كلمة احتفال 17 رمضان 1427هـ الموافق 9 اكتوبر 2006م

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة احتفال 17 رمضان 1427هـ الموافق 9 اكتوبر 2006م

 

الحمد لله الوالي الكريم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله مع التسليم.

أخواني وأخوتي ابنائي وبناتي السلام عليكم ورحمة الله،

في الحقيقة نحن اليوم كما قال الحبيب عبد الحميد نتحدث عن ذكرى بدر الكبرى وأبا الأولى والأمر من الأهمية بمكان ولكن لا بد أن نخطط زماننا لكي لا  نتكلم ونرهق الناس، كما قال رسلو الله صلى الله عليه وسلم: ” الجماعة فيها الشيخ الكبير والمرأة المرضع والطفل “..وهكذا وهؤلاء يرهقهم الجلوس لمدة طويلة، ولذلك يجب أن يكون حديثنا اليوم بعد هذه المائدة الروحية التي اشتركنا فيها: ما قل ودل إن شاء الله، فكما قال ابن عباس رضى الله عنه وهذه القلوب إذا ملت كلت وإذا كلت عميت) ولذلك يجب أن نستعجل فنقول الكلام البسيط المفيد ولكن المعاني الكثيرة التي كنت أريد أن أطرقها معكم فقد اصدرت فيها كتابا “كتاب رمضان” وسوف تجدون فيه المفيد في الزمن المريح بالنسبة لكم.

اليوم سوف اتكلم فيما يتعلق بهذه المناسبة في سبع نقاط محدودة:

النقطة الأولى: الجهاد في الإسلام ثلاثة أنواع: جهاد النفس وهذا أسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم:الجهاد الأكبر، والجهاد المدني هو الذي يتم عن طريق القوى الناعمة: باللسان والمال والمجهودات وبالفكر، والجهاد الأول (جهاد النفس) هجومي، فالمفروض أن تهجم على كل ما في فسك من شرور، والجهاد المدني هجومي أيضا وهو أن تستخدم كل طاقاتك الفكرية والمالية لإعلاء كلمة الله. أما الجهاد الثالث وهو الجهاد القتالي جهاد دفاعي، فإذا قلت أن الجهاد القتالي هجومي فهذا يعني أنك تريد أن تجبر الناس على الدين، ويقول ربنا: (لا إكراه في الدين) وقال:   (إذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير) (ألا تقاتلون قوما نكثوا إيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم يرؤكم أو مرة) هذه هي الصفات التي فيها نقاتل لأنها صفات هجومية فالقتال فيها مأذون به للدفاع الجهاد وكذلك تربوي: كل مسلم يقف في الصف ويوحد التكبيرة فهو بهذا الانضباط مجاهد، فالجهاد تربية ولذلك حتى الذين لا يقاتلون يجب أن يكونوا مستعدين للجهاد تربويا، لآن الأعداء متى ما شعروا أن المسلم (ما عنده حيل) كان ذلك سببا لاستباحته ولذلك على المسلمين أن يكونوا مستعدين ليس للاعتداء على الآخرين ولكن حتى لا يعتدي عليهم أحد، قال تعالى: (وأعدوا لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) فالارهاب هنا ليس كما يقول بعض الجهلة أن تقتل عشوائيا، فالارهاب هنا يعني أن يخاف منك الاعداء.

النقطة الثانية: بدر وأبا: من الواضح أن جزء من مساجلة بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش لأنهم هم نكثوا أيمانهم وهموا بإخراجه وهم بدأوه بالقتال أول مرة فكانت بينهم حالة حربه وعداوة فقاتلهم ونصره الله.

أما بالنسبة لأبا فإن مجرد وجود استعمار عدوان والنصري لمقاومته دفاع، فقد كان في البلاد احتلال وحاكم أجنبي فالقتال هنا أيضا دفاعي.

النقطة الثالثة: الصلة بين الصدر الأول والدعوة المهدية: الإمام المهدي عليه السلام قال: إن عهده مندمج في الصدر الأول، ومعنى ذلك أنه يتأسى بالصدر الأول في المعاني وهذا جعل الصلة قائمة في الشكل أيضا حيث كانت أبا في 17 رمضان أي وافقت بدر في التاريخ وكذلك في عدد المجاهدين (313) وكذلك في العدة. وهذا يعني التشابه بين العهدين . ولكن الأهم هو تأسي المهدي عليه السلام بالرسول صلى الله عليه وسلم حذوك النعل النعل. وقد أسمى دوره “الخلافة المصطفوية” والمعنى الثاني هو أن الإمام المهدي دعانا  لأن ننبذ الخلافات الناتجة عن اجتهادات الرجال والنساء، لكي نذهب إلى الصدر الأول: الكتاب والسنة، أي نعود إلى حالة الاتفاق الأولى في عهد النبوة إذا لم يكن هناك مذهبا مالكيا  أو حنبليا أو شافعيا، ولذلك كان عهد المهدي مندرج معنويا في الصدر الأول، لأنه عهد خال من التفريقات التي أوجدها الرجال والنساء باجتهاداتهم وهذا يعني أن تلك الاجتهادات خاطئة وغير مسموح بها ولكن هذه الاجتهادات غير ملزمة كالقطعيات في الكتاب والسنة.

المهدية قامت بعمل جهادي مثالي كبير جدا، وحرر البلاد ووحدتها وأدت لحالة من النهضة السودانية الكبرى. وبعد ذلك جاء الاستعمار وغزا الدولة ولكن الدعوة بقيت بعد غزو الدولة المهدية في الصدر إلى أن جاء الإمام عبد الرحمن وبعثها في ثوب جديد:

أبوك غزا بالسيف فإنفاد من طغى

وسيفك للأعداء رأى مسجل

سلاحان ماضي في الرقاب فقاطع

وآخر للأهواء غاز مبدد

هذا ما أتى به الإمام عبد الرحمن وقال : التربية الجهادية والقتال دفاعا ملزم لنا ولكنه طور مفهوم الجهاد في النفس والجهاد المدني بالمال في سبيل نصرة الدعوة ولكنه لم بلغ الجهاد .. كاستعداد دفاعي لأن هذا ذروة سنام الإسلام وهو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ما ماض إلى قيام الساعة.

النقطة الخامسة: منسوب للإمام المهدي مقولة هي ( لي قدام في الزمن تحصل لنا كرامة أكثر مما في زماننا هذا).

فإذا سألنا: ماهي هذه الكرامة؟ لهذه الكرامة وجود كثيرة وأود أن أذكر منها الآن وجهين:-

الوجه الاول: عندما غزا كتشنر السودان قال: المهدي وخليفة المهدي وراتب المهدي حضرت لهم حفرة غريقة ومن جاء يبحث عنهم فسوف أدفنه معهم” فقد كانت كلمة المهدي نفسها ملغية ومحرمة أما الإمام عبد الرحمن كان يقال له عبد الرحمن محمد أحمد،  والخليفة جرد من “خليفة المهدي” وكان يقال له الخليفة عبدالله التعايشي، وكان الراتب محرما، فإذا أراد الأنصار قراءته كانوا يتحلفون حول قدح حتى يظن من رأيهم أنه ياكون في هذا القدح ! حتى يتقوا بذلك شر النظام القائم!

وبعد أن استمر هذا الوضع لمدة سبعة وخسمين عاما وبعد كل هذه السنوات عادت الدعوة المهدية وأصبحت القوة الدينية والسياسية الأولى في السودان.

قال كتشنر كلمته هذه وسلطانه وجهاز مخابراته فكانوا يعدون من يذهب إلى الجزيرة أبا ويمتعون وكلاء الإمام ومناديبه من الانشار وفي عيد “السب” اعتقلوا الإمام عبد الرحمن ومنعوا إقامة صلاة العيد. وقد حكى لي “مستر لويس” شاهدا على حماقته أنه هو شخصيا كان يسكن قرب منزل الإمام عبد الرحمن وقال لي أنه أستدعى الإمام إلى بيته وقال له يا عبدالرحمن غدا العيد صلاة جماعة ما في).

ومع كل ذلك بعد أن خرجوا من السودان بعد سبعة. وخمسين عاما كانت القوة الدينية الاكبر والقوة السياسية الأكبر كيان الأنصار وحزب الأمة.

الوجه الثاني: نظام الإنقاذ: عندما جاء نظام الإنقاذ ترك كل شيئ وأصبح مشغولا بنا نحن كيان الأنصار ـ مصادرات ـ واستاءات كما لوكنا نحكم وحدنا وقد كانوا هم والاتحاديون وآخرون مشاركون في الحكم ولكنهم ركزوا تركيزا كبيرا علينا نحن وهدفهم من ذلك أن يقتلعوا جذورنا، فكل مناطق الأنصار زرعوا فيها الفتن في دارفور النيل الأبيض وكردفان والنيل الأزرق وانفقوا ما لهم في سبيل ذلك، وبعد سبعة عشرة عاما هم الذين يترنحون وكياننا وهو الأقوى في السودان.

بعد سبعة عشرة عاما من المصادرة والإساءة والسفه وحرماننا من بين المهدي وقبة المهدي:

اوأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين) الآن هم الأخسرين يترنحون كريشة في مهب الريح أنفقوا كل أموال البلاد على كل من هو غاضب على كياننا، كل من يسئ لكياننا يملؤن فمه وجيبه ذهبا. والذين ذهبوا إليهم واستظلوا بظلهم كانهم استظلوا بظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب). فاليوم وهم ومن معهم في (ملالة).

وعندما دعوني لبرنامج الخط الساخن. وكلكم تابعه فجلس المديرون والإعلاميون وعملوا لمدة أسبوع  لكي يعدوا  لي شركا وفي الحقيقة حضروا شركا لم تكن أسئلتهم أسئلة إعلاميين بل أسئلة استخبارات، وكان هدفهم إحراجي! وما حدث إنهم وكشأنهم في كل ؤامرة وقعواهم في (الهرمك) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة هم روادع لصحابهم الكبد والمكر والبغب).

فإذا مكرت أو كرت أو بغيت فأنت الذي سوف تقع في الشرك الذي نصبته”.

وكل المكر والألاعيب التي قام بها أهل النظام من توزيع للأدوار بين من يذهب إلى السجن ومن يذهب إلى القبر، كل ذلك أصبح عليهم لا لهم!.

إذن هذه هى الكرامة الثانية نظام قام لكي يقتلعنا من جذورنا فاقتلع هو الآن. نحن اليوم نحتفل بيوم الجهاد والجاهد مستمر بكل معانيه وأود ان أختم بأن أبارك لكم الشهر المبارك والليلة المباركة واليوم المبارك وتقبل الله صيامكم وقيامكم وأسأل الله أن يتقبله منا جميعا وأسأله أن يتقبله منا جميعا، وأن يجعلنا دائما من الذي يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأن يحفظ الله أولادكم وبناتكم وذراريكم وأرزاقكم.

والسلام عليكم ورحمة الله.