السودان: التحول من العداء إلى حسن الجوار

الإمام الصادق المهدي
الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

مؤسسة فريدريش ايبرت

مؤتمر السودان بعد اتفاقية السلام الشامل

 

25 -26 مايو 2011م – برلين

قدمت كثير من مراكز البحوث السودانية والغربية إسهامات فكرية عميقة وغزيرة فيما يتعلق بالمشاكل السودانية. وفي هذا الصدد أنتجت مراكز البحوث الألمانية لا سيما مؤسسة فرديدريش ايبربت ومعهد ماكس بلانك مادة ممتازة. لقد تناولت هذه المراكز قضايا عديدة وأشركت طيفا واسعا من التنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني السودانية. ومع ذلك فقد ظل صانعو القرار في السودان والمسئولون الرسميون للدول المشاركة في عملية السلام في السودان يتحاشون التشخيص العميق لمشاكل الحكم ووضع السلام والإشراك الشامل للمجتمعات المدنية والسياسية السودانية. وهذا يفسر الإخفاقات الكبيرة في عملية السلام في السودان.

السودان بلد بالغ الثراء في التاريخ شهد على مدى ستة آلاف سنة، ست حضارات حضارة ما قبل التاريخ، حضارة كرمة، حضارة فرعونية، الحضارة المروية، الحضارة المسيحية، والحضارة الإسلامية.

يضم السودان بين جنبيه شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء فهو يمثل نموذجا مصغرا لأفريقيا.

وبفضل تاريخه وجغرافيته أصبح السودان مثالا نمطيا للتنوع الثقافي والاثني.

جرب السودان الحديث كل نظم الحكم المعروفة: الديمقراطية اللبرالية، الدكتاتورية العسكرية، الاستبداد الشيوعي والاسلاموي.

وعلى الرغم من نيل السودان استقلاله بطريقة نموذجية، وممارسته ديمقراطية لبرالية حقيقية فقد فشل في تاريخه الحديث وعبر نظم حكمه الستة منذ الاستقلال في 1956، فشل بدرجات متفاوتة في إدارة التنوع.

وصل ذلك الفشل حده الأقصى في العقدين الأخيرين على يدي نظام فرض أيديولوجية ثقافية أحادية تسببت تلك الدكتاتورية أحادية الثقافة في أربع ظواهر كارثية هي:

  •  تغريب الرأي السياسي الجنوبي مما جعله يطالب بالإجماع بتقرير المصير ويصوت بالإجماع للانفصال.
  •  تمرد في دارفور بأصداء وظلال اثنية.
  •  انقسام في الجسم السياسي السوداني.
  •  تدخل دولي كثيف في الشئون السودانية.

بهذه المقدمة الحزينة أبدأ مساهمتي في موضوع إنقاذ بلادنا من مصيرها آملا أن أقدم مساهمة مفيدة رغم كل المصاعب.

ستوضح النقاط السبع التاليات سالتي:

النقطة الأولى:

اتفاقية السلام الشامل تسمية خاطئة فهي ليست أكثر من وثيقة ثنائية لوقف إطلاق النار وقسمة السلطة والثروة بين طرفين متحاربين. لقد فشلت كخريطة طريقة لبناء السلام والمصالحة الوطنية والتحول الديمقراطي في تحقيق أربعة من أهدافها الأساسية:

  •  فشلت في جعل الوحدة جاذبة.
  •  فشلت في تحقيق التحول الديمقراطي.
  •  فشلت في بناء الثقة بين طرفيها.
  •  فشلت في تحقيق الشراكة القومية للاتفاقية.

النقطة الثانية:

لقد أسميت في مرة من المرات اتفاقية السلام الشامل باتفاقية الأجندة الملتبسة للشريكين لأنها:

  •  هدفت لجعل الوحدة جاذبة ولكنها جاءت بنصوص جعلت الانفصال جاذبا.
  •  هدفت لحكم انتقالي شامل ولكنها أسست حكما ثنائيا.
  •  كثير من نصوصها حمالة أوجه وقابلة لأكثر من تفسير.

ومع أن الاتفاقية حققت وقفا لإطلاق النار وأوجدت صيغا لقسمة السلطة والثروة بين طرفيها، لكنها ألحقت ضررا بقضية السلام في أربعة مجالات:

  •  البرتوكول الأول في الاتفاقية بروتوكول مشاكوس الإطاري قسم البلاد على أساس ديني. هناك صيغة أخرى توفق بين تطلعات المسلمين والمساواة في المواطنة.
  •  بروتوكول قسمة الثروة جعل نصيب الجنوب نسبة مئوية من بترول الجنوب بدلا من نسبته للثروة القومية فأعطى بذلك حجة للانفصال حيث ينعم الجنوب بكل ثروته النفطية إذا انفصل.
  •  سمحت الاتفاقية باستمرار كل القوانين القمعية للنظام الاستبدادي إلى حين استبدالها دون تحديد سقف زمني وبذلك احتفظ حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالقوانين القمعية طوال الفترة الانتقالية.
  •  ادعت وجود سلام شامل في نفس الوقت الذي ينشب فيه نزاع أهلي مسلح في غرب وشرق السودان، وبهياكلها الثنائية قفلت الطريق أما أي استيعاب مستقبلي للآخرين.

تسبب عدم الثقة بين الشريكين في سلسلة من الأزمات، كان من المفترض أن تنهي اللجنة الفنية لترسيم الحدود عملها في ستة أشهر فانتهت بعد تأخير طويل، ذلك إضافة إلى أن كثير من مشاكل الحدود ليست فنية وإنما سياسية وهي:

  •  منطقة الجبلين بين ولايتي أعالي النيل والنيل الأبيض.
  •  منطقة جبل المقينص بين ولايتي أعالي النيل وجنوب كردفان.
  •  منطقة كاكا بين ولايتي أعالي النيل وجنوب كردفان.
  •  منطقة بحر العرب بني ولايتي بحر الغزال وجنوب دارفور.
  •  منطقة حفرة النحاس بين ولايتي غرب بحر الغزال وجنوب دارفور.

مشاكل الحدود الخمس هي نقاط خلافية بين الشريكين ولكنها تخص أيضا أحزابا سياسية أخرى ومجتمعات محلية.

هناك أربعة أقاليم أخرى بها تعقيدات هي:

  •  مسألة المشورة الشعبية في جنوب كردفان.
  •  مسألة المشورة الشعبية جنوب النيل الأزرق.
  •  هل تتبع هجليج للشمال أم للجنوب.
  •  مشكلة أبيي.

النقطة الثالثة:

وبزعم اتفاقية السلام الشامل أنها أوجدت سلاما شاملا قفلت المجال أما حل النزاع في دارفور وشرق السودان. ساهمت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في نشوب التمرد في دارفور وأعاقت أزمة دارفور تطبيق اتفاقية السلام الشامل.

النقطة الرابعة:

ونحن نقترب من التاسع من يوليو فإن الأوضاع السياسية في السودان حبلى بالمشاكل المولدة للنزاعات وأعني:

• مشاكل جنوبية/ جنوبية كما بحثها العديد من الخبراء والباحثين مثل (جنوب السودان في تناقض مع نفسه) لمارياك شوميروس، وتيم ألن.

لقد حدد الباحثان النزاعات المحتملة حول قسمة الثروة بين أصحاب المصلحة الجنوبيين على اختلافهم، وصعوبات نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج والتأهيل، غياب الحدود بين وحدات الجنوب الإدارية والقبلية المختلفة، والوجود الواسع لجيش الرب. لقد استطلع الباحثان العديد من الجنوبيين حيث توقع 53% منهم أن تقود تلك المشاكل المذكورة لنزاع مسلح.

• بعد انتخابات أبريل 2010م تمرد عدد من الضباط الجنوبيين ذوي القواعد القبلية هم عبد الباقي أكول (دينكا) قلواك قاي (نوير) بيتر قاديت (نوير) جورج أطور (دينكا) قابريال تانق (دينكا) ياوياو (مورلي). تعتقد الحركة الشعبية أن هؤلاء المنشقين في الجنوب يتلقون دعما من المؤتمر الوطني في الشمال.

• مشاكل شمالية/ شمالية مثل مشكلة دارفور في غرب السودان. يعتقد المؤتمر الوطني في الشمال أن المتمردين الدرافوريين تدعمهم الحركة الشعبية في الجنوب.

• هناك انقسامات سياسية انقسامات وبسبب التهميش في الشمال.

• هناك مشاكل شمالية/ جنوبية تشكل تحديات عديدة وأعني: مشاكل الانفصال: النفط، المياه، المواطنة للشماليين في الجنوب وللجنوبيين في الشمال، الأصول القومية المشتركة، الدين الخارجي، حقوق القبائل الرعوية، الموظفون، الطلاب بالمدارس والمعاهد والجامعات، السجناء، الموقف من المعاهدات الإقليمية والدولية.

• أيضا هناك مشاكل تطبيق اتفاقية السلام العالقة وهي: بروتوكولات أبيي وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق.

لقد فشل النهج المتبع حتى الآن والذي يعتمد على الشريكين في حل القضايا مع وساطة أجنبية عند الضرورة وسيكتب له الفشل في المستقبل. نفس الشيء ينطبق علي عملية سلام دارفور والتي أنتجت اتفاقية أبوجا (اتفاقية سلام دارفور) والتي انهارت بسبب نفس النهج العقيم.

عملية سلام دارفور الحالية تعاني من نفس نقاط الضعف ولن تنتج سلاما. أن لقاء الدوحة الحالي هو تمرين علاقات عامة لا يحمل وعدا كبيرا.

النقطة الخامسة:

من الضروري في هذا المفترق ونحن على حافة الهاوية ان نجري نقدا ذاتيا لعملية السلام في السودان وننخرط في نهج جديد ينحو لتجنب أخطاء الماضي ويقبل ويعترف بدولتي السودان ونلزم أنفسنا بضرورات الجوار الحسن بل والأخوي اللاخلاقية الأمنية والتنموية. يكمن التحدي في الوصول لاتفاقية جديدة لما بعد اتفاقية السلام: اتفاقية المصير الأخوي. يجب أن تحتوي هذه الاتفاقية على البنود الستة عشر الآتية:

1. دستور جديد للسودان يستوعب التنوع، دولة مدنية تقوم المساواة في المواطنة، جهاز تنفيذي يرمز للمشاركة الإقليمية، الالتزام بأن يوفق التشريع بين المساواة في المواطنة والتطلع الإسلامي المشروع بإجازة التشريعات العامة بالإجماع والسماح بتشريعات محددة حسب المقتضيات الإسلامية تطبق على المسلمين، تقليص عدد الولايات لتصير الوحدات الفدرالية ست ولايات الأمر الذي يمنحها سلطة أكبر.

2. الاعتراف المتبادل بالدولتين اللتين تخلفان السودان.

3. يجب أن يتضمن اسم الدولتين كلمة السودان.

4. أن يتمتع مواطنو كل دولة بحقوق مواطنة خاصة في الدولة الأخرى، وهي الحقوق الأربعة: حق الإقامة والتملك والحركة والعمل، والحصول على الجنسية المزدوجة عند الطلب.

5. تنفيذ سياسة تكامل اقتصادي في مجالات الاتصالات، المعلومات، المياه والطاقة، البنية التحتية وتنسيق الخطط التنموية في مجالات الزراعة والصناعة والصناعات التعدينية.

6. اتفاقية حدود يجب أن تقوم على حدود مرنة تسمح بحركة البشر والماشية وانسياب البضائع يجب أن تنشئ الاتفاقية آلية مشتركة لإدارة الحدود المشتركة ولحفظ النظام والقانون.

7. يجب أن تلتزم الدولتان السودانيتان وهما تسنان دستورين مختلفين بمبادئ عامة مشتركة هي: حقوق الإنسان، التعددية الدينية والثقافية، الحكم الديمقراطي.

ومن المهم في كلتا الدولتين، ألا يهيمن حزب واحد على مؤسسات الدولة وأن تكون القوات المسلحة وقوات الأمن قومية ومهنية وكذلك الخدمة المدنية.

8. هنالك عدة مشاكل ونزاعات جنوبية جنوبية، يجب أن يقوم حوار جنوبي/ جنوبي حقيقي يبني على حوار أكتوبر 2010م ويتم الاتفاق خلاله على اتفاقية قومية لجنوب السودان لوضع خريطة طريق لبناء الأمة.

9. أزمة دارفور ستزعزع استقرار السودان وتفسد العلاقات الشمالية الجنوبية، ولذلك لا بد من تسوية أزمة دارفور حالا. عملية سلام دارفور الحالية اقل مصداقية من اتفاقية أبوجا 2006م الميتة. إن وثيقة هايدرلبرج 2010م هي أفضل مجموعة مقترحات لاتفاقية سلام في دارفور حتى الآن.

لقد اقترحنا إعلان مبادئ من عشر نقاط ليشكل أجندة مؤتمر جامع دارفوري لكل أصحاب المصلحة والنقاط هي:

‌أ. فيما يتعلق بالإقليم الواحد وتعدد الأقاليم وملكية الأراضي وتمثيل دارفور في رأس الدولة وحدود دارفور يجب العودة لما كان عليه الحال في يونيو 1989م.

‌ب. المساءلة على انتهاكات حقوق الإنسان يجب أن تكون على أساس قرارات مجلس الأمن 1591و 1593. وهناك مجال للتوفيق بين المساءلة والاستقرار.

‌ج. تعويض النازحين واللاجئين فرديا وجماعيا وتخطيط العودة الطوعية لمناطقهم.

‌د. يكون لدارفور نصيب في السلطة والثروة القومية يتناسب مع عدد السكان.

‌ه. عقد مؤتمر أمن إقليمي للسودان ودول الجوار لضمان التعاون في قضايا الأمن والتنمية.

‌و. تكوين مفوضية للحقيقة والمصالحة.

‌ز. الاتفاق على إدارة قومية انتقالية لدارفور.

‌ح. يجب أن تعكس مؤسسات الدولة تمثيلاً عادلا لدارفور.

‌ط. تحقيق وقف إطلاق نار شامل.

‌ي. ضمان تضمين مبادئ الاتفاقية في الدستور.

10. أصحبت ولاية جنوب كردفان منقسمة اثنيا بصورة حادة. تدل نتائج الانتخابات الأخيرة على الاستقطاب والتعادل بين الفريقين. لن يتمكن طرف واحدة من إدارة الحكم على أساس الأغلبية البسيطة، لا بد من الوصول لاتفاق قومي جامع حول:

  • أسس وحدود المشورة الشعبية.
  •  أسس الإدارة القومية الانتقالية.
  •  أسس الأمن للإقليم.
  •  مشاركة الإقليم في الدستور.

11. يطبق نفس هذا البرنامج على ولاية النيل الأزرق .

12. أبيي: الوضع في أبيي الآن متفجر. سيصف مجلس الأمن الوضع كمهدد للسلم والأمن العالمي وبناء عليه يصدر قرارا تحت الفصل السابع.وفي هذه الحالة سيوجه مثل ذلك القرار طرفي البروتوكول بتنفيذ ما وقعاه. لقد وقعا وثائق لا يمكن لهما – خاصة المؤتمر الوطني- تنفيذها. لأن الأمر يتضمن سكانا محليين ليسوا أطرافا في تلك الاتفاقات. لذلك لا بد من الالتزام بالآتي.

  •  إجلاء القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان من المنطقة وجعلها منزوعة السلاح.
  •  يجب أن تسند المهام الشرطية لقوات من الأمم المتحدة تتكون من دول مقبولة لكل الأطراف.
  •  تكوين إدارة قومية انتقالية تهتم برفاه كل سكان المنطقة.
  •  تأجيل الاستفتاء لتاريخ آخر بعد قيام دولة جنوب السودان.

13. هناك العديد من القضايا الهامة التي لا يمكن حلها قبل التاسع من يوليو 2011م. يجب تكوين مفوضية حكماء حالا ومنحها تفويضا قوميا لحل تلك القضايا.

14. يجب الاتفاق على حدود مرنة بين الشمال والجنوب تسمح بحرية الرعي والتجارة. إن قرار العاشر من مايو 2011م بوقف تدفق البضائع للجنوب هو استخدام للطعام كسلاح سياسي. يجب التحقيق حول هذه الفظاعة ومعاقبة مرتكبيها ومنع تكرارها.

15. يجب وضع اتفاقية أمنية بين دولتي السودان تتضمن:

  •  حسن الجوار
  •  عدم التدخل في الشئون الداخلية لكل دولة.
  •  التنسيق الأمني.
  •  الدفاع المشترك ضد الأعداء.
  •  منع الحرب كوسيلة للتعبير السياسي.

16. تضمن هذه البنود الستة عشر في اتفاقية جديدة للمصير الأخوي لتخلف اتفاقية السلام الشامل في 9 يوليو 2011م.

النقطة السادسة:

مثلما يتحتم على الجوار القومي الجنوبي/ الجنوبي الوصول لاتفاقية قومية لبناء الأمة في جنوب السودان، كذلك يجب الوصول لاتفاقية قومية شمالية/ شمالية تقوم بالآتي:

  •  معالجة جروح العقدين الأخيرين.
  •  استباق رياح التغيير العربية القوية التي تبشر بقرب انبلاج فجر جديد.
  •  تجميع الإرادة السودانية عقب انفصال الجنوب وفي حالة الفشل في هذا سيمثل السيناريو الجنوبي سابقة للآخرين للاقتداء بها. لا يمكن استمرار الوضع الراهن في الشمال: يجب على الحزب الحاكم تطبيق التغيير الجذري المطلوب وإلا فلا مناص من تغييره وإنشاء وضع سوداني جديد يخاطب مشاكل السودان الضخمة.

إن التغيير المخطط له قطعا أفضل من التغيير عبر مواجهة محفوفة بالمخاطر، ولادة طبيعية بدلا عن الولادة القيصرية.

يجب أن تحتوي بنود خريطة الطريق القومية للسودان على الآتي:

  •  دستور جديد مدني فدرالي يكفل حقوق الإنسان ويوفق بين المساواة في المواطنة والتطلعات الإسلامية، ويضمن مشاركة عادلة في السلطة والثروة. دستور يتم قبوله قوميا وسنه ديمقراطيا بواسطة جهاز تشريعي ناتج عن انتخابات معترف بها.
  •  الاتفاق على أسس اتفاقية المصير الأخوي بين دولتي السودان.
  •  حل مشكلة دارفور وفق الأسس المقترحة في إعلان المبادئ.
  •  الاتفاق على وثيقة حقوق الإنسان متسقة مع المواثيق العالمية.
  •  الاتفاق على برنامج إصلاح اقتصادي مع التركيز الخاص على المشاكل الحالية: الفقر، البطالة، ومعالجة الاختلالات الاقتصادية.
  •  التعامل الواقعي مع المحكمة الجنائية الدولية.
  •  تكوين حكومة قومية شاملة على أساس هذا البرنامج.

يجب أن تحصل الأجندة الوطنية السودانية واتفاقية المصير الأخوي على دعم دولي قوي.

النطفة السابعة:

يجب أن يفكر المجتمع الدولي ملياً في النقد الموضوعي لدوره في عملية السلام في السودان:

  •  فقد قبلوا دون تمحيص بالنهج الثنائي الحزبي لمشاكل السودان.
  •  اقترحوا تسويات في حالات الاختلاف بين طرفي الاتفاقية غير قابلة للتطبيق وحمالة أوجه.
  •  أهملوا قضايا التحول الديمقراطي.
  •  لقد اهتموا بشكليات الانتخابات والاستفتاء دون الاهتمام الكافي بالنوعية ودون الالتفات الكافي لمآلات إجراء الاستفتاء دون تسوية الأمور المتنازع عليها.

يجب عليهم استخلاص الدروس اللازمة من هذه الإخفاقات. وعليهم قبول حقيقة أن الاستقرار في دولتي السودان لا يمكن تجزأته وأن صيغة الحكم الثنائي غير قابلة للحياة وإلا بديل للنهج القومي. وأن نهج ازدواج المعايير يأتي بنتائج عكسية.

ختاما:

النقاط السبع المذكورة أعلاه هي خريطة طريق للسلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الحقيقي. والبديل لخارطة الطريق هذه هو: حكم استبدادي، نزاعات شمالية/ شمالية، نزاعات جنوبية/ جنوبية وحروب شمالية جنوبية.

لقد أدت اتفاقية أديس أبابا في 1972م لعقد من السلام بين الشمال والجنوب حتى 1983م حينما انفجرت الحرب مرة أخرى. بعض الجنوبيين يلومون اتفاقية المصالحة الوطنية بين نميري والجبهة الوطنية في عام 1977م بأنها سبب نقض نميري للاتفاقية.

وللحقيقة فقد قلنا لنميري بأن الانجاز الوحيد الذي نقر به لنظامه هو اتفاقية 1972م والاتفاقية نفسها انجاز اسمي لنميري لأنها وكما ذكر احد مهندسيها (د. محمد عمر بشير) انبنت في الحقيقة على تحضيرات النظام الديمقراطي السابق لنميري وتوصيات مؤتمر المائدة المستديرة (1965) ولجنة الاثنى عشر (65-1967) ومؤتمر كل الأحزاب (1967). وعلى كل حال فقد انتهت تجربة المصالحة الوطنية بحلول عام 1978م. والقضايا التي بموجبها ابعد نميري الأحزاب الجنوبية عن الاتفاقية هي: النزاع حول مكان إنشاء مصفاة البترول والذي تشب بعد عام 1980م وقراره الأحادي بتقسيم الإقليم الجنوبي لثلاثة أقاليم في 1981م، ونحن كأحزاب معارضة كانت لنا مواقف موثقة في معارضة هذين الإجراءين.

لكن نقطة الضعف الأساسية في اتفاقية 1972م كانت في كونها موقعة من قبل دكتاتور يمثل السودان بمفرده. لقد كان مطلق اليد في منح ما يريد وأخذ ما منح.

وكما قادت اتفاقية أديس أبابا بعد عقد من الزمان في 1983م لحرب أسوأ من الحرب التي أنهتها، يمكن لاتفاقية السلام الشامل في فترة ست سنوات أن تقود لحرب أسوأ. ففي هذه المرة ستكون الحرب بين دولتين بحلفاء خارجيين، ويمكن أن تجذب إلهيا مثل المغنطيس الشيطاني كل تناقضات المنطقة: في القرن الأفريقي، وغرب أفريقيا والبحر الأحمر، وحوض النيل وحوض المتوسط. وستكون وصفة كارثية لأفريقيا. ولهذا فسيرفع الجاران اللدودان مستوى التهديد للسلم والأمن الدوليين للدرجة القصوى.

وكجارين جيدين يمكن لدولتي السودان أن تصبحا نواة كونفدرالية إقليمية أفروعربية، ونواة لأفريقيا شمال وجنوب الصحراء وسيكون لهما أثر ايجابي في تشكيل شرق أوسط وشمال أفريقيا جديدين في بحثهما عن أفق جديد.

الأزمات الكبرى هي أيضا فرص كبرى وما يفرق بين سيناريو الكابوس والرؤية الجديدة هو قوة الإرادة السياسية المستنيرة ذات التصميم والتي بلا شك تستدعي العناية الإلهية.

(وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) .