مؤتمر صحافي حول دارفور 9/2/2004م

بسم الله الرحمن الرحيم

مؤتمر صحافي حول دارفور 9/2/2004م

كلمة الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي الافتتاحية في المؤتمر الصحفي المنعقد بخصوص قضية دارفور بدار الأمة- أمدرمان 9 فبراير 2004م

 

تشهد دارفور الآن تصعيداً مؤسفاً للنزاع أدى لخسائر فادحة إذ خلف أعداداً ضخمة من القتلى والجرحى والنازحين واللاجئين وأدى إلى دمار عدد من القرى.

لقد ظل حزب الأمة ينبه إلى خطورة الوضع في دارفور وأن مشكلة دارفور قد دخلت طورا جديدا وإذا لم يتم تداركها فإنها ستقود إلى حروب أهلية في البلاد تفضي لتمزقها والذهاب بكيانها.

وقد تعامل حزب الأمة مع هذه المشكلة بكل الجدية والمسؤولية وبروح قومية فدعا –على سبيل المثال- في يونيو 2002م إلى لقاء جامع لكل القوى السياسية والفكرية والأهلية والمهتمين بدارفور من داخل وخارج الإقليم وطرح في ذلك اللقاء رؤية قومية لحل الأزمة وقد خرج ذلك اللقاء بتكوين لجنة قومية لدارفور. وتوالت مجهودات حزب الأمة الناصحة والداعية للحل السلمي القومي عبر البيانات واللقاءات الإعلامية والندوات ودعم حزب الأمة كل مجهود قومي مثل لجنة محامي دارفور والمبادرة النسوية لمناصرة دارفور وهيئة تطوير دارفور ومبادرة أبناء دارفور. ثم دعا القوى السياسية في مارس 2003م للتوقيع على مبادرة التعاهد الوطني وصدر عن ذلك الاجتماع بيان بشأن دارفور من كل القوى السياسية. ثم قدم حزب الأمة رؤية متكاملة في أول ديسمبر 2003م طرحها لكل القوى السياسية تشخص الأزمة وتحصي عواملها القديمة والجديدة وتقترح الحلول.

إن مشكلة دارفور الآن قد تحولت من النزاع التقليدي حول الموارد والاحتكاكات القبلية بعد أن دخلتها عوامل جديدة لم تكن معروفة في السابق، مثل تسييس الإدارة المدنية والأهلية وتفشي ثقافة العنف وانتشار المليشيات العسكرية وزيادة حدة التوجهات القبلية والعرقية نتيجة لانسداد منافذ التعبير السياسي الحديث هذا مع ضخامة الفاقد التربوي وتفشي الفساد المالي والإداري فأدى كل هذا مع الخلل التنموي إلى رفع السلاح في وجه الدولة لأول مرة في إقليم دارفور.

هنالك ثلاثة عوامل برزت في كثير من مناطق السودان لا سيما في إقليم دارفور الكبرى هي:

  • حدة العصبيات الاثنية أي العرقية.
  • تفشي ثقافة العنف وآلياته.
  • جهات إقليمية ولوبيات دولية معبأة ومستعدة لاحتضان أطراف نزاع سودانية.

لذلك لا يمكن للتصعيد الأمني والعسكري أن يحسم الأزمة التي حلت بالوطن في أجزاء هامة من إقليمه الغربي.

إننا نأسف أسفا بالغا لما ألم بأهلنا في إقليم دارفور الكبرى فبلغت الضحايا موتا وجراحا آلافا وبلغت أعداد النازحين داخليا واللاجئين مئات الآلاف ولحق الدمار الأسر والعجزة والأطفال كما أتلفت الأموال والثمرات.

وإزاء هذا الموقف المأسوي نقول إن هذا الموقف إذا تمادى سوف يؤدي لأربعة نتائج تهدد الأمن القومي السوداني في صميمه هي:

  • استقطاب اثني حاد يعم البلاد ويمزق كيانها الاجتماعي.
  • انقسام الرأي السياسي حولها بما يهدد اتفاقية السلام المنتظرة.
  • يفتح الباب واسعا للمزايدات السياسية غير المسؤولة.
  • يبرر تدخلات أجنبية إقليمية ودولية.

لذلك ينبغي التحرك السياسي الفوري الحاسم. ومهما ساءت الأحوال فإن فرص نجاح هذا التحرك كبيرة للأسباب الأربعة الآتية:

أولا: حتى الآن التزمت قبائل دارفور الكبرى مواقف متعقلة عازفة عن الاندفاع نحو رايات الاقتتال.

ثانيا: في إقليم دارفور ولاءات دينية عميقة قادرة في الظرف المناسب أن تتحرك للمساهمة في إخماد الفتنة.

ثالثا: لأهل دارفور الكبرى جذور قوية في تكوين الحركة السياسية السودانية وهم يشكلون حضورا سياسيا كبيرا في التكوينات السياسية السودانية مما يؤكد فاعلية أية تحرك سياسي قومي جاد لإيجاد حل سلمي.

رابعا: مهما اختلفت الرؤى حول سياسات النظام الحالي فإننا نحمد له اعترافه بالرأي الآخر واستعداده للحوار الندي معه لعلاج المشكلات القومية.

هذا الاستعداد عقلاني ووطني في حد ذاته وهو يواكب الاتجاه الغالب في الرأي العام العالمي. الاتجاه لدعم حقوق الإنسان في كل مكان وتخطي حدود السيادة الوطنية في سبيل ذلك.

هذا المناخ مثلما يمنع أية اتجاهات لاستئصال أية جماعات دينية، أو اثنية، أو سياسية فإنه يفرض على هذه الجماعات ألا تتخذ سياسات استئصالية ضد الآخرين إنه مناخ يفرض على الجميع احترام الآخر السياسي، والديني، والثقافي في توازن يعطي كل ذي حق حقه ويفرض الاحتكام للشعب في حسم قضايا الحكم والسياسة.

انطلاقا من هذه الخلفية فإن حزب الأمة يناشد الأخ الرئيس عمر حسن أحمد البشير وحكومته والمؤتمر الوطني المناشدة الآتية:

أولا: أن تعلن الحكومة وقفا فوريا من جانب واحد لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر.

ثانيا: إعلان دارفور الكبرى منطقة كوارث وتكوين هيئة قومية لاستقطاب الإغاثات الداخلية والخارجية لنجدة الإقليم.

ثالثا: تكوين منبر سياسي جامع يضم المؤتمر الوطني، والأحزاب الممثلة في الجمعية التأسيسية 1986م، والحركة الشعبية وحركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، وزعماء القبائل الكبرى، وشخصيات من أبناء دارفور الكبرى مشهود لهم بمكانة سياسية قومية أو مكانة اقتصادية أو أكاديمية. على أن يجرى التشاور بشأن تكوين هذا المنبر ويكتمل في ظرف أسبوعين.

رابعا: تفويض هذا المنبر السياسي القومي لمناقشة أجندة دارفور الكبرى السياسية، والتنموية، والخدمية، والإدارية، والقبلية، والأمنية على أن ينجز المنبر مهامه في ظرف لا يتجاوز ثلاثة أشهر لكي يتحقق الاستقرار قبل موسم الخريف القادم.

خامسا: إننا نلتزم من جانبنا أي حزب الأمة أن نعمل للحصول على تجاوب كافة الأطراف المعنية مع هذا الإعلان في ظرف 72 ساعة بعد إعلان الحكومة المذكور.

إننا إذ نطلق هذا الرأي نتطلع لتجاوب فوري معه ولتأييد الرأي العام السوداني له.