كيف وضع إعلان باريس الكرة في ملعب الحكومة وباقي مكونات المعارضة ؟

الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان والقائد مالك عقار رئيس الجبهة الثورية السودانية يوقعان على إعلان باريس
الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان والقائد مالك عقار رئيس الجبهة الثورية السودانية يوقعان على إعلان باريس

بقلم الأستاذ ثروت قاسم

تحية للمنصورة … المراة الوحيدة على طاولة مفاوضات باريس فهي فخر لكل نساء السودان .

::::………………..

في يوم الجمعة 8 أغسطس 2014 ( إعلان 8/8 ) ، أصدر حزب الأمة والجبهة الثورية السودانية ( إعلان باريس ) أو إن شئت ( إعلان 8/8 ) للتسوية السياسية الشاملة ، وغير المستنصرة بالأجنبي ، في السودان .

نختزل في النقاط التالية أهم الملاحظات حول ( إعلان باريس ) :

اولاً :

جب ( إعلان باريس ) كل الوثائق والمواثيق والإعلانات التي أصدرتها مكونات المعارضة المختلفة قبل يوم الجمعة يوم 8 شهر 8 سنة 2014 .

حل ( إعلان باريس ) ، إعلان يوم 8 شهر 8 محل :

+ ميثاق النظام الجديد الذي أصدره حزب الأمة في عام 2010 ، وميثاق الوطن الجديد … التنوع المتحد ، الذي أصدره حزب الأمة في عام 2014 .

+ وثيقة البديل الديمقراطي التي أصدرها تحالف قوى الإجماع الوطني في عام 2012 .

+ ميثاق الفجر الجديد الذي أصدرته الجبهة الثورية في كمبالا في عام 2013 .

صار إعلان يوم 8 شهر 8 ( إعلان باريس ) المرجعية الحصرية لجميع مكونات المعارضة المدنية والحاملة السلاح ، وسوف يمثل الميثاق الذي تلتزم به المعارضة ، بشقيها المدني والمسلح ، في مفاوضاتها مع الحكومة ، للوصول إلى تسوية سياسية شاملة للمسألة السودانية .

ثانياً :

سوف يتم تعميم ( إعلان باريس ) لكافة الجهات الإقليمية و الدولية المعنية بالشأن السوداني ، وبالأخص الآلية الأفريقية في الإتحاد الأفريقي ، أثيوبيا ، مصر، تشاد ، قطر ، جنوب السودان ، الولايات المتحدة ، الجامعة العربية ، الأمم المتحدة، الإتحاد الأوربي ، لدعمه وتبنيه والضغط على حكومة الخرطوم القبول بمخرجاته في إطار تسوية سياسية شاملة للمسألة السودانية .

ثالثاُ :

إحتوى ( إعلان باريس ) على مسارين في مسيرة واحدة نحو الهدف النهائي المُتفق عليه وهو :

+ إقامة نظام جديد بسياسات جديدة ، وهياكل جديدة ، ووجوه جديدة للوصول إلى السلام الشامل العادل ، والتحول الديمقراطي الكامل ، عبر آلية حكومة قومية إنتقالية ، يشارك فيها الجميع دون إقصاء لأحد ودون هيمنة من طرف ، وتشرف على وضع دستور إنتقالي وعلى إقامة إنتخابات حرة ونزيهة وشفافة .

هذا ما كان من أمر الهدف النهائي ، أما المساران المكملان لبعضهما البعض اللذان إعتمدهما ( إعلان باريس ) للوصول لهذا الهدف ، فهما :

+ المسار الأول هو التفاوض السياسي بين جميع مكونات المعارضة المدنية والحاملة السلاح من جانب والحكومة وأحزاب التوالي وأهمها حزب السيد الميرغني من الجانب المقابل . سوف تكون المرجعية الحصرية للتفاوض هي ( إعلان باريس ) المُعتمد والمُبارك إقليمياً ودولياً . سوف يحاكي التفاوض نموذج مفاوضات الكوديسا في جنوب افريقيا الذي كانت نتيجته الإطاحة بنظام الأبارتايد والتفرقة العنصرية ، وإقامة نظام ديمقراطي يؤسس لدولة القانون ودولة المواطنة المتساوية .

سوف يحل الحوار الجديد المُضمن في ( إعلان باريس ) والمُقترح في هذا المسار محل الحوار الوطني الذي أبتدره الرئيس البشير في يناير 2014 ، والذي تم قبره في ( إعلان باريس ) . كما جمد ( إعلان باريس ) كل الإجراءات البرلمانية والبيروقراطية التي بداتها الحكومة لعقد الإنتخابات في ابريل 2015 .

+ المسار الثاني الذي إعتمده ( إعلان باريس ) هو الإنتفاضة الشعبية السلمية غير المستنصرة بالأجنبي إذا رفضت الحكومة واحزاب التوالي واهمها حزب السيد الميرغني السير مع المعارضة المدنية والمسلحة على درب المسار الاول … وبوصلته الهادية ( إعلان باريس ) كمرجعية حصرية للتفاوض .

رابعاً :

يدعو ( إعلان باريس ) باقي مكونات المعارضة في تحالف قوى الإجماع الوطني ( الحزب الشيوعي وأحزاب البعث ) ، وفي تحالف القوى الوطنية ( حزب المؤتمر الشعبي ، وحزب الإصلاح الآن ، ومنبر السلام العادل ) وباقي مكونات المعارضة للتوقيع على ( إعلان باريس ) وإعتماده كمرجعية حصرية للتفاوض مع الحكومة واحزاب التوالي للوصول إلى تسوية سياسية شاملة للمسألة السودانية .

رابعاً :

وضع ( إعلان باريس ) الكرة في ملعب :

+ باقي مكونات المعارضة المدنية واهمها تحالف قوى الإجماع الوطني ( الحزب الشيوعي وأحزاب البعث ) وتحالف القوى الوطنية ( المؤتمر الشعبي وحزب الإصلاح الآن ومنبر السلام العادل ) ، وليس أمام هذه القوى المعارضة من خيار سوى مباركة ( إعلان باريس ) ، الذي سوف تباركه جميع القوى الإقليمية والدولية … وإلا صارت قوى معارضة منبوذة ؟

+ كما وضع ( إعلان باريس ) الكرة في ملعب الحكومة وأحزاب التوالي واهمهما حزب السيد الميرغني .

إذا رفضت الحكومة وأحزاب التوالي ( إعلان باريس ) فسوف تجد في مواجهتها المجتمع الإقليمي والمجتمع الدولي ، وخصوصاً دول الجوار بالإضافة للمعارضة المدنية بجميع مكوناتها والمعارضة الحاملة السلاح .

خامساً :

شكل ( إعلان باريس ) نقلة نوعية تكتونية في أدبيات الجبهة الثورية السودانية ، فقد أكد ( إعلان باريس ) على الآتي المجلجل ونصاً :

( الجبهة الثورية السودانية تعلن استعدادها لوقف العدائيات في جميع مناطق العمليات ) .

نجح السيد الإمام في إقناع الجبهة الثورية نبذ الخيار العسكري ( الهجومي ) ، والتمسك بالخيار العسكري ( الدفاعي ) ، أي الإحتفاظ بسلاحها للدفاع عن عناصرها وأهلها حتى الوصول إلى تسوية سياسية مقبولة لها مع الحكومة .

سوف يسجل التاريخ للسيد الإمام هذا الإنتصار الباهر ، وعلى الشعب السوداني ( حكومة ومعارضة ) ، وعلى المجتمع الأقليمي ، وعلى المجتمع الدولي أن يرفعوا جميعهم القبعة تقديراً لهذا الإنجاز الباهر في وقف الحرب وووقف إسالة الدم السوداني ووقف تهجير اللاجئين والنازحين .

هذا إنجاز يماثل كتابة السيد الإمام لمانفستو اكتوبر 1964 وأمامته لصلاة الجنازة على رفات أمير الشهداء ( القرشي ) في يوم الجمعة 23 اكتوبر 1964 في ميدان عبدالمنعم ؛ هذا إنجاز يوازي كتابة السيد الإمام لميثاق إنتفاضة ابريل 1985 .

قال رماة الحدق وثورجية الكيبورد :

لن نؤمن لك ، يا إمام ، حتى تنزل علينا مائدة من السماء ، نأكل منها وتطمئن قلوبنا ، ونعلم أن قد صدقتنا ، ونكون عليها من الشاهدين .

ولم يكذبهم السيد الإمام بل صدقهم ، وأنزل لهم ( إعلان باريس ) ليكون لهم خيراً من المائدة ، بل عيداً لأولهم وآخرهم . ( إعلان باريس ) الذي إلتزمت الجبهة الثورية فيه بوقف العدائيات في جميع مناطق العمليات ونبذ الخيار العسكري الهجومي ، أي وقف الحرب .

يالها من مائدة ؟ وياله من إعلان ؟ وياله من أمام ؟

سادساً :

نشيد بقادة الجبهة الثورية وبالسيد الإمام لنجاحهم الباهر في الوصول إلى ( إعلان باريس ) المجيد . وتبقى كلمة حق في حق مهندسة ( إعلان باريس ) … المنصورة .

كان في حزب الأمة مدرستان :

+ الأولى تنصح السيد الإمام بعدم الذهاب إلى باريس لأن قادة الجبهة الثورية لن يوافقوا على نبذ الخيار العسكري ، وبالتالى يكون أي إتفاق معهم تحصيل حاصل ، وزبد يذهب جفاء .

+ المدرسة الثانية بقيادة نائب الرئيس للإتصالات الخارجية ( المنصورة ) كانت تدفع بحتمية الوصول إلى أتفاق الحد الأدنى مع اخوانها واخواتها في الجبهة الثورية .

شاركت المنصورة في لقاء الإتحاد الأروبي ( إستراسبورج – الأربعاء 16 يوليو 2014 ) ، وبقيت في فرنسا اكثر من 3 أسابيع متواصلة شاركت خلالها في مفاوضات مكثفة مع قادة الجبهة الثورية حتى نجحت ، مع آخرين ، في بلورة أفكار المسودة الأولى ل ( إعلان باريس ) ، وفي إقناع رئيس الحزب بالحضور إلى باريس ، رغم تحذير باقي قادة حزب الأمة له بعدم المجازفة بالسفر والعودة بخفي حنين .

صدقت المنصورة ، وأراد الآخرون الحق فأخطأووه . ولكنها صدقت بكدها وجدها وكفاحها وإصرارها المرضي على الوصول إلى ( إعلان باريس ) مع الجبهة الثورية . وكان لها ما إجتهدت في الحصول عليه ، وقل إعملوا فسيرى الله عملكم والمؤمنون .

تحية للمنصورة … المراة الوحيدة على طاولة مفاوضات باريس فهي فخر لكل نساء السودان .

مرة أخرى : هؤلاء أخواتي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا ، يا ، هذا ، المجامع .

سابعاً :

خاتمة … دعاء إعلان باريس .

نسأله تعالى أن يوفقنا لدعم ( إعلان باريس ) ونكون عليه على قلب رجل واحد ؛ نساله تعالى ألا نكون ممن ضل سعيهم برفضهم لإعلان باريس ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ؛ نساله تعالى أن يرينا الباطل باطلا ( رفض إعلان باريس ) ويرزقنا اجتنابه ؛ وأن يرينا الحق حقا ( دعم إعلان باريس ) ويرزقنا اتباعه.

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ؛ ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ، وأعف عنا وأغفر لنا وارحمنا ، أنت مولانا فأنصرنا على القوم الظالمين .

آمين .