الإمام الصادق المهدي في حوار مع اليوم التالي 1-2

الإمام الصادق المهدي
الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله

 

 

الخميس 26 أبريل 2018

 

حاورته في القاهرة: صباح موسى

 

** لا شك أن الحديث مع الصادق المهدي زعيم حزب الأمة وإمام الأنصار دائما يأتي بالجديد، ولكن الحديث معه هذه المرة له أهمية أكبر كونه جاء بعد توجيه اتهامات له ورفع قضايا ضده بوساطة جهاز الأمن والمخابرات الوطني مؤخرا باتهامات، تصل عقوبات بعضها للإعدام والمؤبد، ولذلك كان من المهم التعرف على تعليق الإمام على هذه الاتهامات وكيفية استعداده للدفاع عن نفسه فيها. التقينا المهدي بمنزله في القاهرة وبدا الرجل هادئا حيويا جريئا أراد من خلال الحوار معنا أن يوجه رسائل لاتجاهات عدة؛ للحكومة ولعبد العزيز الحلو وللقوى السياسية بالداخل، دافع عن نفسه، وتحدث عن كيفية هذا الدفاع، صوب هجومه بمقولة لكل (فعل رد فعل)، قائلا: نحن أيضا لدينا وسائلنا في الرد على الاتهامات، التي نفاها جميعا، معاتبا الحكومة بأنه كان عليها أن تقدر موقفه كناصح بدلا عن اتهامه، أسهب المهدي في الحديث عن بقائه بالقاهرة وعن خياراته الأخرى، تحدث عن الحملة ضد الفساد، وعن عودة قوش وقضايا أخرى داخلية وإقليمية وفي ما يلي نص الحوار مع الصادق المهدي.

# الصادق المهدي أنت مواجه باتهامات خطيرة تصل عقوبات بعضها للإعدام والسجن المؤبد بماذا تعلق؟
هذه خامس مرة تحدث فيها اتهامات والنظام نفسه يعلم بطلانها، إذاً هناك اتهام مضاد، فالنظام انقلابي خرق دستور البلاد رغم أنه أقسم على احترام الدستور، فإذا كان هناك اتهام بالإرهاب، النظام متهم بأعلى درجات الإرهاب وارتكب ممارسات جلبت له إدانة من مجلس الأمن وجهات أخرى، ولا يمكن لجهة تمتلك مثل هذا السجل أن وجه اتهامات لغيرها، خصوصا وأننا اجتهدنا لأن نجعل القوى الحاملة للسلاح التي كانوا هم يفاوضونها مع أنها كانت تطالب بتقرير المصير وبإسقاط النظام بالقوة كانوا يفاوضونها وهي تطالب بهذه المخالفة، نحن بموجب إعلان باريس أقنعنا هذه القوى بأن تتخلى عن المطالبة بتقرير المصير والتخلي عن فكرة إسقاط النظام بالقوة، وأن يتم تحقيق الهدف السياسي بوسائل خالية من العنف، وكما قال بعض المؤيدين للنظام هذا يستوجب الاحترام والتقدير وليس الإدانة، والآن ببساطة شديدة هم يجتمعون في برلين مع هؤلاء الجماعة المسلحة، وهؤلاء الجماعة سيقولون لهم هل نحن إرهابيون؟، إذا كنا كذلك فلماذا تتحدثون معنا؟، أما إذا كنا جهة أخرى فيمكن أن نتحدث معكم، لأن هذه القوى تتعامل معها الأمم المتحدة وتصدر قرارات بشأنها، وفي الاتحاد الأفريقي، ولدى كثير من القوى السياسية والاتحاد الأوروبي ويتصلون بهم، فهل يتصلون بإرهابيين؟ هم يتصلون بمجموعات لديها قضية، صحيح استخدموا السلاح لكن النهج الذي نتبعه معهم يستهدف التخلي عن هذا السلاح في المرحلة المقبلة، وفي رأيي هذه الاتهامات باطلة، ولخامس مرة يوجهونها ضدي وقد فعل ذلك نظام نميري أيضا، وهذه النظم تعلم تماماً أنني أمثل الشرعية الشعبية والتاريخية، يريدون مني أن أنصاع إليهم ويعرضون عليّ عروضا لا أول لها ولا آخر منها خلافة النظام في عهد نميري، ورئاسة وزراء ومشاركة في السلطة، هم يشترون الناس بالمناصب لكنهم وجدوا أننا غير مستعدين لبيع ذمتنا بالمناصب، ولذلك هذه محاولة بائسة في الاتهام بالإرهاب وهذه مسألة باطلة.

# وماذا ستفعل إزاء هذه الاتهامات؟
لن ندافع عن أنفسنا فقط قانونياً بل سنهاجم النظام باعتبار أنه مطلوب دولياً وارتكب تجاوزات كثيرة في السودان.

# (مقاطعة).. سيد الصادق مع أنك كان لديك رأي مخالف في المحكمة الجنائية الدولية لماذا تتحدث عنها الآن؟
صحيح عندي رأي بأن نحاول أن نجد مخرجاً لأن نجعل المساءلة لا تتناقض مع الاستقرار، ولكن اتضح أن النظام الآن هو نفسه ناقص استقرار، لأن الطريقة التي يتبعونها معي حالياً كيدية وليس لها أي معنى، وهم بهذا الخط يتبعون خطة خاسرة ستأتي بنتائج عكسية قانونياً وسياسياً.

# هل ستكلف محامين للدفاع عنك في مواجهة تلك الاتهامات؟
ستكون هناك جهات كثيرة جداً، سيكون هناك دفاع قومي من المحامين السودانيين وسوف نتصل بمحامين عرب وأفارقة ومحامين بدون حدود وآخرين، سنتصل بهؤلاء جميعا لكي نشرع ضد النظام ردة الفعل القانونية المضادة، هذا هو الخط القانوني، لكن أيضا سيكون هناك خط سياسي وخط دبلوماسي سنتصل بكل الجهات المعنية لهذا الهدف.

# في تقديرك لماذا تفاوض الحكومة الحركات المسلحة وترفض تلك الخطوة من بقية القوى السياسية؟
يُسأل النظام.. ببساطة شديدة يعتقدون أنهم يسلبون سلطة، ولكنهم لم يسلبوا شرعية، ولذلك يريدون أن يفعلوا معي كما فعلوا مع آخرين بإغراءات ومناصب، وقد قدموا لنا عروضاً كثيرة، أو إذا لم يحدث القبول تتم الإدانة والملاحقة، هم يريدون أن يؤذونا وتلك ليست المرة الأولى كما أسلفت.

# ما الفائدة التي تحققها من اجتماعك مع الحركات المسلحة بدون مشاركة عبد العزيز الحلو وهو يعتبر ركناً أساسياً في نداء السودان؟
عبد العزيز الحلو هو أحد المكونات لنداء السودان.

# مقاطعة… ولكنه يعتبر الأهم؟
معليش… في النهاية عبد العزيز الحلو هل لديه هدف سياسي أم لا؟، إذا كان عنده فلابد أن يتعامل مع الآخرين الذين يمتلكون الهدف نفسه، وإذا كان يريد الانفراد به وحده، ففي رأيي ذاك نهج غير سليم، ننصحه أن يعدل عنه، لأنه بلا معنى، لا يوجد أحد في القوى السياسية الحالية يستطيع أن ينفرد بالموقف السياسي، والعاقل يتخذ موقفاً موحداً مع الآخرين، في الاجتماع الذي تم بباريس مؤخراً قبلت كل الأطراف المشاركة بذلك، ومن ضمن الأشياء التي تحفظت فيها أن أقبل رئاسة نداء السودان، باعتبار أننا غير مكتملين، ويجب أن ننتظر حتى يكتمل العدد، ولكنهم أصروا بالإجماع وضغطوا علي بأنهم يريدون عنواناً حتى تتم مخاطبته، بمعنى لو أن أمبيكي يريد أن يخاطب نداء السودان فمن يخاطب؟ لذلك اختاروني بالإجماع.

# هل تتوقع من أمبيكي مخاطبتك أنت أم سيركز على عبد العزيز الحلو؟
سيخاطب كل القوى السياسية الموجودة، وأنا سأمثل كل القوى السياسية وسيخاطب عبد العزيز الحلو، وفي رأيي الحلو سيتفق معنا إلا إذا كانت هناك جهة أخرى أجنبية عندها مصلحة في تفريق كلمة أهل السودان، وسنكتشف الحقيقة، لأنه شخص كان زميلنا وفي آخر مرة التقيته بباريس كان يتحدث لغة واضحة قوية ومعتدلة جدا ، ثم إنه مشارك في إعلان باريس الصادر في 8 أغسطس 2014 وقد ورد فيه بوضوح لا لإسقاط النظام بالقوة، ولا لتقرير المصير، وهذا موضوع هو أصلاً ملتزم به، ونحن نريد أن نلتقيه وسنقابله لنعرف لماذا غير هذا الموقف، نحن نفهم خلافه التنظيمي مع زملائه الآخرين، لكن خلافه في موضوع مصير السودان غير مفهوم.

# هل تعتقد أن هناك جهات أجنبية فعلا تضغط على عبد العزيز الحلو؟
هذا ما نريد أن نكتشفه.

# وهل هناك لقاء قريب لك مع الحلو؟
لا أريد أن أستبق الموضوع بأي حديث، لكني أقول إن عبد العزيز الحلو قال لي كلاماً طيباً، ومعنى أنه يريد علاقة استراتيجية بينه وبين حزب الأم، لأن تكوين منطقة جبال النوبة وجنوب كردفان فيه عدد كبير جداً من مؤيدي حزب الأمة والأنصار وهو يعلم ذلك.

# (مقاطعة)… قد يمانع الحلو في تكوين علاقة قوية مع حزب الأمة، ولكن يبدو أن لديه تحفظا على وجود ياسر عرمان ومالك عقار في نداء السودان؟
معليش… معليش.. ولكنه قال لي إنه يريد علاقة استراتيجية مع حزب الأمة، باعتبار أن هناك تكوينات في منطقة الجبال فيها حوازمة وفلاتة وكنانة وكثير من القبائل الموجودة هناك وهو يعلم أن مصير منطقة جبال النوبة لا يمكن أن يحسم على أساس الإثنية النوبية، وقال لي هذا الحديث بنفسه، لماذا حدث التغيير في موقفه؟ سنكتشف ذلك لاحقاً، لا نريد أن ندين أحداً غيابياً، أما حكاية أنه يختلف مع عرمان وعقار فمفهومة لدينا لأنها مشاكل تنظيمية، وطبيعية فكل الحركات لديها مثل تلك المشكلات، لا توجد حركة أبقت على نفسها، فمسألة الاختلاف بين القوى المسلحة والقوى السياسية المعارضة في كل بلد موجودة بكثرة، وحدثت قبل ذلك خلافات في الجبهة الثورية من قبل وأقنعناهم بأن يحافظوا على وحدة الهدف، وسوف نتحدث مع الحلو، وفي النهاية تلك الأمور ستحسمها انتخابات حرة، وإلى أن يحدث ذلك كل الناس أيا كانت نسبتهم ضئيلة لديهم صوت، ولا نستطيع مثل الطغاة أن نعزل أحداً، وفي كل الأحزاب توجد مشاكل، ولن نقول لأن هناك مشاكل في الأحزاب نمنع الحديث مع من يريد تأييد الهدف، فما دام هناك هدف موحد يمكن أن يلتزم به الجميع، أي فصيل عنده نسبة ضئيلة لا نمنع التعامل معه.

# ما هو الهدف؟
كلهم يبحثون عن سلام عادل وشامل وتحول ديمقراطي كامل، ويريدون دستورا يراعي التجربة السودانية، الأسباب التي أدت للخلافات المصيرية، وفي رأيي لسنا مسؤولين أن نقول لأي جهة اعطنا سندك وتأييدك، طالما أنها تريد أن تخدم الهدف العام، ولذلك سنسعى للحديث مع الحلو، وتحدثنا مع عقار وعرمان وكان موقفهما عقلانياً، قالا ليس لديهما مانع بأن نتحدث مع الحلو بأي صفة يختارها هو، لكن هذا لا يعني أننا لن نعمل على أي نوع من المواجهة ضده، ونحن طلبنا منهم ثلاثة أشياء: مهما كانت خلافاتهم التنظيمية أن لا يختلفوا على الهدف المصيري، ومهما كان الأمر يتجنبوا الاقتتال بينهم، وألا يقول أي طرف أنا أمثل الآخرين وحدي.

# ولكن الحلو أقام مؤتمراً عاماً للحركة وتبين أنه الأوفر نفوذاً؟
نحن نعلم ذلك، واشتركنا في هذا المؤتمر ونعلم أن عنده سند ولكن في النهاية نستغرب جداً مع كل تلك الحقائق أن يرفض التعامل معنا لأننا لا نقبل منه أن يقبل وحدة للحركة، ولكننا نقبل منه التفاهم معنا، ونعمل على هدف مشترك مهما كان اختلافه مع آخرين.

# في ظل الاتهامات الموجهة لك هل ستبقى خارج السودان هذه الفترة إلى أن تسقط الاتهامات أو ينظر فيها؟
عندي خيارات مختلفة للبقاء في الخارج.. أفضل خياراتي القاهرة لكن عندي خيارات أخرى.

# مثل؟
لن أفصح عنها الآن..

# ولماذا خيارات أخرى هذه المرة هل بقاؤك في القاهرة فيه مشاكل؟
لا لا… كانت عندي خيارات أيضاً في المرة السابقة، فليس حتمياً عندي أن أستقر في مكان ما، وسأستقر في المكان الذي أعتقد أنه مناسب، المهم أنا الآن بالقاهرة وعندي خيارات أخرى وسأستمر في هذه الخيارات، وسأعود للسودان في الوقت المناسب بعد أن أنتهي من مهامي الحالية.

# هل يمكن أن تعود والاتهامات قائمة؟
نعم… أنا كنت متهماً وقاعد في السودان ويمكن أن يتم القبض علي والنظام يمكن أن يفعل أي شيء، وعلى أي حال لكل فعل رد فعل، إذا تصرفوا ضدنا فنحن أيضا نستطيع أن نتصرف ضدهم بصورة مماثلة، نحن نمثل القوى الشعبية ذات الشرعية المعروفة في السودان، وفي آخر زيارة للبلاد كانت هناك استقبالات شعبية هائلة، تخيلوا أنهم محوا وجودنا، نعم استطاعوا أن يستقطبوا بعض العناصر التي اسمها (أمة) أو حتى (مهدي) ولكن ليس لها وزن، في النهاية أقول بوضوح تام نحن نسير وكل الناس الذين يتعاونون معنا يلتزمون بالخط السلمي في المعارضة، ولكن عندما تكون بيننا معركة قانونية، لكل فعل رد فعل.

# ما هو شكل هذا الرد؟
لا يمكنني الإفصاح عنه حالياً.

 

 

اليوم التالي