اليوم التالي مع الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي 1-2

سماحة دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد للحكماء والرؤساء السابقين المنتخبين ديمقراطياً والمفكر السياسي والإسلامي

 

30 أغسطس 2017

 

حوار – أفراح تاج الختم

وأنت تدلف إلى (صالونه) في حي الملازمين بمدينة أم درمان العتيقة، تشعر بأنك تسير بين دفتي الماضي والمستقبل، فالرجل رمز من رموز الحركة الوطنية. في مدخل صالون الإمام مكتبة ضخمة لعناوين متعددة ومراجع واسعة تشير إلى تنويعات في المشارب المعرفية للرجل، ولكن حوارنا معه جاء حول عدد من القضايا المتعلقة بالراهن السياسي، منها رؤيته لحل الأزمة السياسية وخلافات حزب الأمة ومستقبله، وقضية التطبيع مع إسرائيل التي أثارها مبارك الفاضل مؤخراً، إضافة إلى قضية جمع السلاح ورؤيته حولها، وعدد من المحاور الأخرى. فكانت إجاباته جريئة وصريحة، ولم يخلُ الحوار من قاموس مصطلحاته الخاصة التي عُرف بها.

فالي مضابط الحوار :

*لنبدأ من أحدث التطورات السياسية من لقاء أمبيكي والحلو.. هل هذا يعني أن “قطاع الشمال” انتهى إلى مفاصلة حقيقية؟
الموقف بالنسبة لـ(قطاع الشمال) في مرحلة انتقالية هم يحضرون لمؤتمر الحركة من أجل قرارات أساسية ونهائية، ولكن لا شك أن الأخ عبدالعزيز الحلو نال تأييد القوة المسلحة في الغالب في المنطقتين، كذلك المكاتب وطبعاً الإخوة مالك وياسر فلديهما وضعية لا أدري سيشاركون في المؤتمر أم لا، لكن المؤتمر المتوقع هو الذي سيحسم الموضوع بصفة قاطعة، وعلى أي حال لا شك أن الأخ عبد العزيز الحلو بحكم ما نال من تأييد من القوة في المنطقتين والمكاتب في الخارج، يحظى بمكانة مميزة ولا شك أنه لابد من أن يجري معه اتصال للتفاهم هل سيصر على أنه الممثل الوحيد للحركة الشعبية أم يسمح بغير ذلك، واتصل السيد أمبيكي به لتأكيد تطلعاته وما يوافق عليه.
وأنا نفسي اتصلت به أيضاً لنلتقي لأنه يهمنا جدا الدفع بعملية الحوار الوطني باستحقاقته على أساس خريطة الطريق، وقال إنه أجرى تغييرات في من ينوب عن الحركة ومن يقودها، لكن هذا توقف، ويعتمد على أن يأتي المؤتمر لإلغاء هذا الإجراء قانونياً، لكنه وعد بأن أول جهة سوف يتصل بها للتفاكر حول هذه المسائل هي أنا، ولذلك أتوقع منه خبراً بأنه قد أكمل إجراءاته الحالية وصار مستعداً للتفاهم، ونصيحتي له كانت ومازالت نحن لا نتدخل في الإجراءات التنظيمية في ما بينهم، ولكن نريد منه أن يؤكد أن موقفه معنا المبدئي لم يتغير، وأساس هذا الموقف المبدئي نعم نحن نريد العمل لإقامة نظام جديد، ولكن ليس بوسيلة القوة. ثانياً نعم نريد سودانا متجددا، فيه علاقات بين كافة الأطراف على أساس المساواة والعدالة، ولكن لا لتقرير مصير جديد خصوصاً وأنه اتضح أن تقرير المصير ليس حلاً للمشكلات، كما حدث في الجنوب، فتقرير المصير أبعد السودان عن دولة جنوب السودان، ولكن في نهاية المطاف المشاكل الموجودة في الجنوب أكثر تعقيداً من المشاكل التي كانت قائمة، فإذا تقرير المصير ليس حلا فالحل هو في العمل على العدالة في دولة موحدة، هذا هو الموقف الذي عليه الآن.

*حدثنا عن الحكومة الانتقالية المنشودة وهل ما زال هناك أمل في تكوينها؟
عندما أتحدث عن الحوار باستحقاقاته، فهو يقوم على أساس التطلع والشروط الآتية، إتاحة مناخ جديد فيه كفالة الحريات ووقف العدائيات، وفيه حرية الإغاثات الإنسانية، هذا الأساس الأول لما نسميه استحقاقات الحوار. أما الأساس الثاني أن تكون هناك أجندة لهذا الحوار، وإقامة حكومة قومية انتقالية تشمل الأطراف المختلفة هذا الأساس الثاني، والأساس الثالث هو الاتفاق على أننا ندعو لمؤتمر قومي دستوري لوضع الأساس لدستور السودان الدائم ولكيفية إجازة هذا الدستور، هذه هي النقاط التي نعتبرها أساس للحوار باستحقاقاته، غير ذلك ففي رأينا لا يوجد حوار مطلقاً.

*إذا تم تحقيق هذه النقاط.. هل ستشاركون في انتخابات “2020”؟
نعم سنشارك، ولكن انتخابات (2020) تحت ظل الحكومة الحالية هي حكومة المؤتمر الوطني والأشخاص والأحزاب المنضوية، وهم ضيوف على المؤتمر الوطني، وهو مسيطر على كل شيء (المال، الإعلام، الإدارة، التشريع، والحكومات المحلية)، فلا يمكن أن ندخل في تنافس مع هذا الوضع الإقصائي، ولكن إذا أمكن بموجب هذه الأسس التي ذكرتها تغيير هذا الوضع الإقصائي إلى الوضع القومي المنشود، سنشترك، ولكن غير ذلك لن نشترك.

*هل سترشحون شخصاً من الحزب لرئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء؟
هذا سابق لآونه، نحن نسعى الآن لما أسميه التأسيس الرابع لحزب الأمة، وسوف يكون بموجب المؤتمر الثاني، وهو الذي يراجع برنامج الحزب وقيادته وكافة الأشياء المتعلقة بمستقبل حزب الأمة، الآن الرد سابق لآونه وأتوقع أن يكون الرد عبر المؤتمر الثامن لحزب الأمة.

*متى سينعقد المؤتمر العام للحزب؟
لدينا (18) تكويناً للحزب في الولايات، هذه التكوينات المطلوب منها أن تقيم مؤتمرات ولائية، ثم لدينا التكوينات الفئوية للمرأة والطلاب والشباب والفئات، هؤلاء يجب أن يعقدوا مؤتمرات ويصعّدوا من خلالها ممثليهم للمؤتمر العام، كذلك لدينا (73) فرعا لحزب الأمة في العالم، هؤلاء سيعقدون مؤتمر المهجريين، كل هذه المؤتمرات التي ذكرتها سائرة على قدم وساق، ونحن نأمل أن تنتهي في ظرف الستة أشهر المقبلة. على كل حال هناك اهتمام كبير بهذا، وكان من ضمن الأشياء المطلوبة كيفية تمويل هذا فأقمنا نفرة تمويلية لنتمكن من ذلك.
وأول ما تكتمل المؤتمرات سنكون لجنة عليا، وهي التي تدعو لورشة تنظر في مراجعة البرنامج والتنظيم والهيكل الجديد للتأسيس الرابع لحزب الأمة، والورشة ستقرر حسب الدراسة الموعد المناسب للدعوة للمؤتمر العام الثامن لحزب الأمة.

*هل سيكون هناك رئيس جديد للحزب؟
اقترحت الآتي: تكوين ما أسميته كلية انتخابية، اقترحت أن ترشح سبعة أشخاص حسب ولائهم وتأهيلهم واجتهادهم، ويترك انتخاب من يصير رئيسا للمؤتمر العام، لكن الكلية الانتخابية ترشح الـ(7) باعتبار أن لا يكون مفتوحا لكل إنسان يكون هناك تحرٍ حسب الكفاح والاستعداد، والكلية الانتخابية ستقترح هي سبعة أشخاص ويعرض هذا الأمر للانتخاب للمؤتمر العام.

*ماذا تقصد بالكلية الانتخابية؟
الكلية الانتخابية، حسب اقتراحي، لم تكن شخصيات حزبية لوحدها، بل هناك شخصيات مناضلة ولديها وفاء للحزب، وبعضهم من خارج الحزب، لنؤكد قومية حزب الأمة، ولذلك اقترحت أن تضم شخصيات قومية للكلية الانتخابية، والأشخاص الذين سيدخلون هذه الكلية من الحزب ليس لديهم حق الترشيح من ضمن السبعة، ولكن هم شخصيات لديها وزنها ومعرفتها بالأشخاص، ستضم شخصيات سودانية ليست حزب أمة، ولكن معروف عنهم أن لهم وعي سياسي وإحساس قومي، لأن ذلك في رأينا يدخل في انتخاب قيادة حزب الأمة.

*إدانة حزب الأمة لموقف مبارك الفاضل الأخير وتصريحاته بشأن التطبيع مع إسرائيل.. هل فعل ذلك كموقف تكتيكي أم موقف أصيل واضعين في الاعتبار أنكم قابلتم رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون؟
هذا الحديث غير صحيح، وأنني عضو في اللجنة التنفيذية لنادي مدريد، ولم أكن أعلم بالضيوف المدعوين، لأن الدعوة كانت عامة، وكما شرحت أن هناك شخصاً لفتني من خلف ظهري وسلم عليّ باسمي، واتلفت ووجدت شيمون وصافحته وأصدرنا بياناً بأن المسألة صدفة وما فيها أي محتوى، ولم يدر أي حديث فقط مصافحة.
الحدث الآن موقف مبارك الفاضل مختلف، لأنه قال إن التطبيع مع إسرائيل في مصلحة السودان، هذا حديث أساسي ولم يكن مصادفة أو تحية، هذا محتوى فكري وسياسي، وعلل ذلك بأن السودان لديه مصلحة في ذلك، وأن الفلسطينيين أنفسهم باعوا قضيتهم، وأن الفلسطنيين (يحفرون) للسودانيين لا توجد مقارنة، ما حدث معي كان صدفة، كما قلت مجرد مصافحة، وكنا وسط حفل ليس به حديث سياسي أو كلام وليس لقاء ثنائيا، وكنا في حفل وانتهز الفرصة لتحيتي وأخلاقنا لا تسمح بأن من يمد لك يده لا تسلم عليه، لا نقوم بذلك مهمها كان الشخص الآخر، ونادي مدريد كان يبحث في موضوع كيفية التوفيق بين قوانين حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب، لذلك تمت دعوة أشخاص من مختلف دول العالم.

*برأيك ما الذي دفع مبارك الفاضل لهذا الموقف؟
هناك عدة أسباب لاتخاذ مبارك هذا الموقف، السبب الأول أن مبارك ليس له حس وطني، في (1996) كان هناك حوار ما بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية بقيادة الراحل الدكتور قرنق، قدم خريطة فيها السودان شطران، والجنوب هو نصف السودان، وبدلاً من أن تكون حدود السودان هي حدود (1956) كما اتفقنا مع الحركة في إعلان القضايا المصيرية في أسمرا خط عرض (10)، الخريطة التي قدمتها الحركة الشعبية كانت خط عرض (13)، هذا يجعل السودان ينقسم إلى النصف، مبارك كان يرى لأسباب ولمصلحة سياسية نحن نقبل هذا الطرح، وأنا كنت أرى أن ذلك مرفوض، وهذا أول خلاف بيننا، وكنت أرى لا شرعية لهذا، لأن هذه قضية وطنية وليست سياسية.
الثاني أنه في العام (2008) أيد مبارك الفاضل قصف مصنع الشفاء، وقال إنه أعطى معلومات، ونحن رفضنا ذلك، وكان هذا خلاف أساسي لأنها قضية وطنية، كان يرى أنه ما يهم الوضع الآخر طالما أنك تخدم أهداف المعارضة. ثالثاً: مبارك الفاضل في العام (2011) وقع على ميثاق الفجر الجديد الذي به تقرير مصير للمناطق المتظلمة، حزب الأمة رفض ذلك باعتبار أننا نريد إنصاف هذه المناطق وليس على حسب تقرير مصير آخر، خصوصاً أن تقرير المصير الذي حدث في الجنوب كان فاشلاً.
والمسألة التي فعلها الآن هي الرابعة دون مراعاة للالتزام الوطني، فـ(الشيء من معدنه لا يستغرب)، هذه هي النقطة الأولى. النقطة الثانية هناك تيار في العالم العربي يقوده بعض الأشخاص مثل أنور عشقي وغيرهم، يقولون إن العدو الأساسي إيران وليس إسرائيل، لذلك نطبع مع إسرائيل لنواجه هذا العدو، هذا التيار موجود
وفي رأيي أن هناك عددا من الأشخاص قالوا ذلك مثل يوسف الكودة وتراجي مصطفى، وهي أول مرة يقولها شخص من موقع المسؤولية، ولذلك لديها خطورة هناك أشخاص في العالم العربي في رأيي على خطأ بأن التركيز يكون لعدواننا لإيران وليس لإسرائيل، في رأيي هو يعتقد أن هذا التيار متنامٍ، ولذلك يريد أن يرتبط بهذا. وهنالك كثيرون خصوصا بعد ترامب وهو أكثر رئيس أمريكي منحاز لإسرائيل، حتى الآن لم يذكر كلمة عن حل الدولتين، ولم يذكر كلمة ضد الاستيطان الإسرائيلي، ومعروف تماماً أنه يتخذ موقفا منحازا يعتقد أنه وآخرين أن إرضاء أمريكا يمر عبر بوابة إسرائيل، ترامب أكد كيف أنه منحاز للشخص الذي أرسله ليكون مندوباً، وهو كوشنر زوج ابنته يهودي وصهيوني، لم يرسل وزير الخارجية أو من هم فيها ولديهم وعي بالمسائل، وقد أرسل هذا الشاب ليبيع فكرة التطبيع مع إسرائيل،
وأتوقع أن العرب وخاصة في الخليج صاروا مستعدين الآن لمراجعة الموقف من إسرائيل في رأيي كل تلك أوهام، هذه الأوهام جعلت أمثال مبارك ومن قبله لديهم توقع بأن العلاقة مع أمريكا تتطلب مراجعة الموقف الإسرائيلي.

*ماذا عن مقابلة السيد الصديق بساسة إسرائيليين.. ألم يكن ذلك تمهيداً مبكراً لعلاقة مع إسرائيل؟
ما حدث أن حزب الأمة عقد اتفاقية المهدي نجيب مع الحكومة المصرية، ونتيجة لذلك عقد حزب الأمة مع الحكومة المصرية اتفاقية (الجنتلمان) التي نصت على أن الحكومة المصرية تنأى بنفسها عن صراع تقرير المصير في السودان، وهي اتفاقية معروفة ومطبوعة في كتب كثيرة، مقابل هذا حزب الأمة يلتزم إذا فازت فكرة الاستقلال يقيم علاقة خاصة مع مصر، هذا هو الاتفاق، وما حدث أن الحكومة المصرية خرقت هذا الاتفاق وتدخلت بصورة كبيرة جدا، مولت الحزب الوطني الاتحادي لدرجة كشف عنها السيد خلف الله خالد، الذي كان أمين عام الحزب الوطني الاتحادي، وذهبت للمحاكم وأصبح حزب الأمة متظلما من مصر، بسبب هذه العملية التي خرق بها اتفاقية (الجنتلمان).
الإمام الصديق كان في إنجلترا، الإنجليز أخذوا له موعداً لمقابلة مسؤول إسرائيلي، الفكرة كانت أنه في ذلك الوقت أن حزب الأمة بسبب مواجهة التدخل المصري يتعاون مع إسرائيل، فكرة الإنجليز الإمام الصديق قابل الرجل هذا وللأسف كان هناك شخص من حزب الأمة اسمه محمد أحمد عمر، هو الذي قام بهذا الإجراء، ولكن نتيجة اللقاء لا تعاون مع إسرائيل حتى مع وجود التدخل المصري، وانتهى الموضوع إلى لا شيء، إذا كانت هناك أي نتيجة من هذا اللقاء لانعكست على موقف حزب الأمة في العلاقة مع إسرائيل، ولكن الموضوع كان مقابلة يتيمة لم تنته إلى أي نتيجة، ولم يعلن حزب الأمة أصلاً، فأي وثيقة من وثائقه أنه سوف يراجع موقفه من إسرائيل.

 

 

اليوم التالي