المؤتمر الصحافي (20)

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي

في المؤتمر الصحفي رقم ( 20)

المقام بدار الأمة

4سبتمبر 2006م

نرحب  بكم في هذا المؤتمر الصحافي القومي الذي نعقده في مرحلة مفصلية من تاريخ الوطن.

ومع أهمية القضايا المطروحة لمصير الوطن يصر المؤتمر الوطني على أنانية حزبية تحتكر انفراده بأمر الوطن وتعزل الآخرين عزلا تاما مكرسا بذلك استقطابا حادا يفتح الباب واسعا لتمزيق البلاد ولتدويل كافة شئونها.

  1. اتفاقية نيفاشا الموقعة في أول عام 2005 أجنبية التأليف فوقية التفاوض والإبرام. ومع أننا رحبنا بما حققت من تراض بين طرفيها وإنهاء للاقتتال بينهما فإننا كنا ولازلنا نرى ضرورة تطويرها من ثنائية إلى قومية لا على حساب ما تحقق للجنوب من مكاسب فهذه تبنت جوهر ماقررته القوى السياسية في مؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا في عام 1995. ولكن لأنها أبقت على نقاط رمادية ينبغي حسمها. ولأنها سكتت عن قضايا كانت سببا في النزاع. ولأنها منحت حقوقا حزبية على حساب الآخرين. وقد أظهر العام ونصف منذ توقيع الاتفاقية بعض تلك العيوب. وأوضح تقرير مفوضية التقويم الأخير ماصحب التطبيق من مآخذ.
  2. اتفافية أبوجا المبرمة في مايو 2006 لم توقف الاقتتال ولم تحقق حلا بل صارت جزءا من المشكلة ومنذ إبرامها:
  • اتصل الاقتتال بين قوات الحكومة والأحزاب المسلحة.
  • انفجرالاقتتال بين الأحزاب المسلحة.
  • انتشرت أعمال نهب مسلح.
  • تعددت النزاعات القبلية المسلحة.
  • انفجر اقتتال بالوكالة عبر الحدود مع الجارة تشاد.

النتيجة أن الاتفاقية دهنت بألوان زاهية بناءا مهدما وزاد التشظي في دارفور وزاد الخطر على أمن المدنيين وانسحبت الاغاثات الإنسانية من مناطق كثيرة.

  1. هذا الشهر أصدرت الحكومة تعديلا غير قانوني لقانون الموازانة العامة. هذا التعديل محمل بالأخطاء الفنية القانونية والاقتصادية وفيه مافيه من أخطاء سياسية واجتماعية لذلك واجهه الشعب برفض عريض.
  2. اصدر مجلس الأمن القرار 1706 الذي أكد سابقاته وقرر مد صلاحيات بعثة الأمم المتحدة الحالية unmis إلى دارفور للقيام بالمهام التي عجز عنها باقراره الاتحاد الأفريقي. ودعا القرار حكومة السودان للموافقة على الاجراء. خلق القرار استقطابا حادا داخل الحكومة وبين المؤتمر الوطني والقوى السياسية الديمقراطية في البلاد وبين المؤتمر الوطني والأمم المتحدة.
  3. السيول والأمطار والفيضانات أحدثت تلفا كبيرا بعضه بسبب عوامل طبيعية وبعضه بسبب عوامل بشرية. ولقد اطلعنا على حجم الكارثة التي حلت بالمواطنين في المناطق المختلفة ورأينا أن نوضح للرأي العام السوداني حجم الكا رثة ومدى المسئولية وماينبغي عمله.

نقول

اولا: لا سبيل لعلاج مشاكل اتفاقية نيفاشا في لقاءات عقيمة بين طرفي التفاوض بل المطلوب إشراك القوى الوطنية في لقاء جامع يؤكد مكاسب الجنوب ويعالج العيوب الأخرى.

ثانيا: اتفاقية أبوجا ينبغي أن تعرض على ملتقى دارفوري قومي وعلى نمطه تعالج القضايا الجهوية الأخرى ثم تعرض الاتفاقيات الجهوية للملتقى الجامع لتتخذ شرعيتها منه.

ثالثا: ميزانية أغسطس مرفوضة وقد عبر الشعب عن موقفه بوسائل شتى وندعو المؤتمر الوطني  إلى التخلي عن أسلوبي الانفراد والقمع العقيمين والاستجابة للمطلب الشعبي بإلغائها والاستفادة من تجربة الديمقراطية الثالثة في مواجهة الاحتجاج على الزيادات وذلك بالدعوة لملتقى تداولي للتداول بشأن ماينبغي عمله لحل مشاكل الموازنة  العامة.

رابعا: الشكوى من خطر التدويل في السودان حقيقية ولكن النظام هو الذي خلق المشاكل وهو الذي استدعى التدويل بصورة غير مسبوقة في تاريخ السودان. ولا معنى لقبول كل هذا التدويل للشأن السوداني ثم رفض الاستعانة بقوات دولية لحماية أمن وسلامة وإغاثة وحدود إنسان دارفور.

نعم التدويل الذي أدخله النظام بدون ضوابط يجب أن تصحبه ضوابط. لقد أوضحنا لمجلس الأمن في الخرطوم إننا نطالب بتحديد مهام القوات الدولية في المهام المعروفة مثل مراقبة وقف إطلاق النار، حماية المدنيين، حماية الإغاثات، وتحديد فترة زمانية لإنجازها على أن تلتزم القوات الحياد بين أطراف النزاع في دارفور وأن يخلو تكوينها من قوات دول ذات أجندات خفية بل دول أفريقية، وعربية، وآسيوية، وأوربية من دول غير استعمارية.

إن محاولة المؤتمر الوطني وصف القوات الدولية المطلوبة بأنها غزو استعماري ومقارنتها بالغزو الأمريكي للعراق محاولة بائسة وتجعل  بلادنا أضحوكة وفوق ذلك تفتح معركة انصرافية عن المهام الوطنية والإنسانية العاجلة لحماية أمن وسلامة وإغاثة إنسان دارفور الذي لا يستطيع توفيره قوات الحكومة السودانية لأنها طرف في النزاع ولا القوات الأفريقية لأنها معترفة بعجزها. كان المؤتمر الوطني ينادي بتعزيز القوات الأفريقية للقيام بالمهام ولكنه اتخذ قرارا أمس الأحد برحيل القوات الأفريقية وأنه بقواته السودانية قادر على القيام بحماية المدنيين. هذا القرار فيه مغالطة مكشوفة لأن كافة الاتفاقيات المبرمة تفترض أن  القوات الحكومية طرف في النزاع فكيف تقوم بمهام مسنودة لطرف ثالث. ولم يبق إلا قوات دولية بضوابط توفق بين مهامها والضرورات الوطنية.

ختماما: المؤتمر الوطني منفرد بالسلطة ويمارسها بأنانية حزبية والقوى السياسية التي تمثل الأغلبية الشعبية والتي عبرت بالوسائل السياسية والإعلامية عن مواقفها تريد أن تفعل موقفها بالتعبير الحركي عن طريق الاعتصامات والمواكب والليالي السياسية وهي إذ تفعل ذلك إنما تمارس حقوقا تكفلها لها المواثيق الدولية التي التزم النظام باحترامها في دستوره.

نحن ملتزمون بنبذ العنف ومنع التخريب والتعبير السلمي عن مواقفنا وسوف نخطر السلطات المعنية بذلك ونأمل استجابتها فلاتكرر الاعتداء على المدنيين العزل كما حدث الأربعاء الماضي وقبله من مواجهات. وماحدث أمس في حرم الجامعة في الفاشر وأودى بحياة الطالب محمد موسى إننا نطرح الجهاد المدني بديلا مشروعا ومأمونا للاحتجاج المسلح فالاستيلاء المسلح على السلطة والمواجهات المسلحة لن تحل مشاكل البلاد بل تفتح باب القدوة لمزيد من التشظي.

التعبير الأكثر فاعلية لهزيمة  الأنانية الحزبية الحاكمة هو اصطفاف الوطن كله في موقف وطني هادف للسلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الحقيقي ورفض الموزانات التي تحمل الشعب أعباء الاسراف والفساد الحكومي وتمويل أجهزة القمع. وسوف يقدم لكم المكلفون بالملفات المذكورة بياناتهم.