وقفة مع دواء مزعوم صار الداء المعلوم

الإمام الصادق المهدي
سماحة دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد للحكماء والرؤساء السابقين المنتخبين ديمقراطياً والمفكر السياسي والإسلامي

 

بقلم الحبيب الإمام الصادق المهدي

 

وعدنا انقلاب 30 يونيو 1989م بحماية الجنوب، وإصلاح الاقتصاد، ودعم القوات المسلحة، وإصلاح العلاقات الدولية، وبعد حين وعد بتطبيق الشريعة الإسلامية.

وفي 28 عاماً انفصل الجنوب الجغرافي، وانتقلت العلة لجنوب جديد داخل حدود الشمال ولدارفور.

والاقتصاد صار يعاني من تدني الإنتاج، وغلاء فادح في المعيشة، واتسع العجز المالي الداخلي والخارجي، والدولار الذي كان يساوي 12 جنيهاً صار يساوي 18 ألف جنيهاً. واتسعت نسبة الفقر، ونسبة العطالة، وتضاعف الدين الخارجي. وما طبق من الشريعة الإسلامية منافٍ لمقاصد الشريعة كما أوضحنا بتفصيل وشهد معنا شيخ الأزهر المرحوم محمد سيد طنطاوي. ودعم القوات المسلحة صار نقل وظيفتها لمليشاوية.

والعلاقات الدولية الآن حيثياتها أن البلاد تواجه 63 قرار مجلس أمن دولي يصنفها خطراً على الأمن والسلام الدوليين، ويضع قيادة البلاد في ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية.

خرج من العصبة التي تواطأت على إحداث الانقلاب عشر جماعات ناقدة، وأغلبية مفكري العصبة صاروا من أقوى أقلام إدانة التجربة.

هذه الحيثيات يؤكدها أي مراقب سياسي موضوعي أو مؤرخ منصف.

نعم هنالك الآن انحسار في موقف القوى التي تصدت للنظام بوسائل مسلحة. كذلك هنالك انقسام في جماعة الحركة الشعبية – شمال. ولكن انفتحت أبواب مخاطر جديدة ما أدى لتداخل في الشأن السوداني عبر الحدود الغربية والجنوبية، ما يعني اتساع دائرة الخطر على الأمن القومي.

وخطة النظام الحاكم لاستغلال التناقضات الإثنية في دارفور لمحاربة المعارضة المسلحة نقلت تناقضات دارفور إلى المركز في الخرطوم.

نعم أدت مساعدات النظام السوداني للولايات المتحدة الأمريكية في بعض المصالح إلى رفع جزئي ومؤقت للعقوبات الاقتصادية يمكن أن يثبت أو ينقض في 12 يوليو القادم. ولكن لا يمكن تطبيع علاقات السودان الدولية والمالية إلا بمعالجة لقرارات مجلس الأمن ضد النظام السوداني، ومعالجة مسألتي المحكمة الجنائية الدولية، وإلغاء الدين الخارجي.. أهداف ممكنة التحقيق عن طريق تحقيق سلام عادل شامل وتحول ديمقراطي كامل في البلاد.

هذا الهدف ممكن التحقيق لا بتنفيذ توصيات حوار العاشر من أكتوبر 2016م منزوعة الدسم، ولكن بإنجاح حوار خريطة الطريق الأفريقية.

ولكن حوار خريطة الطريق يواجه عثرات يمكن تجاوزها باعتماد مشروع حوار حقيقي باستحقاقاته، واتحاد الرأي العام السوداني، والأفريقي، والدولي حوله واستجابة النظام له؛ وهو مشروع مفصل في بيان مآل خريطة الطريق المقترح، قفزاً فوق حوار تعقد موقف أطرافه بسبب المراوغات والمماطلات.

هذا هو المخرج من الاحتقان الذي يزيده سخونة انفجار الموقف في دول الخليج وإجبار، النظام السوداني على خيارين أحلاهما مر.

إذا استحال الاتفاق على هذا المخرج القومي المأمون فإن الاحتقان حتماً يؤدي للتراكم الضروري لانتفاضة شعبية أو لمغامرة يحدثها صراع مراكز القوة التي صارت تتبارى لخلافة  النظام.

 

 

*رئيس حزب “الأمة القومي” وامام كيان “الأنصار” في السودان

* رئيس المنتدى العالمي للوسطية

* آخر رئيس وزراء منتخب في السودان