نعي إصلاحي عظيم الزعيم الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني

الإمام الصادق المهدي
الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله

 

بسم الله الرحمن الرحيم

سلام عالمنا الإسلامي يمر حتماً عبر صلح تاريخي بين أهل السنة والشيعة مذهبياً. وأمن منطقتنا يمر حتماً عبر معاهدة أمنية لإبرام معاهدة تعايش سلمي عربي إيراني. والسلام الإقليمي العالمي يمر حتماً عبر تعايش سلمي إيراني دولي.

والإصلاح العقدي داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية يمر حتماً عبر ضبط ولاية الفقيه في الشؤون الشعائرية، واعتماد ولاية المشاركة الجماهيرية عبر آلية انتخابية في الأمور العامة.

الزعيم الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني يجسد هذا العبور الحميد في كل تلك المجالات.

والدليل على ذلك أنه كان الداعم الأكبر لانتخاب السيد محمد خاتمي، ثم صار الداعم الأكبر للرئيس حسن روحاني وهما رائدا إصلاح.

ولي تجربة مباشرة مع الزعيم الراحل أهم حيثياتها:

· أثناء رئاستي للوزارة في السودان وعندما اصطفت دول المنطقة في صفين متعارضين حول الحرب العراقية الإيرانية رأينا في السودان أن هذه الحرب غير مجدية بل سوف تضر طرفيها. لذلك قمت بصفتي الرسمية بمبادرة لإنهاء تلك الحرب. أثناء المبادرة التقيت بالزعيم العراقي الراحل صدام حسين الذي تحفظ على المبادرة في البداية ولكنه استجاب. وفي طهران التقيت القادة، وكان الزعيم الراحل على أكبر رفسنجاني، الذي كان حينها رئيساً لمجلس الشورى، من أكثر المستجيبين لمبادرة السلام، ورتب لي فرصة لمخاطبة الجمهور في المسجد الجامع في طهران في صلاة الجمعة لأشرح مبادرة السلام بحرية تامة. وقد كان في ديسمبر 1986م.

· وقبل ذلك، كمواطن شعبي سوداني لا كمسؤول رسمي في أوائل ديسمبر 1979م اجتمعت مع أحد الأصدقاء، السيد أحمد مختار امبو السنغالي، الذي كان مديراً لمنظمة اليونسكو. اجتمعنا في باريس واتفقنا أن نقدم مبادرة لإنهاء أزمة الرهائن الأمريكيين في طهران، الذين احتجزوا في 4 نوفمبر 1979م. وباسم هذه المبادرة التقيت الزعماء في طهران (في الفترة ما بين 17-26 ديسمبر 1979م) ووفداً أمريكياً برئاسة وزير الخارجية الأمريكي في واشنطن (في يومي 3 و4 يناير 1980م). استجاب الوزير الأمريكي .

وكان الزعيم الراحل من أكبر المستجيبين لمبادرة الحل التوفيقي لأزمة الرهائن.

وفي الحالين كانت الرؤى التي طرحناها ممهدة للتسوية الدولية التي حدثت فيما بعد على نفس الخطوط المقترحة.

إن المواقف التي يجسدها الزعيم الراحل على أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الراحل، لن ترحل برحيله بل سوف تبقى لأنها إصلاحية وصالحة للصلح والتعايش السلمي، وهي مقاصد حميدة مطلوبة بإلحاح في مناخ إقليمي ودولي يكاد يمزقه التطرف والتعصب والاقتتال الذي لا يجدي.

فقد قال العز بن عبد السلام إن أية خطة تحقق عكس مقاصدها باطلة.

رحم الله الزعيم الراحل، وتقبله في الوعد النبوي: روى أبو ذر أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ “أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَبَشَّرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ”[1].

رحم الله الزعيم الراحل فهو بين يدي من رحمته (وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)[2] وأحسن عزاء أسرته المباشرة وزملائه والدولة الإسلامية الإيرانية والشعب الإيراني قاطبة فقد أبلى في سبيل قضاياه ما استطاع. (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْه رَاجِعونَ)[3].

———————————————————————————

[1] (مجموع الفتاوى لابن تيمية).

[2] سورة الأعراف الآية (156)

[3] سورة البقرة الآية (156)