بيان حول تصريح جون بولتون والمحكمة الجنائية الدولية

بولتون

بسم الله الرحمن  الرحيم

بيان حول تصريح جون بولتون

والمحكمة الجنائية الدولية

11/9/2018م

 

الولايات المتحدة قادت وشاركت في بناء نظام دولي يقوم على معاهدات من أجل الأمن والسلام الدوليين.

ظروف معينة أدت لانتخاب إدارة رأت أن بلادهم قد سلبت منهم لتمدد قوى وطنية لا تمثل العنصرية البيضاء. كما ترى هذه القيادة أن مشاركة أمريكا لدول أخرى في معاهدات مشتركة يحد من السيادة الأمريكية، ولذلك صار النهج المختار داخلياً هو اعتبار المكونات الأمريكية بيضاء البشرة هم المواطنون من الدرجة الأولى وأن الآخرين وهم مواطنون أمريكيون دون ذلك. والنهج المختار دولياً هو إلغاء المشاركة الأمريكية في المعاهدات الدولية، فلا لمعاهدة نافتا مع الدول الأمريكية الأخرى، ولا لاتفاق دولي حول أبحاث السلاح النووي في إيران، ولا لمعاهدة سلامة البيئة الدولية.

والآن يعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون حرباً على المحكمة الجنائية الدولية حتى لا تحقق في تجاوزات جنود أمريكيين في أفغانستان، وحتى لا تحقق في تجاوزات إسرئيلية ارتكبت أخيراَ ضد متظاهرين من غزة.

هذا مع أن المحكمة الجنائية الدولية هي تطور في القانون الجنائي الدولي لمساءلة معتدين على الشعوب في جرائم ارتكاب الحرب العدوانية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية. هذه المحكمة مستقلة وقد وقع على نظامها 123 دولة وصادقت عليها، وهي الآن أهم وسيلة دولية لتحقيق عدم الإفلات من العقوبة.

إن حقوق المواطنة المتساوية من أهم إنجازات التطور الفكري والسياسي والإنساني والتخلي عنها يمثل رجعية مقيتة.

والنظام الدولي القائم على معاهدات واتفاقيات هو أساس نظام الأمم المتحدة، وهو كذلك من أهم الإنجازات في العلاقات الدولية، وهو نظام يتطلب إصلاحاً لجعله أكثر عدالة، أما التخلي عنه لصالح فرض قرارات دول أحادية، فيمثل استبدال النظم المتفق عليها بالفوضى الدولية.

وأسوأ ما في مبررات السيد جون بولتون لاتخاذ هذا الموقف الشاذ لإفلات جنود أمريكيين من المساءلة في أفغانستان هو مناسبتها، علماً بأن القيادة العسكرية الأمريكية نفسها تعترف بإرتكاب مخالفات وتعلن اعتذارها عنها. كما أن تجاوزات إسرائيل بإطلاق النار على متظاهرين عزل وقتل عدد منهم حقيقة أدانتها دول كثيرة. إنها مبررات معيبة ولا تليق بدولة في مكانة الولايات المتحدة.

ربما سعد أمريكيون عنصريون بهذه السياسات، وأفرحت مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ولكن الأمل معقود في أن الشعب الأمريكي والمؤسسات الديمقراطية سوف تنتصر للقيم الديمقراطية المنشودة، كما أن الأسرة الدولية الرائدة سوف تعزل أية محاولات لجر النظام الدولي إلى الفوضى.

لا مجال للمجرمين للإفلات من عقوبة الرأي العام العالمي ومحاسبة رب العالمين، وإن تخلفت المحاسبة الجنائية حيناً فإنها حتماً سوف تتم لأن هذا منطق التاريخ.

 

وبالله التوفيق.

 

 

الصادق المهدي