استدراكات في الحلقة الثانية مع الإمام الصادق المهدي

استدراكات في الحلقة الثانية مع الإمام الصادق المهدي

استدراكات في الحلقة الثانية مع الإمام الصادق المهدي

برنامج استدراكات

موضوع الحلقة: القرآن الكريم التفاسير المعاصرة

مقدم البرنامج: الأستاذ جهاد حسين

ضيف الحلقة: الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان.

الحلقة الثانية

تاريخ البث: الأربعاء 5 رمضان 1438هـ الموافق 31 مايو 2017م

قناة سودانية 24

كُتب من فيديو للحلقة

*******

الأستاذ جهاد: متابعين سودانية 24 في كل مكان أهلاً ومرحباً بكم، تحيةً طيبة، الحوار يتصل مع السيد الإمام الصادق المهدي حول القرآن الكريم التفاسير المعاصرة، مرحب بيكم. السيد الإمام مرحب بيك من جديد.

الحبيب الإمام: الله يبارك فيك.

الأستاذ جهاد: لديكم ملاحظات حول القرآن الكريم، ربما نخرج على شكل تفصيلي.

الحبيب الإمام: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. التفاسير للقرآن بالمئات، والتفاسير دي عكست رؤى وعلم وبيئة المفسرين، في من فسر بالمنقول، بالمأثور، وفي من فسر بالمعقول، وفي من فسروا بالإشارة، تصوف، وفي التفاسير الشيعية، وهكذا. أنا إتطلعت على كثير جداً من التفاسير ووجدت أن الحاجة ملحة لتفسير جديد. في ثلاثة تفاسير في رأيي فيها إمتياز، الأول تفسير بن عاشور (محمد الطاهر بن عاشور)، هو عالم تونسي.

الأستاذ جهاد: التنوير والتحرير.

الحبيب الإمام: نعم. وفي رأيي هذا التفسير أهم ما فيه تجاوز النصوص للحديث عن المقاصد، وهذا مُهم جداً في استنباط هداية القرآن…

الأستاذ جهاد: هل تجاوز النصوص يعني، قد يُفهم خطأ.

الحبيب الإمام: هو ما في النصوص نفسها، حسب القرآن نفسه، في آيات محكمات وأُخر متشابهات. المحكمات هذه أم الكتاب أى مقصد الكتاب، فإذا الإنسان ما فهم مسألة المقاصد جرى تعارض ما بين النصوص ولكن المقاصد لا تعارض فيها. في تفسير المنار الهو أفكار وآراء جمال الدين الأفغاني، الشيخين، الشيخان جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، كما لخصها محمد رشيد رضا، ودة تفسير فيه المأثور والحديث. في تفسير محمد عزة دروزة، دة تفسير سماه التفسير الحديث، وأهم مساهمة فيه أنه رتب السور بتاريخ النزول وليس بالمنقول المعروف، ودة مفيد جداً لمعرفة تاريخ نزول السور. على كل حال…

الأستاذ جهاد: (مُقاطعاً) ماذا يفيد عام التاريخ لنزول السور أو أسباب النزول بالترتيب للقرآن الكريم لفهمه؟

الحبيب الإمام: لأنه هذا يخاطب قضية التناسخ، كلما كان التنزيل أُخر كلما كان التوقع أن يكون إذا حصل أى نوع من التناقض أو التعارُض أن يكون الذي أتى بعد ناسخ لما أتى قبله. المُهم، أنا رأيت هناك حاجة لما سميته التفسير الإنساني، لماذا؟ أولاً لأنه ينطلق من صورة للإنسان، الإنسان ليس مجرد متلقي للهداية، قبل الهداية، قبل الوحي، قبل التنزيل، الإنسان عنده ملكات أولها كما قال تعالى (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ۖ) [سورة السجدة الآية رقم 9]، ففيه نفس من روح الله، فيه قبس من روح الله، وهذا يفسر الروحانيات لدى البشر، وهذه تنعكس في صورة المحدثين، الإلهام، الرؤى الصادقة، إلى آخر هذه المعاني. في معنى آخر مُهم جداً في صورة الإنسان أنه عاقل، ولولا العقل لما طُلب بأن يتدبر، (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) [سورة محمد الآية رقم 24]، تدبُر القرآن هذا يعود إلى العقل وقدرات العقل. ثم هناك ما يجب أن ندركه في ملكات الإنسان أنه يعتبر بالتجربة، التجربة الإنسانية نفسُها. فالإنسان عنده إذاً ملكات روحية، وعقلية، وتجريبية، مُهمة جداً في فهمه لنصوص الهداية. النبوة نفسُها لابد أن تُفهم كشئ مُهم للإنسانية، لماذا؟ لأنه التركيبة الروحية للإنسان فيها جُرعة ما من النبوة، ولكن الجُرعة الكُبرى في النبوة التي فيها ربنا إختار بعض البشر، عشان كدة الرسول صلى الله عليه وسلم في إلحاح وضوح تام أنه بشر مثلنا ولكن مُختار ومُصطفى، ودة جعله إذاً يستقبِل الوحى، وهذا الوحى يختلف الناس على صوره ولكن في النهاية الآية المُحكمة في هذا المعنى واضحة، أن الله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) [سورة الشورى الآية رقم 51]، هذا المعنى يظبط مسألة الوحى. وطبعاً جاءت كثير من التفاسير تحاول أن توضح معنى الوحى هذا، مثلاً السيوطي (جلال الدين السيوطي)، قال في الإتقان، إن جبريل نزل بالمعاني خاصة وأن النبي علم تلك المعاني وعبر عنها بلغة العرب. المُهم ايضاً…

الأستاذ جهاد: (مُقاطعاً) أى أن الصياغة يؤدي هذا الكلام إلى بعض الأقول الحديثة أن الصياغة هى صياغة محمدية.

الحبيب الإمام: أيوة، ما هو بقى يعني، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول، (إنّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي). نفث في روعي ودي كلها معاني الوحى. إلى أى مدى هذه المعاني صدرت حرفياً أو بتعبيره، المُهم المسؤول عن هذا النقل الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو بشر، يعني قال برضو، (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ *  عَلَىٰ قَلْبِكَ) [سورة الشعراء الآية رقم 193 و 194]، هذا هو الوحى أنه هو نزل على قلبك، وعلى حد تعبير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي) في تفسير (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ *  عَلَىٰ قَلْبِكَ) من باب إبلاغ المعنى أى موحى بالمعنى وسماه نبي في بعض أقواله (إنّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي). القضية المُهمة هى أن هذا الأمر أتى للرسول من خارجه، ولكن كثير منا يأتيه بعض الإلهام ايضاً من خارجنا.

الأستاذ جهاد: السيد الإمام تحدثت عن مسألة الإلهام أيكون هذا إلى بعض التفاسير التي تتخذ الإلهام سنداً في ذلك، ألا يعتقد البعض أن القرآن بعيد عن هذا رغم أنه مفسر تفسيراً ظاهرياً بيانياً واضحاً؟

الحبيب الإمام: (اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ) [سورة الحديد الآية رقم 28]، النور تمشون به دة مُش مجرد النصوص، هو هذا الإلهام، وهذا الإلهام موجود حتى خارج الإطار الديني،

المعينُ الذي يريك الرأى   كأنك رأى وقد سمع

أو

ذكي تظنيه طليعة عينه   يرى قلبه في يومه ما ترى غدا

في النوع دة من الإلهام وحصل لبعض الصحابة.

الأستاذ جهاد: هل هو خاص أم عام متاح؟

الحبيب الإمام: هو عام لكل البشر ما دام البشر فيهم قبس من روح الله، ولذلك المعنى دة معنى الإلهام فيه كثير جداً ما يتردد، صحيح بعض الفقهاء والمفسرين الظاهريين يمنعون هذا، هم يمنعونه لأنه صار مدخلاً لكثير من الدجل، ولكن ما معنى الشئ إذا كان فيه مُمارسات خاطئة أنه كله خاطئ. فلا شك أن هناك قبسٌ روحي لاعب في البشر، وأن هذا يحدُث، وحتى لما نعود لنصوص تاريخنا نجد أن كثيراً من علمائنا نسبوا ما وصلوا إليه من نتائج لرؤيا صادقة رأوها، الأشعري (أبو الحسن الأشعري) مثلاً قال هذا الكلام، والصحابي الذي أتى بصيغة الآذان جاء بهذا الكلام وإعتمده الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يُعلمه لبلال رضى الله عنهم جميعاً. فإذاً لابد أن نعترف بأنه بالإضافة للنصوص توجد هذه الحالة الإلهام الروحي، ومُش بس الإلهام الروحي في الحكمة، فالحكمة دي ما نصوص، الحكمة دي إمكانية للتعامل مع النصوص بحكمة، ثم هناك التدبُر، التدبُر ما نصوص التدبُر خارج النصوص، ثم هناك فكرة المقاصد، المقاصد تتجاوز النصوص. فإذاً دة كله بيدي مسؤولية للإنسان، دة بيخليني أتحدث عن التفسير الإنساني…

الأستاذ جهاد: (مُقاطعاً) خليني أسألك من المقاصد الإنت شايفها هى ممكن تكون توجه أو يتجه إليها القرآن في هذا العصر؟

الحبيب الإمام: طيب، أهم شئ في المقاصد، مثلاً أنحنا عندنا آيات تتحدث عن الجبر، أن الإنسان مُسير، (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ) [سورة التكوير الآية رقم 29]، في آيات تتحدث عن الإنسان مُسير، وفي آيات تتحدث عن الإنسان مُخير، (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) [سورة الإنسان الآية رقم 3]. طيب، أيُهما صح. مافي طريقة للتعامل مع أى هذه الآيات هى آيات مقاصد وأنها مُحكمة والأُخرى متشابهة إلا أن نعود إلى المقاصد، المقاصد هنا مكارم الأخلاق. الدين من مقاصده الأساسية مكارم الأخلاق. إذا أثبتنا الجبر أسقطنا مكارم الأخلاق، لأنه معناها أن الإنسان لا دخل له فيما يفعل، ويمكن أن يفعل ما يشاء ويحتج بأنه ربنا أراد ذلك. حرية الإختيار ضرورية لمقاصد مكارم الأخلاق، وهكذا، في اشياء كثيرة جداً، نعرف الفرق ما بين المُحكم والمتشابه، أن المُحكم هو الذي يطابق مقاصد الشريعة والمتشابه هو الذي لا يطابق مقاصد الشريعة.

الأستاذ جهاد: هل المقاصد متحركة إذاً أم هى ثابتة على عصر معين؟

الحبيب الإمام: المقاصد إجتهادية، يعني فيها بيحدث الإجتهاد وفيها معاني كثيرة جداً لكن المُهم قضية المقاصد هى قضية إجتهادية بموجبها نفهم الفرق بين المُحكم والمُتشابه. صحيح بعض الناس يُركزون على معنى واحد وأن علينا أن نفهم النصوص بظاهرها حتى لا نئولها. واحد من العلماء، الشيخ بن باز (عبد العزيز بن باز)، تحدث مع بعض العلماء، وبيتكلم الشيخ بن باز أنه لا صحة لأى تأويل نفهم النصوص كما هى كما جاءت، فقال ليهو العالِم دة، طيب شيخ بن باز ضرير، قام قال ليهو ربنا قال، (وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا) [سورة الإسراء الآية رقم 72]، إذا إنصرفنا إلى العمى بظاهر النص، دة بالنسبة لك خطر جداً. ولكن العمى هنا عمى القلب.

الأستاذ جهاد: غير أنه حتحشر يوم القيامة أعمى برضو؟

الحبيب الإمام: أيواه، العمى دة المُشار إليه في الآية يئول بأنه عمى القلب مُش عمى النظر، وهكذا في اشياء كثيرة جداً يمكن الإنسان إذا صرفها للظاهر لتطلع متناقضة مع مقاصد الشريعة، من مقاصد الشريعة أن الإنسان يُحاسب ويُعامل بأعماله مُش بحواسه ولذلك الصح أن نقول الأعمال مُش الحواس تصرفنا عن عمى الحواس إلى عمى البصيرة، وهكذا. إذاً هناك ضرورة للتأويل الذي يبحث عن المقاصد في الشريعة. المُهم في الكلام دة كله أن الإنسان هو الذي يتلقى الوحي عن طريق الأنبياء، الأنبياء هم بشر ويأتون بالرسالات. صحيح في مرحلةٍ ما حسب نصوص القرآن كانت الرسالات هذه مصحوبة بمعجزات، حدثت لموسى وحدثت لعيسى عليهم السلام.

الأستاذ جهاد: السيد الإمام بالحديث عن مسألة المعجزات الإتحدثت عنها، بعض التفاسير التي تحدثنا عنها سابقاً كرشيد رضا يصرف أو يتهمه البعض بأنه يصرف بعض المعجزات حسية وغيرها متعلقة في الأديان جميعها يصرفها إلى تأويلات مختلفة تأويلات عقلانية وبالتاي يقول أنها هى سُنن إلاهية طبيعية وليست خارقة.

الحبيب الإمام: لا شك ابداً روايات بعض المعجزات كما حدث مثلاً لعيسى عليه السلام أنه مولود من غير أب، فهذه مسألة غير طبيعية، معجزة، ونحن كمسلمين نُصدق ما روى القرآن عن معجزات هؤلاء الأنبياء، ولكن إتضح لنا، واضحاً تماماً أن هذا مرتبط بمرحلة طفولة الإنسانية، في تلك المرحلة الناس محتاجة لهذا النوع من الإقناع ولكن واضح تماماً أن الإسلام إنتقل من تلك الذهنية إلى ذهنية فيها البرهان والعقل. (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ) [سورة الإسراء الآية رقم 59].

الأستاذ جهاد: الآيات الحسية.

الحبيب الإمام: نعم، موقف حاسم جداً، القرآن وحفظه معجزة، ولكن هذه المعجزة تقنع العقل لأنه دة كتاب الوحيد في الكتب المقدسة المحفوظ. فلازم نفهم أن ديننا دين يخاطب العقل والبرهان، مُش معناها أنه كل الحقائق عقلية، لا في حقائق غيبية، غيبية بمعنى أنها فوق مدارك العقل، مثلاً، (مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ ) [سورة الكهف الآية رقم 51]. الخلق، متى بدأ الخلق، وكيف بدأ الخلق، دة غيب، نصدق فيه الوحى. في محطات معينة حتى الآن غيب، كيف بدأ الوجود؟ كيف بدأت الحياة؟ كيف بدأ الإنسان؟ ما هو مصيره؟ دي غيبيات فوق مدارك العقل لا مجال فيها إلا أن نُصدق الوحى، ولكن الأشياء المتعلقة بالمسائل المشاهدة، ما نرى بأعيُننا وما نسمع بأذاننا ونُدرك بعقولنا، هذه العمدة فيها العقل، لأنها هى نفسُها قائمة على سُنن الكون، وسُنن الكون مُش مسائل صُدفة، سُنن الكون هى نواميس أودعها الله في الكون، (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ) [سورة الحجر الآية رقم 85]. القوانين للطبيعة، فيزياء وكيمياء وفلك، هذه العلوم تكتشف سُنن الكون، وممكن يكتشفها الإنسان من حيث هو إنسان مُش ضروري يكون مؤمن، من حيث هو إنسان يمكن بل ينبغي أن يكتشف هذه السُنن ويمكن أن يستخدمها، نحنا الآن، الكهرباء، والطيارة، والإنترنت، ودي كلها مبنية على إكتشاف سُنن الكون وتسخير هذه السُنن وإكتشفها غير المسلمين، ودة لا يعني أنهم محرومون بل لأنهم بشر عندهم الحق بل الواجب أن يكتشفوا سُنن الكون. سُنن الكون هذه يجب أن نعترف بيها ويجب أن نعتبرها هى نفسُها آيات من آيات الله.

الأستاذ جهاد: تقودنا هذه المسألة يا السيد الإمام إلى حديث حول الإعجاز في القرآن الكريم، ما إكتشفه العلم حديثاً يُعاد به إلى مصدر من القرآن الكريم ويُعاد تأويل آيات من القرآن الكريم على إثره.

الحبيب الإمام: الحقيقة القرآن مُش كتاب علوم طبيعية ولذلك فكرة أنه نُخدع القرآن للعلوم الطبيعية خطأ لأنه في اشياء في القرآن غيبية ليست في مدارك العلوم الطبيعية، ولكن هنالك اشياء تدُل على الإعجاز العلمي في القرآن تستشهد بها مثلاً لو قراء كتاب في الأحاديث يتحدث عن الذكورة والأنوثة على أن إذا على ماء الرجل يطلع ذكر وإذا على ماء المرأة يطلع أنثى، دة التفسير بتاعهم للذكورة والأنوثة في الحمل، ولكن الآية لا تقول ذلك، (خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ) [سورة النجم الآية رقم 45 و 46]، الذكورة والأنوثة مربوطة بالنُطفة مُش مربوطة بماء الرجل وماء المرأة بمعنى أنه الذكورة والأنوثة جاية من النُطفة التي تُمنى، دة إكتشفه العلم دلوقت أنه نعم الذكورة والأنوثة ليست من ماء المرأة وماء الرجل، المرأة عندها بويضة تُلقحُها إحدى الحيوانات المنوية من الذكر، ففي حيوانات (xx) وحيوانات (xy)، الحيوانات المنوية من الرجل الهى النُطفة هى التي تُحدد الذكورة والأنوثة في الطفل، دة إعجاز لأنه في الوقت القديم كان كل الكلام أن الذكورة تأتي من علو ماء الرجل على ماء المرأة والأنوثة العكس، ولكن الآية لا تقول ذلك، (مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ)، نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ، العلم الحديث يؤكد هذا المعنى أن الذكورة والأنوثة جاية من ماء الرجل مُش من علو ماء الرجل والمرأة. في اشياء كثيرة جداً في القضايا دي محتاجة مننا لأننا نقول مع زيادة معارف الإنسان وزيادة علوم الإنسان نجد إمكانية لأن نُفسر بعض الآيات بما حدث لنا من التطور مثلاً علوم الأنثروبولوجيا تُظهر كيف أن الإنسان حيث ما هو موجود في أشكال متنوعة، (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ) [سورة الروم الآية رقم 22]، المعنى دة ايضاً واضح فيه أن الإنسان بعلوم الأنثروبولوجيا إكتشف التنوع الثقافي في الكون وإكتشف أن هذه المسائل فيها المعرفة الإنسانية، ساعدتنا أن نفهم نصوص ما كانت مفهومة مثلاً دلوقت في ناس كثيرين جداً بيتحرجوا من أن يعرفوا نوع الجنين مع أنه بقت في تكنولوجيا بها يمكن أن تعرف نوع الجنين، والآية التي يستشهد بها الناس في كثير من هذه الأشياء، ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ) [سورة لقمان الآية رقم 34]، الحاجات دي في الآية، ربنا قال عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ مافي زول بيعلمها، وقال وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وقال وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا، الثلاثة حاجات دي واضح أنه ما بيعرفها إنسان، لكن، يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ، ما قال غيري ما بيعرف، ما قال غيري ما بينزل الغيث ولا قال غيري ما بيعرف ما في الأرحام…

الأستاذ جهاد: (مُقاطعاً) ليست هى حكراً على مسألة الغيث فقط.

الحبيب الإمام: أيوة، ثلاثة ديل مافي معرفة، عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا، دي ما بيعرفها إلا رب العالمين، لكن الأشياء الثانية، يُنَزِّلُ الْغَيْثَ، ما قال غيري ما بينزل الغيث، وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ، ما قال غيري ما بيعرف ما في الأرحام. ولذلك هنا ايضاً معجزة علمية، أن الناس الآن بإجراءات معينة ممكن يراقبوا السحاب، تنزل الأمطار. وممكن بتكنولوجيا معينة يعرفوا الجنين.

الأستاذ جهاد: دة يقودنا لسؤال مُهم نحنا نجاوب عليه بعد الفاصل. مشاهدينا الكرام خلونا نمشي فاصل ونجي راجعين. مرحب بيكم من جديد مشاهدينا الكرام الحوار يتصل مع السيد الإمام الصادق المهدي. القرآن الكريم المعرفة القرآنية والمعرفة الإنسانية، الحدود بينهما؟

الحبيب الإمام: الحقيقة، كما تحدثنا أنه الإنسان يستقبِل هِداية وحى بملكاته، فيها الملكات الروحية، وفيها الملكات العقلية، فيها الملكات التصنيفية، هذه الملكات…

الأستاذ جهاد: (مُقاطعاً) ما السايد الأكثر في تفسيركم الذي سيخرج؟

الحبيب الإمام: أيوة، المُهم في الموضوع دة أن العقل مُسلط على ما يُدركه، ولكن ما يُدركه العقل محدود، ليه؟ محدود لأنه الحواس التي بموجبها يستنطق العقل الحقائق محدودة نحن نسمع ونرى ونلمس الأشياء ولكن كثير من الأشياء عنا يا غيب يا جن، مخفية يعني. فالحاجة التي يجب أن نُدركها، أننا كمسلمين المسائل التي تُدركها حواسُنا والتي يُدركها عقلُنا، نحن مُسلطون عليها ومُكلفون أن نعرفها. زى ما في القصة المشهورة وفيها سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم، أرأيت يا رسول الله رُقية نسترقيها ودواء نتداوى بها، أيرُد شيئاً من قضاء الله، قال هى من قضاء الله. يعني نحن بقضاء الله نمرض وبقضاء الله نُعالج. القدرات العقلية الإنسانية هى حدود ما يُدركه ولكن ما يُدركه الإنسان محدود. في غيبيات كثيرة لابد أن يكون السند فيها، السند في هذه الغيبيات لابد أن يكون الوحى، والإمام الشاطبي (إبراهيم بن موسى الشاطبي) قال كلام واضح بالمعنى دة وهو، كل ما يأمر به الشرع يطابقه العقل، عشان كدة بقى ديننا زى ما أنا بقول أكثر الأديان عقلانية.

الأستاذ جهاد: هناك الآن إختلافات كثيرة حول ما يأمر به الشرع وليس كل المدارس الإسلامية والتأويلية والتفسيرية متفقة على رأى واحد حول ما يأمر به الشرع وهناك أمثلة على ذلك متعلقة بمسألة التفسير، كيف يمكنكم أن تتناولونها في تفسيركم الهو المختلف حوله فيما يخص الشرع ومن وجهة نظر قرآنية؟

الحبيب الإمام: القضية في هذا الموضوع في النهاية إجتهادية، لا أحد يستطيع أن يُجبِر الآخرين على فهمه، في تفاسير كثيرة ومفاهيم كثيرة ولكن الرؤية الصحيحة كما أُكرر هى تلك التي تميل إلى إعتماد المقاصد مثلاً الشيخ محمد الغزالي قال إنه قال، في الجزائر لبعض المسلمين، ماله لو أن أمير المؤمنين على إبن أبي طالب والخليفة معاوية قد إحتكما للصندوق، لصندوق الإنتخابات بدل الإحتكام للسيف، هو قال هذا، فقال له بعض الحاضرين، ليس هذا من السُنة، فهو قام رد عليه، أقتال المسلمين لبعضهم بعضاً من السُنة؟ بمعنى أنه نحن نُمارس الإنتخاب هذا بدل الإقتتال. كذلك في هذا الموضوع المُهم في كلام قاله إبن تيمية (تقي الدين بن أحمد بن عبد الحليم إبن تيمية)، وكلام مُهم جداً الهو فيه، أى أمرٍ كان فيه العدل هو شرعُ الله ودينه حتى إذا لم يكن فيه نص. ومشى إلى أكثر من دة، إن الله لينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المؤمنة الظالمة، وهكذا. يعني هنا التحدث بالمقاصد، أنه حيث ما تكون هذه المعاني، العدل والرحمة وإلى آخره يكون شرعُ الله حتى إن لم يرِد به نص. فالنقطة المُهمة هنا أنه هذه المسائل العدل والرحمة نُدركها بالعاقل، فالعقل هنا دوره كبير.

الأستاذ جهاد: يعني مثلاً البعض يقول أن العدل، العدل هو ما قال به القرآن الكريم والعدل هو ما قال به الشرع وليس خارج هذا يعني بمعنى أن العدل هو مسألة توقيفية.

الحبيب الإمام: لا، ما دي النقطة، هى ما مسألة توقيفية، ما هى النقطة كلها أنه… عشان كدة مثلاً لمن نقول الديمقراطية، الديمقراطية تتطابق مع الإسلام لأنه هى تُنظم الشورى. فناس يقولوا ليك ليس في القرآن نص على الديمقراطية، نعم لا يوجد نص لكن في نص على الشورى، كيف نُمارس الشورى، الديمقراطية وسيلة من وسائل مُمارسة الشورى. في من يقول فيما معناه أن هذه الأشياء كلها طالما لم ترد نصاً في القرآن مرفوضة، دة الرد عليه بأنه لا القرآن عنده مُجملات لكن نحن نسعى لتطبيق هذه الأشياء المجملة بوسائل متطورة ومتغيرة، عشان كدة نحنا لمن نتكلم عن نظام الحكم، الإسلام تحدث عن الشورى وعن المعاهدة وعن العدالة وعن الحرية لكن في القرآن ما ذكر نظام حكم مُعين، نظام الحكم إذاً يطبقه البشر بحيث يطبقوا هذه المسائل مثلاً الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه لما إختير قال كلام مجمله كدة يُشير إلى معاني ديمقراطية، وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، ولاية بشرية، فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وَإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُونِي، مساءلة بشرية، الصِّدْقُ أَمَانَةٌ، وَالْكَذِبُ خِيَانَةٌ، شفافية، القوى عندي ضعيف إلى أن اخذ منه الحق والضعيف عندي قوى إلى أن أرد له الحق، دي مُمارسات بشرية وفي جُملتها كدة هى في الواقع تُفسر معاني الديمقراطية، لأنه الديمقراطية أصلها المشاركة والمساءلة والشفافية وسيادة حكم القانون، فعشان كدة الناس البيفتكروا ويقولوا ليك لا الديمقراطية كُفر لأنها ما وردت في النصوص، صحي ما وردت في النصوص لكن لمن نجيب كلام أبي بكر الصديق رضى الله عنه ونُفسروا نلقى أنه فيه المشاركة والمساءلة وسيادة حكم القانون والشفافية، وأن هذه كلها مسؤوليات بشرية مُش إلاهية.

الأستاذ جهاد: البعض قد يقول يا السيد الإمام أنها تنتمي إلى حقل وعلوم معرفية مختلفة غربية وقد يقودنا هذا ايضاً إلى الحاجة الأنا سألتك منها قبيل يا السيد الإمام المتعلقة بمسألة الشريعة أن الديمقراطية تتعارض مع حكم الشريعة وأن الشريعة يجب أن تحكم وأن الحكم لله.

الحبيب الإمام: هذا كلام قال به الخوارج إن الحكم إلا لله، الحقيقة كما قال أمير المؤمنين على، هم يقولون إن الحكم بمعنى إن الإمرة لله، الإمرة مُش لله للبشر، الحكم لله التشريع ولكن هذا التشريع نفسه مُش تشريع أصم بمعنى أن الأحكام يجب أن تراعي الواقع مُش ممكن تطبق على الواقع بدون مراعاة الواقع.

الأستاذ جهاد: هل يمكن تجاوز يعني يا السيد الإمام إنت ممكن تقول إنت ممكن تجاوز بعض الأحكام الشرعية الواضحة مثلاً.

الحبيب الإمام: ما بقول ليك أول حاجة لم تراعي الواقع يعني ما تطبق بدون أن تراعي الواقع، لأنه مثلاً زى ما إستشهد برضو إبن القيم (شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر)، أنه لما يوسف عليه السلام بقى زى وزير دولة في حكم فرعون طبق ما إستطاع من العدل مُش كل العدل ولذلك دة بيقع في إطار، (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [سورة التغابن الآية رقم 16]، لأنه أحياناً يأتي الأمر بنتائج عكسية فأول شئ من حيث فهم تطبيق الأحكام لابد من مراعاة الواقع، لأنه مثلاً في القرآن نفسه مراعاة للواقع لما حرم الخمر حرمها على مراحل مراعاة للواقع. فإذاً لابد من مراعاة الواقع، وايضاً من مراعاة المقاصد مثلاً في الشريعة، في الأحكام، إذا بنيتها على آيات القرآن، إذا الإنسان قُتل له شخص وأصر على أن ينتقم، ولكن الحقيقة إذاً الصار دة غير مقبول لابد أن تكون المساءلة عن طريق مؤسسة أو قضاء، مُش بالأفراد يفعلوا ما…

الأستاذ مجاهد: (مُقاطعاً) قانون.

الحبيب الإمام: نعم. كذلك عندنا نصوص عن الرِق وعن المؤلفة قلوبهم وعن مِلك اليمين، هذه كلها سقطت لتعارُضها مع المقاصد، أعلى منها وأوضح منها. فإذاً نحن لا نطبق الأحكام دون أن نُراعي هذه المعاني. فمن حيث نظام الحكم، إن الحكم إلا لله لا يعني الإمرة، فإذاً كل المسائل المتعلقة بنظام الحكم قضايا بشرية، الذي تلتزم به هو أمرين، الأول أن تطبق مبادئ الإسلام السياسية، الشورة والعدالة والحرية، والثانية أن تطبق الشريعة. في ما يتعلق بتطبيق الشريعة لابد أن نُراعي التدرج، نُراعي الواقع، نُراعي المقاصد، بحيث أنه إذا جاء التطبيق بنتائج عكسية ينبغي أن نراجعها، فالمعنى هنا أننا في تطبيق الأحكام، برضو، (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) [سورة الفرقان الآية رقم 73]، بيأخذوا في الحسبان هذه المعاني، فإذاً تطبيق الأحكام أولاً فيما يتعلق بنظام الحكم، نظام الحكم غير محدد، في مبادئ محددة لكن نظام الحكم ما محدد…

الأستاذ جهاد: (مُقاطعاً) دعنا نأخذ فاصل ونجي نشوف الأشكال المختلف حولها فيما يتعلق بمسألة الشريعة ونجي نشوف بعض المناهج التفسيرية ونسألك منها يا السيد الإمام بعد الفاصل. مشاهدينا الكرام فاصل وتابعونا… من جديد متابعينا الكرام الحوار يستمر مع السيد الإمام الصادق المهدي. السيد الصادق المهدي يعني التشريع القرآني قلنا قبيل إنه المسألة دي هى نفسها مختلف عليها، خلينا نسألك من قضايا مثلاً كيف تنظر إليها من وجهة نظر تأويل القرآنية، الردة، السرقة، الرجم، الحدود عموماً، هل هى ظرفية مكانية ولا يعاد تأويلها أو ماذا يمكن أن يُفعل تجاهها؟

الحبيب الإمام: أنا كتبت كتاب إسمه “العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الإجتماعي الإسلامي”، أول شئ هذه الأحكام لا تُطبق إلا في نظام هو نفسه إستطاع أن يكفُل للناس عدالة الشريعة والمعيشة وإلى آخره، مثلاً إنت لا يمكن تُطبق أحكام على السرقة والناس محتاجة وفقيرة وما قدرت أنت أن تسُد حاجتهم، لذلك مثلاً في عام الرمادة أمير المؤمنين رضى الله عنه علق حد السرقة، فإذاً حد السرقة مربوط بنظام إجتماعي يكفُل معيشة الناس. وفيما يتعلق بالرجم، أنا اصلاً قلت لا يوجد رجم بعد الآية التي أمرت بأن تكون العقوبة للزاني مئة جلدة وأن هذا الرجم هو عقوبة إسرائيلية ولكن سُئل أحد الصحابة، هل رجم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد نزول الآية؟ فقال لا أدري. أنا جبت النصوص في هذا الموضوع، المُهم الرجم هو عقوبة إسرائيلية وما مُورس عنها في الإسلام قبل آية عقوبة الزنا والجلد. فيما يتعلق بالرِدة، القرآن لم يذكُر عقوبة ابداً للرِدة، فقط ذكر عقوبة أخروية لكن لم يذكُر عقوبة للزنا، وفي القرآن ما يؤكد أنه (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ) [سورة البقرة الآية رقم 256]، (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ) [سورة الكهف الآية رقم 29]، هذا كله يعني أنه لا عقوبة في الرِدة، المُهم ممكن يكون في تعزير يعني عقوبات بشرية لكن مافي حد في الرِدة. دة كله بيعني أننا نحنا نعمل دليل مُعاصر الآن، ماذا نعني بتطبيق الأحكام الشرعية. أنا رأيي ببساطة شديدة أنه المسائل المتعلقة بالمعاملات والعادات كنظام الحكم ونظام الإقتصاد ليس فيها نظام مُحدد، فيها مبادئ.

الأستاذ جهاد: حتى القرآن الكريم ما جاب نظام مُحدد ليها؟

الحبيب الإمام: ما جاب، جاب مبادئ وجاب أحكام. أما المبادئ فتُطبق في أشكال مختلفة، نظام الحكم ونظام الإقتصاد، صحي في الزكاة دي أحكام إقتصادية ولكن حتى الزكاة عندها مجال إجتهادي في كيفية تطبيقها. المُهم فيما يتعلق بالإسلام، نظام الحكم مافي نظام مُحدد في مبادئ، نظام الإقتصاد، مافي نظام إقتصادي مُحدد في مبادئ، العمران والإستثمار والعدالة وإلى آخره، أما الأحكام فكما قلت، الأحكام موجودة بوضوح في العقوبات وموجودة في الإقتصاد في الزكوات إلى آخره ولكن هذه تطبيقُها يُراعي اشياء مُعينة، الواقع والتدرُج والمقاصد بحيث أنه يمكن أن تطبق أحكام تُحقق العدل حتى إن لم يكن بها نص، زى ما قال إبن القيم (شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر)، فمثلاً واحدة من الأشياء المتعلقة بالأحكام من هذا النوع إذا أقمت نظاماً ديمقراطياً، إنتخابياً، ممكن الإنسان يقول مافي نصوص، صحي مافي نصوص لكن في الشورى، كيف تطبق الشورى؟ النظام الديمقراطي وسيلة من وسائل تطبيق الشورى، في من يقول لكن الديمقراطية تعمل تشريعات بدون سقوف، مافي ديمقراطية في العالم تفعل دة، كل ديمقراطية في العالم بتطبق بالدستور، الدستور بيرعى السقوف، ولذلك الديمقراطية هى نفسُها ايضاً تُراعي سقوف، ولذلك ما نرفُضها لأنها مُطلقة، هى ما مُطلقة مافي ديمقراطية مُطلقة بمعنى أنها تفعل ما تشاء…

الأستاذ جهاد: (مُقاطعاً) إذاً هى مُقيدة. خلينا نحنا يا السيد الإمام يعني نأخذ حلقة ثانية حول التفسير الإنت حتطلع بيهو إن شاء الله وسميتو “التفسير الإنساني”، عن نتناول المناهج التفسيرية الأنت إستخدمتها فيه والأدوات الإنت إستخدمتها والقضايا المُعاصرة التي تُريد أن تُعالجها به.

الحبيب الإمام: إن شاء الله.

الأستاذ جهاد: مشاهدينا الكرام إلى هنا نصل إلى نهاية هذه الحلقة حتى المُلتقى، في أمان الله.