خطبة الجمعة بمسجد ودنوباي 21 نوفمبر 2008م

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الإمام الصادق المهدي

في يوم الجمعة 23 ذو القعدة 1429هـ الموافق 21 نوفمبر 2008م

بمسجد الهجرة بودنوباوي

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه،

أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز

عدت من عمّان قبل يومين حيث اجتمع 120 عالما ومفكرا يمثلون 30 بلدا من العالم العربي وإفريقيا وأوروبا وأمريكا وآسيا، لكي نبحث معا حول مشروع نهضوي إسلامي في ظروف تساقطت فيها الأفكار السياسية الوضعية وغلب على الساحة التوجه الإسلامي. فالقومية العربية غلبت على الساحة في فترة ماضية ثم تراجعت لأربعة أسباب هي: لم تستطع مخاطبة الانتماء الإسلامي، ولم تستطع استيعاب الأقليات الإثنية غير العربية، وضحّت بقضية الحرية، ودخلت في مغامرات دولية خاسرة. الشيوعية كان لها جمهور عريض ثم تآكل لأربعة أسباب هي: دخلت في تناقض مع الواقع لأنها حصرت الوجود في المادة، وحصرت القيمة الاقتصادية في العمل العضلي، وحصرت السلطة في طبقة واحدة من المجتمع، وضحّت بالحرية من أجل العدالة فخسرتهما معا. والعلمانية اللبرالية تراجعت لأنها لم تشبع حاجة الإنسان الفطرية للغائية فالناس تريد أن تعرف من نحن وما مصيرنا، وأفرغت الأخلاق بربطها بالمنفعة، وعزلت نفسها من الوجدان الشعبي، وبدت كأنها أداة للغزو الأجنبي. ومع أن هذه الأفكار السياسية الحديثة تآكلت إلا أن بعض مكوناتها الهامة ما زالت باقية فالانتماء القومي العربي حقيقة تاريخية وثقافية باقية، وما ركزت عليه الاشتراكية من أهمية كبرى للعدل الاجتماعي وللعامل الاقتصادي حقيقة باقية، وما دعت إليه اللبرالية العلمانية من المساواة في المواطنة، وضرورة الاعتراف بالتعددية الثقافية، وضرورة الاعتراف بحقوق الإنسان مبادئ راسخة ومطلوبة لبناء الدولة الحديثة. مع بقاء هذه الحقائق تراجعت المنظومات الفكرية الحاضنة لها مما أفسح المجال واسعا للتوجه الإسلامي. تراجع الرؤى الوضعية، والوعد الحق }إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [[1]، والأشواق لماضٍ مجيد، والحاجة لحصن عقدي وفكري للحماية من الغزو الفكري والثقافي.. هي العوامل وراء غلبة التوجه الإسلامي. النظم الحاكمة أدركت أهمية التوجه الإسلامي لذلك صارت هي وأجهزتها ومعاهدها تلبس ثيابا إسلامية لاكتساب شرعية للواقع الحالي والمحافظة على سلطانها. ولكن هذا الواقع لم يعد مقبولا لأنه خلا من حق الشعوب في المشاركة، ولم يستطع تحقيق التنمية بالمستوى المطلوب، وعشعش فيه الظلم الاجتماعي، وأخفق تماما في التحرير من ويلات الاستيطان الأجنبي والاحتلال. لذلك انطلقت تيارات لتغيير هذا الواقع بالقوة والإطاحة بالنظم القائمة وإقامة نظام الخلافة الإسلامية التاريخي. واعتبر هؤلاء أن الولايات المتحدة هي الحاضن لهذه النظم فلا بد من إعلان الحرب عليها مثلما حدث قبل ذلك للاتحاد السوفيتي لإجلائه من أفغانستان. النظام الذي تريد أن تستبدل به القاعدة وأخواتها النظم الحالية نظام لا يستوعب حقيقة التطور الذي شهدته الأمة في المجال الفكري والسياسي والاجتماعي، ولا يستصحب منجزات الحضارة الإنسانية، ويستخدم أسلوبا حربيا غير مقيد بضوابط الجهاد في الإسلام وفكره الماضوي وأساليبه العشوائية حركت ضده أجهزة الأمن الداخلية في البلدان الإسلامية، وأشعلت ضده حربا عالمية باسم محاربة الإرهاب وأطلقت ضده مشروعات سياسية مثل مشروع الشرق الأوسط الكبير والشرق الأوسط الجديد، وهي مشروعات لإفراغ المنطقة من هويتها الإسلامية والقومية لتلوذ بهويتها الجغرافية. هذه الرايات الثلاث- راية الطغاة، والغلاة، والغزاة- أوجبت الحاجة الماسة لتوجه إسلامي يستوعب حقائق التطور الفكري والاجتماعي الذي شهدناه، ويستصحب منجزات الحضارة الإنسانية النافعة، مع الالتزام بقطعيات الوحي الإسلامي. هذا التوجه الإسلامي الذي يوفق بين مطالب الأصل والعصر هو مشروع الوسطية النهضوي الإسلامي. الوسطية تعني تجنب الإفراط والتفريط وهي نهج اتفق فيه هدى الرحمن } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [[2]، مع حكمة الإنسان: حب التناهي غلط.. خير الأمور الوسط. ومع تفاصيل كثيرة فإن هذا المشروع الإسلامي يقوم على الوصايا السبع الآتي بيانها:

أولا: الالتزام بالقطعيات في الكتاب والسنة ونفي القدسية عن الاجتهادات البشرية فنأخذ منها ما يناسبنا ونجتهد في تنزيل حقائق الوحي على واقعنا.

ثانيا: القرآن هو كتاب الله المسطور. والكون هو كتاب الله المنشور وقد قال عنه تعالى: } وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ[3] [. إن لهذا الكون سننا راتبة: }رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ [ [4]. السنن الكونية هذه الطبيعية والاجتماعية اكتشف بعضها أسلافنا، وتوسعت في اكتشافها الحضارة الغربية وعلومها وتقنياتها متاحة لكل الإنسانية، ونحن نأثم إذا تخلفنا في هذا المجال. فالله وهبنا العقل والحكمة وألزمنا استخدامهما لفهم نصوص الوحي: } أَفَلَا يَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا[ ؟ والحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها فهو أحق بها[5].

ثالثا: نعترف بالمذاهب الفقهية السنية، والشيعية، والأباضية فهي كلها نتائج اجتهادات في النصوص وفي فهم النصوص ولكن لا تعتبر ملزمة.  هذا موقف حسمه الإمام المهدي -عليه السلام- ولا جدوى في التعصب المذهبي أو الحزبية المذهبية. ولكن هنالك اختلافات فكرية فلسفية بين أجنحة الأمة الإسلامية الثلاثة: أهل السنة، والشيعة، والصوفية، اختلافات توجب الحوار الجاد بينهم للتعاون فيما فيه اتفقوا وللتعايش فيما دون ذلك.

رابعا: الحكم الشرعي هو الذي يقوم على المشاركة، والمساءلة والشفافية، وسيادة حكم القانون ويرعى كرامة الإنسان في حقوقه.

خامسا: النظام الاقتصادي المنشود هو الذي يحقق أعلى درجات الاستثمار، والإنتاج، ويوفر الخدمات الاجتماعية للكافة ويوفر إمكانات الأمن والدفاع ويوزع العائد الاقتصادي على أساس العدالة الاجتماعية ويتفق مع مقاصد الشريعة الاقتصادية.

سادسا: ننادي بعلاقات دولية تقوم على السلام والتعاون الدولي كأساس وفي حالة نشوب الحرب تخضع لقوانين تحرم الحرب العدوانية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية. النظام الدولي الحالي جرى تكوينه في مرحلة هيمنت فيها الدول الغربية وحدها الآن يوجد حضور آسيوي، وأفريقي، ولاتيني، ونما وعي أكبر بالحقوق الثقافية والبيئة الطبيعية مما يوجب إصلاح النظام الدولي لجعله أعدل وأفضل.

أما العلاقات بين الأديان فينبغي أن تقوم على التسامح، والتعايش، والدعوة لله بالتي هي أحسن.

سابعا: ندين العنف العشوائي وندين العنف الذي يستهدف المدنيين ويتلف أموالهم ونعتبره مخالفا لضوابط الجهاد في الإسلام. ولكن في حالة العدوان أو ضد الاحتلال فإن الجهاد واجب. } أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا[ [6].

هذا النهج الوسطي الإسلامي هو مشروع إصلاح جذري للواقع الحالي نعمل لتحقيقه بالجهاد المدني الذي يستخدم كافة الوسائل ما عدا العنف ونحرم الانقلاب العسكري وسيلة لتطبيقه.

هذا النهج بديل للنهج الإخواني الذي ساهم في الدعوة الإسلامية الحديثة ولكنه اكتفى بالشعارية التعبوية ولم يتخذ موقفا قاطعا من المساواة في المواطنة، وكفالة حقوق الإنسان، وإقامة العلاقات الدولية على السلام والتعاون الدوليين، وقبول قاطع للتناوب السلمي على السلطة.

ونهجنا هذا بديل للنهج الطالباني المنكفئ على نصوصية ماضوية بينما الشريعة كما قال ابن القيم في كتابه -أعلام الموقعين: } الشريعة عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، فكل مسألة خرجت من العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل  [.

كذلك نهجنا ضد التنطع والترهيب الاجتماعي باسم الدين:

ظنوا التدين تكشيرا وعكننة         وغضبة الوجه في صحب وفي ولد

الدين مسحة بشـر واغتنام مودة     ما أبعد الفرق بين الدين والنكد

نحن أنصار الله، إذ نشترك مع أمتنا في هذا النهج نجد شرعية ذلك في مقولة الإمام المهدي: } لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال  [

التي فسرها سلوك الإمام عبد الرحمن.

كذلك فإن مقولات الإمام المهدي تفك اشتباك أهل القبلة في أمر المهدية. فبعض أهل القبلة ربطها بزمان معين. والشيعة ربطوها بشخص معين اختفى وسوف يعود. ولكن مقولة الإمام المهدي ربطت المهدية بوظيفة إحياء الدين وهو هدف يمكن أن يتفق عليه كافة أهل القبلة. بإلهام غيبي وحجة عقلية أكد الإمام المهدي أن المهدية هي وظيفة إحياء الدين وهذا فهم يستطيع أن يقبله كافة أهل القبلة.

روي عن الإمام المهدي أنه قال في مقبل الأيام تكون لنا كرامة تفوق ما تحقق الآن. وأي كرامة أكبر من أن تكون دعوته مبررا لبديل هو الأجدى لاستنهاض الأمة بعد أكثر من قرن على وفاته؟

جاء في تفسير ابن كثير فيما رواه عن الصحابي جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ألا وإن من آدم إليّ ثلة. وأمتي ثلة. ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ممن شهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له. غيبيات يفسرها الواقع لأنه تعالى يقول: } سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ[[7]

إن لله في خلق شئون. } وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ[[8]  فادعوه واستغفروه واسترحموه.

 

 

الخطبة الثانية

أحمدك اللهم وأتوب إليك وأصلي وأسلم على مصطفاك وآله وصحبه.

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز

قال تعالى: } وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ[[9]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم. وقال شاعر الهند العظيم محمد إقبال: المؤمن الضعيف يعتذر بقدر الله لتغطية عجزه ولكن المؤمن القوي هو قدر الله.

إن أيماننا، والتزامنا لشعبنا، ووفائنا لآبائنا عوامل تحثنا لحراسة مشارع الحق باذلين في سبيل ذلك فوق طاقتنا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

ندوس فـــوق الجروح ماشين

          ونموت زي الشجـــر واقفين

ولي يوم الله في عزة وثبات شامخين

ما شان دنيا في شان الوطن والدين

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز

استعرض معكم بعض القضايا الداخلية والدولية، وأبين موقفنا من مبادرة أهل السودان وأساس تعاوننا مع القوى المعارضة موضحاً أن موقفنا في الحالتين يعود لمرجعية واحدة هي الأجندة الوطنية.

أعلن تكوين مفوضية الانتخابات وقد جرت حولها مشاورات. نحن نقبل هذه المفوضية وندعوها لمباشرة عملها فورا فقد تأخر تكوينها بصورة مزعجة دون مبرر.

ندعوها لمباشرة عملها بدءً بالاستماع للقوى السياسية المتنافسة ثم رسم برنامج قومي للانتخابات.

نحن نطالب بالأسس الآتية لتكون الانتخابات حرة ونزيهة:

  • توفير ميزانية الانتخابات وتفويض المفوضية للتصرف فيها بالضوابط الموضوعية.
  • تأكيد عدم تدخل السلطات الحكومية على كافة المستويات في أعمالها.
  • كفالة الفرص العادلة في أجهزة الإعلام القومية للقوى السياسية.
  • التخطيط لإجراء الانتخابات في كل السودان بلا استثناء.
  • تحديد آلية مناسبة للمراقبة الداخلية للانتخابات.
  • توفير الحريات العامة.
  • اعتماد آلية للرقابة الدولية.

كما أعلن عن تكوين مجلس الأحزاب دون إجراء أية مشاورات وسوف ندرس هذا التكوين ونقرر بشأنه.

ندين اعتقالات الصحافيين ونطالب بحق المواطنين في النقد والمعارضة بالاعتصام وبكل التحركات السلمية.

وأما الميزانية العامة فسوف نصدر حولها تعليقا وافيا ولكنها ميزانية عادية في ظروف داخلية و خارجية غير عادية ولم تخاطب بالحسم المطلوب نكبات البلاد الأربع وهي:

  • التورم الإداري المبذر للمال العام.
  • عدم ولاية المالية على المال العام بالصورة الكافية.
  • عدم الاهتمام بمدخلات قطاعي الإنتاج الزراعي والصناعي بالقدر المطلوب.
  • وعدم اتخاذ خطوات حازمة لمحاربة الفساد.

والنهج الصحيح هو الدعوة لمؤتمر اقتصادي يضع الأسس الصحيحة للإصلاح الاقتصادي ويقرر السياسات الكلية الصحيحة ثم توضع الميزانية على هدي ذلك.

هنالك أربع قضايا دولية أقول فيها:

  • عاد وفدنا للجماهيرية الليبية الشقيقة بنتائج باهرة في تجديد العلاقة بيننا وفي الاتفاق مع بعض فصائل دارفور المسلحة. تطورات سوف يشرحها الوفد غدا في مؤتمر صحافي إنشاء الله.
  • رحبنا باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع الشقيقة تشاد وسوف نرسل وفدا رفيعا لدعم العلاقات والمشاركة الشعبية فيها.
  • كما تعلمون فإن الحالة في غزة مأساة كبيرة وقد صار اختلاف الفلسطينيين وسيلة لاستمرارها ولتصفية القضية نفسها. لقد حاولنا منذ عام رأب الصدع الفلسطيني ولكن الظروف الآن أفضل. لذلك التقيت الرئيس محمود عباس في عمان وهاتفت قيادة حماس في دمشق وسوف أغادر مساء اليوم إلى دمشق في مسعى لرأب الصدع فادعوا لنا بالتوفيق.
  • انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة حدث ضخم لثلاثة أسباب: إفحام للعقيدة الغربية أن الإنسان الأسود ناقص. وثانياً: دليل على أن المجتمع الأمريكي مفتوح. وثالثاً دليل آخر على أن همة ابن آدم إذا تطلعت بالثريا لنالها. اتخذ أوباما التغيير شعارا لحملته الانتخابية والمهم أن يحصي الأخطاء التي ارتكبت في حق شعبه وفي حق الشعوب الأخرى وأن يستمع لضحاياها ليصير التغيير مجديا. وعلينا نحن في كل عوالمنا العربية، والأفريقية، والإسلامية، وغيرها أن نفصح بوضوح عما نريده من إصلاح في السياسات الأمريكية نحونا وأن نعمل بكل الوسائل المتاحة لجعل الإدارة الأمريكية الجديدة مدركة لمطالبنا إذا هي أرادت صداقتنا.

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز

لقد عارضنا الحكم القائم في السودان وما زلنا نعارضه.

وسيلتنا المعهودة للتخلص من النظم المماثلة تقوم على تعبئة سياسية، وتعبئة نقابية تنتهي بإضراب عام، ثم تقوم القوات المسلحة على إدارة البلاد في مرحلة انتقالية تجرى في آخرها انتخابات عامة وتسلم السلطة لمثلي الشعب.

الآن التعبئة السياسية ممكنة، والإضراب السياسي ممكن، ولكن في حالة سقوط الحكومة سوف تملأ الساحة عشرات الأحزاب المسلحة في الشمال، وفي الجنوب، وفي الغرب ويتحول الحوار إلى حوار بالنار في كل مكان مما يعمم الفوضى كما في الصومال والكنغو.

ولا زلنا ندعو لخيار آخر هو كفالة الحريات- والاستجابة لمطالب أهل دارفور- وتطوير اتفاقيات السلام- وإجراء انتخابات عامة حرة- وعقد ملتقى وطني جامع لا يستثني منه أحد لترتيب البيت الوطني.

المؤتمر الوطني ولأسباب موضوعية بدأ مشوار الحوار مع الآخرين مما أدى لاتفاقيات السلام و التراضي الوطني فانفتح الطريق لمبادرة أهل السودان التي يرجى أن تكتمل بالاستجابة للأجندة الوطنية.

كنا ولا زلنا نحاور قوى المعارضة بنفس مفردات الأجندة الوطنية ونتطلع لتوحيد الصف الوطني في سبيل ذلك.

وسواء في نطاق مبادرة أهل السودان أو في التفاهم مع القوى المعارضة فالهدف واحد هو تحقيق مطالب الشعب المشروعة التي تجسدها الأجندة الوطنية لتحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي.

ختاما: سوف يصدر أمين عام حزب الأمة المنشور التأسيسي للمؤتمر العام وبموجبه تحدد كيفية تصعيد العضوية للمؤتمر وسوف أوجه الدعوة للمؤتمر ليعقد في 26/1/ 2009م إنشاء الله.

وفي نطاق نشاط هيئة شئون الأنصار فقد زارني الشيخ محمد المأمون إبراهيم يناس زعيم التجانية في السنغال وغرب أفريقيا وهو رجل مؤمن وحكيم وقد زار دارفور وقال نصيحة حكيمة أن يقبل المسلحون السلام وأن تلتزم الحكومة بالعدل والوفاء بما تعد. حضر اللقاء وفد من السادة التجانية في السنغال والسودان والمكتب التنفيذي لهيئة شئون الأنصار وقدم لنا الشيخ دعوة لزيارة السنغال قبلناها.

هذا وقد أعدت هيئة شئون الأنصار لصلاة جامعة في أم درمان في العيد وستكون فيها إفادات جوهرية كما سوف تعقد صلاة جامعة بخطبة واحدة في اثنين وثلاثين مدينة في السودان إن شاء الله.

اللهم ارحمنا وارحم موتانا، وأهدنا وأهد أولادنا، وأشف مرضانا، وهيئ لنا من أمرنا رشدا.

قوموا للصلاة رحمنا الله أجمعين.

 

[1] سورة الحجر الآية 9

[2] سورة البقرة الآية 143

[3] سورة الحجرات الآية 85.

[4]  سورة طه الآية  50

[5] موسوعة الحديث، مرجع سابق، رواه الترمذي 2611 “فحيث وجدها فهو أحق بها”، وابن ماجة 4159

[6] سورة الحج الآية 39.

[7] سورة فصلت الآية 53.

[8] سورة البقرة الآية 29.

[9]  سورة التوبة الآية 105.