كلمة الإمام الصادق المهدي في الذكرى السنوية للرئيس الإثيوبي الراحل مليس زيناوي

الإمام الصادق المهدي
الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله وآخر رئيس وزراء شرعي ومنتخب للسودان ديمقراطياً

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

احتفال جمهورية أثيوبيا الفدرالية الديمقراطية بالتعاون مع جمعية الصداقة السودانية الأثيوبية بالذكرى السنوية للراحل مليس زيناوي

24/8/2013م

كلمة رئيس حزب الأمة الإمام الصادق المهدي

 

في هذه الكلمة أثبت سبعة نياشين على صدره، وهي سبعة شواهد على قبره، وبالتالي فهي معالم لتمثال معنوي يقام له في العقول والقلوب، ويجعل سيرته قدوة للأجيال:

أولاً: قاد حركة تحرير ناجحة، أثناءها اهتم الثوار بالجوانب الإنسانية، والخدمات الاجتماعية لا بالقتال وحده. ومع أن الحركة الثورية ركزت على تحرير التقراي، فإنه وزملاءه استطاعوا الانتقال بسرعة وكفاءة من حركة قومية أثيوبية واحدة، إلى حركة تحرير لكل شعوب أثيوبيا.

ثانياً: كثير من القادة الثوريين يحبسون أنفسهم في مرحلة الثورة حتى بعد انتصارها، فلا يحسنون الانتقال من متطلبات الثورة للدولة، ولكنه استطاع الانتقال، فصار رجل دولة ممتازاً.

ثالثاً: أدرك أن أكبر كارثة تحل بشعب متعدد الأديان والثقافات، هي محاولة فرض رؤية أحادية بإدارة مركزية، فاهتم بالاعتراف بالتعددية الدينية والإثنية واللامركزية الفدرالية كاستحقاقات مطلوبة لوحدة البلاد.

رابعاً: ومع أنه بدأ باتجاه ماركسي كأساس للتعبئة الشعبية، فقد أدرك أنه في مرحلة بناء الوطن فالتنمية هي برهان النجاح، لذلك اهتم هو وزملاؤه بالتنمية واهتم بدفع استحقاقاتها داخلياً ودولياً، فاندفعت الاستثمارات إلى بلاده بصورة كبيرة.

خامساً: في حديث معه عن حوض النيل قال لي: إنه يعتقد أن مصلحة السودان وأثيوبيا واحدة، لكنه فشل في الوصول لتفاهم مع مصر، قلت له: نعم أنا اعتقد أننا بتفكير جديد يمكن أن نجعل مصالح كل دول الحوض واحدة بل متكاملة.

وفيما يتعلق بالمياه فنحن في السودان حقل مياه للزراعة الأوسع لكل الحوض، كما أنهم في أثيوبيا مصدر الكهرباء النظيفة الأكبر لكل الحوض، وأن مشروع السد العظيم سيفيدنا في السودان مثلما السد العالي لمصر، ولكن يجب أن ندرك أن كل اتفاقيات النيل السابقة جعلت لمصر الكلمة العليا في مياه النيل، وأي تعديل لهذه الحقيقة ينبغي أن يصحبه تطمين مصر على أمنها المائي، بل إقناعها أن المشاركة المنشودة لكل دول الحوض في مصيره هي الوسيلة الوحيدة لتجنب التصرفات الانفرادية في مياه الحوض، وهي الوسيلة الوحيدة لزيادة حصاد المياه لزيادة دفق مياه النيل. كان مقتنعاً بهذه المفاهيم متطلعاً لمنع أية حرب باردة في حوض النيل.

سادساً: كان حريصاً على تطوير معارفه بكثرة الاطلاع، وبدقة الاستماع، فقد قابلته مرات عديدة، وشعرت في كل مرة أنه أوسع إدراكاً؛ ما يدل على أنه يطور معارفه ويحسن الاستماع لمحدثه، ثم لا يسارع في الرد إلا بعد أن يفكر ملياً فيما يسمع.

سابعاً: كان مقدراً للسنوات التي أمضاها في السودان، مما جعله متعشقاً للإنسانيات السودانية من كرامة، وكرم، وتسامح، وتواضع، وحسن المعاملة للغريب والمودة نحو مواطني أثيوبيا، كلما التقيته صرف العشر دقائق الاولى في التغني بإنسانيات أهل السودان، كان سوادانوفيل.

قال تعالى في القرآن مشيرا لأهل الكتاب: (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ* يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ* وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ).

ولأهل أثيوبيا في تاريخ الإسلام مكانة خاصة إذ احتضنوا المسلمين في هجرتين ورفضوا أن يسلموهم لمشركي قريش، وترحم النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي لدى وفاته وصلى عليه.

نعم وجهت للرئيس ملس انتقادات حول الممارسة الديمقراطية، ولكنه حافظ على درجة من المشاركة، ودرجة من حرية الرأي، ووظف استقرار بلاده لتحقيق درجة عالية من التنمية ولجعل بلاده – أثيوبيا- قوة إقليمية معتبرة، ألا رحمه الله وجعل من سيرته بوصلة تسترشد بها أثيوبيا في بناء الوطن.

 

سورة آل عمران الآيات (113،114،115)