منشور العقيدة من السيد الصادق المهدي

الإمام الصادق المهدي
سماحة دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد للحكماء والرؤساء السابقين المنتخبين ديمقراطياً والمفكر السياسي والإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

هيئــة شئـــون الأنـصــــار

منشور  العقيدة

رمضان 1401-  يوليو 1981

السيد الصادق المهدي

 

الحمد لله الوالي الكريم. والصلاة على سيدنا محمد وعلى آله مع التسليم وبعد.

إن عقيدة الأنصار هي التوحيد الخالص لله والإتباع المخلص لسنة محمد صلى الله عليه وسلم. وهي الإيمان بأن محمد المهدي بن عبد الله هو خليفة رسول الله خوطب بالمهدية لا على أساس المواصفات التي كثرت حولها خلافات الفقهاء المسلمين عن المهدي والمهدية ولكن على أساس أنه يملأ مقعد الخلافة الشاغر ويجدد شباب الإسلام ويقوم بإحياء الكتاب والسنة المقبورين.

وكما كانت النبوة رسالة بشير ونذير وتذكير بعد فترة من الرسل لأن الغفلة والنسيان من طباع البشر، فإن المهدية وظيفة بحث وإحياء وتجديد للملة بعد الغفلة والنسيان والإندراس: وظيفة تخاطب كل أهل القبلة.

يا قومنا أجيبوا داعي الله. ياأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله. إنها دعوة تقوم على خمسة تعاليم لاحياة للدين بغيرها. تلك التعاليم هي:ــ

أولا:   تعليق المذاهب لأنها اجتهادات أئمة مشكورين على اجتهادهم  ونبوغهم ولكن اجتهادهم ليس ملزما لغيرهم. والعودة للدين في أصله:كتاب الله وسنة رسوله.

ثانيا:  استمرار الاجتهاد والتجديد لاستنباط أحكام الدين في كل زمان ومكان وفق قاعدة: لكل وقت ومكان حال ولكل مكان واوان رجال.

ثالثا:  الشريعة والحقيقة لا يتعارضان كما توهم بعض المسلمين فالتكاليف الشرعية ملزمة للجميع ولها أغوار وبواطن تستمد منها معانيها الروحية. فالصلاة هي محل المناجاة والموافاة والمصافاة وهي صلة بين العبد وربه فأن لم يرتكز ظاهرها على هذه المعاني وإن لم تكن حركاتها وسكناتها تجسيدا لتلك البواطن فهي صلاة ناقصة لا تزيد العبد من ربه إلا بعدا.

والصلة الروحية بين العباد ورب العباد وبين المسلمين وبين سيد المرسلين لا تنقطع أبداً. وباب الوصال الروحي مفتوح أبداً لكل مستحق: اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم  كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به.

رابعاً: الجهاد ماض حتى قيام الساعة والجهاد معناه بذل الوسع في سبيل الله ويشمل جهاد النفس الأمارة بالسوء، ويشمل بذل الوسع في تحصيل المعرفة والخير، ويشمل بذل النفس والمال والولد لقتال الظلمة والمتكبرين: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير.

خامساً:  لا يصلح أمر الدين عاطلا من قيادة مارسها الإمام المهدي باسم الخلافة الكبرى أو الخلافة المصطفوية فكان خليفة رسول الله وأصحابه حلفاء لأصحاب رسول الله: عبد الله بن محمد خليفة الصديق ـ على ود حلو: خليفة الفاروق محمد شريف: خليفة الكرار وخلافة عثمان قيل للسنوسي وقيل لعثمان دقنة. ومستند هذه الوظائف: أن المهدي هجمت عليه الخلافة الكبرى فاستجاب للنداء وأن أصحابه نالوا ما نالوا بالكفاءة والأهلية لا بالحسب والنسب.

وبعد أن دمرت دولة المهدية وانقطعت سلسلة الخلافة باستشهاد خلفاء الإمام المهدي تصدي لرفع راية الدعوة عدد من الرجال في كثير من بقاع السودان فقمعت محاولاتهم. ولكن وفق الله السيد/ عبد الرحمن بن المهدي فرفع راية الدعوة من جديد لا بتكليف من أحد ولكن وجد في نفسه حرصا على أحيائها واستجابة من بقايا الأنصار. لقد استطاع أن يبعث الدعوة وأن يتفادى القمع بأسلوب هداه الله إليه. قال في بيان ذلك: لقد عدلت بيعة الإمام المهدي حسب مقتضى الزمان ولكني حافظت على إتباع الأثر وروح الجهاد وسلامة العبادات وأقمت البيعة على كلمة الرضا. فكلمة رضيت اختيارا لا اكراها وهذا يلائم حال زماننا هذا.

وبعد نجاح عمله في جمع الأنصار وإحياء الدعوة وبعد مرور قرن على مولد الإمام المهدي أي في عام 1360هـ تسمى السيد/ عبد الرحمن بإمام وقال الآتي: قلت لكم أنا إمامكم ووسيلتكم لله. لا يستطيع أحد أن يمسك يد أحد ويعرج به لله ولكن الوسيلة يهديك ويرشدك ويدلك حتى يتنور قلبك فإذا تنور قلب العبد تتجلى فيه معرفة الله. وإذا تجلت معرفة الله في قلب العبد يوفق لصالح الأعمال وبصالح الأعمال يصل إلى الله. هذه هي الوسيلة. أما إمامتي فهي مشروطة باقتفاء أثر الإمام المهدي عليه السلام. فيا أخوتي أقوالي وأفعالي وما أمركم به أعرضوه على الكتاب والسنة فأن وافقت الكتاب والسنة لزمتكم التبعية التبعية لأنني إمام على النهج. وإن لم توافق الكتاب والسنة فأضربوا بها عرض الحائط وابحثوا عن طريق تصلوا به لله ثم تلي قوله تعالي:(ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وما كنتم تدرسون).

وفي عام 1942 اختار الإمام عبد الرحمن ابنه الصديق خليفة له وقال انه فعل ذلك لكفاءته ولأنه متمم لعهده وعندما انتقل لجوار ربه بويع السيد/ الصديق إماما فواصل المسيرة وعاجلته المنية في عام 1961 فأملاني وصيته المشهورة التي أكدت أن إمامة الأنصار ليست وراثية بل تنعقد عن طريق الشورى بين الأنصار وكانت البلاد في ظروف حكم عسكري فقدمنا السيد/ الهادي فبويع إماما فواصل المسيرة وعرضت الظروف السياسية كيان الأنصار لانشقاق مؤسف وفق الله على تجاوزه في عام 1969 واتحدت الكلمة من جديد ولله الحمد وأعلن الإمام الهادي أنني الرجل الثاني بعده وانوب عنه في غيابه. أعلن ذلك في بيت الإمام المهدي وفي الجزيرة أبا وفي منشور عام وزع على الأنصار في كل مكان.

وتصديت لقيادة الأنصار وأنا داخل السجن وفي الهجرة وبعد العودة حتى أعدت الراية مرفوعة من جديد وساعدني في ذلك عدد من الأنصار العاملين بعد توفيق الله رب العالمين.

إن شرعية قيادتي للأنصار مستمدة من ذلك الإعلان ومن عملي زهاء اثني عشر عاما حتى بلغت ما بلغناه وعندما يحين الوقت فإن الإمامة ستكون من بين المؤهلين لها عن طريق شورى الأنصار ولا مشروعية إلا للشورى والأهلية. هناك بعض الذين يتطفلون على قيادة الأنصار لحساب جهات سياسية معادية وكل يفترض انه له قيادة بموجب وراثة. هذا نهج مرفوض فماذا يحدث لكيان الأنصار لو أن كل أبن خليفة وكل أبن إمام ادعي أن له حقاً في القيادة وراثة لأبيه؟

إن كيان الأنصار واحد تقوده اليوم هيئة شئون الأنصار بإشرافي والأنصار ملزمون الآن بموجب عقيدتهم بالالتزام  بهذا الكيان الواحد والانصراف عن كل ما عداه والاستمرار في ذلك حتى تتم بيعة جديدة عن طريق الشورى في ذلك الوقت المناسب هذا واعلموا أيها الأحباب إن دعوة الإمام المهدي لا تقف عند حد السودان لأنها تخاطب جميع أهل القبلة ولكن للسودان فيها وضع خاص فهي، الثورة الأم التي كونته من شتات، وحدته، وحررته، رفعت شأنه، أبرزت بطولات أبنائه، ورشحته للقيام بدور قيادي في بعث الإسلام، دور يرمز إليه تسمية المسجد العتيق الذي أسسه الإمام المهدي وبناه خليفته من بعده بتسميته بالمسجد الرابع أي رابع المساجد الثلاثة التي تشد لها الرحال: الحرم، مسجد النبي في المدينة، والمسجد الأقصى.

هذا بيان لعقيدة الأنصار ونظام كيانهم أصدرناه إزالة للغموض ونفيا للشبهات وتأكيدا قاطعا أن دعوة الإمام المهدي عليه السلام هي تجديد لشباب الإسلام وترشيح للسودان للقيام بدور هام في تحقيق البعث الإسلامي وعلى جميع الأنصار، إدراك معانيه والانطلاق منها سعيا جادا لتوحيد أهل القبلة.

والسلام عليكم ورحمة الله.

 

 

 

 

 

أمدرمان في.

18 رمضان/1401 هجري                               أخوكم في الله

 19 /يوليو/ 1981 ميلادي                             الصادق المهدي