رسالة الاثنين (الثامنة) 17 سبتمبر 2018م

رسالة الإثنين السادسة

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة الاثنين الأسبوعية الثامنة

الإمام الصادق المهدي

17 سبتمبر 2018م، لندن

أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي

السلام عليكم مع أطيب التمنيات، وبعد-

أخاطبكم في الموضوعات الآتية:

أولاً: حزنت للأخبار المؤسفة عن انهيار أرضي بمنطقة جبل مرة استشهد بسببه عدد كبير من أهلنا، وجرح آخرون ودمرت مساكن. رحم الله الموتى وعجل بشفاء الجرحى وأرجو أن تهتم مجموعتنا الدائمة للإغاثات والنجدة في حزبنا، وفي هيئة شئون الأنصار، بواجب العزاء والإغاثة. كذلك الحال بالنسبة لأضرار السيول والأمطار في مناطق الدندر والقضارف.

ثانياً: ما زال النظام المأزوم يضيف حلقة أخرى للأزمة، فقد أوشك النظام المصرفي على الانهيار لأسباب هي: فساد إداراته، واستخدام الموارد لصالح القطط البدينة، وتآكل رأس المال، وعدم سداد الحكومة لقيمة السندات. ما جعل بنوكاً دولية تمنع التعامل مع النظام المصرفي السوداني السقيم.

ثالثاً: أما الحكومة المعلنة بعد حكومة الوفاق التي أمضت 8 شهور من العجز، أعقبها تحويل مهماتها للجان عليا مارست العجز لأقل من عام، وها هو التكوين الثالث باسم الحكومة الرشيقة.. صلتها بالرشاقة هي في سرعة الانحدار. الوصف الصحيح لهذه التمارين العبثية: حكومة فاتت لم يحزن لها أحد وحكومة جاءت لم يفرح بها أحد. فلا تمت التغييرات نتيجة لتشخيص موضوعي للحالة، ولا برمجة لروشتة العلاج، بل خبط عشواء:

إذا ما الجُرْحُ رُمّ على فَسَادٍ          تَبَيّنَ فيهِ تَقْصيرُ الطّبيبِ

رابعاً: نرحب باتفاق القوى السياسية الجنوبية، ولكنه اتفاق هش وفوقي، وحافل بالمعارضين وخال من الضامنين. إن دور السودان مهم في تضميد جراح الجنوب، ولكن ساقطاً في الامتحان لا يستطيع تصحيح كراسات الآخرين.

هنالك حقاً مستجدات في مجال العلاقة بين دولتي السودان تتطلب تشخيصاً كاملاً، وتوصيات صائبة، لذلك طلبت من لجنة من الدكاترة: إبراهيم الأمين، وإبراهيم البدوي، وحامد البشير، أن تتكرم بذلك لتقديم توصيات تكون أساساً للموقف الوطني.

خامساً: مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقوده الآن مفوضة كانت من ضحايا الانقلابات الجائرة والتعديات على حقوق الإنسان: السيدة ميشيل باشليت، أرسلت لها مهنئاً وانتدبنا وفداً من نداء السودان يوضح حالة حقوق الإنسان وحرمان الحريات في بلادنا.

سادساً: أمام المجلس الفدرالي أدلى جون بولتون بأسباب عدائه للمحكمة الجنائية الدولية بقوله: لا يجوز أن تحاكم مواطنين أمريكيين لأن أمريكا غير مصادقة على المحكمة. ولكن أفغانستان مصادقة على المحكمة والجنايات ارتكبت في أرضها ما يبرر المساءلة. وقال إن النظام القضائي الأمريكي مؤهل للقيام بالمساءلة، فإن هو قام بهذه المهمة نظام روما نفسه يسمح بذلك بموجب المادة 17 منه.

لكن الحقيقة هي أنهم في الإدارة الأمريكية الحالية يستهدفون كل النظام الدولي القائم على أساس معاهدات ملزمة. وكما قال مستشار الأمن القومي البريطاني  Sir Mark Lyallإن هذا العدوان على النظام الدولي الذي تأسس منذ الحرب العالمية الثانية هو أخطر على الأمن القومي البريطاني من الإرهاب ومن سائر المخاطر الأخرى.

سابعاً: أسافر اليوم إن شاء الله لعمان لتقديم محاضرة غداً بعنوان: (الوعي الوطني وحواضن التطرف) وسوف تنشر بعد ذلك.

وأشير في هذه الرسالة لذكرى هبة سبتمبر 2013م التي استشهد فيها برصاص النظام مئات لحقوا بشهداء آخرين في العيلفون، وفي بورتسودان، وشهداء العملة، وشهداء رمضان، وشهداء مجزرة دارفور التي هزت ضمير العالم. رحم الله هؤلاء الشهداء جميعاً فإن الشعب لن ينساهم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)[I]. إن في إقدام هؤلاء دليلاً على حيوية الشعب السوداني، ورفض الطغيان، ما أجبر الجلادين على تغيير جلدتهم أربع مرات، وتغيير الحكومات المستمر دون جدوى. رحم الله شهداءنا فهم يستحقون التسجيل في قائمة الشرف الوطني عندما يعود السودان لأهله.

ثامناً: إن خبر استضافة المملكة العربية السعودية لجارينا أثيوبيا وأريتريا أمس للتوقيع على الاتفاق بينهما برعاية خادم الحرمين يثلج الصدر، إنه حدث يليق بدور المملكة التوفيقي الذي يرجى أن يغذي فكرة التكامل التنموي بين ضفتي البحر الأحمر لمصلحة شعوبها. إن الدور التوفيقي هو الذي يليق بالمملكة العربية السعودية، وأرجو أن ينطبق هذا على القضايا العربية والإسلامية كافة.

ختاماً: توفيت يوم الجمعة د. حاجة كاشف بدري، لقد كانت المرحومة رائدة في النهضة النسوية وسفيرة لليونسكو، وأستاذة في جامعة الأحفاد مساهمة في بناء الوطن رحمها الله رحمة واسعة، وأحسن عزاء أسرتها لا سيما ابنها د. أكرم وبناتها: منى وهدى وسعدى، وسائر أهلها.

 

والله ولي التوفيق.

 

[I]  سورة الشعراء الآية (227)