خطبة الجمعة 4 ربيع الأول 1425 هـ الموافق: 23 أبريل 2004م بمسجد ود نوباوي

 بسم الله الرحمن الرحيم

الله أكبر ولله الحمد

خطبة الجمعة 4 ربيع الأول 1425 هـ الموافق: 23 أبريل 2004م بمسجد ود نوباوي

التي ألقاها الإمام الصادق المهدي بمسجد الإمام عبد الرحمن بودنوباوي

الخطبة الأولى

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز. قال تعالى: (قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا)[1].

الهجرة قيمة جهادية وكل سفر هادف في منفعة عامة هجرة صغرى.

الفوائد التي تحققت في سفرتي الأخيرة تتمثل في التطرق لمشكلة مياه النيل والاتفاق على إطار صحيح لحلها فمشكلة مياه النيل بين دول المنبع والمصب ظلت مهملة لمدة طويلة، وفي المؤتمر الإقليمي الثاني للمياه العربية الذي عقد بالقاهرة في الفترة من 13- 16 أبريل 2004م تم الاتفاق على تكوين مجلس قومي عربي للمياه هو الأول من نوعه لأنه يجمع ما بين المسؤولين على الصعيد الرسمي والذين لهم مواقع قيادية شعبية وهذا من شأنه أن يخلق منبرا مشتركا يجري فيه تداول الرأي والرأي الآخر للوصول إلى موقف يحقق المصلحة العامة.

أود أن أحدثكم في ثلاث قضايا:

اتفاقية السلام، وأزمة دارفور ، وضبط التدويل الذي أطل برأسه على الشعب السوداني.

أولاً:

فيما يتعلق بالسلام فإننا نقيس نجاح الاتفاقية بمدى تحقيقها للمبادئ التالية:

إعطاء الأولوية لوحدة السودان والالتزام بتحويل الاتفاق من ثنائي إلى قومي والالتزام بإجراء انتخابات عامة في السنوات القادمة وعلى أساس هذه المبادئ رحبنا بلا تحفظ بوقف الحرب والتنازلات المتبادلة لإجراء اتفاق سلام كما رحبنا بقبول الوساطة الدولية والإقليمية ولكننا رأينا في الاتفاقيات التي أبرمت حتى الآن “بروتوكول مشاكوس، اتفاقية الترتيبات الأمنية، واتفاقية تقسيم الثروة، واتفاق آبيي” ما يحفز على الانفصال وليس الوحدة وما يكرس لثنائية الاتفاق بدلاً عن قوميته وفي ذلك تناقض مع المبادئ الأساسية ولذلك قدمنا مقترحات مفصلة في كيفية تعديل هذه الاتفاقيات باتجاه دعم الوحدة والقومية والتحول الديمقراطي، من أمثلة ذلك التناقض نص بروتوكول مشاكوس على تطبيق الشريعة الإسلامية في الشمال وعدم تطبيقها في الجنوب وهذا تكريس للفصل بين شمال السودان وجنوبه فالأوفق أن تطبق الأحكام المستمدة من الشريعة الإسلامية على المسلمين أينما كانوا بشرط أن تكون هذه الأحكام مجازة عبر آلية تشريعية منتخبة انتخابا حراً من جميع المسلمين في السودان. وأن تكون الأحكام المطبقة على جميع المواطنين في جميع أنحاء السودان مستمدة من مصادر عامة.

وفي اتفاقية تقسيم الثروة اقترحنا توزيعها بأسس موضوعية تدعم الوحدة، وأكدنا على ضرورة تحويل الاتفاق من ثنائي إلى قومي لأن ثنائية الاتفاق تعرقل تطبيقه وتهدد مستقبله لأن أي اتفاق لا يشمل القوى السياسية الأخرى لن يحظى- على أقل تقدير- بتأييد تلك القوى ودعمها ويمكن أن تقوم هذه القوى بمعارضته كما فعلت الجبهة الإسلامية القومية نفسها إذ قامت بانقلاب الثلاثين من يونيو 1989م لقطع الطريق أمام اتفاقية السلام في ذلك الوقت زعما منها بأن كان هناك مخططا لإقصائها عن السلطة في النظام الديمقراطي وأنها غير ممثلة في ذلك الاتفاق وهو زعم غير صحيح، فعلت ذلك بالرغم من أن ذلك الاتفاق كان أفضل بكثير من الاتفاق الحالي إذ كان خاليا من تقرير المصير ومن التدويل والمخاطر المرتبطة بكل منها. ومن جهة أخرى لا بد من إشراك الآخرين حتى لا يتأثر الاتفاق سلبا بنتيجة الانتخابات. فإذا كان الاتفاق ثنائيا لا يضم الآخرين وفاز هؤلاء الآخرون بأغلبية انتخابية سيؤثر ذلك سلبا على الاتفاق لأن هؤلاء غير موافقين على الاتفاق وغير مشتركين فيه وهذا وارد، فالإنقاذ الآن تمثل فصيلا سودانيا له وزنه ولكن دعواها بأن المؤتمر الوطني هو التنظيم الجامع لأهل السودان دعوة باطلة، ولتأكيد دعواهم الباطلة هذه صرفوا الأموال على الجماعات المنسلخة عن كياناتها الأصلية ولكن هذه الجماعات المنسلخة لم تجعلهم ممثلين لأهل السودان أجمعين كما ادعوا بل كانت أحزاب تلبيس: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[2].

الاتفاق الذي تم حتى الآن يقر بتطبيق الشريعة الإسلامية في الشمال. وتطبيق الشريعة في حد ذاته سليم ولكن الاتفاق الحالي يجعل النظام هو المتحدث باسم كل المسلمين وهذا الادعاء الكاذب لا يعني الحركة الشعبية أو الوسطاء في شيء ولكنه يعنينا نحن كمسلمين لنا اجتهادات إسلامية مخالفة لاجتهادات النظام، وقد قدمنا لشيخ الأزهر نستفتيه في ثمانية نقاط تشمل الأحكام والممارسات التي طبقها النظام باسم الإسلام ولكنه لم يشأ أن يقرر في هذا الأمر مخافة الدخول في مسائل سياسية مختلف عليها. وقد سجلنا في أدبياتنا المختلفة ما يؤكد أننا لا نقبل الاجتهاد الإسلامي للنظام في عدة نقاط  هي:

  • الجهاد في اجتهاد النظام هجومي يستندون فيه إلى آيات السيف وفي اجتهادنا الجهاد دفاعي ومرجعياتنا في ذلك (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)[3]
  • في التعامل مع غير المسلم: هم يعتبرونه ذميا ونحن نعتبره طرفا في عهد المواطنة الذي دخلنا فيه اختياريا.
  • في شأن الزكاة نختلف مع اجتهاد النظام اختلافا واضحا ولا سيما في قانون الزكاة لعام 2001م، فهذا القانون لا نعتبره صحيحا من الناحية الإسلامية، بموجب هذا القانون تؤخذ الزكاة من رأس المال التجاري قبل بدء التجارة “عند التصديق والترخيص” في بداية الحول والقانون يفرض الزكاة في المرتبات والمكافآت والمعاشات شهريا دون استيفاء حولان الحول والنصاب ودون الفراغ من الحاجات الأساسية ودون سد الديون. وتؤخذ زكاة الزروع زائدا الضريبة والعشور وبموجبه تؤخذ الزكاة في المال المستفاد الذي يحصل عليه الشخص من بيع منزل أو سيارة دون أخذ ظروف المزكي في الحسبان فقيرا أو معلولا أو مدينا. وكل هذه الممارسات لا نقرها بل نعتبرها باطلة وغير صحيحة من الناحية الإسلامية، ونرى كذلك أن صرف أموال الزكاة الآن غير منضبط فيصرف على الإدارة الفاخرة ويوجه إلى الاستثمار في حين أن الحاجة ماسة لدى الفقراء والمستحقين، وتصرف أموال الزكاة بمحسوبية للمقربين، وتعاني الزكاة من اختلاسات كبيرة، وهذه الطريقة التي تدار بها الزكاة أدت إلى إفقار المواطن وإعسار المزارعين وهم من المستحقين للزكاة وقد أصبحت الزكاة ضريبة مزدوجة على المسلم، وكل هذه ممارسات مرفوضة.

في المصارف يعتبر اجتهاد النظام المرابحة والسلم آليات ائتمانية صحيحة وهي ليست كذلك بل هي مبايعات وقد ساهمت في تخريب النظام المصرفي، وكذلك يعتبر هذا الاجتهاد -سعر الفائدة- ربا ولكن سعر الفائدة ضمن ضوابط معينة عائد تعويضي واجب عدالة وشرعا. فنحن نرفض قبول اجتهادات النظام كأحكام إسلامية ونتيجة لذلك فإن ادعاء النظام أنه يتحدث باسم كافة المسلمين ادعاء مرفوض ولكن على أساس هذا الإدعاء عقد أهل النظام ما أسموه مؤتمر الحركة الإسلامية السودانية  فلبسوا جلبابا فضفاضا، فهم مجرد فصيل في المؤتمر الوطني الذي هو شق من حزب منقسم على نفسه أي أنهم فصيل من فصيل من فصيل فلا يحق لهم أن يتحدثوا باسم الحركة الإسلامية السودانية والأوفق أن يسموا أنفسهم المنبر الديني في المؤتمر الوطني، فلا يصح أن يدعوا في وسائل الإعلام لأغراض التضخيم أنهم هم  الحركة الإسلامية السودانية فهذا المؤتمر مجرد مهرجان سياسي والانتخابات التي أجريت فيه معيبة بالمقاييس الانتخابية فمن بين عدد المؤتمرين البالغ عددهم أربعة آلاف لم يصوت سوى ثلث هذا العدد وهذا معاب انتخابيا وديمقراطيا. وكان الأفضل في اجتماعهم هذا أن يخاطبوا حقيقة ما ارتكبوا بالنفس اللوامة والنقد الذاتي، فكل ما عابوه على الآخرين ارتكبوا أسوأ منه، فلماذا لم يواجهوا أنفسهم بأخطائهم وأهمها الاستيلاء على السلطة بالقوة. وزعموا أنهم فعلوا ذلك لأن هناك محاولة كانت تهدف لإقصائهم وهذا ليس صحيحاً، نعم كان هناك بعض الضباط في القوات المسلحة طالبوا بإبعادهم ولكنني رفضت ذلك وأبلغتهم برفضي، وحتى إذا تم إبعادهم من السلطة فإن لهم تمثيل في البرلمان والصحافة، فالمبعد من السلطة في ظل نظام ديمقراطي له وسائل كثيرة للتعبير عن موقفه والحقيقة أن الاستيلاء على السلطة بالقوة أدخلهم في فتنة السلطة والمال، وكان ينبغي لهذا الاجتماع أن يتصدى بشجاعة وجدية لكارثة الوطن الذي حشروه في براثن العصبيات الإثنية وثقافة العنف والوصاية الأجنبية بصورة غير مسبوقة والواجب التصدي لذلك بشجاعة وجدية. وحول مؤتمرهم هذا سوف نعد تقويما صريحا واضحا ولا نهدف من وراء ذلك لضرهم بل نريد نفعهم لأن الدين النصيحة، قال رسول صلى الله عليه وسلم: “أنصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل يا رسول الله ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال: أن ترده عن ظلمه.

ثانيا: أزمة دارفور:

مشاكل دارفور الموروثة واضحة ومعروفة: الفجوة التنموية والفجوة في الخدمات الصحية والتعليمية والنزاع بين الرحل والمزارعين على الموارد والنزاعات القبلية والنهب المسلح وأثر مشاكل دول الجوار علينا، هذه باختصار مشاكل بلادنا الحبيبة أما ما جرى مؤخرا فهو اقتتال تمارسه قوات غير نظامية بعضها ضد الدولة وبعضها مع الدولة وهذا تدهور جديد أدى إلى مأساة إنسانية فريدة والنتيجة: أزمة ذات أبعاد سياسية وإنسانية وإقليمية ودولية حادة، هذه الأزمة بطبيعتها لا تحل عسكريا لأن أسلوب حرب العصابات والبعد الخارجي يمنعان ذلك ولا يمكن حل الأزمة بأسلوب المؤتمرات التقليدية لأن العناصر المعنية بهذا العمل من قوات مسلحة غير نظامية خارجة عن طوق السلطات التقليدية القبلية والعشائرية ونحن نحمد جدا للزعامات القبلية والعشائرية في دارفور أنها نأت بنفسها عن هذه الفتنة مما ضيق إطارها، ولكن لا يوجد أسلوب تقليدي يصلح للحل كما لا يمكن حل الأزمة داخل سياسات النظام لأن هذه السياسات هي التي فجرت الأزمة.

وهناك تعاظم البعد الدولي فقد تم تدويل القضية جزئيا وفي هذا الصدد نحن نرحب بالدور الإقليمي والدولي في إطار بناء الثقة، فالوساطة الدولية التي تؤدي إلى وقف إطلاق النار وحماية المدنيين وتقديم الإغاثات وتجريد القوات غير النظامية من السلاح مطلوب ولكن محتوى الاتفاق حول ما هو مختلف عليه سياسيا واقتصاديا لا بد أن يأتي من الملتقى الجامع الممثل لكل أهل السودان المفوض عنهم وهذا ما ندعو له ونستقطب الرأي العام الداخلي والخارجي لتأييده.

ثالثا: التدويل:

إن فجوة الثقة بين الجماعات الوطنية وحرص النظام على الاستخفاف بالمواطنين والاهتمام بالأبعاد الدولية دول قضايا الوطن جميعها سواء في الجنوب أو الغرب أو الشرق فأصبحنا في أي قضية وطنية نحتاج إلى جهة دولية لترعاها وتراقبها، فنحن نرحب بالدور الإقليمي والدولي في نطاق تسهيل المسائل الإجرائية وبناء الثقة والإغاثات والمراقبة والشهادة على تنفيذ ما يتفق عليه وإعادة التعمير والتنمية ولكن محتوى الاتفاقيات السياسية يجب أن يأتي من القوى الوطنية لأن القوى الخارجية وإن حسنت نواياها لا تعلم حقائق الواقع السوداني والشواهد على ذلك كثيرة منها وثيقة ناكورو وقضية آبيي ومن شواهد ذلك أيضاً ما يفعله الأمريكان من صرف أموالهم على قوى سياسية فقاعية مما يدل على عدم إدراك حقائق الواقع، نحن نؤيد التفاوض الثنائي حتى نهايته ثم يجب تحويله إلى اتفاق قومي حسب المجلس القومي المقترح وتوسيع المراقبة ليشارك فيها جيراننا في الشمال والجنوب والدول الأخرى المقترحة وإلا فإننا سنعارض ما نعتبره ضاراً بالوطن بالجهاد المدني وسنخاطب الرأي العام الوطني والإقليمي والدولي للعمل على ترشيد الاتفاق وإسقاط جوانبه الباطلة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الساكت  على الحق شيطان أخرس” وقال: “الدين النصيحة” وقال: “إذا تباينتم ما تدافنتم” استغفر الله.

 

الخطبة الثانية

بسم الله والحمد والصلاة والسلام على رسول الله

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز.

أحدثكم عن السلام في الشرق العربي وعن مؤتمر القمة العربية القادم وعن آفاق المستقبل القريب.

  • الأسرة الدولية غرست إسرائيل في الشرق العربي وتخلت عن حقوق سكانها الأصليين وأدى ذلك إلى حالة توشك أن تفجر المنطقة.
  • قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة لحل القضية لم تنفذ لتعنت إسرائيل واعتمادها على سند أمريكي.
  • بعد حرب الخليج الثانية عام 1991م توجت الولايات المتحدة علاقاتها بالأسرة العربية والأسرة الدولية بالدعوة لمؤتمر مدريد 1991م الذي قرر قراراً حاسما: الأرض مقابل السلام منذ ذلك الحين جرت محاولات لتنفيذ ذلك وفشلت لأن إسرائيل بدعم أمريكي أرادت أن تحقق السلام وتحتفظ بالأراضي.
  • دخلت المنطقة في مساجلات دموية كان آخرها اغتيال الشهيد عبد العزيز الرنتيسي الأسبوع الماضي عمدا ومع سبق الإصرار وفي نفس أسبوع اغتياله يوم 14/ 4 أعلن الرئيس الأمريكي رؤية لحل المشكلة مطابقة تماما لرؤية إسرائيل وهذه الرؤية تغلق باب التفاوض وتفرض على الطرف الآخر الحل والرؤية هي:
  • تخلي اللاجئين الفلسطينيين عن حق العودة إلى إسرائيل وتوطينهم في دولة فلسطينية.
  • تحتفظ إسرائيل ببعض المستوطنات حفاظا على أمنها.
  • لا يتوقع أن تنسحب إسرائيل لحدود ما قبل 1967م بل لحدود آمنة.
  • يجب أن يعترف الفلسطينيون والعرب بالأمر الواقع لأن الظروف تغيرت ولا مجال لإدعاء الحق والشرعية.
  • قيام الدولة الفلسطينية مرهون بقيام السلطة الفلسطينية بالقضاء على الإرهاب وتفكيك بنياته حفاظا على أمن واستقرار إسرائيل.

الجديد في هذا الموقف مناقضته للشرعية الدولية ممثلة في قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وهذا معناه مواجهات دموية حتى النهاية وقفل باب التفاوض من أجل حل سلمي.

  • هناك فئة من المسلمين المتطرفين أعلنت الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية بموجب فتوى أسامة بن لادن عام 1998م والتي تقول بأن قتل الأمريكان مدنيين أو عسكريين فرض عين على كل مسلم ومسلمة وهذا برنامج عنف إرهابي مفتوح، وهناك العنف التحريري الذي تمثله حماس وحزب الله والشرائح المماثلة، هذه الحرب تتجه نحو اعتبار أمريكا شريكا لإسرائيل واعتبار النظم الحاكمة في العالم العربي شركاء لأمريكا وتصعيد المواجهة ضدهم جميعا- هذه هي الصورة السائدة حاليا في كل البلاد العربية فما العمل أمام هذا التصعيد وهذه المواجهة؟.

الموقف الشعبي العربي يجب أن يكون كالآتي:

  • المرحلة الحالية جديدة وتوجب استراتيجية جديدة، فلا ينبغي أن ننحاز للموقف الأمريكي ولا أن ننحاز للموقف المتطرف المهووس بل ينبغي أن نسلك مسلكا وسطا.
  • التمسك بالشرعية الدولية والقيام بتعبئة مضادة للمتخلين عنها.
  • العمل على إخراج ملف السلام من اليد الأمريكية ليوضع في يد الأسرة الدولية.
  • التنسيق مع مواقف الشعوب الغربية الرافضة لسياسات الظلم.
  • العمل على تنظيم منبر للاجئين الفلسطينيين ليتحدثوا باسم أنفسهم في كافة المجالات.

وعلى الصعيد الرسمي العربي يجب اتخاذ الموقف التالي:

  • رفض مسبب واضح للموقف الأمريكي الجديد يعلنه مؤتمر القمة العربي.
  • يعلن المؤتمر الالتزام بمنع التعامل مع أية جهة لا تقر بالشرعية الدولية.
  • العمل على تسليم الأمم المتحدة ملف السلام عبر مؤتمر دولي جامع كذلك تسلم الأمم المتحدة ملف العراق على أن تلتزم الدول العربية بالقيام بدور أمني في مرحلة انتقالية إلى حين استقرار الحكم الديمقراطي في العراق.
  • وضع تعريف جامع مانع للإرهاب والتمييز بينه وبين حروب التحرير.

وإذا لم تكن القمة العربية مستعدة لموقف واضح وعادل في هذا المنعطف الخطير وإذا لم تستطع أن تكون بقامة المسؤولية التاريخية فيجب أن لا تنعقد ويجب إلغاؤها:

إذا لــم تجد شيئا سديدا تقولـه                 فصمتك عن غير السداد سداد

أي موقف دون ذلك يفجر التناقض الذي أطل برأسه بين النظم والشعوب وفي هذا الصدد يجب علاج استراتيجي للعلاقة بين النظم والشعوب.

هناك تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2002- 2003م تضمن مجموعة مشروعات إصلاحية آخرها وثيقة مارس 2004م فيجب تبني هذه المشروعات الإصلاحية لإزالة التناقض بين النظم والشعوب وإقامة الحكم الراشد الذي يحقق المشاركة والشفافية والمساءلة وسيادة حكم القانون، أمريكا اقترحت مشروعا أسمته الشرق الأوسط الكبير، ولكن في الظروف الحالية لا يمكن التعامل مع أية مقترحات أمريكية بموضوعية لأن أمريكا دمرت موقفها في العالم العربي بالتطابق مع إسرائيل، ولذلك لا بد من البديل القومي العربي الديمقراطي وهو الاحتكام للشعوب وإقامة الحكم الراشد: هذا أو الطوفان.

شاهدت في مصر مسرحية عنوانها اللعب في الدماغ هذه المسرحية تحرض الشعوب بأن حقها ضائع بالهيمنة الأمريكية والعدوان الإسرائيلي والظلم الوطني عن طريق النظم الحاكمة وهي تصور حدة الاستقطاب بين الشعوب والحكومات وإذا استمر هذا الاستقطاب سوف يدخلنا في مواجهات لا أول لها ولا آخر فالمطلوب طريق ثالث يخرج المنطقة من ظلامية مساجلات طرفي التشدد: تشدد الهيمنة الأمريكية والعدوان الإسرائيلي وتشدد حركات العنف هذا الطريق هو طريق التحول الديمقراطي وفي هذا الصدد لدينا كثيرا من الحلفاء في العالم.

ألا إن لربكم في دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها حتى تصبحوا من أهل الخير

اللهم اجعل أهل السودان من أهل الخير ووفقهم وسدد خطاهم

اللهم من أراد بالسودان شرا فأذه، ومن أراد به خيرا فانجده، واهدنا واهد أبناءنا وارحمنا وارحم آباءنا واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

[1] سورة النساء الآية 97.

[2]  سورة البقرة الآية 42.

[3]   سورة الحج الآية 39.