خطبة الجمعة 20 محرم 1422هـ الموافق 13/4/2001م

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة 20 محرم 1422هـ الموافق 13/4/2001م

الحمد لك يا الله حمدا يوافى نعمك ويكافئ مزيدك . وأصلي واسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد صلاة  تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وبعد-

 

قال تعالى (ومن احسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين).

 

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز:

التطلع للبعث الإسلامي ما غاب عن بال المسلمين في كل مكان بل هو حلم يراودهم دائما. ومنذ قرنين من الزمان قامت حركات إصلاح هنا وهناك تبشر ببزوغ فجر جديد يحقق للامة آمالها  ويستجيب لأشواقها. وفى نهاية القرن التاسع عشر قامت الدعوة المهدية في السودان استجابة لهذا التطلع فحشدت الهمم واستنهضتها . واستطاعت أن تحقق بالإسلام الوحدة والتحرير وتقيم الدولة الإسلامية في ارض السودان. وفى العصر الحديث امتلأت الساحة الإسلامية بأنشطة فكرية وتنظيمية وجهادية وتعليمية تهدف إلى بعث الإسلام من جديد وسرت في جسد الأمة روح تعتز بأصالتها وترفض التبعية وتعمل لإيجاد نظام إسلامي يحقق تطلعاتها.

هذه الروح أجهضتها تجارب قامت باسم الإسلام ورفعت شعاراته ولكنها حققت نقيض ما تتطلع إليه الأمة. وبعض الحركات الإسلامية شوهت صورة الإسلام بممارسات طائشة ومتعجلة ومندفعة دون رشد.

إن أمة الإسلام لتجاوز أخطاء الماضي وقصور الحاضر آملة في بزوغ فجر جديد يزيل التشويهات ويبرز ديباجة الإسلام الوضاءة . إن الأمر اكبر من أن يعالج بالمسكنات ولا يجدي معه الترقيع أو النظر إلى الشكليات .

وهنالك مجهودات تبذل هنا وهناك لتدارك ما يمكن تداركه والعمل على إخراج الإسلام من النفق الضيق الذي أوقعه فيه المتحمسون بدون خطة والمتعجلون لقطف الثمار قبل أوانها والوصوليون الذين يتخذون الإسلام سلما لتحقيق مآربهم الشخصية

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز

يزور هذه الأيام بلادنا وفد من الإسلاميين لإصلاح ذات البين بين المؤتمر الوطني والشعبي ،إننا نرحب بكل مجهود يحقق وحدة المسلمين ويهدف إلى تحقيق مصلحة الإسلام. ونقول لهم مرحبا بكم في بلادنا ونتمنى لكم إقامة طيبة وتوفيقا في مهمتكم ولكن لدينا ملاحظات نقدمها لكم:

الملاحظة الأولى: لقد تعاملت الحركات الإسلامية مع الإسلام في السودان تعاملا سطحيا حيث حصرته في حزب واحد وجماعة واحدة بينما الإسلام أوسع من تلك الجماعة وتاريخيا تمدد الإسلام في السودان قبل أن تبرز الحركات الإسلامية الحديثة للوجود . وتوجد في السودان أغلبية مسلمة تعيش الإسلام وتتطلع إلى توسيع قاعدة تطبيقه مراعية خصوصية السودان ومدركة للظروف التي تحيط به .

الملاحظة الثانية: عندما أعلن جعفر نميرى التشريعات المسماة إسلامية في سبتمبر 83 اندفعت كثير من الحركات الإسلامية مؤيدة له واعتبرت ما أعلنه هو نصر للإسلام دون دراسة او تمحيص . وبعد سقوط نظام مايو وقيام الحكومة الديموقراطية دعا رئيس الوزراء العلماء والمفكرين الاسلاميين واغلبهم ايدوا تلك التجربةوتحمسوا لها وكلفهم بدراسة تلك القوانين والتطبيقات فجاء تقريرهم يقول: ان التجربة معيبة فى جوهرها وفى صياغتها وفى تطبيقها.

الملاحظة الثالثة: نرى ان كثيرا من المفكرين الاسلاميين والكتاب وقادة الجماعات الاسلامية غير مهتمين بمصير الاسلام فى السودان ويتخذون مواقف تضر بالاسلام فى السودان المتعدد الاديان والثقافات والاثنيات ،والتجربة الحالية فى بدايتها كانت مندفعة فى اتجاه يستعدى الآخر الملى ويعزل الآخر الاسلامى مما خلق مناخاافرز استقطابا حادا ومواجهة ادت الى الاقتتال فلم نسمع ولا حتى مجرد نصح من اى حركة اسلامية  لقادة النظام وقتها.

الملاحظة الرابعة: ان زيارة الوفد الحالية جاءت فى اطار حزبىلانها لم تات لمناقشة الازمة السودانية القومية وانما جاءت لتنظر فى كيفية ازالة الخلافحول السلطة  القائم بين جناحى الحزب الحاكم فى السودان فكان الاجدى ان يكون الاهتمام بمصير الاسلام فى السودان بدل حصره فى اطار حزبى.

الملاحظة الخامسة:  نرى هنالك ازدواجية فى مواقف كثير من الحركات الاسلامية : فنظريا تطالب بالحريات والديموقراطية واحترام حقوق الانسان ولكن ما قام انقلاب باسم الاسلام الا وتجد هذه الحركات اول من يؤيده .

هذه المواقف شككت فى مصداقية الحركات الاسلامية وفى السودان اهتزت بصورة اكبر .ان نجاح زيارة هذا الوفد مرهون بالايحصروا موضوعهم فى الصراع الدائر بين شقىالمؤتمر بل يعملوا لعقد مؤتمر لتقييم كل التجارب التى قامت باسم الاسلام حتى لا نعيد انتاج الازمة وان يستمعوا لكل المسلمين الآخرين ليعرفوا موقف الاغلبية المسلمة مما يجرى فى السودان وان يعرفوا موقف المواطنين السودانيين غير المسلمين . لان اى تجربة لاتضع فى الحسبان مراعاة حقوق غيرالمسلمين فى السودان سوف يكتب لها الفشل . اننا ندعو قادة الحركات الاسلامية الزائرين ان يستنهضوا المسلمين ليقفوا مع السودانيين فى محنتهم وان يساهموا فى ايقاف الحرب الدائرة الآن ويساهموا فى جهود الاغاثات للنازحين الجنوبيين فى الشمال فكل جهود الاغاثة المقدمة اليهم اغلبها من منظمات كنسية وغربية اين الاهتمام بالمؤلفة قلوبهم؟

ان اهتمام المسلمين بالقضايا الانسانية فى السودان يخدم الاسلام اكثر من اهتمامهم بالصراع السياسى.

ولكى نتجاوز الازمة الحالية اننا نقترح ان يقوم حوار اسلامى اسلامى بين جميع الجماعات الاسلامية فى السودان ويفضى هذا الحوار لتوقيع ميثاق اسلامى يلتزم به الجميع ويشتمل على البنود الآتية:-

البند الاول : تحديد الاحكام القطعية الاسلامية والالتزام بها كاحكام ثابتة .

البند الثانى: احترام الراى الآخر المذهبى والفكرى

البند الثالث: تحديد اسس ومعالم نظام الحكم فى الاسلام والالتزام بها

البند الرابع: الاتفاق على الخطاب الاسلامى للآخر الملى والآخرالدولى

البند الخامس:  تحريم التكفير وتوابعه

البندالسادس : الالتزام بعدم فرض الراى بالقوة

البند السابع : الاتفاق على مؤسسة للاجتهاد تضم كل التخصصات وتشترك فيها كل الجماعات ليكون الاجتهاد مؤسسيا نتجنب به  قصور الاجتهاد الفردى والحزبى.

البند الثامن : الاتفاق على انجح الوسائل للدعوة فى العصر الحديث

هذا ما نراه لتجاوز الازمة الحالية .

الحديث قا ل صلى الله عليه وسلم (يبعث الله لهذاالعلم فى كل عصر عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتاويل الجاهلين )او كما قال يغفر الله لى ولكم وللمسلمين اجمعين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الوالى الكريم والصلاة على سيدنا محمد واله مع التسليم،                        وبعد –

قال تعالى (لتجدن اشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن اقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بان منهم قسسين ورهبانا وانهم لايستكبرون)صدق الله العظيم

احبابى فى الله واخوانى فى الوطن العزيز

اصدر قادة الكنائس فى السودان مذكرة يشرحون فيها الملا بسات التى صحبت احتفالاتهم بعيد القيامة وذكروا انهم تحصلوا على كل المستندات الرسمية والتصديقات من الجهات المختصة ليقيموا احتفالاتهم فى الساحة الخضراء ودفعوا الرسوم المقررة لذلك ولكنهم وجدوا تهديدا من بعض الجماعات الاسلامية المتطرفة يتوعدونهم اذا اقاموا احتفالاتهم فى المكان المذكور وبعدها طلبت منهم السلطات الامنية ان ينقلوا ادواتهم التى نصبوها ولكنهم رفضوا ذلك ثم تطورت الاحداث الى الغاء الاحتفال انتهى .

ان هيئة شئون الانصار تصدر البيان الآتى :

اولا: نهنئ اخوتنا المسيحيين بعيدهم ونؤكد اننا نعترف بحقوق المواطنة ونحترم الاديان الاخرى واصحابها وان لهم مطلق الحرية فى ممارسة شعائرهم الدينية كما يحددونها هم ولهم الحق ان يبشروا بها قال تعالى (لااكراه فى الدين)

ثانيا : ان المسيحيين تصرفوا تصرفا قانونيا لعمل القداس فى ساحة عامة واعطتهم السلطات كافة التصديقات ودفعوا الرسوم المطلوبة وشرعوا فى التحضير .

ثالثا : هنالك مواطنون ارادوا حرمانهم من هذاالحق وهذا خطا فلا يجوز لاى مواطن ان يفرض رايه على الآخرين او ان يحرمهم من ممارسة حقوقهم وواجب الحكومة ان تحمى المواطنين ليمارسوا حقوقهم بامان وان تعاقب كل من يريد حرمانهم من هذاالحق لا ان تعاقب المجنى عليه .

رابعا: ان هذا التهديد الذى قامت به الجماعات المتطرفة لايمثل رأى المسلمين وانما هو رأى مجموعات اقلية تمثل فكرا شاذا وخاطئا

خامسا : ان المواطنين غير المسلمين فى السودان لديهم مطلق الحرية فى ممارسة حقوقهم الدينية تحقيقا لمبدأ التعايش المتسامح الذى عرف به اهل السودان وان اصحاب كل دين هم الذين يحددون شعائرهم ومعتقداتهم وواجب الدولة ان تحميهم

سادسا: اننا نشيد بالاسلوب الحكيم والمتسامح الذى تعامل قادة الكنائس مع هذا الحدث ونا سف لمغادرة القس رينهارد بونكى لالمانيا قبل ان يقيم قداسه

سابعا : ان هيئة شئون الانصار كاكبر جماعة اسلامية فى السودان يهمها التعايش السلمى بين اهل الاديان فى السودان كونت وفدا للاتصال بمجلس الكنائس السودانى لتاكيد موقفها الثابت لحرية الاديان وتبيان ان ما قامت به المجموعات المتطرفة لا يمثل رأى المسلمين فى السودان وان الهيئة ستقف معهم حتى يمارسوا حقهم الدينى دون اكراه وسوف يتصل وفد الهيئة بالحكومة للتفاكر معها فى كيفية ضمانة ممارسة الحقوق الدينية لكل المواطنين ولكل الاديان وحمايتها من اى عدوان اوتهديد .

ان التسامح الدينى فى السودان ضارب الجذور لاتؤثر فيه التصرفات الطائشة لبعض الافراد  افكارا متطرفة مستوردة من خارج الحدود. ان ديننا يامرنا باحترام الانسان وكفالة حرياته الدينية والمدنية والسياسية وان نراعى الاخوة بين الاديان السماوية قال صلى الذين يحملون الله عليه وسلم( الانبياء اخوة لعلات امهاتهم شتى ودينهم واحد ) اللهم جنب بلادنا الفتن ماظهر منها وما بطن

احبابى فى الله

تنعى هيئة شئون الانصار المرحومين الآتية اسماؤهم محمد الحسن العركى الجبلابى وشقيقه جمال العركى وابراهيم محمد من الشوال وادم ابكر سليمان رئيس الهيئة بحلفا الجديدة نسال الله لهم الرحمة والمغفرة ونتضرع الى الله العلى القدير ان يعجل بشفاء حبينا عبد الرحمن حاج عوض حاجاب ويلطف به انه سميع مجيب آمين