كلمة الإمام بولاية سنار

الإمام الصادق المهدي

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة الحبيب الإمام الصادق المهدي

بولاية سنار

السبت الموافق 11 يناير2020م

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ـ

من فضلكم رددوا ما سأقول ثم بعدها لا أريد منكم غير عيون وآذان لأن عندي كلام أريد قوله لكم وأريدكم أن تسمعوه:

الشعارات:

  • الشهداء إلى جنات النعيم
  • الطغاة الثلاثة دمرناهم
  • الديمقراطية عادت نحميها
  • السلام واجب نرعاه
  • معيشة الناس أمانة نؤديها
  • الصلح القبلي واجب وطني

أبدأ بالشكر الجزيل للحبيب الوالي والمسؤولين في هذه الولاية، فقد قاموا بدورهم خير قيام، وعبروا عن مشاعر طيبة، نستجيب لها ونتجاوب معها، كذلك أشكركم شكراً جزيلاً على هذا الاستقبال، وهذه الروح التي جعلت الجد والأب والابن والحفيد والحفيدة، والأم والجدة كلهم تباروا حماسةً في هذا الاستقبال جزاهم الله خير الجزاء.

نحن نثق في ربنا وأن شعبنا يقدر مجهودنا تقديراً كبيراً، لأنه رأى كيف واجهنا الصعاب وطبعا دائماً “النعم في طي النقم”، ولكن السودان للأسف مواجه بجحود، جحدوا تاريخه مع أن تاريخ الإنسانية وكذلك حضارة وادي النيل انطلقت من السودان، جحد بعض الناس هذا العطاء السوداني، وجحدوا أيضاً الدور الذي قامت به الدعوة المهدية التي كانت في حقيقة الأمر مجسدة لآمال وتطلعات الأمة الإسلامية كلها في القرن التاسع عشر.

كذلك جحدوا دور الحركة الاستقلالية التي حققت الاستقلال ونسبوه لغيرها، وكذلك بعضهم جحد عطاءنا في مواجهة الطغاة الثلاثة، حتى أن بعض الناس اتصل بي وقال لي يا فلان لدي بشارة لك، رأيتك في رؤيا وشخص يلاحقك، ولما بلغك أعطاك ورقة مكتوب عليها (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)[1].

لقد غالب كياننا هذا الطغاة الثلاثة، والطاغية الأخير كان يقول إني والله لن أدع الصادق هذا، كما قال طاغية قبله إني نادم على أني لم أقتل الصادق، أي كانوا يتبارون في أنهم يسببوا لي الأذى، وقبل أن يطيح الشعب بهذا الطاغية الأخير سجل ضدي عشرة بلاغات ظلت في دفاتر الأمن إلى أن سقط النظام، البلاغات العشرة بعضها عقوبته الإعدام.

على كل حال لا شك أنه مهما يقول الجاحدون الشعب السوداني بأغلبيته في كل مكان يميز بين الدُر و”البَعَر”. فنحن نعتقد أن الشعب السوداني يحفظ الجميل لكل من جاهد في سبيل الوطن.

نحن نؤيد الحكم الانتقالي الذي قام لأنه معادلة قائمة على توازن قوى، مهما كانت الثورة الشعبية قوية ومنتشرة لا تستطيع وحدها أن تغير الوضع الحاكم، ولكن لا شك أن تجاوب اللجنة الأمنية لتطلعات الشعب هو الذي أدى للتغيير. يريد المهووسون أن يقولوا بأن المجلس العسكري هو امتداد للحكم السابق، لكن هذا جحود، فالمجلس العسكري أدرك أن الشعب السوداني يريد حريته ولذلك تجاوب معه. وكان دورنا أن نوفق بين حماسة الشباب وهي حقيقية، وحكمة الواقع لكي يتمكن النظام أن يعمل لإدارة الشأن الوطني في مرحلة انتقالية إلى أن تأتي الانتخابات حيث يقرر الشعب من يحكمه.

القضايا الموجودة حالياً مهمة، ولا  شك أننا نحتاج فيها لاجتهاد:

أولاً: السلام: ما كل إنسان ينادي بالسلام بحق، بعض الناس يحاولون أن يستغلوا عبارة السلام للمطالبة ببرنامج سياسي مختلف، السلام يتطلب الإجراءات الآتية:

  • اعتراف الجميع بأن السودان عبر من الطغيان للحرية، وألا يعامل الوضع الجديد بنفس المشاعر وعدم الثقة التي كانت مع النظام السابق. فالشعب عبر من حالة لحالة.
  • الاتفاق على أرضاً سلاح، وأن السلاح لم يعد هو الوسيلة لتحقيق الأهداف، فكل الذين حملوا السلاح وكذلك الدولة يعترفوا بضرورة أرضاً سلاح بالنسبة للمرحلة القادمة.
  • لا بد من إجراء برنامج للدمج والتسريح لكل الذين حملوا السلاح. يجب أن يكون واضحاً أن الذين حملوا السلاح في الماضي يجب أن يتحول دورهم من عسكري لمدني، وفي مرحلة المدنية يمكن أن يطرحوا ما يشاؤون من مطالب. خطأ كبير جداً أن تقول أية جهة إن برنامجنا الذي نريد تطبيقه هو جزء من عملية السلام، لا، مكونات عملية السلام محددة وسأذكرها، لكن كل إنسان عنده برنامج سياسي غير موضوع السلام المرجعية فيه للشعب، هو الذي يقرر في المسائل المتعلقة ببرامج الأحزاب السياسية.

القضايا المتعلقة بالسلام هي:

  • شركاء السلام وهم الدولة وحملة السلاح الذين قاوموا به، والنازحون واللاجئون والمتأثرون بالحرب …إلخ، فالسلام لا يخص الذين حملوا السلاح وحدهم بل يخص المجتمع كله، إذن المجتمع كله هو المعني بعملية السلام.
  • من الأسباب المهمة للسلام إزالة التهميش: التهميش السياسي وإزالته تعني المشاركة العادلة في السلطة، والتهميش الاجتماعي ما يعني إزالة كل أسباب التظلم وكل أسباب الفقر بين المتأثرين بالحرب، نحدد الآثار التي تركتها الحرب، النازحين واللاجئين وضرورة رد اعتبار لهم، كذلك ضرورة إزالة التهميش الاجتماعي بتوفير الخدمات الصحية والتعليمية التي لم تكن موجودة بالقدر المطلوب، كذلك إزالة التهميش الثقافي الذي يعني أن للمواطنين ثقافات يجب الاعتراف بها، كذلك ضرورة إزالة التهميش الدبلوماسي لكي تكون علاقتنا مع العالم مبنية على علاقات متوازنة عربية وإفريقية وإسلامية ودولية. المهم أن إزالة التهميش ضرورية لبناء السلام، فإذا قلنا تمت الإجراءات المذكورة المتفق عليها، وإزالة الأسباب، ينشأ السلام في هذه المرحلة.
  • للبعض برامج سياسية لا مانع أن يطالبوا بها ويعملوا من أجلها بعدما يقوم النظام الديمقراطي وعبر الانتخابات. البعض يحمل أفكاراً دينية، وآخرون يريدون أفكاراً علمانية، كل واحد لديه أفكار يطرحها للشعب السوداني ليختار الشعب السوداني ما يريد، لكن لا يمكن أن يقول أحدهم إما أن تقبلوا برنامجي أو لا يكون هناك سلام، لا، السلام شروطه واضحة: إزالة التهميش، ازالة الأسباب التي أدت للحرب، وهي الأسباب التي ذكرناها، وحينما تأتي الانتخابات والتنافس السياسي، يمكن لكل حزب سياسي يريد فصل الدين عن الدولة، أو يريد التزام ديني، أو يريد علمانية، يريد اشتراكية كما يشاء لكن لا يمكن أن يقول أحدهم إذا لم تقبلوا برنامجي السياسي فإني لن أقبل السلام!

السلام هو أن نتفق على إزالة الأسباب التي أدت للحرب، ثم يفتح التنافس بين القوى السياسية المختلفة، نحن مثلاً في حزب الامة عندنا فكرة واضحة سميناها البطاقة الفكرية وسيأتيكم بيان بها وسنخوض بها الانتخابات، لن نقول للناس إذا لم تقبلوا البطاقة الفكرية فإننا لن نقبل السلام، لا، السلام شيء مهم نقيمه ونتفق عليه، وبعدها نتنافس في ظل الحرية: نحن أصحاب البطاقة الفكرية، وهناك منغلقون يريدون نظرة منكفئة يقدمون برنامجهم المنكفئ، وآخرون لديهم أفكار بعثية واشتراكية كيفما يشاءون، لكن لا يمكن يقولوا إن لم توافقوا على مشروع البعث نحن لا نوافق على السلام، هذا كلام غير مقبول.

الفيصل بين المشروعات المختلفة هو الشعب الحر وهو الذي يفصل بين الأيدولوجيات والبرامج الفكرية، ولذلك نحن نفصل ما بين السلام الذي يقوم تحقيقه على أساس إزالة الأسباب التي أدت للحرب نعددها، ونتطرق للآثار التي تركتها الحرب لنزيلها. فالسلام هو إزالة الأسباب التي أدت للحرب، وإزالة الآثار التي تركتها الحرب، أما أية أفكار ثانية لا مانع منها لكن لا كشرط للسلام، بل يفتح المجال للتنافس بين القوى السياسية المختلفة.

نحن الآن قدمنا مشروعاً محدداً للحكومة لمواجهة موضوع السلام بخلاف طريقة (الشعقيبة): أي كل شخص يأتي ببرنامج يريد تطبيقه شرطاً للسلام، لأن هذا فتح باب (شعقيبة) غير معقول.

نحدد المسائل المتعلقة بقضية السلام ونحدد أسباب الحرب وآثارها لإزالتها، وفيما عدا هذا برامج، كل حزب سياسي ممكن أن يكون لديه برنامجه يطرحه عندما يبدأ التنافس في كتابة الدستور وفي البرامج التي علينا أن نقدمها كلنا للشعب السوداني ليختار هو ما يريد ومن يريد تأييده.

ثانياً: قضية الاقتصاد: تكلم الأمين العام بصورة واضحة. ورأينا الآن بوضوح إن العلاج في القضية الاقتصادية لا يمكن أن يكون بالارتجال، لذلك اقترحنا ضرورة أن ينطلق البرنامج الاقتصادي من مؤتمر قومي اقتصادي يجلس فيه الجميع، وأنه ينبغي ربط الإجراءات الاقتصادية بمؤتمر قومي للاقتصاد، وليس  فقط الاقتصاد، هناك قضايا كثيرة لا بد لها من مؤتمرات قومية: للتعليم للصحة وللبيئة وهكذا. وكذلك قدمنا كلاماً واضحاً لإزالة التمكين، فالتمكين معناه أن هناك فتنة نائمة لا بد أن تعالج عن طريق إزالة التمكين. وسوف تكون في مؤتمرنا الاقتصادي أفكار جديدة ليس في هذا فقط بل أيضاً المسائل المتعلقة بالثروة، الآن الثروة موزعة خطأ نبحث كيف نعدل هذا بصورة سميناها الاشتراكية العملية الأخلاقية، فيها نعمل على توزيع الدخل بين الناس بطريقة عادلة، وهذه سوف تدخل إن شاء الله في البرنامج الاقتصادي الذي سنقدمه.

ثالثاً: موضوع الولايات: أراكم متحمسين بحق لمسألة الولاة، نحن نشكر الولاة المكلفين ولكن هم مكلفين  لفترة انتقالية، الآن نحن أمام المرحلة التالية، وكنا حينما تكوّن مجلس السيادة قلنا لا نريد محاصصة، ومن دخل من منسوبينا دخلوا بدون طلب منا وبدون رغبة منا، لكن على أي حال الآن هذا الواقع. الآن نحن قلنا في هذه المرحلة ضروري أن يكون الولاة يمثلون القاعدة الشعبية في كل منطقة وإلا لن يتعاون معهم الناس. لذلك قلنا هناك 18 من الولاة ونعتقد أن حزبنا بدليل أن كل الانتخابات العامة التي أجريت في السودان كانت عندنا الأكثرية، ولذلك حزبنا يقتضي الاعتراف له بتأييد جماهير حزب الأمة في هذه الولايات، وإذا  أنكر البعض ذلك “قالوا كاني ماني”، وطبعاً ناس “قريعتي راحت” كثر، فإن أنكروا ذلك يكون بالانتخاب، نعمل قانون لانتخاب الولاة عشان هذا يقطع الكلام، فالشعب هو صاحب الكلمة لذلك قلنا إن الولاة أغلبيتهم لازم يكونوا من حزب الأمة لأنه حزب الأكثرية ولكن إذا قالوا لا. حيثما يقولون لا، نعمل انتخابات للولاة.

رابعاً: المجلس التشريعي: المجلس التشريعي مهم جداً جداً، ونحن قدمنا مشروعاً لكيف يكون تكوينه بأسرع فرصة ممكنة، على كل حال. هذان بندان مهمان نستطيع أن ننجزهما بسرعة.

خامساً: الموضوع الأمني: البلد في حالة خطر كبير. الناس كانوا محبوسين، والآن جاءت الحرية وبقى كل يقول ما يريد، وللأسف النظام السابق غرس فتنة قبلية كبيرة جداً، لا توجد منطقة لم يغرس فيها فتنة قبلية، ما يحدث في بورتسودان، ما يحدث في الجنينة، وما يحدث في كل مكان، هناك غرس لفتن، لذلك نحن الآن بصدد أن نعين هيئة عليا للمصالحات القبلية في السودان كله، ونرى أن هذه مسالة ضرورية جداً، نعمل على أنهم يحملوا طفايات لإطفاء الحرائق القبلية في كل مكان.

الامن في البلد في خطر بسبب وجود مشاكل، وفي ظل الحرية لا يُبطش بإنسان في السودان، وحتى البطش الذي حدث بالنسبة لفض الاعتصام ستكون هناك مساءلة عادلة للناس الذين قاموا بهذا الفض، لا يعقل أن يروح أي دم هدراً، لا بد إذن من المحاسبة والمساءلة ولا يوجد أحد فوق القانون. الموضوع الأمني مهم جداً.

سادساً: العلاقات الخارجية، لا شك أن لدينا علاقات قوية جداً بأشقائنا في العالم العربي، ونحن نقول لهم  يا أخواننا من فضلكم ألا يتركز عملكم على جر السودان لمحاور بل جروا السودان لمصالح ودعونا نتفق على هذه المصالح، وكلكم تعالوا، السودان عنده مسائل كثيرة جداً مخربة ممكن شركة منهم تأتي لعمل مطار الخرطوم الدولي في ام درمان، فنتفق على هذا عبر اتفاق اسمه (BOT) أي ابن وادر وسلم وممكن اذا أدارته أن تدرك مصالح لها من خدمات المطار،  وكذلك تأهيل الميناء ببورتسودان أيضاً ممكن أن ينطبق عليه نفس الشيء، وتأهيل السكة  حديد، وهكذا، هناك مشروعات كثيرة نحن نقول لهم تعالوا من فضلكم تنافسوا في هذا وليس في جر السودان لهنا ولا لهناك، تنافسوا في أن تعملوا مصلحة لنا ولكم. ونحن مستعدون أن نكفل لكم حقوقكم كاملة.

الأسرة الدولية سوف تجتمع في أبريل 2020م ليناقشوا بصفتهم أصدقاء السودان، وقد قلنا لهم إننا لا نريد صداقة عاطفية، بل صداقة فاعلة لها أيدٍ وأقدام. أولاً يفصلوا ما بين نظام البشير والنظام الجديد، لا يمكن أن يجعلوا الشعب السوداني يدفع خطايا وأخطاء وجرائم النظام السابق فلازم يتفقوا على فاصل ما بين النظام السابق والوضع الحالي في السودان لئلا يدفعونا تكاليف النظام السابق، هذه هي النقطة الأولى التي نريدهم أن يعترفوا بها. الثانية: نطالبهم بعقد مؤتمر دولي لمناقشة كيفية دعم التحول الديمقراطي في السودان والاستقرار لا بمجرد كلام عام وعواطف، فالاستقرار في السودان ضروري للعالم كله لأن إذا صارت الأحوال السودانية ليست مستقرة سيكون السودان جاذباً لكل حركات التطرف في المنطقة لذلك فالسودان المستقر النامي هو أفضل حماية للسلام والأمن الدولي. نحن نقول لهم هذا الكلام وكثير منهم يدركونه، لذلك نطالبهم بعقد مؤتمر دولي لدعم السودان وهذا يتطلب أشياء كثيرة جداً، فللسودان حتى بعد انفصال الجنوب حوالي 120 مليون فدان صالح للزراعة، وفيه أيضاً على الأقل 150 مليون رأس ماشية: هذا بترول أخضر وهذا بترول أحمر، ونريد أن ندخل معهم في شراكات لهذه الاشياء. وطبعا منطقتكم  هذه (ولاية سنار) منطقة مهمة جداً، فكما قال الحبيب الوالي هي زراعية حيوانية صناعية إلى آخر هذه المجالات. ونريد للسودان من الآن فصاعداً ألا يصدر أية سلعة خام، بل كل سلعة ننتجها نصنعها ثم نصدرها، وأن نطلب من البلاد التي نستورد منها أن ينشئوا مصانعهم للسلع التي نستوردها منهم في السودان.

ولا شك إذا استطعنا أن ننجح في التعامل مع الأسرة الدولية وهم عملوا المؤتمر ممكن تكون من نتائجه:

  • إعفاء الدين العام فالسودان مديون حوالي 60 مليار دولار. نطالب بإعفاء هذا الدين العام.
  • نطالب كذلك أن يدخلوا في شراكات فيما يتعلق بالأنشطة الاستثمارية المذكورة. زارني أول أمس وفد كبير جداً من الصين وهي طبعاً أعطت ديناً كبيراً للنظام السابق، ومؤكد أن النظام السابق لم يستفد من هذا الدين  بل “أكلوه”، لذلك نحن قلنا لهم وطلبنا منهم من فضلكم أعفوا الدين، هذا هو الطلب الأول. الطلب الثاني: من فضلكم الصين الآن صارت نجماً في التنمية كادت أن تسبق الولايات المتحدة فبالمنطق هذا تعالوا اكسبوا مودة الشعب السوداني بتبني مشروعات كإعفاء الدين الصيني على السودان. وتبني مشاريع مختلفة فيها مصلحة مشتركة فالمسألة ليست عطايا أو منحة، بل مشروعات مشتركة يستفيدوا منها ونستفيد منهم،  وقلت لهم نحن قبل ذلك اقترحنا على اليابان أن ترسل وفداً لعمل مسح لكل موارد السودان الطبيعية ويعمل بيننا وبينهم شراكة استراتيجية اذا هم شاءوا ذلك يفعلوه أو غيره، المهم نحن ندخل معهم في شراكة لا عطايا عاطفية  وانما مشاريع تنموية مشتركة. وقلت لهم  نريدكم للتأسيس لهذا الموضوع أن تقيموا معاهد فنية في السودان لأن جماعة النظام المباد دمروا التعليم الفني. طلبنا منهم إنشاء معاهد فنية وعلى رأس المعاهد الفنية هذه جامعة تكنولوجية لتنقل التكنولوجيا الحديثة للبلاد. كذلك قلنا لهم  لكي تعززوا العلاقة الثقافية بينا وبينكم وتتعلموا لغتنا ونتعلم لغتكم افتحوا في السودان مركزاً ثقافياً لتعلم اللغة الصينية لأن الصين صارت لديها مكانة دولية كبيرة جداً. قدمت لهم هذا الطرح وفي بالي أنهم شعروا بأنهم  بالغوا في العلاقة مع الجماعة الفاسدة الماضية، ولذلك ممكن جداً يخطبوا مودة الشعب السوداني ببرامج من هذا النوع، وطبعاً الصين تمثل قوة اقتصادية وقوة إستراتيجية في العالم الآن، فلو أخذوا هذا الكلام في بالهم ممكن يكون مفيد جداً.
  • نحن الآن في علاقاتنا الخارجية ملتزمون بضرورة وقف كل الحروب الموجودة في المنطقة: حرب بين السنة والشيعة، حرب في اليمن، حرب في ليبيا، حرب في سوريا، السودان لازم يشمر عن ساعد الجد ويعمل على مناشدة لتتفق بلادنا العربية والتركية والإيرانية على معاهدة تعايش بيننا جميعاً نتعاون، ولا نتدخل في شؤون بعضنا الآخر. نحن سنشتغل في هذا  ونعمل على ألا يحارب جندي خارج وطنه، أصلاً الحرب فيها إجرام كبير جداً لأن فيها قتل النفس، مبررها الدفاع عن النفس ومبررها الدفاع عن الوطن (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا)[2] ولذلك سنعمل إن شاء الله على إنهاء الحروب في المنطقة كلها لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لتجنب حروب لا فائدة منها، حروب تؤدي إلى ضرر بالغ  لكل الأطراف.

 

سابعاً: الحزب والهيئة: عندنا قضية حزبنا. لازم نستعد. الشارع السوداني الليلة فيه أربعة تيارات: تيار ثوري، وتيار شعبي، وتيار شغبي،  وتيار الردة.

أما الثوري هذا المنطلق من الثورة والشعبي منطلق من وجودكم ووجودنا في الشارع وهذان نؤيدهما وندعمهما (الشعبي والثوري). التيار الشغبي ناتج عن الذين لا شعر لهم ويثيرون الناس ليعملوا بذلك “باروكة”. ولا بد أن نكون يقظين ومستعدين لجماعات الباروكات هؤلاء.

وهناك كذلك جماعة الردة، هؤلاء طبعا أكلوا ما أكلوا  وافسدوا ما افسدوا، ولهم تيار في الشارع لا شك في ذلك.

نحن إذن مع تيارين نؤيدهما: الثوري والشعبي، وتياران نعارضهما: الشغبي والردة.

نؤيد التيارين الثوري والشعبي حينما يصير حزبنا قوياً، ويكون تنظيمياً وشعبياً وفكرياً وفئوياً ودبلوماسياً وإعلاميا قوياً، وهذه هي عنوان النفرة القائمة الآن، والتي نسير فيها والليلة وجودنا معكم كحلقة من حلقات هذه النفرة. نريد أن نسن حزب الأمة ليقطع،  طبعاً هذا مجاز، وأرى أن بعضكم رفعوا سيوفهم وسكاكينهم، لا، هذا مجاز نحن لغاية الآن سائرين وكسبانين بالجهاد المدني الذي أسس له الإمام عبدالرحمن ونحن أحييناه، ولذلك من فضلكم دخلوا السكاكين والسيوف في أغمادها. لكن لازم الحزب يستعد ويكون جاهزاً خصوصاً وهناك من يريد أن يعمل الفترة الانتقالية هذه دائمة. الفترة الانتقالية يجوز أن تقصر إذا حصلت مشاكل، لكن لا تزيد على حسب الدستور، فبعض الناس يرون أنهم أصلاً لا ينالوا  الوزارة إلا الآن ويريدون أن يطيلوا مدتها.

وسيكون عندنا التأسيس الرابع لحزب الأمة القومي، وستأتيكم بياناته كما تكلم لكم الحبيب الأمين العام  عن ملامح لهذا التأسيس الرابع.

ونريد الآن لهيئة شئون الأنصار أن تنفتح على بقية السودان لنعمل على  توحيد أهل القبلة، ثم أن منطقنا ليس وطنياً فقط ولا قطرياً فقط، نحن منطقنا أيضاً أممي نحن نريد أن نخاطب المسلمين كل المسلمين: شيعة سنة صوفية، كلهم في إطار استنهاض الأمة الإسلامية ولا شك أن هيئة شئون الأنصار بصدد التأسيس الثاني، وإن شاء الله تتمكن من تحقيق هذا.

وبالنسبة لسؤال هل لدينا حلفاء، نقول الآتي: هناك ضرورة مراعاة التأصيل وضرورة مراعاة التحديث. الذين يغلبون التأصيل على التحديث هؤلاء اليمين، والذين يغلبون التحديث على التأصيل هؤلاء اليسار، ونحن نجمع بين الاثنين الأصل والعصر، وفي هذا سنعمل  على جمع الصف المستعد لذلك كله مهما  كانت أحزابه، نحن نزمع تأسيس تيار الوسط الجارف إن شاء الله، نتحالف معهم، لا يهم أن يكون ذلك قبل الانتخابات أو بعدها، لكننا متفقون على هذا. وأخواننا الذين حملوا السلاح من الثوار نحن نقول لهم بوضوح تام أرضاً سلاح وتعالوا كقوة مدنية: إن أردتم كقوة مدنية أن تكونوا أحزاباً فكونوا أحزاباً ونادوا بما تنادون به، من يريد تقرير المصير يقله، وكل يقول ما يريده لكن لا يجعل هذا شرطاً للسلام. السلام يقوم وبعده يكون التنافس بين البرامج.

كانت جماعة من الجبهة الثورية وقعت إعلان الفجر الجديد في يناير 2013م في كمبالا وطالبوا بثلاثة أشياء:

  1. الوحدة الطوعية، يعني تقرير المصير.
  2. إمكانية إسقاط النظام بالقوة.
  3. العلمانية.

نحن رفضنا هذا الكلام والتقيناهم في باريس في  أغسطس 2014م، في هذا الاجتماع كانت كل مكونات الجبهة الثورية موجودة وبينهم الأخ عبد العزيز الحلو والأخ عبدالواحد محمد النور، كلهم كانوا موجودين ووافقونا على إعلان باريس وفحواه:

  • لا نسقط النظام بالقوة فهذا يعطي النظام ذريعة ليستعين بجهات أجنبية، وهذا غير صحيح، نوافق على إسقاط النظام بالوسائل المدنية وهذا إعلان باريس.
  • لا للحديث عن تقرير المصير، بل السودان العريض الذي يشمل أهله كله.
  • الدولة ليست علمانية ولكن مدنية.

هذا ما اتفقنا عليه وصدر إعلان باريس. المذكورون كلهم كانوا معانا فلماذا غيروا مواقفهم الآن؟ بعضهم غير لمزايدات. على كل حال نحن لا نريد لجهة أن تجعل برنامجها شرطاً للسلام. السلام يقوم على أساس واضح هو إزالة الأسباب التي أدت إلى الحرب وإزالة آثار الحرب، وما عدا ذلك فكل صاحب أفكار يقولها كحزب سياسي في التنافس المدني. على كل حال نحن سنسعى لذلك وإن شاء الله ربنا يوفق.

أختم بأن أشكركم وأهنئ الناظر مالك أبوروف ناظر أهلنا رفاعة ونحن الآن بصدد أن نعمل قانون جديد للإدارة الأهلية لأننا نرى أن الإدارة الأهلية ذراع مهم للإدارة في السودان والنظام السابق فرض عليهم أن يتبعوه وينضموا للمؤتمر وطني، لوث العلاقة وأدخل الفتنة بين الأخ وأخيه والأب وولده، .إلخ نحن نريد أن نتخلص من هذا ونقيم تنظيماً صحيحاً للإدارة الأهلية لأنها ركن مهم للسلام والأمن في السودان.

أشكراكم على حسن الاستماع وعلى حسن الاستقبال، ونشكر كل الذين ساهموا في استقبالنا من الرسميين والهلال الأحمر والمطافئ، وكل الذين ساعدونا في سلام وسلامة هذا اللقاء.

 

والسلام عليكم ورحمة الله ،

 

ملحوظة: ألقيت الكلمة شفاهة وقام المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي بتفريغ الكلمة من تسجيل الفيديو.

 

هوامش

[1] سورة الأنعام الآية (33)

[2] سورة الحج الآية 39