من الأشياء التي اُحيطها بسرية لأنه عايزة تحضير ولكن الجوهر بتاعها أنه أنا سأخرج من هذا العمل المتعلق على التنافس على السلطة إلى مجال آخر في الحياة.

الأستاذة لينا: طيب السيد الصادق في الفترة الماضية لاحقتك شائعة، شائعة الزواج. هل سمعتها وأنت في القاهرة؟ خطرت آذانك؟

الحبيب الإمام: نعم سمعتها كثير، أنا طول حياتي محمدني بالزواج. وأنا بقول دة ذاتو نوع من حسن الظن، لأنه الناس لو ما حاسنين الظن بيك بأنك إنت عندك قدرات أنك تتزوج ما كان بيشيعوا هذه الإشاعات. أنا ما كان، إشاعة كانت خاطئة وغير حقيقية. لكن زى ما واحد من الناس، أنا كنت سايق عربتي، وجاء سايق عربيته، أنا ما بعرفو، بعدين بعد ما ساواني في الشارع، قال لي يا فلان، إتلفت ليهو، أسمع ما يقولو ليك كبرت فيك عرسة، دة هو، والعروس عندي. الكلام الزى دة أنه أن الناس بيعتبروا أنك عندك حاجة زى دي ما حاجة بطالة لأنه دة معناها أنه الناس بيظنوا فيك خير. لكن أنا في الحقيقة الآن ما عندي مشروع زواج.

الأستاذة لينا: طيب حاطت بك أنك أنت كنت تبحث في فترة من الفترات عن شراكة عسكرية.

الحبيب الإمام: شوفي يا بنتي. أنا أحترم العسكرية جداً، واعتبر أنها من أهم الوظائف التي يدخل فيها الإنسان، وعشان كدة حسة أولادي فيهم عدد كبير جداً عسكريين، لأنهم بيسمعوا مني هذا الكلام وهذه التزكية. والناس العسكريين الجو وإشتغلوا معانا، كان فضل الله برمة، ولا صلاح عبد السلام الله يرحمه، ولا غيرهم، وجدوا عندنا فرصة كبيرة جداً، لكن أنا ضد العسكرية التي تنقل مهمتها إلى العمل السياسي من منطلق عسكري، لأنه اعتقد العسكرية تقوم على الإنضباط، على تلقي الأوامر وإصدار الأوامر وإذا ما عملت كدة تُضعف الإنضباط. عشان كدة أنا عايز العسكرية أحترمها في دورها، أما السياسة والحكم هذا يقوم على رأى الجماعة والرأى والرأى الآخر، مُش على التعليمات. عشان كدة أنا لم اصلاً ادخل في تآمر عسكري، ولكن عُرض على، تآمر عسكري ابداً. صحيح…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) ممكن تقول لينا عُرض عليك متين؟

الحبيب الإمام: لا عُرض على قبل مايو. أنا بقول فيما يتعلق بالموضوع دة، صحيح أنا إلتقيت بتوفيق خليل الله يرحمه قبل الإنتفاضة، قبلو حتى الظباط السمو نفسهم ظباط أحرار، الذين دفعوا السيد إبراهيم عبود عشان يستجيب، تكلمت معهم ولكن ذلك لأن يقوموا بدور ديمقراطي، كذلك توفيق خليل، أنا قلت له الشارع سيتحرك أنا أرجو القوات المسلحة تنحاز للشارع، هو قال لي نحنا حنقييم تحرك النظام لدعم نفسه وتحرك المعارضة، إذا وجدنا أن المعارضة عندها شعبية كبيرة القوات المسلحة مُش حتضرب الحركة الوطنية وحتنحاز للشارع، وقد كان. دة نوع الحوار الحصل لكن دة في الحالين لهذا الغرض. وبعدين الرئيس إبراهيم عبود الله يرحمه لما حصل الشارع تحرك أرسل لي ظابطين، الطاهر عبد الرحمن المقبول وعوض عبد الرحمن صغير الله يرحمهم الإثنين، عشان يقولوا لي إنتو عايزين شنو؟ وقلت ليهو نحنا عايزين كيت وكيت وكيت، فحصل كلام معاهو مهد للقاء مع السيد إبراهيم عبود لكى يحصل الإتفاق حول نجاح ثورة أكتوبر. دي الحوارات التي تمت مع عسكريين حول قضايا سياسية.

الأستاذة لينا: يقولون ايضاً أنك بدأت حياتك إشتراكي والديمقراطية جاءت لاحقاً في حياتك.

الحبيب الإمام: إشتراكية يعني شنو؟ أنا بتكلم عن العدالة الإجتماعية. وفي واحد، مصطفى السباعي مطلع كتاب إسمه الإشتراكية في الإسلام، كتاب بتاعو. وفي الكلام بتاع حافظ، الإشتراكيون… بيتكلم عن عمر إبن الخطاب، وهكذا. يعني أنا بعتقد عبارة إشتراكي بمعنى الماركسية وبمعنى التفكير المادي والتفسير المادي، أنا ضده، لكن فكرة العدالة الإجتماعية أنا مازلت أُؤمن بها وأحافظ عليها وأقول حتى في الديمقراطية، الديمقراطية نفسها لا تنجح إلا عندما تُصاحبها العدالة الإجتماعية. أما صحيح خصومي، خصومي بيقولوا أشياء كثيرة جداً على أساس إنه أنا إشتراكي بالمفهوم السلبي دة. أنا الحزب الشيوعي حق السودان، ما بقول زى ما بيقولوا، هم بيقولوا الشيوعيون الله يلعنهم، أنا بقول الشيوعيون الله يهديهم، ولذلك في فرق بينا وبينهم في المعنى دة.

الأستاذة لينا: كنت على علم بأحداث الجزيرة أبا.

الحبيب الإمام: ما كنت على علم، لكن كان في واحد إسمه تاج السر مصطفى، قائد القيادة الشمالية، دة إنسان ربنا يرحمه كان إنسان عظيم جداً، وأنا محبوس عنده كان بيجي يمرقني من الحبس عشان يعني يرويح على، وكان بيوريني تقارير الأمن، ولذلك كان في خطر على ما يحدث في الجزيرة أبا، الجزيرة أبا منطقة محصورة وما كان عندهم إستعداد لأنهم في الوقت داك كان في ميثاق طرابلس، ثلاثة دول مستعدة تتدخل للضرب، ولذلك أنا كتبت خطاب للإمام، والخطاب دة وُجد في جيبه، لأنه لمن نميري كان عايز يزور النيل الأبيض قالوا هم حيواجهوه، وأنا كتبت ليهو أنه دة غلط ما تحصل حاجة زى دي، المواجهة مع النميري نختار نحن الزمان والمكان وليس في الجزيرة أبا، ولذلك طلبي ورجائي أنه هذه الفترة، هذا الإجراء أياً كان يمر بسلام، ما تبقى فيه مواجهة. الخطاب دة وُجد في جيب الإمام بعد أن قتلوهو شهيداً.

الأستاذة لينا: سنكمل معك السيد الإمام بعد لحظات قصيرة سنخرج في فاصل قصير. المشاهدون الأكارم فاصل قصير وسنعود إليكم، إبقوا معنا… المشاهدون الأفاضل أهلاً ومرحباً بكم مُجدداً مع حضرة السيد الإمام الصادق المهدي… السيد الإمام أريد أن أسألك علاقتك بهؤلاء، مبارك الفاضل.

الحبيب الإمام: إبن عمي وبالتاي أخي ولكننا على طرفي نقيض في المسألة السياسية.

الأستاذة لينا: هالة عبد الحليم.

الحبيب الإمام: سيدة محترمة للغاية. وأنا متأسف جداً لما حدث لها في التخلي عن العمل السياسي، لكن اعتقد أنها سيدة جريئة ومقدامة ومجتهدة ولكن للأسف وقعت اشياء في حياتها عطلت حياتها السياسية.

الأستاذة لينا: منصور خالد.

الحبيب الإمام: على طرفي نقيض في المسائل السياسية. وأنا بعتقد الأخ منصور خالد من الناس الذين ضللوا المرحوم جون قرنق لأنه جعلوهو يتبنى أفكار تقفز فوق الواقع الإجتماعي، كذلك هو من الذين دعموا التجربة المايوية، وكما قال المرحوم مرتضى أحمد إبراهيم، أحد وزراء النظام المايوي، قال هو وآخرون من الذين حسنوا لنميري الفكرة بتاعة حكم الفرد وأشعروه بأن كل الحكمة في رأيه وفي رأسه. صحيح هم في الآخر اكتشفوا أن الكلام دة كان غلط لكن الحقيقة بعد أن أجعلوهو يفتكر في السياسة لا أُريكم إلا ما أرى.

الأستاذة لينا: أمين حسن عمر.

الحبيب الإمام: ما عندنا علاقات تُذكر، ولذلك ما أستطيع أن أقول عنها شيئاً.

الأستاذة لينا: ياسر عرمان.

الحبيب الإمام: كان من أعدا أعدائي ياسر عرمان ومن الذين كانوا ينتقدونني صباح مساء. ولكن اعتقد أنه نحوي ونحو غيري تطورت رؤيته، ولذلك أنا اعتقد الآن هو مُستعد بكل معنى الكلمة أن يتجاوب مع الحل السياسي للسودان، سواءٌ كان هذا الحل السياسي هو حوار عبر خريطة الطريق أو إنتفاضة سلمية. أنا اعتقد أنه تطور كثيراً سواء في الخبرة السياسية أو في العلاقة معي.

الأستاذة لينا: محمد لطيف.

الحبيب الإمام: شخص تعاون معنا تعاوناً كبيراً، كان في المرحوم محمد خليل اقترح مشروع منتدى الصحافة والسياسة، وفي النهاية هذا المنتدى اختار رئاسته، واختاروا الأخ محمد لطيف، وأدار هذا المشروع في رأيي بحايدة وموضوعية وكذلك بفكاهة، هو عنده روح فكهة كدة، ومع أنه هو في الحقيقة أقرب للإنحياز للنظام الحاكم الحالي ولكنني اعتقد أنه لم يكن هذا على حساب تطوير علاقاته مع الآخرين مثلي.

الأستاذة لينا: أمين مكي مدني.

الحبيب الإمام: أمين مكي مدني من الشخصيات الرأى، من الشخصيات التي لم تقف عند حد التأهيل المهني، ومؤهل مهنياً تأهيلاً عالياً ولكن صار في الواقع مديراً مُهماً لمنظمات المجتمع المدني غير المنتمية للنظام الحاكم. واعتقد أنه مع عمره شفاه الله، قام بدور مُهم جداً في بلورة موقف منظمات المجتمع المدني التي تُسمي نفسها كونفدرالية المجتمع المدني.

الأستاذة لينا: أخيراً محمد عثمان الميرغني.

الحبيب الإمام: السيد محمد عثمان الميرغني مافي شك تعاونا كثيراً في مراحل مختلفة، ولكن الآن لا يوجد أى نوع من الإتصال يُذكر.

الأستاذة لينا: السيد الصادق إن إنتقلت معك إلى محور آخر مُهم ايضاً فيما يقال في حياتك، دخل الإمام الصادق المهدي، من أين يصرف الإمام الصادق المهدي على نفسه وعلى أسرته؟

الحبيب الإمام: أنا من الناس الذين أفقرتهم السياسة. في ناس بيثروا من السياسة، زى ما قال المرحوم الزبير الله يرحمه أنه والله نحنا ناس فقراء لمن تشوفونا سوينا العمارات وسوينا السيارات أعرفوا أننا فسدنا، ولذلك في كثير من الناس في العمل العام للأسف أثروا من العمل العام. أنا أفقرني العمل العام، وبعت كثير جداً من الأصول الموروثة في العمل العام. وكما هو معلوم، أنا خدمت حتى الآن في جملة أربع سنوات كرئيس وزراء، لم يدخل في جيبي قرش واحد من الحكومة كمرتب، ولا سكنت في بيت حكومة، ولا أخذت برديام البياخدوهو الناس في السفريات الخارجية. لكن أنا عندي مؤسسة إسمها الصديقية، يُدير هذه المؤسسة إبني الصديق، وهى إسمها الصديقية من إسم والدي، فسميناها الصديقية وتُدير أعمال، وهذه الأعمال في رأيي هى الآن ما يُنفق علينا في حياتنا الخاصة.

الأستاذة لينا: لماذا إذاً يثير البعض إن هذه الشركة غير ناجحة أو لا تربح وإنها لا يمكن أن تُسهم في دخل السيد الصادق المهدي وأسرته.

الحبيب الإمام: ثاني مرة أقول يعني، الإنسان المغرض، زى ما قال، الما بيريدك في الضلمة بيحمر ليك، ولذلك في الناس الفي الضلمة بيحمروا لينا ديل، لكن هى عندها إمكانات، وعلى أى حال لمن يكون في فرق بتبيع أصل من الأصول عشان تغطي الفرق. المشكلة ما عيشتي الشخصية، عيشتي الشخصية ما فيها مشكلة، المشكلة العمل العام، النظام هنا أفقر كل خصومه، كل معارضيه بصورة كبيرة، عندنا اشياء مصادرة ما ردت إلينا، وعندنا اشياء كثيرة جداً نطالب بيها ما رُدت لينا، نحنا بنطالب الحكومة كان حسب تقديري عمل 6 مليون دولار ادونا منها يمكن حتى الآن مليونين لكن الباقي ما ردوه. المشكلة بتاعتي مُش تمويلي الشخصي، أنا ذاتي بعيش في مستوى متواضع جداً، ما عندي بهرجة في الحياة. لكن المشكلة بقت تمويل العمل العام.

الأستاذة لينا: ايضاً يا السيد الصادق تحدثت تقارير من قبل أنك قبلت دعم من بعض القادة وحددوا بالتحديد الرئيس السابق عليه رحمة الله معمر القذافي وأنه اعطاك مبلغاً بملايين الدولارات.

الحبيب الإمام: المرحوم العقيد القذافي دعم الحركة الوطنية، ونحن كنا جزء منها نعم. وصحيح دعم الجبهة الوطنية، وشاكرين ومقدرين ذلك. لمن قالوا ليهو، كان الرئيس السادات قال ليهو ديل مرتزقة، قال ديل أشرف ناس أنا عرفتهم في الحركات التحريرية لأنهم رافضين أى نوع من الدعم الشخصي ولأنهم لمن قلنا ليهم دايرين نشارك معاكم في العمل المسلح قالوا لا نحنا قضيتنا نخدمها وحدنا مُش الإعتماد على جهة أجنبية.

الأستاذة لينا: هل قبول الأحزاب لدعم من الخارج يُعيب؟

الحبيب الإمام: نعم، هو طبعاً يتوقف. طبعاً للأسف العالم الثالث بتاعنا دة كله بقى عالة على العالم الأول، في الإغاثات وفي الدعم المالي وفي التنمية وفي غيرو، وأنا في رأيي مفروض نراجع المسألة دي كلها، لأنه من يدفع أياً كان من يدفع لدولة ولا لحزب ولغيرو يتتطلب وبيتابع أنه دة يتبعو، لكن كل القوى السياسية مؤمنة ومدركة، نحنا ما حصل غيرنا إرادتنا السياسية لصالح دولة من الدول.

الأستاذة لينا: سريعاً كلمات في حياتك، الحب.

الحبيب الإمام: الحب يا بنتي هو يعني إكسير الحياة، علاقتنا بربنا لازم تكون على الحب، (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ) [3]، علاقتنا مع من حولنا لازم تقوم على الحب، أنا بعتقد الحب مُش زى ما بيفتكروهو الناس ويقولوا ليك حب المسلسلات، أنا بفتكر الحب زى ما قال إليا أبو ماضي:

قال قوم: إنّ المحبّة إثم!     ويح بعض النفوس ما أغباها

أنا بالحبّ قد وصلت إلى نفسي،     وبالحبّ قد عرفت الله!

أنا بعتقد الحب إكسير حياة الإنسان، بينه وبين ربه، بينه وبين نبيه، بينه وبين أسرته، وبينه وبين من يعمل حوله.

الأستاذة لينا: الموت.

الحبيب الإمام: أنا دايماً بتكلم في كل التأبينات البعملها أنه الموت ما يعتبروهو الناس نهاية. الموت جزء من الحياة، تجديد الحياة، ولذلك أنا دايماً بقول في هذا الكلام، كلام ضد أبا العلاء، لأن أبو العلاء بيقول:

إن صرخة في ساعة الموت أضعاف سرور في ساعة الميلاد

أنا بقول العكس، أنه الموت هو جزء من حتمية الحياة وتجديد الحياة. ولذلك أنا بعتقد أنه الإنسان لما يموت قضى مرحلة في الحياة لكن عنده أعماله، عنده أولاده، عنده اشياء اخرى ستواصل الحياة. ولذلك الموت بهذه النظرة، يُنظر له بطريقة إيجابية مُش بأنها تدمير لحياة الإنسان.

الأستاذة لينا: السيد الصادق ألم تشوش المنهجية الإسلامية، أنت متمسك بها وتحالفت مع أحزاب معارضة وأحزاب يسار.

الحبيب الإمام: أولاً الإسلام دة جزء من المحمول النفسي بتاع الناس، والمحمول الإجتماعي، والمحمول العقلي، والمحمول الثقافي، أى ناس يتحدثوا عن إبعاد الإسلام من الحياة، في رأيي يتحدثون عن ناس غير موجودين في الكون، حتى المسيحية، النهاردة المسيحية موجودة في القرارات وفي الثقافات وفي الحضارات الغربية كلها…

الأستاذة لينا: (مُقاطعة) لكن التحالفات التي تمت طالبت ايضاً بإبعاد الدين عن الدولة، وكان هذا مطلب أساسي وأنت تحالفت معهم.

الحبيب الإمام: التحالفات لإيجاد الديمقراطية، لمن تجي الديمقراطية كل الناس بتظهر بما عندهم، لكن حتى هؤلاء، أنا كاتب كم كتاب؟ 100 كتاب عشان اورى أنه مافي طريقة للتخلي عن المرجعية الإسلامية ولكن ينبغي لهذه المرجعية أن تحترم المساواة في المواطنة، أن تحترم حقوق الإنسان، أن تحترم حرية الأديان. هذا نعم لابد أن يكون على هذا الأساس، أنا مازلت أبشر بهذه الأفكار وعشان كدة أنحنا بنعتقد أنه… حتى في روتاد العلمانية، شارلز بيرقان، وتايد تايلور، وكلهم بيتكلموا على أنه… نحنا ما ممكن ننفي حق الذين يتحدثون عن مرجعية دينية من أن يكون عندهم رأى فقط عليهم أن يحترموا المساواة في المواطنة وحقوق الإنسان. وأنا ما أدعو إليه هو هذا.

الأستاذة لينا: السيد الإمام شكراً جزيلاً لك، هذا يعني من أكثر الحوارات التي أنا إستمتعت بها منذ أن بدأت أن أقدم بعض البرنامج التلفزيونية في قناة الشروق، لك مني جزيل الشكر.

الحبيب الإمام: العفو يا ستي.

الأستاذة لينا: الشكر يمتد لكم مشاهدينا الأكارم إلى أن نلقاكم في حلقة أُخرى ولقاء خاص، في أمان الله.

_________________________________

[1] سورة يوسف الآية رقم (87)

[2] المتنبي

[3] سورة البقرة الآية رقم (165)