نحو آفاق جديدة، البرنامج الانتخابي لحزب الأمة 1965م

بسم الله الرحمن الرحيم

نحو آفاق جديدة

برنامج حزب الأمة

عام 1384هـ – 1965م

 

مقدمة:

 

القارة الإفريقية ملتقي أجناس عديدة، وثقافات عديدة، وأديان عديدة. فشمال القارة موطن جنس تغلب عليه العروبة، وغرب القارة وجنوبها موطن جنس تغلب عليه الزنجية، وشمال القارة مسلم، وغربها وجنوبها غالبيته وثنية، وفيها المسلم والمسيحي.

إن الحزام الذي يمتد من البحر الأحمر شرقاً، إلي المحيط الأطلسي غرباً، وهو الذي يبدأ في شواطئ أرتريا والصومال وينتهي في سواحل مالي والسنغال، إن هذا الحزام يمثل لقاء بين الإسلام من ناحية والوثنية من ناحية أخري وبين الثقافة العربية وبين الثقافات الإفريقية المحلية وما نشب فيها من ثقافات أوربا من ناحية أخري.

إن السودان أحد الأقطار التي ينتظمها ذلك الحزام ومنذ صار كيانه الحضاري مستمداً من العربية، وطابعه القومي متأثراً بالبيئة الأفريقية.

لقد كان أثر الإسلام والعروبة في بيئة السودان الإفريقية أثراً تدريجياً، ترعرع عبر مئات السنين فأدي للتكوين الحالي للسودان ولولا الموانع الطبيعية التي اعترضت سبيل الإسلام والعروبة لتوغل أثرهما فشمل أجزاء أفريقيا الأخري.

إن أي تطور للمجتمع السوداني لا يأبه بالإسلام تطور منحرف. وإن أي ضعف لانتماء السودان للثقافة العربية، أو اغفال لبيئته الإفريقية إجراء يؤدي لمسخ السودان ويصارع واقعاً راسخ البنيان.

 

كيف يكون تطورنا علي أساس الإسلام؟

 

يقع الإسلام في قسمين كبيرين:

  • قسم العبادات والعقائد
  • قسم المعاملات والأحكام

 

فأما الأول فيخص علاقة الإنسان بربه وهي أمر شخصي ليس للدولة أو المجتمع واجب قهري يلزم التدخل فيه. فالمسلم يعتقد ويعبد بمحض أختياره وليس للدولة دخل قانوني فيما يصنع هذا أو ذاك.

أما القسم الثاني فيخص علاقة الإنسان بالإنسان وهو أمر يستوجب تدخل المجتمع والدولة لتنظيمه علي أساس واضح المعالم إعلاناً للحقوق، ونفياً للمظالم. وفي هذا الصدد فإن للإسلام نظماً وتشريعات ومبادئ تفوق أرقي النظم والتشريعات والمبادئ التي أهتدت إليها التجارب الإنسانية عبر الأجيال، وإن تطبيق هذه النظم والتشريعات والمبادئ لا يميز مسلماً علي غير المسلم، وإن في الإفصاح عنها وتوضيحها وبيان وسائلها لتحقيق الحرية والإخاء والمساواة كسباً عظيماً للتراث الإنساني.

قد يقول قائل إن هذا تفسير جديد للإسلام والواقع أن الإسلام كان وما يزال وسوف يظل يتجددد فهمه باختلاف الزمان والمكان ولعل هذا هو السبب في انتعاشه وانبعاثه قرناً بعد قرن.

بهذا الفهم للإسلام نستطيع أن نستوعب جوانب الخير والقوة من التجارب الإنسانية الأخري، ونستطيع أن نمكن لما نقتبس بربطه بجذور عميقة الوشائج في أنفسنا.

 

ما هو فهمنا للعربية:

 

العربية ثقافة ولسان، وليست عنصراً، فمهما كان التكوين العنصري للمرء تسري عليه القاعدة من تكلم بالعربية ويفكر بها فهو عربي.

ولذا فالإنتماء العربي لا يعني الدم العربي بل يفوقه انتشاراً. ولذا فإن فهمنا للانتماء العربي الذي نرتبط به يشمل كل من اتخذ العربية لغة تفاهم عام ونشأ في ثقافة عربية.

 

ما هو فهمنا للبيئة الإفريقية:

 

إنه يخطئ من يريد أن ينحت من عبارة إفريقي معني جديداً يمتاز بطابع خاص أو حضارة خاصة ونري أن عبارة إفريقي لا تتعدي المعني الجغرافي كثيراً. لقد قامت حول تلك العبارة بعض المعاني السياسية بسبب الصراع ضد الإستعمار وضد التمييز اللوني وقامت حولها بعض المعاني بسبب نزعة التضامن والتعاون في مضمار السياسة العالمية والسياسة الاقتصادية التي نشأت في أقطار افريقيا المستقلة وهذه المعاني قد كانت وليدة ظروف محددة. ظروف ندركها لاشتراك بلادنا فيها. ولكن المعاني المبالغ فيها التي يحاول بعض زعماء الدول الإفريقية أن يوسعوا عبارة أفريقي لتشملها نابية عن الحقيقة تضر ولا تنفع.

تلك الأوصاف والإيضاحات نقصد بها إلقاء الضوء علي كياننا القومي، لأن أي شعب مرتبك في فهمه لمقوماته أو منقسم في تقييمه لتلك المقومات يكون شعباً فاقد الأصالة مهزوز الشخصية وهو في تلك الحال يكون سقيم الإرادة، ضعيف المساهمة في تطوير الأسرة الإنسانية.

إننا وقد بينا أصولنا، وطبيعة تكوويننا، وهي تتلخص في أننا مسلمون، عرب، في إفريقيا نلتقي مع التيار الصاعد في المجتمعات الإنسانية الأخري لبناء الحضارة الإنسانية وفق المبادئ الآتية:

  • توطيد السلام وتأكيد التعاون بين الدول وتقوية المنظمات العالمية لتعمل علي حل المشكلات بين الأقطار علي أساس سلمي.
  • القضاء علي الاستعمار في كل صوره، وعلي استعباد الإنسان للإنسان، أو تسخيره وعلي جميع أنواع الاضطهاد اللوني، والعنصري، والديني، والفكري.
  • إقامة الحكم علي أساس ديمقراطي يكفل الحريات الأساسية ويجعل الحكام نواباً للأمة ويبعد القهر كأسلوب من أساليب السلطان ويحقق الاستقرار السياسي.
  • توجيه الاقتصاد للتعمير العاجل المتوازن والبناء لرفع دخل الفرد إلي مستوي يكفل له ولأسرته الغذاء، والكساء، والسكن، والعلاج، والتعليم، والمركب، في مستوي يليق بالإنسان المتحضر.
  • توجيه السياسة الإقتصادية علي أساس يحول دون الاستغلال والإحتكار لجماعة من الأفراد أو طبقة من الطبقاتوتوزيع الدخل القومي علي أساس عادل يراعي سد الضرورات المتزايدة للإنسان ويراعي أن ينال كل حسب مجهوده وموهبته.
  • محاربة الفساد الخلقي والرذيلة عن طريق التربية وأجهزة الإعلام المختلفة عملاً علي خلق مجتمع تقدر فيه المسئولية ويسود معاملاته الصدق وينقشع عنه الإتجار بالشهوات.

 

إننا نري ان الأمم إذا فقدت ذاتيتها أضعفت كينونتها وأخلاقها وثقة أهلها في أنفسهم، وهي بذلك تكون عائقاً في سبيل التعاون العالمي. ولكنها إذا تلمست العناصر الأساسية في تكوينها، وأدركت ذاتيتها استطاعت أن تخلق في أنفس أبنائها الثقة وأن تجعلهم أنداداً حقيقيين لسائر أبناء الأمم المتحضرة في مثل هذه الحال يمكن الدعوة للتقارب بين سكان العالم علي مثل المبادئ المذكورة أعلاه أما تعاون أو تفاهم لا يشمل جماعات واثقة من نفسها تشعر بمساواة حقيقية مع من تتعامل معهم سيكون قصير الأجل ويؤدي إلي العقد النفسية والمخاوف ثم العداء.

لقد كانت بلادنا رغم فقرها وقلة سكانها في مكان القيادة والقدوة في القرن التاسع عشر كما أصبحت بلادنا محط آمال كثيرة وموضع قدوة حية في مجلات التحرير من قبضة الحكم غير الديمقراطي عندما هب شعبنا في ثورته المجيدة في 21 أكتوبر 1964م.

إننا وغيرنا من البلدان التي نالت استقلالها في منتصف هذا القرن نعاني كثيراً من عدم قيام حياتنا الحديثة علي جذور قوية، ومن اتباع نظم منقولة من الخارج دون إنسجام، ولذا يجدر بنا أن نجيل أعيننا في نظرة ثاقبة مخلصة وأن نعمل نتيجة لذلك علي تصفية مخلفات الحكم الأجنبي وعلي إنشاء نظم أصلها ثابت وفرعها في السماء.

وإننا لنأمل أن يكون السودان في هذا المسلك محط قيادة تقتدي بها البلدان الأخري.

 

نظام الحكم

 

إن الشوري نظام أصيل في تراثنا ولكنه كان يمارس في أشكال بسيطة تلائم تلك الظروف التاريخية.

إن عالم اليوم يطبق النظام الديمقراطي في أشكال متعددة وقد جربت بلادنا أحد تلك الأشكال وبين يدينا تجارب الآخرين، وكل تلك التجارب كتاب مفتوح لنطالعه فنصحح أخطاءنا ونستفيد بتجنب أخطاء الآخرين.

إن التكوين القومي لبلادنا لم يكتمل ودون ذلك ما زال المجتمع السوداني مسرحاً لكثير من المشاعر المختلفة والعصبيات القبلية والعنصرية والطائفية. وهذا التباين يحول دون انتخاب مجلس نيابي يستوي أعضاؤه في تقدير الاعتبارات القومية. ولذا كان برلمان السودان لعام 1958م مجالاً لتكتلات ذات أهداف غير قومية مما عرض استقرار الحكم لاهتزاز متواصل لم يمكن للعوامل التي تساعد علي بناء الوطن.

ولذا فإن الشكل الديمقراطي الحكم الذي يحقق الاستقرار في مثل ظروفنا المذكورة، ويتمشي مع تقاليد الحكم في تراثنا هو أن تختار البلاد رأسها الدستوري الذي يتولي مسئولية الحكم، ويرمز لوحدة الأمة، أختياراً شعبياً مباشراً ليحكم البلاد فترة محدودة من الزمن لا يخضع الحكم أثناءها لاهتزاز أو تغيير، ويتولي التشريع إلي جانبه مجلس نيابي يختاره الشعب يكون مسئولاً عن إجازة القوانين أو تعطيلها وينظم الدستور العلاقة ما بين ذلك الرئيس المنتخب وذلك المجلس النيابي، ونعني بذلك نظام الجمهورية الرئاسية.

 

الحريات

 

ويكفل الدستور الحريات العامة ليتمكن الرأي العام من تقويم حكامه ومحاسبتهم ويتمكن الحكام من الاطلاع علي اتجاهات الرأي العام الحقيقية.

يراعي في ممارسة الحريات أن تكون منظمة نظاماً يصونها من أن تعطي مجالاً للفوضي وذلك بكفالة المبادئ الآتية:

أولاً: تعطيل أي نشاط من شأنه أن يقوض نظام الحكم الدستوري للبلاد.

ثانياً: تعطيل أي نشاط لأي منظمة سياسية أو صحفية أو تبشيرية،تسير لحساب دولة أجنبية علي أن يكون ذلك التعطيل عن طريق القضاء.

ثالثاً: الحيلولة دون حرف المنظمات التقابية والاتحادات المطلبية لأجهزة سياسية يسخرها لحزب سايسي ويحرفها عن أغراضها المشروعة.

رابعاً: رفع مستوي الصحافة خلقياً وعلمياً لتجنب الخبر الكاذب والتوجيه الضار، وذلك بوضع قانون ينظم النشاط الصحفي ويقيم هيئة محايدة من الصحفيين وأساطين الرأي العام تشرف علي الصحافة وتحرص علي أن يمارس النشاط الصحفي وفق نظام سليم.

مع مراعاة هذه القيود اللازمة، يكون لكل سوداني الحق قي مممارسة الحريات الأساسية في ظل دستور البلاد.

 

القضاء

 

إن القضاء في بلادنا يعكس انقسام الشخصية الذي تعاني منه هذه الأمة والذي وجب علينا أن نقضي عليه نهائياً، ولذا فإننا نحدد أن مصادر التشريع والقانون عندنا وهي:

  • المصادر الإسلامية
  • المصادر الوضعية التي لا تتعارض معها
  • المصادر العرفية المستمدة من تقاليدنا الحميدة

واعتماداً علي تلك المصادر نري تعيين هيئة ذات كفاءة تضع قانوناً متجانساً للسودان من تلك المصادر، ولكن شكله النهائي يكون من وضع تلك الهيئة واجتهادا، وبعد النظر فيه واعتماده يعمل علي تطبيقه بالتدريج الذي لا يعرض البلاد لاختلال.

فوائد هذا الإجراء:

يقضي هذا الإجراء علي التباين القائم في الهيئة القضائية في السودان والتي تمارس نشاطها عن طريق محاكم م\دنية ومحاكم شرعية ومحاكم أهلية وتعمل كل مجموعة من تلك المحاكم في تطبيق قانون تباعده مصادره وتقاليده من القانون الذي تطبقه المجموعة الأخري وفي هذا الوضع تفتيت لكيان المجتمع السوداني وتخريب للقيم التي تقوم عليها التربية الوطنية، وهذا ما ينبغي أن تتخذ كل الإجراءات اللازمة لتخليص البلاد منه.

أما القضاء الأهلي فيسند إلي الهيئة المذكورة أمر تدوينه وذلك بوضع قواعد عامة يسير عليها، ويراعي في ذلك أن يكون مستمداً من العرف الحميد وأن يقتبس من أحكام القضاة الأهليين الذين تثبت خبرتهم ، ومن رجالات السودان ذوي المعرفة بتقاليد البلاد في أجزائها المختلفة، وهذا الإجراء سوف يقتضي وضع نظام وظائفي ينص علي كفاءة وحقوق الذين يمارسون القضاء الأهلي.

 

المحاماة

 

إن نظام المحاماة جزء مكمل لنظام القضاء لأنه يساعد علي تطوير القانون وعلي التدقيق في تطبيقه وعلي كشف الحقائق التي تعمل علي إدانة المذنب حقاً، وتبرئة البرئ حقاً.

ولكن الطريقة التي تمارس بها المحاماة في المجتمع الأوربي والأمريكي والتي اقتبستها بلادنا تعتمد كثيراً علي تقاليد غير مكتوبة ويؤدي إغفال تلك التقاليد إلي إفساد نظام المحاماة وجعله سبيلاً إلي طمس الحقائق وإلي تعطيل القانون وإلي الثراء غير المشروع باستغلال ضعف الخصوم وتهافت المذنبين للحيلولة دون تطبيق القانون، ولذا ينبغي أن لا تكون المحاماة حرة طليقة دون قيود وينبغي أن يوضع قانون صارم ينظمها ويحدد الأتعاب ويحدد العلاقة ما بين الخصم والمحامي، ويحدد كفاءة من يعطي رخصة المحاماة ليكون في مستوي معيناً من الاستقامة والخلق والتجربة والعلم علي أن ترعي الدولة ذلك وتشرف عليه بجهاز خاص وأن تحول دون الفوضي التي يعيش فيها نظام المحاماة الآن.

 

الإدارة

 

إن ترامي أجزاء السودان وسكني أهله وهم قليل بالنسبة لمساحته التي تبلغ المليون ميلاً مربعاً بقاع متباعدة والتباين الواضح في ظروف أجزاء السودان المختلفة ، إن تلك المسائل تجعل النظام الإداري الأمثل للسودان نظاماً لا مركزياً.

إن نظام اللامركزية يقتضي أن يصرف المواطنون علي مستوي المركز والمديرية شئونهم المحلية تصريفاً تاماً تحت إشراف عام من وزارة الحكومات المحلية. ينبغي أن تطور المجالس المحلية لتشمل جميع أجزاء البلاد وأن يدخلها الممثلون الحقيقيون للسكان وينبغي أن ينتخب أعضاء المجالس للمديريات انتخاباً حراً ليمثلوا المواطنين تمثيلاً صادقاً.

إن تطوير نظام الحكم المحلي يقوم  علي أساس ثلاثة عناصر:

  • الضباط التنفيذيون: وهؤلاء ينبغي أن يسعوا لعدم تركيز السلطات في أيديهم وأن يشركوا أعضاء المجلس عن طريق الشوري وحرية النقاش، ولجان الاختصاص اشتراكاً فعلياً في شئون المجلس وسلطاته.
  • الأعضاء: وهؤلاء ينبغي أن يتحلوا بمؤهلات خاصة ليكونوا ذوي معرفة وإخلاص حتي يكون تمثيلهم للسكان صادقاً ولا يفرطوا في فرصة خدمة مواطنيهم بكل ما عندهم من لباقة ومقدرة.

ج- رجال الإدارة الأهلية وهؤلاء ينبغي أن يطور وضعهم ليتمشي مع ظروف البلاد الراهنة وذلك باشتراط مستوي خاص من المؤهلات لتولي الوظائف في الإدارة الأهلية، وهذا يقتضي تحسين شروط الخدمة لمواكبة ذلك المستوي من المؤهلات وهذا أمر طبيعي يجب علي الدولة تحقيقه لأن رجال الإدارة الأهلية إذا ارتفعت مؤهلاتهم وتحسنت ظروفهم كانوا أفيد للمواطنين وأقدر علي التمشي مع تطور البلاد. وإن تولي المناصب الأهلية ينبغي ألا يترك لعوامل الوراثة بل تكون الولاية علي أساس الشوري ورأي الجماعة تمشياً مع الوعي الوطني.

 

الدفاع

 

الجيش هو حامي البلاد ضد أعدائها وهو مصدر الأمان ضد القلاقل الداخلية والثورات ولذا وجب علي الدولة أن توفر في رجاله الخبرة الكافية وأن تمده بأحسن أنواع الأسلحة وأحدثها، وأن توفر لرجاله وسائل السكني والعلاج والترحيل التي تلائم أهمية الخدمة التي يؤدونها وينبغي أن يطهر الجيش من أي عناصر تعمل بالسياسة الحزبية وأن تكون تربية رجاله قائمة علي أساس الولاء لدستور البلاد، وتأييد السياسة القومية للبلاد، وهي المحافظة علي استقلال السودان وعلي النظام الديمقراطي للحكم.

إن رجال الجيش يستطيعون أداء مهام عديدة في الحقل الاقتصادي المدني، وعلي الدولة أن تعين لجنة من العسكريين يجلس معها بعض الخبراء الاقتصاديين لوضع خطة يستفاد بموجبها بالجيش في نشاط الدولة الاقتصادي المدني دون التأثير علي نشاط الجيش العسكري وتدريبه المستمر وتقوية نظام الضبط والربط فيه.

ومن أهم الواجبات التي يمكن للجيش أداؤها هي أن تعمل وحداته علي تدريب الشباب السوداني تدريباً عسكرياً علي أساليب الجندية وعلي استعمال الأسلحة المختلفة، وذلك حتي يتحول الشباب السوداني ما بين سن 18 سنة و 40 سنة كله إلي احتياطي لقوات البلاد حتي إذا دعا الداعي استطاع السودان أن يضع في الميدان جيشاً كبيراً منظماً مدرباً يحمي البلاد ويصد عنها العدوان.

 

الأمن

 

قوات الأمن جزء من القوات المسلحة تتولي مهام خاصة ولذا ينبغي أن يكون وضعها من حيث المكافئات والتسهيلات والعناية شبيهاً بوضع رجال الجيش.

إن رجال البوليس يختلطون بالمواطنين وبحكم أعمالهم يطلعون علي أشياء دقيقة ولذا ينبغي أن تكون أخلاقهم قويمة وأن يجدوا من الدخل ما يعفهم من استغلال معلوماتهم واتصالاتهم للصالح الخاص.

ينبغي أن تكون قوة بوليس السودان بالاستعداد الذي يمكنها من الحفاظ علي الأمن في جميع أنحاء السودان وذلك حتي لا تضطر الحكومة لاستعمال الجيش إلا في أحوال العدوان الخارجي أو الإضطراب الداخلي الشاذ جداً.

 

النظام الاجتماعي

 

المجتمع السوداني مجتمع يضعف فيه التباعد الطبقي وهذا طابع خلقته ظروفه وإن أهدافنا في السياسة الاجتماعية أن نحافظ علي هذا الطابع.

في المجتمع السوداني فوارق مردها إلي المشاعر القبلية والطائفية وهذه المشاعر تحول دون تآخي السكان في رابطة قومية موحدة لا فضل فيها لأبيض علي أسود ولا لعربي علي عجمي ولا لقبيلة علي أخري، ولذا فإن تخطيطنا الاجتماعي يهدف إلي القضاء علي تلك الفوارق وصهر الأمة السودانية في بوتقة قومية موحدة.

لقد ورث المجتمع السوداني بعض العادات أو التقاليد السخيفة كالحداد علي الموتي والدجل والشعوذة والتشليخ والوشم والخفاض الفرعوني والمبالغة في مصروفات الزواج، وهذه العادات لها أثر سلبي سيئ في المجتمع وخاصة في المحيط النسائي حيث الإستسلام في جزء كبير منه للظار والدساتير وملحقاته من أوجه الهروب من الحياة والمسئولية وهذه العادات والتقاليد نري أن نجند التربية والتعليم والقيادة الاجتماعية والإرشاد والمنظمات النسائية والهيئات الإصلاحية لمحاربتها والقضاء عليها.

إننا نعتبر الأسرة الوحدة الاجتماعية الأساسية ولذا نري أن تهتم الدولة بشئون الأسرة وأن تفضل المتزوج علي العازب وأن تشجع الزواج وتكوين بيت الحلال وأن ينظم قانون الضرائب بحيث يكون في صالح المتزوجين وفي صالح التوالد لأننا نهدف إلي أن يزداد عدد السكان بمعدل 5% في السنة ونري أن صياننة الأسرة لا تكون إلا إذا قويت أخلاق الرجال والنساء وزاد تمسكهم بالمثل العليا وأدركوا أن أي فساد فرد يعود علي المجموعة بالضرر البليغ، إننا نعمل علي تسهيل الزواج للجميع وغذا تنافر الزوجان نعمل علي تسهيل الطلاق مع كفالة ما يضمن مستقبل الأولاد وعلي أن يكون الرجل حراً في اختيار المرأة التي يتزوجها وعلي أن تكون المرأة حرة في قبول الرجل الذي يتزوجها ونري أن مثل هذه التسهيلات كفيلة بتشجيع الشباب للاقبال علي الزواج دون مخاوف وذلك إشباعاً لدوافعهم الطبيعية وحفاظاً للنوع الإنساني ونر أن مثل هذا المسلك يساعد علي محاربة الرذائل والإنحرافات الخلقية.

إن البغاء العلني والسري لا يجد مجال انتشار في مجتمع يزيل الأسباب التي تدفع إليه وفي مثل ذلك المجتمع لا يجد البغاء مجالاً والبغاء إهانة للإنسان وانحطاط للبشرية لا يتمشي مع كرامة البشر وتفضيلهم علي سائر المخلوقات.

إن بلادنا اليوم موبوءة باللهو والعبث والمجون وهذا يحول بين المسئولين وأداء واجباتهم ويحول بين المرء وسعادته العائلية ويحول بين المرء ومسئولياته ويجعل المواطن نهباً للغريزة والشهوة فريسة للذين يثرون باستغلال نقاط الضعف في الآخرين.

ينبغي أن نحارب الانحلال والتفسخ الخلقي وأن نصون مجتمعنا من اللهو والعبث والفساد.

يلاحظ أننا لم نركز علي القانون كأسلوب من الأساليب التي تحقق بها أهدافنا الاجتماعية وهذا لأننا نعتقد أن التربية والإرشاد وتجنيد الشعور العام أساليب أقوي فاعلية وأبعد أثراً من القانون، إننا لا ننادي بأن يسكت القانون علي المفاسد ولكننا لا نعتمد علي الأسلوب القانوني ونري أن الإنسان إذا لم يقنع فإن جماحه لا يكبح بالقوة والإرهاب.

 

النظام الاقتصادي اللائق بالإنسان

 

أهدافنا الاقتصادية:

أولاً: أن نطور بلادنا اقتصادياً بقفزات سريعة ترفع دخل الفرد السوداني إلي المستوي الذي يكفل له الغذاء والكساء والمسكن اللائق بالإنسان والدواء والمركب والتعليم.

ثانياً: أن لا يسمح لفرد أو جماعة أن تستغل فرداً أو جماعة وأن ينال المواطنون كلهم ما يكفي حاجتهم وأن ينال العاملون حسب مجهودهم وأن تهيمن الدولة علي النشاط الاقتصادي لتوجيهه نحو تلك الأهداف مع تشجيع المجهود الخاص ومنعه من أنيكون احتكاراً يهدد حرية الاقتصاد وحرية الحكومة.

ثالثاً: تحرير النشاط الاقتصادي في بلادنا من التبعية لأي مراكز نفوذ أجنبية وتنويع مصادر الدخل والانتاج حتي لا تكون بلادنا تحت رحمة الأسواق العالمية المتقلبة.

رابعاً: تنسيق سياستنا الاقتصادية وتجارتنا مع الأقطار المجاورة لتفادي الإنتاج الكاسد والمنافسةالضارة ولتوسيع الطلب في وجه منتجات بلادنا.

 

الوسائل:

أن يقسم النشاط الاقتصادي علي ثلاثة قطاعات:

  • قطاع عام: وهو الذي تملكه وتديره أو توجهه الدولة ويشتمل علي منشئات الخدمات العامة والصناعات الثقيلة والمعادن الاستراتيجية والمشروعات الزراعية الكبري واستغلال الطاقة المائية والكهرباء والمواصلات السلكية واللاسلكية والطرق الحديدية والمصارف وشركات التأمين.
  • قطاع تعاوني: وهذا يشمل المشروعات الزراعية والمنشئات التجارية الاستهلاكية والخدمات التجارية. ينبغي تنظيم التعاونيات وتقويتها لامتلاك وإدارة هذا القطاع ولتوسيعه بأوجه النشاط المختلفة التي أثبتت التجربة سهولة إدارتها.
  • قطاع خاص: وهذا يشمل المشروعات الزراعية في طور الإنشاء ومرحلة الرخصة الأولي ويشمل الصناعات الخفيفة والتجارة الخارجية لأن هذه الأوجه تحتاج للمواثبة والمناجزة وتعدد الاتصالات واتخاذ قرارات حاسمة تنطوي علي كثير من المخاطرة وإن استغلال الأفراد بها يؤدي خدمات كثيرة للدخل القومي.

 

وحتي لا تتعرض البلاد لهزات اقتصادية يجب أن تراعي المسائل الآتية:

  • عدم السماح بقيام طبقة اجتماعية يمكنها وضعها من احتكار النفوذ.
  • توضيح أوجه النشاط التابعة لكل واحد من القطاعات الثلاثة في بيانات مفصلة وتعويض من يتعرضون لأي ضرر بموجب هذه الإجراءات.

ج- الالتزام ببيانات التوزيع لفترات متباعدة من الزمن لا تقل عن عشرة سنوات وذلك لإعطاء كل قطاع الفرصة في إثبات جدارته ومساهمته في الاقتصاد القومي ولمحاسبته علي النتائج بعد تلك الفترة وتراجع التوزيعات في نهاية تلك الفترة علي أساس ما يحقق المصلحة العامة.

 

إجراءآت لازمة:

  • إن رأس المال الوطني ممثل في التجارة الخارجية كالتصدير والإستيراد تمثيلاً ضعيفاً جداً.
  • إن رأس المال الوطني ممسوك إلي حد كبير في الكشروعات الزراعية القطنية.
  • إن ظروف إنتاج القطن وارتفاع المعيشة أدت إلي خلق صراع ما بين أصحاب الرخصة في المشروعات الزراعية وما بين المزارعين.
  • إن المزارع الذي مسك حواشة لمدة عشرة أو خمسة عشرة عاماً أصبح جديراً بنيل وضع جديد في مشروعات القطن.

 

وإذن فإننا نري:

  • أن يحول رأس المال السوداني الممسوك في مشروعات القطن إلي مجالات أخري من النشاط الإقتصادي كالتجارة الخارجية والصناعات الخفيفة والخدمات المعقدة كالمقاولات ووقاية المزروعات
  • أن تحول تلك المشروعات إلي منظمات تعاونية وفق برنامج محكم يتفق عليه الأطراف الثلاثة وهم:
    • الدولة
    • أصحاب المشروع
    • المزارعون

 

سبل التنمية الاقتصادية:

  • السودان غني بالموارد الحيوانية والزراعية وهذه وحدها كفيلة بزيادة الدخل القومي أضعافاً مضاعفة إذا ارتفعت أساليب الإنتاج فيها فأصبحت آلية، واصبحت سائرة وفق خطة ونظم حديثة.
  • إن استغلال الثروة الحيوانية والوزراعية يمد البلاد بخامات كثيرة لحركة اقتصادية هائلة وهي الخطوة الثانية في طريق نهضتنا الاقتصادية.
  • إن الخطة الاقتصادية التي ستعمل علي استغلال مواردنا الحيوانية والزراعية وعلي تصنيع بلادنا ينبغي أن تطور استغلال ثروتنا المائية وأن تستغل ثروة البلاد المعدنية.
  • إن توافر الثروات الخام في البلاد يعني ان العوائق في سبيل نهضتنا الاقتصادية هي قلة رأس المال وقلة الخبرات وضعف الإدارة التنفيذية التي ستصنع التخطيط وتشرف عليه.

 

إن السبيل لتوفير هذه العناصر هو الحكم المستقر الصالح فإن رأس المال موجود بكثرة في أجزاء كثيرة من العالم وإن الخبرات ميسورة ولكن هجرة رأس المال بإقبال وتوافد الخبراء لا يتم إلا إذا شاع الإطمئنان علي استقرار الحكم في البلاد ورسوخ الأمن والنظام فيها وهذا بدوره السبيل الوحيد لخلق نظام إداري محكم لا يفسح مجالاً للرشوة والفساد والتفريط في تحقيق أهداف الخطة الاقتصادية.

نري أن يقوم جهاز للتخطيط الاقتصادي يكون ملحقاً برئاسة الدولة ويعمل علي وضع خطة اقتصادية كل خمس سنوات ويعمل علي الإشراف عليها لضمان تنفيذها بدقة.

نري أن يقوم مركز عام للبحوث العلمية وتهيئة الجو المناسب لرجالات العلم ليلعبوا دوراً ايجابياً في تطوير الزراعة والصناعة. وفي هذا التكوين أساس متين لدعم الخطط الاقتصادية.

 

التربية والتعليم

ماذا نريد من وراء التعليم:

  • أن يلقي أبناؤنا وبناتنا في دور التعليم تربية تتعهد صباهم وتفتح أبصارهم لتاريخهم القومي وتلقنهم سيرة أبطاله ومواقفهم المجيدة، وتغرس في قلوبهم حب الفضيلة وكراهية الرذيلة والتمسك بالأخلاق القويمة.
  • أن تمحي الأمية محواً نهائياً في البلاد لدي الرجل والمرأة والولد والبنت.
  • أن يجد كل من تعلم تدريباً يمكنه من مهنة ما يكسب بها قوته وينفع بها مجموعته.
  • أن يخضع التعليم لتخطيط يساير حاجة البلاد العامة فيوزع الطلاب ما بين التعليم الأكاديمي والتعليم المهني وما بين فروع التعليم المهني حسب حاجة البلاد وحسب احتياج مرافقها المختلفة حتي لا نواجه بموقف يكون لنا فيه متعلمون لا وظائف لهم ووظائف ومهن لا يوجد أشخاص مناسبون لها.

 

الوسائل:

أولاً: أن تكون برامج التربية والتعليم عاملة علي غرس الخلق الإسلامي وعلي نشر الفهم الصحيح لتاريخ السودان.

ثانياً:أن تنتشر حلقات محو الأمية للرجال والنساء في كل بقاع السودان وأن يتاح التعليم الأولي للأولاد والبنات.

ثالثاً: أن تزال ثنائية التعليم المتمثلة في المدرسة والمعهد وأن يوحد البرنامج في كل مراحل التعليم.

رابعاً: أن لا يخرج عدد من التلاميذ من أي مدرسة إلا بعد تدريبه علي مهنة تلائم نوع الإنتاج الذي يسود في بيئته ليستفيد به في مستقبل حياته.

خامساً: أن تعمم الدولة التعليم وأن تتساوي فيه الفرص أمام سكان الأجزاء المختلفة من السودان.

 

إن هذه الإجراءات لازمة لتنظيم التعليم ولجعله هدفاً ولا يؤخر تنفيذها لآي سبب من الأسباب وبعد إنجازها فإننا نري أن تزداد إمكانيات البلاد التعليمية وأن تعمم تلك الإمكانيات وأن تحقق مجانية التعليم في كل مستوياته حسب ظروف البلاد المالية.

 

التعليم الجامعي:

  • أن توسع إمكانيات التعليم الجامعي لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الطلبة.
  • أن تخضع كل الوحدات الجامعية التي بالسودان لإدارة واحدة لتتمكن من تنظيم التعليم الجامعي وتنسيقه مع لوازم البلاد المختلفة.
  • أن يكون التعليم الجامعي مستقلاً عن الحكومة خاضعاً لرعاية رأس الدولة.
  • أن تشرف هيئة التعليم الجامعي المذكورة علي البعثات الخارجية لتنظيمها والاستفادة منها لأقصي حد ممكن.

 

إن الخطة التعليمية تراجع كل خمس سنوات وذلك لتحديد غايات جديدة بعد تحقيق ما تحدد من أهداف.

 

الصحة

الأهداف:

  • توفر العلاج لكل مواطن من رجل وامرأة وطفل في كل أنحاء السودان.
  • توفر الدواء في المراكز الصحية والمتاجر.
  • عمل رقابة كافية ضد الوباءات في كل أنحاء البلاد.
  • تنظيم إجراءات الولادة وجعلها تحت رقابة محددة وعلي يد قابلات مدربات وأن يوفر ذلك لكل أنحاء البلاد.
  • العناية بالتمريض كمهنة ورفع مستوي أعضاءها فنياً وخلقياً وثقافياً.
  • تنظيم العلاج الفردي توفيراً للعلاج وقفلاً لأبواب الاستغلال.
  • تنظيم العلاج البلدي المفيد ومنع التحايل والدجل الذي يمارس تحت قناع الطب.

 

الوسائل:

  • فتح مستشفي في دائرة كل مجلس بلدي أو ريفي وإن وجدت فتوسيعها بما يكفي احتياجات المنطقة الصحية.
  • فتح مركز صحي في دائرة كل عمودية لمقابلة احتياجاتها.
  • وضع التجارة في الدواء في يد الدولة لتصرفها دون أرباح بغطاء مصروفاتها إن لزم من الميزانية العامة وكذلك صناعة الدواء وذلك لأن هذه مواد لا يحتمل فيها أي نوع من التلاعب.
  • أن تراقب الدولة العيادات الخارجية وأن تنظم نشاطها بلوائح تحدد فئات الكشف والعلاج.
  • فتح أبواب التخصص للأطباء وتيسير كل سبل الثقافة الطبية لهم وتشجيع مجهوداتهم الخاصة بإصدار مجلة طبية تدون ملاحظاتهم ومتابعاتهم لتقدم الطب وتشجيع روح البحث وتوفير التسهيلات اللازمة لها.
  • نشر التوعية الصحية بأوسع نطاق وتدريب الطلبة والطالبات علي الاسعافات الأولية والإرشاد الصحي.
  • تقوية أجهزة الصحة والوقاية والنظافة وتشديد المراقبة الصحية في أنحاء البلاد المختلفة.

 

المدينة والقرية

 

إن بالسودان تبايناً كبيراً بين أحول الناس في المدينة والقرية والبادية وهذا أمر يفكك التضامن القومي ويضعف معني المساواة في الحقوق والواجبات ولذا فإننا نري أن تقارب برامج التعليم والصحة والخدمات ما أمكن ذلك من مستويات الحياة في مناطق السودان المختلفة وذلك بتولية المناطق الأكثر تخلفاً عناية في صرف ميزانيات الإنشاء والتعمير في برامج التوسع.

 

  • المدينة:

المدينة السودانية لا تسير وفق هدي معين بل تجري الحياة فيها بأسلوب عفوي يجعل الحياة فيها مسرحاً لأنواع المفاسد ولذا ينبغي أن تخضع المدينة السودانية لتخطيط محدد يستفيد من تجمع السكان في رقعة واحدة ليشغل فراغهم بالفضائل. ينبغي أن تنشر النوادي الثقافية نشاطاً هادفاً فيه الترفيه وفيه التثقيف وفيه التعاون علي البر والصلاح.

ينبغي أن لا يترك أمر المساجد فيبني من يريد جامعاً في أي مكان بل تنظم المساجد حيث يكون لكل حي مسجد ولكل حي معبد إن كان سكانه غير مسلمين وينبغي أن تشرف هيئة محايدة علي خطب هذه المساجد حتي يتركز ارشادها في النافع ويتحاشي التوجيه الضار.

وينبغي أن تنتشر الحركة لاتعاونية فيحصل سكان كل حي علي حوائجهم الاستهلاكية من متجرهم التعاوني.

وينبغي أن تتوسع المدن حتي يتمكن من يسكنها أو يأوي إليها من امتلاك منزل ليجد ثابتاً له ولأسرته ويجب أن تجد هذه المهمة العناية الكبري لأن من لا يجد المأوي يصعب عليه جداً أن يستقر أو أن يشعر بنعمة المواطن ولذا وجب أن يراعي في تخطيط كل مدينة توفير منازل خاصة لسكانها والتوسع مع زيادة السكان.

ينبغي أن تخضع كل مدينة لتخطيط دقيق يراعي مسألة المواصلات ومواقع المتاجر والمدارس والمستشفيات والنوادي والملاعب والمساجد وأن يكون ذلك التخطيط متمشياً مع فلسفة اجتماعية محددة.

 

  • القرية:

القرية السودانية لم تلق أي اهتمام في الماضي وقد تسبب هذا في افقار القري وتخلف سكانها، ينبغي أن تخضع قري السودان لتخطيط مبسط ينظم مواقع مساكنها وطرقها ومساجدها ومتاجرها ونواديها. وينبغي أن تضع الدولة القوانين والإرشادات التي تساعد علي عمارة القري وكثرة سكانها لأنهذا يخفض من تكاليف الخدمات ويساعد علي الإكثار منها ويمكن السكان من تكوين ثروة لأن كثرة السكان تؤدي لزيادة العرض والطلب.

لقد أدي نظام استغلال المزارع المطرية وجناين الصمغ في كثير من الأماكن إلي تفتيت القري وتناثر التجمعات وهذا أدي إلي إفقار كل جماعة واضعافها ولذا يجب تعديل قوانين استغلال الأرض المطرية بإعطاء المواطنين حق الزراعية بموجب رخصة تحدد موقع مزارعهم وتعطيهم الحق لعدد من السنين حتي لا يضطروا لمجاورة مزارعهم وذلك لتتمكن السلطات من تجميع سكان كل عمودية في قرية واحدة مما يساعد العمران والتقدم.

 

البادية:

قال الشيخ فرح ود تكتوك:” أسفي علي الرحالة، الدنيا يقضوها جوالة والآخرة فايتاهم في حالها.

والرحل مع امتلاكهم لثروة طائلة ومساهمتهم بقدر كبير في ميزانية الدولة وموارد النقد الأجنبي يعيشون مشردين لا ينالون من العناية الصحية إلا اليسير التافه.

ولذا ينبغي أن تستقر هذه القبائل المترحلة مع اتخاذ تخطيط سليم يوفر لماشيتهم المرعي والماء ويشغل أقل عدد من رجالهم بالإشراف عليها ويدخل عليهم أساليب العلف والتوليد والعلاج الحديثة والتخطيط الذي يصنع المواد الخام التي توفرها المواشي لزيادة دخل أصحابها وتطوير أساليب الإنتاج عندهم.

إن القبائل المترحلة تبلغ حوالي 15% من سكان السودان وتمتلك جزءاً هاماً من ثروة البلاد وهم وثروتهم معطلون عطالة فاحشة ولا يمكن أن تنهض البلاد بتغيير حالهم إلي وضع أفضل.

 

المرأة

 

المرأة السودانية متخلفة وهي غارقة في بحار من الجهالة والخرافة والإهمال. إن المسئولية الأولي نحوها هي أن تنال قسط المواطن من التعليم والإرشاد العام والإرشاد الخاص كعضو في المجتمع ذي وظيفة دقيقة جداً يعتمد عليها جيل المستقبل.

ينبغي أن تشمل الاتحادات النسائية النساء في كل أنحاء السودان في المدن وفي القري وفي البوادي وذلك لتنقل إليهن مبادئ التربية النسائية القومية ولتشعرهن بمسئولياتهن ولتفسح أمامهن مجالات التدريب علي فنون البيت ولتربطهن رباطاً وثيقاً حول منهج سليم لتربية أبنائهن وهذا الواجب يقع علي عاتق النساء المتعلمات تساعدهن الدولة لأدائه علي أكمل وجه.

إن الحقوق الاقتصادية والسياسية للمرأة تمارس وفق الأسس التي يمارسها بموجبها المواطنون الآخرون إلا أننا نري أن تنظم ممارسة حقوقها السياسية بأسلوب لا يتعارض مع واجباتها المحتومة كربة للبيت وأمينة علي الجيل الجديد ولا يتعارض والتقليد الإسلامي الحميد الذي يفرق بين جماعات الرجال وجماعات النساء في أداء واجباتهم المشتركة وهذا يتاح بأن يشرف النساء علي أي أمر يخص النساء كتسجيلهن للانتخابات أن تخصص لهن المجالس في الندوات والليالي السياسية هذه وغيرها من الأساليب يجب أن تلتزم بها السلطات والهيئات النسوية والأحزاب السياسية لتكون المرأة السودانية قد نالت أعلي درجات الحقوق السياسية وهي في ثوب محتشم.

 

الشباب

 

الشباب هم رصيد المستقبل وأمل الأمة فإن تركوا بغير هدف ولا نظام صار جمعهم مرتعاً خصباً للمفاسد ولذا يجب:

  • أن يشغل وقتهم بالنشاط التربوي
  • أن تشحذ هممهم لتقدير المسئوليات العامة
  • أن يفسح لهم مجال النشاط الثقافي والأدبي والرياضي
  • أن تنمي فيهم المروءة والفتوة
  • أن يشتركوا في كثير من الأعمال التطوعية المفيدة

 

وهذه الأهداف يمكن بلوغها عن طريق تنظيم موحد للطلاب الذين يتراوح سنهم ما بين 15 عاماً وسن 21 عاماً وتنظيم الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 21 عاماً و30 عاماً وأن تقوم تلك التنظيمات علي دستور واضح الأهداف واضح الحدود وأن تتألف تلك المنظمات في تنظيم موحد للشباب يعمل علي تحقيق الأهداف المنشودة.

 

الرياضة

 

إن هيئات الشباب واتحاداته والمعاهد الدراسية والأندية والمنظمات الاختيارية هي شرايين النشاط الرياضي الذي يربي روحاً تعاونياً بين الناس ويربي الجسم تربية لازمة لتقويمه ويساعد علي الترويح عن الأنفس من عناء المسئوليات وعلي الدولة أن ترعي النشاط وأن تفتح له آفاق المنافسة العالمية وذلك:

  • بأن يكون النشاط الرياضي في المدارس والمعاهد إلزامياً.
  • أن تبرز اتحادات الشباب برامجها.

ج- أن توفر الحرية التامة للمنظمات الرياضية والأندية الاختيارية وأن يتخذ كل منها دستوراً ديمقراطياً واضحاً وأن ينظم نشاطها تنظيماً دقيقاً يجنبها الخلافات الضارة والفتن.

 

مشروع الجزيرة

 

مشروع الجزيرة وحدة اقتصادية- اجتماعية ذات أهمية خاصة في حياة السودان.

لقد قام المشروع منذ حوالي ثلاثين عاماً وساهم مساهمة فعالة في تعمير البلاد وزيادة دخل الحكومة وقد قامت نظم الإنتاج والإدارة والتمويل والفلاحة فيه علي أسس رشيدة مما جعله مضرب الأمثال في البلدان الأخري ومثار الإعجاب.

إن الأعوام التي انقضت أتت بتغيير ظروف الحياة مما أدي إلي قيام مشاكل عديدة تسببت منذ الاستقلال إلي يومنا هذا في خق جو من عدم الاستقرار روع الجزيرة.

 

ما هي المشاكل:

أولاً: ثبات عدد الحواشات ومساحتها علي ما هي عليه مع ازدياد مستمر في السكان وفي عدد الذين يعتمدون علي الحواشة في حياتهم مما أدي إلي إفقار طبيعي لكل واحد منهم.

ثانياً: ارتفاع مستوي المعيشة في البلاد عامة وفي منطقة الجزيرة خاصة فحاجات المأكل والملبس والعلاج والتعليم وصلت مستوي عالياً هذا كما أن ارتفاع الأسعار للمواد الاستهلاكية أتي بضيق جيد.

ثالثاً: تتالت سنوات الفشل في محصول القطن وسنوات الضعف في أسعار المحصول وذلك بسبب الآفات الزراعية والتقلبات الضارة في أسعار القطن في الأسواق العالمية وقد أضر هذا بالبلاد بوجه عام وبمزارعي القطن بوجه خاص.

رابعاً: تلك الحال فاقمها عدم اشتغال المزارع كمزارع إلي الدرجة القصوي من المجهود مما أدي لكثرة الطلب والعمال الزراعيين وأدي هذا بدوره إلي زيادة كبيرة في مصاريف الإنتاج.

خامساً: إن جزءاً كبيراً من الإشراف الإداري غير الفني أصبح غير مجد لألمام المزارعين به مما يستوجب التوفير في الإدارة إلي قدر كبير.

سادساً: إن تكاثر الأمراض الزراعية يستلزم مضاعفة البحث علي أنجع السبل الوقائية ويستلزم الإشراف الدقيق علي التطبيق وهذا يعني زيادة العناية الفنية بمسألة الإنتاج.

سابعاً: إن تزايد السكان المستمر يستوجب التوسع المستمر في الرقعة المزوعة وذلك بتكثيف الزراعة في المشروع واتخاذ ما يصحب ذلك من اجراءات فنية تحول دون تدهور خصوبة الأرض.

ثامناً: القوانين التي تحدد حقوق المزارع وواجباته ينبغي أن يعاد النظر فيها علي ضوء تلك المشاكل وذلك لوضع لجنة ذات كفاءة فنية واقتصادية تمثل فيها الحكومة والمزارعون لأداء ذلك الإجراء ليوضع بموجب توصياتها قانون جديد للإنتاج الزراعي.

ونري أن تنظر هذه اللجنة أيضاً بنفس الصلاحيات في وضع المشروعات الكبيرة الأخري كمشروع القاش بغرض وضع النظم التي تحقق درجة عالية من الإنتاج وتوطد الاستقرار في العمل.

 

المزارع المطرية:

الآلية:

هذه تفتقر إلي توفير التمويل وإلي تنظيم التسويق وينبغي أن تتسع طاقة البنك الزراعي لتمويلها وأن تقام لجان تسويق ذات صلاحيات قانونية يقيمها المنتجون وتشرف عليها الدولة وذلك لإيجاد الأسواق ولتصريف المحصول سنوياً بما يضمن دخلاً غير متأرجح للزارعين، كما يجب التوسع في كثير من مناطق الزراعية الآلية بالقضارف وجبال النوبة وجنوب الجزيرة وعلي الحكومة أن تشرف علي جميع الجرارات والآلات المستوردة ومدي صلاحياتها لكل منطقة علي حدة. وأن تسهم بقدر وافر في تخفيض أسعار الآلات وإعداد معاهد لتخريج عمال مهرة لتسيير الآلات وصيانتها.

 

غير الآلية:

هذه مهملة للغاية والمزارع فيها متروك بغير توجيه ولا نظام وينبغي أن يتحول الإنتاج فيها إلي الوسائل الآلية وبما أن هذه تتطلب رأس مال يمكن توفيره عن طريق التنظيمات التعاونية وتمهيداً لذلك يجب تنظيم المزارعين في وحدات تمكنهم من تلقي الإرشادات وتطبيقها وتساعد بمعونة البنك الزراعي والمجالس علي تمويل المنتجين في أوقات الحصاد حتي لا يضطرونه للجوء لنظام (الشيل) فيقعوا فريسة الاستغلال.

وينبغي أن ترشد الحكومة المزارعين في هذا القطاع إرشاداً سنوياً بما تتحسن زراعته مطرياً بالنظر لأحوال السوق العالمية وحاجات البلاد حتي لا تكون السياسة الانتاجية فردية متخبطة.

 

العمل والعمال

 

ينبغي توفير العمل لكل مستطيع لأن في ذلك إشراك له في حياة البلاد الاقتصادية ومجال لسد حاجته وقضاء علي أفتك مرض اجتماعي مرض العطالة.

إن الطاقة العاملة عندما تنتظم يساعد انتظامها واتحادها في حل جميع المشاكل العمالية ولذا لزمت كفالة القانون لتنظيم العمال تنظيماً محكماً في نقابات شرعية ترعي حقوقهم وتنوب عنهم وتشرف علي أداء واجباتهم وتقيل عثراتهم وتوفر لهم حياة اجتماعية فيها التعاون وفيها التثقيف وفيها الترفيه.

إن العمال عنصر انتاجي حيوي ولذا ينبغي تمثيلهم في أعلي المستويات الإنتاجية والمجالس الإدارية.

إن اليد العاملة تستحق أجراً وهذا ما يكفله قانون العمل وتحدده سياسة الإنتاج ولكن الأجور لا تشكل حافزاً كافياً للعمال المجتهدين ولذا ينبغي أن ينال العمال قسطاً في أرباح المؤسسات التي يعملون فيها، وإننا نري أن يشتمل قانون العمل والعمال علي هذه الإضافات بعد إجراء دراسة وافية تحدد خطة التطبيق.

 

الصحافة

 

إن الصحافة هي لسان الأمة وإن الكلمة المكتوبة ذات أثر فعال في نفوس الناس ولذا وجبت حماية حياة المجتمع من آثار الخبر المكذوب ومن التضليل وهذا لا يتسني إلا بتنظيم جيد حتي يؤدي هذا لزيادة الحافز والإحساس بالمسئولية واتقان العمل لزيادة الانتاج للصحافة ويقيد هذا التنظيم الصحافة بحيث لا يعطي الرخصة إلا لمن تثبت جدارته لذلك ثقافياً وخلقياً.

وتقيد الصحافة بأن تخضع لرقابة مجلس للصحافة يتكون مكتبه من ذوي مؤهلات ثقافية ووطنية وتربوية تكون لهذا المجلس صلاحيات محددة تمكنه من توجيه الصحافة التي تنحرف ومن التوصية بإيقافها إذا لم تعتدل.

هذا كما تخضع مالية الصحف لإشراف دقيق لمنع تسرب الأموال الأجنبية إليها فتحيلها إلي مناطق هجوم علي كيان البلاد.

 

النقابات والاتحادات المهنية

إن رباط المهنة رباط وثيق ويمكن أن يكون أساساً لنظيم يرعي أعضاءه في العمل وشروط ذلك العمل ويحمي حقوقهم من الضياع ويعين أفرادهم في ظروف المحنة. ويمكن أن يكون أساساً لتقوية روح التضامن بين أعضاءه ولتشجيع التعاون بينهم في الحياة الاجتماعية وتمضية أوقات الفراغ في نشاط مفيد نافع وتحقيقاً لتلك الأهداف فإننا نر أنه حق لكل أرباب المهن الانتظام في نقابات أو اتحادات تخضع لدستور ديمقراطي وتمارس حقوقها المشروعة وتعمل في اختصاصاتها.

إن كل صاحب مهنة مواطن كما أن كل مواطن صاحب مهنة ولذا فإن التنظيمات السياسية التي تتيح للمواطنين حقوقهم السياسية يجب أن تبعد من التنظيمات المهنية حتي لا تحرفها عن أغراضها وتعرضها للانشقاقات والتقلبات مع مصائر الحكام ينبغي أن تكون الاتحادات والنقابات المهنية ثابتة التكوين.

وينبغي لأعضائها كمواطنين أن يختاروا التظيم السياسي الذي يتمشي مع أهدافهم السياسية ليؤيدوه وينبغي عليهم أن يطهروا صفوفهم من الاتجاهات المخربة التي تريد أن تستغل تنظيماتهم المهنية واتحاداتهم النقابية مطياً لأغراضها السياسية وأهدافها الحزبية.

 

الأحزاب السياسية

 

إن النظام الحزبي إذا لم ينظم ويقيد يؤدي في مثل بلادنا إلي تفتيت هائل في كيان الأمة وذلك لعدم نضوج الإنصهار القومي ولكثرة دواعي الخلاف غير المثمر.

وإن السبيل الأول لإضعاف العصبية الحزبية هو تطبيق النظام الرئاسي لحكم البلاد ذلك لأن النظام الرئاسي يكفل لرئيس الدولة الاستمرار في الحكم لمدة دورة كاملة دون تأثر بالاختلافات والمناورات الحزبية أثناء تلك الدورة وهذا يساعد علي استقرار البلاد وتتابع برامج الإنشاء والتعمير.

ثانياً: إن اتفاق الأحزاب وخاصة الأحزاب ذات الوزن السياسي في البلاد علي الخطوط العريضة للمسائل الوطنية الكبري يساعد علي خلق جو من الاستقرار السياسي لا بد منه في هذا الطور من أطوار البناء لأمة ناشئة.

ثالثاً: ينبغي أن تسجل الأحزاب برامجها وأن تكشف عن مصادر دخلها وأن تخضع الأحزاب لتسجيل دقيق يوضح دستورها وقيادتها في كل فترة من الزمان.

 

السياسة الخارجية

 

الأهداف:

  • رعاية مصالح السودان وأمنه الخارجي.
  • التعاون مع الدول الأخري في توطيد السلام وتطوير العالم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
  • تشجيع التضامن الإفريقي الآسيوي ذي الطابع الإقليمي الذي يهدف إلي القضاء علي التمييز العنصري واللوني وإلي تحرير المناطق التي ما زالت مستعبدة وإلي تنسيق مجهودات الدول الناشئة ذات التقاربق الفكري أو المصلحة المشتركة في مضمار التخطيط الاقتصادي والعلاقات الدولية والدفاعز
  • الحياد التام في الصراع القائم ما بين المعسكر الرأسمالي والمعسكر الشيوعي والاستقلال عن سياسة كل من المعسكرين في القضايا العالمية وخلق مراكز تجمع مستقلة يكون لها وزنها في تصريف الشئون العالمية وتكون لها فعاليتها في حماية مصالح الدول الصغيرة.

 

الوسائل:

  • إنتهاج سياسة عالمية غير منحازة وايجابية وتعاون جاد مع الدول غير المنحازة هادفين إلي تجنيب العالم الحرب وإلي نزع السلاح وإلي توجيه الطاقات الدولية نحو صيانة المدينة وتقدمها لإسعاد البشر.
  • اتخاذ مواقف مستقلة في القضايا العالمية في أوربا وآسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية.
  • تقوية جهاز الوحدة الأفريقية ليكون في تنظيمه درعاً يحمي وحدة كل بلد أفريقي ويتدخل في حالة الخلافات في الحدود أو حالة حدوث حرب أهلية تهدد الأمن والنظام الداخلي.
  • تقوية جهاز الجامعة العربية لتكون جهازاً مستقلاً عادلاً في المشاكل بين الأقطار العربية ويسترد الأمن والنظام في أي قطر عربي يختل نظامه الداخلي.
  • التعاون مع الدول العربية والإفريقية المتحررة والارتباط مع تلك الدول بسياسة خارجية وتعاون اقتصادي وثقافي ودفاعي.

 

حل مشكلة الجنوب

 

  • إن بناء القومية السودانية لم يكتمل في كل أجزاء السودان وخاصة في الجزء الجنوبي فيه.
  • إن الصعوبة الطبيعية في المواصلات ووقوع المنطقة الجنوبية وراء حد جبلي يفصل الجزء الشرقي منها وحد من السدود بقفل الجزء الغربي منها قد حال دون انصهار سكان السودان في بوتقة قومية موحدة كما أن السياسة التي اتبعتها حكومة العهد الثنائي في الفترة ما بين 1930 و 1948 أوسعت الشقة ما بين مواطني السودان وحاولت خلق مركز تجمع قومي علي أسس مضادة للاتجاه الغالب للتكوين القومي السوداني.
  • إن مثل هذا الإشكال تركه الحكم الأجنبي وراءه في أغلبية الأقطار التي غادرها في أفريقيا فأدي إلي مشاكل عديدة في غانا وفي نيجيريا وفي الكونغو وفي كينيا وفي يوغندا…إلخ. وقد وقع علي عاتق القيادات الوطنية التي خلفت الحكم الأجنبي علي حكم البلاد أن تعالج المشاكل علاجاً فعالاً.
  • لقد قام الحكم الوطني في السودان فقابلته تركة ثقيلة من الحكم الأجنبي وعلي رأسها مشكلة جنوب السودان فلم يستطع التخلص من عقباتها وعلاجها علاجاً جوهرياً بل وقع في كثير من تصرفاته فريسة الشباك التي نصبها المستعمر وجيوبه.

وعندما شرع الحكم الوطني في تحرير الإدارة بالسودنة لم يراع تخلف مواطني الجنوب فيضع استثناءات في إجراءات السودنة تمكن عدداً مناسباً من أبناء الجنوب أن يساهموا في إدارة بلادهم كما وأن سفراء الشمال في الجنوب من الذين يعملون بالتجارة لم يستطيعوا التخلص من النظرة القديمة لأبناء الجنوب ولم تفطن الحكومة لاتخاذ الإجراءات التي تزيل تلك النظرات وما صاحبها إلي تعميق الشك وسوء الظن الذي عمقته سياسة الحكم الأجنبي واستغله بعض المبشرين المغرضين واشتغلت تلك العوامل في محيط الجنوب الفقير إلي الوعي السياسي فألهبت المشاعر وأفسدت النفوس وأدت إلي حوادث التمرد في عام 1955.

  • كانت حوادث 1955م والعوامل التي أدت إليها والإجراءات التي أعقبتها سبباً مباشراً في نشوء دعوة “الفدريشن” في الأفق السياسي السوداني وهي لا تنظوي علي دستور محدد ولا علي برنامج معين بل تعكس سوء الظن الذي علق بنفوس بعض الجنوبيين نحو القيادة السياسية في الشمال.
  • عندما وقعت البلاد في يد الحكم العسكري زاد التباعد بين سياسة الشمال وسياسة الجنوب واختفي كل أمل في حل المشكلة علي أساس التفاهم واتخذت الحركة السياسية في الجنوب طابعاً جديداً طابع اليأس من الوصول إلي حل سلمي والاعتماد علي التنظيم الإرهابي واللجوء إلي السند الخارجي هذا بينما اتخذت الحركة السياسية في الشمال طابعاً أقرب إلي السلم بعيداً من الاعتماد علي نفوذ أجنبي.

كان طابع المعارضة الجنوبية مرتكزاً علي تحديد نوع العلاقة ما بين الشمال والجنوب وقد أتخذ مطلبها شكلاً أبعد تطرفاً إذ طالب باعتبار الجنوب قومية منفصلة وطالب لها بحق تقرير المصير وروج لمطلب الإنفصال نهائياً.

ولكن طابع المعارضة في الشمال إنحصر في المطالبة برد الحريات والديمقراطية معتبراً أن النظام ا    لديمقراطي كفيل بحل مشكلة الجنوبعن طريق مرض لكل من يهمه الأمر.

لقد أدي حرص الجنوبيين علي مطلبهم والذود عنه بما استطاعوا من قوة، وحرص الشماليين علي أن تطلق الحريات وتقوم الديمقراطية ليتمكن الشمال من علاج أخطاء الحكم الاستبدادي ومن علاج مشكلة الجنوب في جو حر أدت هذه المواقف التي واجهت الحكم العسكري طول عهده إلي موقف صدام حاسم حاول فيه الحكم العسكري أن يسكت الصوت المعارض فوقع في سلسلة من الأخطاء ألهبت الشعلة التي فجرت ثورة أكتوبر الظافرة.

  • ينبغي علينا كمواطنين أن نحسن نقد التصرفات الرسمية والأهلية التي صدرت نحو الجنوب وأن تنفذها لتحديد الأخطاء والاعتراف بها وللتحري عن العبرة الحسنة وإثباتها.
  • إن المواطن الجنوبي يشعر من تصرفات كثير من مواطني الشمال بأنهم يعاملونه كمواطن من درجة أقل وهذا أمر وجب تسليط القانون والتربية والسياسة العامة لإزالته بطريقة فعالة.
  • إن تباين التكوين القومي يقتضي أن يكون الوضع الدستوري والإداري معترفاً بذلك الواقع وذلك بالمحافظة علي وحدة البلاد التامة في المسائل الكبري كالدفاع والسياسة الخارجية والسياسة الاقتصادية واللغة الرسمية وإتاحة التصرف في غيرها من المسائل لأبناء الإقليم لتصريفها وفق نظام متفق عليه.
  • إن السودان قطر يشتمل علي عدد من الأجناس والقبائل والعقائد ولذا ينبغي تحريم الاتجاهات التي تدعو للتعصب العنصري والقبلي واتاحة حرية الأديان لتمارس شعائرها وتبشر لعقائدها تبشيراً يديره ويحركه الوطنيون ويكون خالياً من السيطرة الأجنبية.
  • إن هذا المسلك وهذه المبادئ مبادئ عادلة ومنصفة وإن وجد من يرفضها رغبة في الضغط واستغلال جهل الجاهلين أو عملاً علي تنفيذ خطة لصالح دولة اجنبية أو تمهيد لأغراض المخربين الذين يعملون لإشعال نيران الفتنة والحرب الأهلية وإن وجد من بيننا هؤلاء فإن واجبنا الوطني أن نوجههم بحزم وعزم وأن نحشد كل قوانا الوطنية في الشمال والجنوب للدفاع عن الوحدة الوطنية تحت ظل العدل والإنصاف بالقوة.

 

 

 

هذا سبيلنا ندعو إليه دعوة صادقة لوجه الله والوطن ونفتح باب الاشتراك فيه لكل مواطن ومواطنة آمن بأن التوثب نحو آفاق جديدة ينبغي أن يعتمد علي جذور متينة وأن يلتزم بمبادئ قومية تساعد علي وضوح الرؤيا وصراحة الهدف.

وبالله التوفيق