خطبة عيد الأضحى المبارك 21 مايو 1994م

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة عيد الأضحى المبارك التي ألقاها السيد الصادق المهدي

 بمسجد الهجرة بودنوباوي  10 ذوالحجة 1414هـ – الموافق 21 مايو1994م

 

الخطبة الأولى

 

      الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد.

     الحمدلله الوالي الكريم، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وعلى آله وصحبه ومن والاهم الى يوم الدين، وبعد-

أحبابي في الله وأخواني في الوطن الحبيب

إن يومنا هذا يوم عظيم تعود الذكرى فيه إلى إبراهيم عليه السلام: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِين ِ*  وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ *  قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)[1] إنه يوم عظيم كذلك لأنه يوم مضمن في شعائر الحج لبيت الله الحرام.

الحج سياحة روحية فيها شعائر تعظيم لعقيدة التوحيد، وشعائر توثيق للصلة بين التوحيد لله ووحدة الأمة، وفيها شعائر تحاكي أحداث قصص إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام.. إنه مظاهرة روحية يتدافع روادها في أزياء بسيطة متشابهة يعلنون بأقوى أسلوب الولاء للواحد الأحد والبراء من الشرك والظلم.

في هذا اليوم العظيم أوجبت السنة علينا عيدا فيه نجدد أحوالنا النفسية، ونصل علاقاتنا الإجتماعية، ونذبح قربانا نولم به ونهادي أصدقاءنا ونتصدق. الأضحية سنة مؤكدة ووقتها هو بعد ساعة من مطلع الشمس يوم العيد وحتى نهاية أيام التشريق. وتسن الأضحية على العاقل البالغ القادر عليها، والقادر عليها هو الذي لايكون محتاجا لثمنها في أمر ضروري في عامه، ومن شروط صحتها السلامة من العيوب فلاتصح الأضحية العمياء، ولا العوراء، ولا العجفاء ( الهزيلة )، ولا العرجاء، ولا مقطوعة الأذن أو الذنب أو الآلية ولا الهثماء ( فاقدة الأسنان )، ولا تصح بالصغيرة السن وهي أن تكون دون سنة من الضأن، ودون سنتين من البقر، ودون خمس سنين من الأبل . ويكفي واحد الضأن للشخص الواحد وواحد الإبل لسبعة أشخاص كذلك واحد البقر. الأضحية قربان فلايجوز الإتجار في لحمها ولاعظمها ولاجلدها بل تقسم منفعتها بين أكل صاحبها، والهدية ، والصدقة. قال تعالى: ( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ)[2]).

أحبابي في الله وأخواني في الوطن

تنقسم تكاليف الإسلام إلى قسمين: قسم ثابت خاص بالعبادات، وقسم متحرك خاص بالمعاملات، العبادات تقوم على العلاقة بين الله والإنسان، والمعاملات تقوم على العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان، العبادات ثابتة ولايلتفت إلى معانيها والمعاملات متحركة ومعانيها ظاهرة، قال الإمام الشاطبي: الأصل في العبادات بالنسبة للمكلف التعبد دون الإلتفات إلى المعاني، وأصل المعاملات الإلتفات إلى المعاني، والمعاملات هي مجال إستنباط الأحكام والقضاء والفتوى . وقال الإمام إبن القيم: الشريعة لاتتغير ولكن الذي يتغير هو الفقه والقضاء والفتوى.

لقد كانت الأمة الإسلامية في عهدها الأول بُهرة ضوء ووثبة حركة في كل مجالات الحياة. هذا الضوء وهذا التوثب طوتهما ثلاثة أمور، إتجاه في الفقه فات عليه التمييز بين الثابت والمتحرك في تعاليم الإسلام فانبرى أصحابه لاستنباط فقه كامل للعبادات والمعاملات وإلزام الناس باتباعه تقليدا وقفل باب الإجتهاد، هذا الإتجاه إنتهى الى تقديس الإلتزام المذهبي على أساس أن أي آية أو حديث مناقض لما عليه أصحابنا مؤول أو منسوخ. واتجاه في السياسة يقنن الإستبداد إنتهى الى تقديس طاعة السلاطين وإتجاه ثالث فكري يقوم على الجبر إنتهى الى قولهم:

جـــرى قلم القضـاء بما يكــون        فسيـان التحـرك والسكــون

جنون منـك أن تسعــى لـــرزق         ويرزق في غشاوته الجنين

التقليد في الفقه، والإستبداد في السياسة، والجبر في الفكر، هي العوامل التي حطمت الأمة الإسلامية داخليا وجعلتها فريسة سهلة للإستعمار والغزو الفكري والثقافي الأجنبي خارجيا.

هذا الجمود والقعود إلتمس لنفسه سندا من فهم خاطئ للإسلام وللتوكل على الله. قال تعالى: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[3] . الطبيعة من جماد ونبات وحيوان مسلمة لله بموجب قوانين الفيزياء، والكيمياء، والبيولوجيا، أما الإنسان فإنه إذ يخضع لتلك القوانين فإنه لايخضع لها خضوعاً كاملاً إذ أودع الله فيه حرية الإختيار .(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)[4]

إن ما يجب ملاحظته في هذا الصدد هو أن الإسلام لأمر الله معناه قبول حرية الإختيار الإنساني لأنها من أمر الله . لذلك روى الإمام البخاري أن عمر بن الخطاب (رض) كان ومن معه من الصحابة في الطريق للشام فبلغهم أن به وباء فاستشار ثم قرر العودة للمدينة، قال له أبوعبيدة الجراح : أفرارا من قدر الله يا أمير المؤمنين؟  فأجابه : لو أن غيرك قالها يا أبا عبيدة، نفر من قدرالله الى قدر الله. ولقد أراد الله للإنسان حرية الإختيار وبلغه رسالاته ليؤمن أو يعرض فيكون بذلك أهلاً للجزاء الأخروي على أساس (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه)[5] .

هذا الفهم لصورة الإنسان في الإسلام هوالذي استوعبه المسلمون في الصدرالأول فأورثهم  ديناميكية فكرية، وسياسية، وإقتصادية جعلتهم في غضون قرن إلا ربعا من الزمان ينيرون بالتوحيد نصف العالم المعمور، ويجددون ويستصحبون أربعة من كبريات حضارات الإنسان، ويطورون علوم الدنيا والآخرة  بصورة احتلت الصدارة في تاريخ الإنسان لمدة ألف عام من الزمان.

أحبابي في الله واخواني في الوطن الحبيب

كانت الرسالات قبل الإسلام لمراحل معينة ولأقوام بعينهم ولكن رسالة محمد (ص) كانت للناس كافة. لذلك كان خطابها أبعد مايكون عن الإنكفاء والحصر فمحمد (ص) نفسه رسول خاتم لسلسلة من أنبياء الشجرة الإبراهيمية، وخاطب منذ أيامه الأولى الأمم الأخرى بدعوته، وعندما قام كيان الإسلام انبرى المسلمون لحضارات الإنسان المعاصرة والسابقة لاستيعابها واستصحابها وتجديدها . إن الصحوة الإسلامية اليوم تواجه تعويقا من الذين يلتزمون بالوافد من الماضي بشقيه الذي مصدره الوحي والذي مصدره الإستنباط البشرى. هؤلاء دعاة الإنكفاء، وتعويقا آخر من الذين غزاهم الوافد من الخارج فهم لايرون فلاحا إلا في محاكاة الوافد حتى إذا دخل أهله جحر ضـب خرب دخلوه.

قال أصحاب الإنكفاء ماذا نريد بحضارات الآخرين؟ فهي إما مطابقة لما معنا وإما مناقضة له. إن كانت مطابقة فما عندها فضول وإن كانت مناقضة فما عندها حرام. إذا نظر سلفنا الصالح للأمور بهذه الطريقة لما خندق النبي (ص) الخندق تأسيا بتجربة الفرس ولما أمر أسامة أن يتعلم لغة العبريين ولما استعان عمر (رض) بتجربة فارسية ورومية في تدوين الديوان وسك العملة. بل لما طور المسلمون كل العلوم الدينية واللغوية والدنيوية مستفيدين بمناهج الحضارات الأخرى ووسائلها. لذلك نقول لهؤلاء المنكفئين:

ألا فقولوا هذا كلام له خبئ                 معناه ليست لنــــا عقــول!.

أحبابي في الله واخواني في الوطن

هنالك ثلاثة مجالات كثر فيها اللغط حول فكرنا وتراثنا الإسلامي وفكر وتراث الحضارة الغربية المعاصرة. وهي مجالات وجب التطرق إليها وبيان الحقيقة فيها هي :

المجال الأول:  قال قائلهم نحن أصحاب الشورى وهي مبدأ إسلامي ، أما الديمقراطية فهي تعبير أجنبي وممارسة وافدة لانقبلها. هذا المنطق على افتراض صحته لايخاطب أهل النظم الديمقراطية وهذا لا يجوز لأن رسالة الإسلام ينبغي أن تخاطبهم هم أيضا.

إن بين الشورى والديمقراطية أرضا مشتركة هي :

  • نفي الإكــراه.
  • افتراض أن المؤمن أو المواطن مستمتع بكرامة وحرية.
  • افتراض أن ولي الأمر أو الحاكم لا ينفرد بالقرار في شئ بل يعود به إلى قاعدة واسعة .
  • ربط الشرعية برأي الجماعة .

ولكن الشورى والديمقراطية تختلفان في أمرين هامين هما:

أ – لم تسمح ظروف المجتمع والتاريخ الإسلامي لفقه الشورى أن يتطور ويتخذ مؤسسات تضبط ممارستها. أما الديمقراطية فإنها استطاعت عبر كفاح طويل أن تطور مؤسساتها النيابية، والقضائية، والتنفيذية، والدستورية، والقانونية، بصورة مفصلة.

ب – لا مجال في الشورى لأي قرار مهما كان سنده الجماعي إذا ناقض قطعيات الشريعة الإسلامية. أما في الديمقراطية فلا توجد قيود على قرار تسنده الأغلبية الديمقراطية المنصوص عليها دستوريا.

هذان الإختلافان يمكن تجاوزهما بسهولة فلا غضاضة أن تستصحب الشورى مؤسسات الديمقراطية الدستورية والقانونية في المجالات المختلفة لضبط الأداء. إن الشورى واجب إسلامي وغياب المؤسسية غيب الشورى، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ليس صحيحاً أنّ النظم الديمقراطية لا تراعي قيماً ومفاهيم معينة وتضعها فوق الدستور.. فمثلاً، مهما كان موقف الأغلبية لا يسمح له أن يتعدى على حقوق الإنسان. ولا أن يخل بالتوازن المطلوب في المجتمعات المعنية.. فلا غرابة أن يوجد التزام ديمقراطي يمنع الإعتداء على قيم معينة مثل قطعيات الشريعة.

المجال الثاني: قالوا الاقتصاد الحديث غريب علينا فواجبنا أن نلتمس ونقيم إقتصاداً إسلامياً. المشكلة الإقتصادية واحدة.. إنّها تتعلق بوجود ندرة في  السلع والخدمات التي يستهلكها أفراد المجتمع. ولإزالة الندرة يقوم الإنتاج. والإنتاج يتم بموجب علاقات معينة بين عناصره من خامات، وأموال، وعمال.

المنتجون يواجهون أمرين هما:

أولاً: اختيار الإستعمالات البديلة للموارد النادرة من خامات وأموال ومهارات.

ثانياً: توزيع عائد الإنتاج.

المذاهب الفكرية تختلف في كيفية معالجة مسائل الاقتصاد هذه.. إن علاجها وفق تعاليم الإسلام القطعية هو إقتصاد إسلامي.

لقد حقق الإقتصاد الحديث انجازات كبرى في وسائل ومؤسسات الانتاج والتوزيع والنقد والمالية، ومن الخطل والخبل أن نغفلها ونعمل في المجال الاقتصادي كأننا نبدأ من حيث انتهى الصدر الإسلامي الأول أو العصر العباسي!.. هذا ما وقع فيه بعض الإسلامويين فأحيوا ممارسات مثل المرابحة والسلم للائتمان التجاري والزراعي، وانتهت ممارساتهم هذه إلى ما يناقض مقاصد الشريعة الإسلامية في دعم الاستثمار والتنمية ومحاربة الاستغلال. لقد وصف رائد البنوك الإسلامية د.أحمد النجار المرابحة بأنها أكبر حل إجرامي في التاريخ الإسلامي لأنها سعر فائدة كبير ومضمون 100% !.. إن في الاقتصاد الحديث جوانب نقص وتقصير معلومة، ولكن إنجازاته ينبغي أن تعتبر رصيداً متاحاً للمسلمين ولغيرهم. ينبغي أن يستصحب المسلمون منجزات الإقتصاد الحديث عاملين على ترشيده بالقطعيات الاقتصادية الإسلامية.

المجال الثالث: إنه مجال حقوق الإنسان. قال قائلهم إن حقوق الإنسان الوضعية الدولية غريبة علينا. وعلينا الالتزام بحقوق الإنسان الإسلامية. تناول د.محمود شريف بسيوني بحث المقارنة بين حقوق الإنسان الإسلامية وحقوق الإنسان الدولية المتضمنة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمعاهدة الدولية للحقوق الإجتماعية والإقتصادية.. قال أن ثمة اتفاقاً بينها في النقاط الآتية:

أولاً: الإعتراف بوحدانية البشر وهو جوهر القانون الدولي وهو نص قرآني صريح: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)[6].

ثانياً: أن مبدأ عدم انتهاك الحقوق الشخصية للأفراد المتعلقة بالحق في الحياة، والحرية، والملكية، إلا طبقاً للقانون. ومبدأ إخضاع الحكام لسيادة القانون منعاً للإستبداد.. هما من المبادئ التي يتوافق فيها الإسلام ونظرية حقوق الإنسان المحمية دولياً.

ثالثاً: بعد دراسة الأمر من جميع نواحيه قال:”فإذا ما أرادت دولة إسلامية ما، أو حتى الدولة الإسلامية المثالية، أن تنضم إلى كل اتفاقيات حقوق الإنسان الحالية، فإن باستطاعتها أن تقوم بذلك دون عائق قانوني أو فلسفي”.

أقول. هذا التوافق لم يأت عن طريق الصدفة.. فأدب حقوق الإنسان الدولي أتى من مصادر غربية ذات تأثر كبير بالقيم اليهودية والمسيحية، وهي قيم فيها كثير من التوافق الروحي والخلقي مع الإسلام.. قال تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى)[7]. ولكن من الناحية التاريخية أيضاً فإن مفاهيم كثيرة في القانون الدولي الحديث يعود لمصادر إسلامية.. إن الغرب الحديث ولد في أسبانيا الفونس العاشر، وفي صقلية فردريك الثاني، وكلاهما كان تلميذاً للحضارة العربية الإسلامية.. إن التاريخ الغربي لحقوق الإنسان يلخص في الآتي:

  • إعلان وثيقة حقوق الإنسان.. أعلنتها الثورة الفرنسية في 1789م، وضمنتها آراء المفكر جان جاك روسو، ومفاهيم إعلان حقوق الاستقلال الأمريكي الصادر في 1776م.
  • معاني تلك الوثيقة دولت في ميثاق عصبة الأمم 1920م.
  • ثم في ميثاق الأمم المتحدة 1945م ثم أفردت دولياً بوثيقة خاصة هي الإعلان العالمي الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1948م.
  • كل الوثائق العالمية الأخرى متفرعة من هذا الإعلان.

إن هذه المفاهيم وثيقة الصلة بمساهمات إسلامية قديمة في مجال القانون الدولي بيانها:

لقد وضع المسلمون قواعد التجارة البحرية في زمن الحرب.. هذه القواعد قننت في برشلونة 1340م في قنصلية البحر التي وضع خطوطها القديس لويس بعد عودته من حملته الصليبية.

كذلك جمع الفونس العاشر في مدونته القانونية نصوصاً اسلامية استمدها من أسبانيا المسلمة تعنى بحماية الأطفال والشيوخ والنساء والعجزة واحترام التعهدات المبرمة، وقواعد الشرف الواجب التقيد بها.. لعل هذه الحقائق الدامغة تكفي لقفل باب التهريج بإسم الإسلام في هذا المجال!.

لقد نشأ سوء فهم في موضوع حقوق الإنسان هذا بسبب تقرير المندوب الدولي للسودان السيد كاسبر بيرو وذلك لأنه في تقريره أشار إلى الحدود الإسلامية وقال إنها تتعارض مع ما جاء في العهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان المدنية والسياسية..فما هي الحقيقة؟

إن العهد المذكور ينص على تحريم العقوبة القاسية أو الغير عادية .. المندوب الدولي فسّر هذا النص على أنه ينطبق على الحدود.. ولكي لا نتوه في هذا الموضوع، فالحقيقة هي كما أوضحتها في كتابي “العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الإجتماعي الإسلامي”: أن الحدود تطبق بضوابط محددة، فإن روعيت تلك الضوابط فإن الحدود  رحيمة جداً ودورها الحقيقي تربوي وتهديدي لا عقابي.  هنالك مسلمون قننوا الحدود وطبقوها دون مراعاة لضوابطها فأقاموا باسم الإسلام مؤسسة عقابية قاسية.. هؤلاء أساءوا للإسلام وجوزوا لأعدائه أن يستشهدوا بأفعالهم على ما يريدون.

لا يبلغ الأعداء من جاهلٍ                    ما يبلغ الجاهل من نفسه

أحبابي في الله واخواني في الوطن الحبيب

إنّ واجب المسلمين اليوم أن يسعوا بكل الوسائل لتبرئة الإسلام مما يرتكب بامه من تشويه.. لذلك دعت هيئة شئون الأنصار في 17 رمضان الماضي أهل القبلة في السودان إلى عهد ولاء وبراء تجاوب معه أغلبية ساحقة من أهل القبلة في السودان، نصه:

أولا- الإلتزام بالكتاب والسنة أصلاً للحياة الخاصة والعامة.

ثانياً- الامتثال للقطعي وروداً والقطعي دلالة من النصوص الشرعية، واعتبار ما عداها محلاً للاجتهاد والشورى.

ثالثاً- الاعتراف بأن لمواطنينا من غير المسلمين حقوق مواطنة علينا الالتزام بها.

رابعاً- رفض الاستبداد فلا تكون شرعية الحكم إلا على أساس العدالة والحرية والكرامة ورأي الجماعة.

خامساً- رفض الارهاب بكل أنواعه ووسائله وتنظيم اختلاف الرأي على أساس مؤسسات مشروعة.

سادساً- قيام العلاقات مع الغير الدولي والغير الملي على أساس التسامح والسلام العادل.. هذا مع رفض التدخل الأجنبي العسكري في شئون البلاد، والترحيب بدعم الأسرة الدولية لمطالب أهل السودان المشروعة.

سابعاً- الوقوف دائماً مع المظلوم حتى ينصف، والسعي لإيجاد مخرج سلمي للبلاد يجنبها الإقتتال، والتمزق، والفتنة، والتدخل الأجنبي.. قال النبي (ص): “لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً أو ليضربن الله بعضكم ببعض ثم تدعون الله فلا يستجاب لكم”- رواه أصحاب السنن.

الخطبة الثانية

   الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد. اللهم إني أحمدك وأثني لك الحمد يا جليل الذات ويا عظيم الكرم، وأشكرك شكر عبد معترف بتقصيره  في طاعتك يا ذا الإحسان والنعم وأسألك اللهم بحمدك القديم، أن تصلي وتسلم على نبيك الكريم، وآله ذوي القلب السليم، وأن تعلي لنا في رضائك الهمم، وأن تغفر لنا جميع ما اقترفناه من الذنب واللمم.

أحبابي في الله واخواني في الوطن الحبيبب

لقد استحق بعض بني إسرائيل اللعنة في كتاب الله لأنهم: (كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)[8].

وعندما بويع الخليفة الأول أبوبكرٍ (رض) أعلن احترامه للنصح والرأي الآخر بقوله: “إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني”، وكان بين عمر (رض) ورجل حديث فقال له الرجل اتق الله يا أمير المؤمنين. فأنكر ذلك بعض الحاضرين وقال للرجل: أتقول لأمير المؤمنين اتق الله؟، فقال عمر: دعه فليقلها لي نعم ما قال.. لا خير فيكم إذا لم تقولوها، ولا خير فينا إذا لم نقبلها!…  إن الجهر بالنصح والرأي الآخر واجب إسلامي.

لقد قال لنا حكام اليوم أنهم جاءوا لإنقاذ البلاد مما تردت فيه. صحيح كانت البلاد تعاني من مشاكل كثيرة .. تعاني من ممارسات سياسية خلطت بين الحرية والفوضى، وممارسات إقتصادية حرصت على الحقوق وأهملت الواجبات، ومن فتن داخلية، ومن مكائد خارجية.. كذلك لا شك أن ثمة ولاءات دينية وقبلية وعصبيات حزبية شوهت الأداء الديمقراطي.

.. ها نحن الآن بعد خمس سنوات إلا قليلاً فماذا استطاع الذين تولوا السلطة وحاولوا حل المشكلات بطريقة ثورية أن يحققوه؟! .. أما العصبية الحزبية فقد كانت هنالك عصبيات تتنافس وصار الأمر اليوم لعصبية حزبية واحدة زادت من عصبيات منافسيها بإنفرادها.. أما الولاء الديني لبعض البيوت فكل متتبع للأحوال يعلم أنه زاد ولم يتراجع، وحال أهل البلاد يكاد ينطبق عليهم وصف محرمات الأنعام: (والمنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع..الآية) .. نعم كانت هناك اخفاقات. ولكن مشروع “الإنقاذ” وما اتخذ من وسائل جاء بإخفاقات أكبر وأخطر.. درب الفيل غطى درب الجمل!

عتبت على سلم فلما هجرته              وجربت أقواماً بكيت على سلم!

لقد كنت في آخر أعوام الديمقراطية طائفاً بأنحاء البلاد المختلفة، ووصفت  الخيرالذي عم حيوانه ونباته: (وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ)[9]، وشدني انتعاش الحيوانات والطيور وتدافع أسرابها..

في حدانا قريب ظلالها جات سابحة

ياخي ما فايتات .. أظنهــن بايـتات

وفــــي الرياض صابحــــــــــــــــة!

.. ولكن بالمقارنة فإن الطبيعة في عامنا الحالي تكاد تعلن الحداد!. كانت أمطار 93/1994م معقولة، ولكن تسلط الفأر والماسح بصورة وبائية على محصول الذرة حتى أن سعر الجوال في شهر يوليو 1993م كان حوالي 650 جنيهاً وهو اليوم وقت الحصاد يبلغ 7 ألف جنيها!.. ان موسم الأمطار مهم لإنتاج الذرة وللمرعى، ولكن الشتاء مهم جداً للأمن الغذائي السوداني إذ يعتمد عليه انتاج القمح والبقوليات كالفول المصري والخضروات والبهارات والأعشاب الطبية.. شتاء هذا العام جاء متأخراً وجاء زائداً في المتوسط أربع درجات، وجاءت معه رطوبة.. هذه العوامل خدعت الآفات الأخرى فانكبت على المحاصيل الشتوية آفات الشتاء والصيف والخريف مما أدى إلى تردي المحصول الشتوى.

من نقاط القوة في النظام الحالي أنه رفع درجة التشدد والحزم في تقدير وجمع الضرائب والزكوات.. هذا الحزم أدى لنتائج عكسية إذ لجأ كثير من المستثمرين إلى تهريب أموالهم للخارج أو إلى نشاط اقتصادي غير قانوني كالتهريب وتجارة السوق السوداء. إنّ المعادلة الموزونة المطلوبة في أمر الضرائب تقديراً وجباية معادلة لاحظها وأوصى بها إمام المتقين علي بن أبي طالب (رض) إذ قال لواليــه على مصــــر: “وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج” .. تحكي أسطورة قديمة أن جماعة كانت تنتفع بدجاجة تلد لهم كل حين بيضة من ذهب، فاستعجل أحدهم وفتح بطن الدجاجة ليعثر على كل ما فيه من بيض الذهب.. ماتت الدجاجة وانقطع البيض. والطمع ودّر ما جمع!!

إن بحث هذه الأمور وتحديد الخطأ والصواب لا يستقيم إلا عن طريق مؤسسات ديمقراطية.. لقد قيل لنا أن الشورى ممارسة الآن في البلاد، وهناك مجلس شورى قائم بواجبه. أنّى يكون وليس ذاك بكائن أن تمارس الشورى الصحيحة في مجلس هو في حقيقته معين بأمر من يجب أن تحاسبه:

أأقاتل الحجاج فـــي سلطانه               بـيـــد تـــقــر بـأنهـا مــولاتـــه

مـاذا أقــول إذا وقفت إزاءه               في الصف واحتجت له فعلاته؟

ويقاس على ذلك كل المؤتمرات والندوات التي يدعو لها القائمون بالأمر ويدعون لها ضيوفا من خارج البلاد مثلما حدث في مؤتمر الزكاة الأخير المنعقد في 15/4/1994م. حضر المؤتمر الداعون ومؤيدوهم وضيوفهم وغاب عنه الرأي الآخر، فماذا أنجزوا ؟

كصخرة إذ تسائل في مراحٍ                 وفي جرمٍ وعلمُهُما ظنونُ

تسائل عن خراشٍ كل ركب                وعند جهينة الخبر اليقينُ!

هنالك قضايا أساسية في أمر الزكاة لم يتطرق إليها المؤتمرون وقضايا هامة مست مساسا خفيفا جدا. وليعلم القائمون بالأمر ماهو موقف الرأي الآخر أذكر عشر نقاط هي:

أولا:  ينبغي أن يبحث ويقرر أساس الشرعية لتحديد من تصح له الولاية لجمع وصرف الزكاة.

ثانيا: كان الإسلام سباقا لإقامة العدل الإجتماعي في العالم، ولكن البلاد الإسلامية عامة والسودان الآن خاصة من أكثر البلاد إظهارا للفوارق الإجتماعية. لقد كان نصيب أفقر 40% من السكان هو 12% من الدخل القومي في عام 1987م ، ولكن في عام 1990م هبط نصيب أفقر 40% من السكان الى 9% بينما إرتفع نصيب أغنى 10% من 38% إلى 59% من الدخل القومي. هذه الفوارق متزايدة الآن بسبب التضخم وبسبب تشويهات الإقتصاد. ماذا يمكن عمله لإيقاف هذا الإتجاه الظالم ؟ ماذا يمكن عمله لمواجهة مشكلة الفقر في العالم الإسلامي عامة وفي  السودان خاصة؟.

لقد سحب دعم التعليم، والصحة، والدواء، والمواد الإستهلاكية فما أثر ذلك على حياة الناس ؟ وماذا يمكن عمله من منطلق الزكاة ليسترد المسلمون موقفهم الرائد في مجال العدل الإجتماعي؟ والحال أن كثيرا من الدول الآن لاسيما في شمال أوروبا تمارس مجتمعات رفاهية هي الأقرب لمقاصد الإسلام الإجتماعية.

ثالثا: إن للزكاة روابط محلية قوية، ولكن الإتجاه الآن هو إلى خلق إدارة مركزية تستأثر بالصلاحيات. وسواء في المركز أو في الفروع فإن الصرف على بند العاملين عليها أدى إلى صرف هائل على المباني والمساكن والسيارات على حساب البنود الأخرى الموجهة لإزالة حاجة المحتاجين.

رابعا:  هنالك غبن شديد في أمر زكاة الزروع فالمزارع يلزم بدفع الزكاة من محصوله كأنها جزء من تكاليف الإنتاج ويكون حسابه النهائي مدينا. ويدفع المزارعون العشور – وهي أصلا زكاة زرع – والزكاة وهذا ظلم فادح.

خامسا: زكاة عروض التجارة لاتراعي فرض الزكاة على الفرق إن وجد بين الأصول المتداولة والخصوم المتداولة مما أحدث غبنا.

سادسا: هنالك تظلّم حول زكاة المستغلات من عربات أجرة وعقارات، فلا يعمل حساب لإلتزامات المزكي.

سابعا:  وتظلّم حول زكاة المال المستفاد أي المال الذي يحصل عليه شخص من بيع منزل أو سيارة فلاتؤخذ ظروف المزكي في الحسبان.

ثامنا:  وتظلّم من زكاة المرتبات والأجور التي لاتغطي الضروريات فما معنى أن تجبى منها زكاة ؟.

تاسعا: هنالك غياب لمفهوم النصاب في كثير من الممارسات الحالية ومفهوم النصاب في الزكاة ضروري لأنه لا تكون زكاة إلا عن ظهر غنى. وهناك غياب لمفهوم حولان الحول في كثير من الممارسات مع أن حولان الحول ضروري لأخذ ظروف المزكي في الحسبان. كذلك هناك ثنوية في وقع الزكاة والضريبة على المسلم، والمطلوب إما خصم الضريبة أولاً فإن بلغ الباقي نصاباً يزكى أو خصم ما يدفع زكاة من التزام الضريبة.

عاشرا: يوجد الآن تظلم كبير حول توزيع عائد الزكاة واتهام بأن عوامل حزبية تستغل هذا العائد لأهدافها.

إن الزكاة عبادة ومؤونة، والمزكون يريدون الإطمئنان على خضوعها للضوابط الشرعية جمعا وصرفا.. هذا الإطمئنان لايمكن تحقيقه إلا إذا كان أمر الزكاة في غير القطعيات مفوضا لجهة تحكمها الشورى الصحيحة والمساءلة الحرة.

يتحدث الحكام عن شورى وعن مجالس وعن إنتخابات.. لا قيمة لأي مؤسسات أو إنتخابات مالم  يتم تكوينها وإجراؤها في ظل حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وإلا كانت أداة من أدوات الحاكم بأمره. ففي عام 1951م أجريت إنتخابات لمجلس السوفيت الأعلى وحصل الرفيق ستالين على 110% من الأصوات! قيل كيف كان ذلك؟ قال القائمون بالأمر: لقد تطوع ناخبون من دائرة مجاورة للتصويت للرفيق ستالين من فرط حبهم له !.

وكان الرئيس المصري جمال عبد الناصر يهتم بالنكات السياسية، وذات يوم دعا لمقابلته شخصا معروفا بتأليف النكات السياسية ضده وقال له : كيف تؤلف النكات ضد شخص مثلي إنتخبه 99ر99% من السكان في مصر ؟ قال له الرجل: والله يا ريس هذه النكتة ليست من تأليفي !.

أحبابي في الله واخواني في الوطن الحبيب

الخطة الوحيدة التي يمكن أن تجتمع حولها كلمة أهل السودان، والتي يمكن في نفس الوقت أن تحقق السلام هي كفالة حقوق الإنسان والحريات الأساسية وفي ظلها إجراء إنتخابات عامة حرة يقرر الشعب السوداني بموجبها من يحكمه وكيف يسائل حكامه؟  هذا هو الهدف وسوف أواصل السعي إليه بكل أساليب الجهاد المدني أو أهلك دونه.

أحبابي في الله واخواني في الوطن

كأن مآسينا الوطنية ليست كافية فمازالت تنهال علينا مآس من كل أركان أمتنا الإسلامية العربية. لقد تأملت المآسي الآتية:

أولا –  في العالم اليوم 30 بؤرة قتال واقتتال أغلبها في البلدان الإسلامية العربية.

ثانيا –  طرد الفيتناميون الغزو الأمريكي في عام 1974م واستقر الحكم لأهله منذ ذلك الحين . وطرد الأفغان الغزو السوفيتي في عام 1989م ولكن لم تستقر بلادهم بل حولوا بنادقهم لصدورهم وما زالوا يقتتلون.

ثالثا – اتحدت ألمانيا الغربية والشرقية في عام 1990م، واتحدت اليمن الشمالية والجنوبية في نفس العام .. الإتحاد الألماني الآن مستقر ومستمر أما الإتحاد اليمني فأصحابه أقاموا في بلادهم حمامات دم لايدري إلا الله الى ماذا تقود ؟.

رابعا – أكثر مشاكل العالم تعقيدا مشكلة جنوب أفريقيا تماثلت لحل عن طريق الحوار الجاد، وهاهي الأغلبية الشعبية تمارس حقها كاملا في جنوب أفريقيا في نهضة أثلجت صدر العالم كله. ومشكلة ملاوي التي تسلط عليها باندا لمدة أكثر من ربع قرن واستبد وغالط ثم امتثل لإنتخابات عامة حرة فنجاه الشعب سلمياً فهنيئاً لشعب ملاوي. أما البلاد الإسلامية العربية فتتسم غالباً بغياب أي حوار جاد لإخراج أهلها من مستنقع مراشقات العنف والقهر.

     هل هي مؤامرة أجنبية على أهل القبلة وأمة العرب؟.

لا شك أن هناك أطماعا أجنبية استعمارية، ولا شك أن هناك مكائد صهيونية، ولكن أسباب هذا الضياع الأهم أسباب داخلية. تعيش أمتنا في دوامة شيطانية تتدافع فيها أنشطة منكفئة على الماضي بلا وعي لما حولها. وأنشطة مشدودة للوافد من فكر وثقافة بلا اهتمام بجذورها.. دوامة يستغل الأعداء حماسة هؤلاء وأولئك لأغراض لا يدركونها.. ولا مخرج  لنا من هذه الدوامة إلا عن طريق حسم خمس قضايا أساسية:

  • نهج للتعامل مع العقيدة والتراث يلتزم بالقطعيات ويجتهد فيما عداها.
  • نهج تعامل مع الوافد يستصحب منجزاته الهائلة ويتجنب التبعية .
  • إقامة شرعية الحكم على أساس ديمقراطي .
  • إتخاذ نهج تنموي فعال وعادل.
  • إقامة علاقات دولية على السلام العادل والتعاون بلا عداء ولا تبعية.

إن أمام مفكري وقادة هذه الأمة السياسيين تحديا تاريخيا للخروج من هذا المأزق التاريخي، وإلا أتاحوا الفرصة واسعة لأعدائهم لإستغلال الضياع والتناقضات الحالية لإفناء هذه الأمة بأيدي أهلها أنفسهم. وقديما قال أبو الطيب :

وكيف يتم بأسك في أناسٍ           تصيبهُمُ ويؤلمك المُصابُ

إن الفجر يطلع بعد أكثر ساعات الليل ظلاما، وقد بلغت الحالة درجة من السوء لاينتظر معها إلا التحول إلى أحسن ‍‍‍‍‍‍‍‍!.

اللهم يا جليلا ليس في الكون قهر لغيره، وياكريما ليس في الكون يد لسواه، ولا إله إلا إياه، خذ بيد السودان وأهله واكتب لأمتنا الإسلامية العربية النجدة، وأعد علينا هذا العيد ونحن نسجد لك سجدة الشكرعلى ما أنعمت وأعطيت.

آمــــــــين..

[1]  سورة الصافات الآيات – 102- 103- 104- 105- 106- 107.

[2]  سورة الرعد الآية 37.

[3]  سورة البقرة الآية 131.

[4]    سورة الإنسان الآية 3.

[5]  سورة الزلزلة الآيات 7، 8.

[6]  سورة الحجرات الآية 13.

[7]  سورة الشورى الآية  13.

[8]  سورة المائدة الآية 79.

[9]  سورة ق الآيات 9، 10، 11.