مقدمة الإمام الصادق المهدي لراتب الإمام المهدي عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الإمام الصادق المهدي لراتب الإمام المهدي عليه السلام

 

الحمد لله والصلاة  والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه.

الوحي العام للمصطفين من الناس نبوة والوحي الخاص بتكليف المختارين منهم رسالة، وكان محمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً وخاتم الأنبياء.

إن ابن آدم جزء من الطبيعة المادية وهو كذلك مفارق لها بما نُفخ فيه من روح الله.

العقل الإنساني يستمد معارفه التجريبية من الحواس الخمس، ولكن في دفاتر الإنسانية معارف أخرى كالاستبصار والاستشعار من بُعد أو التخاطر وقراءة الأفكار والحدس الصائب كما قيل: ” ذكيٌ  تظنيه طليعة عينه ويرى قلبه من يومه ما تراه غدا”  إنها ظاهرة يسميها الفكر الوضعي إدراك لا حسي هذه المدركات والرؤى الصادقة وما يكون عند من وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالمحدثين يسميها الدين إلهاما أو نورا (اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ)[1].

راتب الإمام المهدي نبع إلهامي يفيض من ضمير صاحبه متدفقا بروحانية آسرة ومحبة خالصة متصلة أطرافها” فأنقذني ومن صحبني ومن أحبني على حب نبيك صلى الله عليه وسلم لأجلك يا ذو الجلال والإكرام” إنه ديوان استغاثة بشرية ملهوفة بحاجتها للطف باريها إنها مناجاة حبيب تفانى في حب ربه على نسق ما قالته العدوية:

فليت الذي بيني وبينك عامراُ     وبيني وبين العالمين خرابٌ

إذا صح منك الود فالكل هين    وكل الذي فوق التراب تراب

 

إن الراتب مدخل تخلية للنفس من كل منافع دنيوية لا لإلغاء الدنيا ولكن إفراغا للنفس من الركون إليها ومن ثم تسخيرها لأغراضها الإيمانية، فالماديات أقوى ما تكون في خدمة الروحانيات والروحانيات أبأس ما تكون في خدمة الماديات  “ولا تجعل في قلوبنا ركوناً لشيء من الدنيا يا أرحم الراحمين”.

راتب الإمام المهدي عجين قرانيٌ محمديٌ تمازجت فيه مختارات الآيات والدعوات المحمدية المأثورة ودعوات أنبياء الله وأولياءه الصالحين المعهودة، وتوارت في الراتب ذاتية صاحبه إلا من اتضاع لربه وتحقير واتهام لنفسه وابتهال الناسوت للاهوت ابتهالاً واتضاعاً هما سر ارتفاع صاحبه في  الميزان الروحي والخلقي وفي نفوس أصحابه الذين زودهم الراتب بإكسير روحي حفظهم من فتنة السلطة إذا حكموا فكانوا الأخلص عملاً والأعف يداً وحفظهم من رهبة القهر إذا نالهم البطش فكانوا الأصبر على البلاء الأكثر إقداما على منازلة الطغاة، الأشجع في ساحات الفداء قال القادة الإنجليز: ” كان الأنصار أشجع من واجهنا في ميادين القتال” وقال مؤرخهم العسكري الشهير فلب ورنر: ” كانوا أشجع من مشى على الأرض”  إن التجرد هو لب الفدائية.

يقرأ راتب الإمام المهدي في وقتي الاستجابة (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ)[2]

يقرأ على ثلاثة أقوال أصغرها وهو إلى مبين فالمئات الست والمسبعات العشر ودعوة كما لطفت فخواتم آل عمران فدعوة القرآن.

وأوسطها وهو الراتب الصغير المعلوم، وأكبرها وهو الراتب الكبير وحزب من القرآن.

الحبيبة مريم الصادق حركتها روحانيات الراتب فتطوعت بهذه التلاوة الخاشعة التقية في معناها المرتلة الندية في مبناها فكأنما نفحتها مزامير داؤود عليه السلام أثابها الله ثوابا مستحقاً ونفع بها أنصار الله وسائر أحباب  الله.. آمين.

[1] سورة الحديد الآية 28

[2] سورة  ق  الآية  39